عمر سليمان.. ومفاجأة (مبارك رقم 2)!

مفاجأة مدوية تلك التي أعلنها اللواء عمر سليمان نائب الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك -والذي شارك في قمع الثورة- خصوص قراره بالترشح لانتخابات الرئاسة متراجعا عن موقفه السابق بعدم الترشح..

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -

مفاجأة مدوية تلك التي أعلنها اللواء عمر سليمان نائب الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك -والذي شارك في قمع الثورة- خصوص قراره بالترشح لانتخابات الرئاسة متراجعا عن موقفه السابق بعدم الترشح وهو ما أثار احتمالات بأن يكون المجلس العسكري الحاكم في البلاد هو الذي يدفع به من أجل منصب الرئيس خاصة بعد ترشيح جماعة الإخوان المسلمين للمهندس خيرت الشاطر.


وخرج عمر سليمان رئيس المخابرات السابق ببيان عاطفي معلنًا ترشحه للرئاسة استجابة للكثير من مؤيديه الذين طالبوه بالترشح بحد زعمه، في إشارة إلى مؤيديه الذين نظموا تظاهرة يوم الجمعة في ميدان العباسية بالقاهرة لمطالبته بالعودة عن قراره بعدم الترشح. ويسلط ترشح سليمان -الحليف القوى لأمريكا و"إسرائيل" الضوء على بيان حزب الحرية والعدالة، أواخر مارس المنصرم الذي أعرب فيه عن قلقه من مدى نزاهة الانتخابات الرئاسية المقررة في مايو المقبل، متسائلا عن إمكانية "تزويرها لصالح مرشح بعينه يريد البعض فرضه على الشعب المصري"، بحسب نص البيان، الذي ييبدو أنه استفز وقتها المجلس العسكري ورد بعدها ببيان حمل تهديدًا مبطنًا بتكرار سيناريو 1954، الذي شهد تركيز السلطات بيد ضباط الثورة وقتها، وانتهى بملاحقة واسعة النطاق للإخوان المسلمين.

وأثار إعلان عمر سليمان والذي شبهته صحف أمريكية بمبارك رقم 2 بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية ردود أفعال غاضبة بين الأحزاب والحركات السياسية في مصر على اعتبار أن ترشح سليمان سيؤدي "لإعادة إنتاج النظام السابق"، محذرين من موجة ثانية من الثورة حال فوزه بالانتخابات والتي شككوا في نزاهتها. وبحسب نواب في البرلمان خاصة من "الحرية والعدالة" فإن هذه الخطوة فيها استفزاز للشعب المصري وأن سليمان "ما كان ليقوم بهذا التحرك دون التنسيق مع المجلس العسكري".


كما رأت حركات شبابية ثورية أن ترشيح اللواء عمر سليمان ما هو إلا "إعادة إنتاج لنظام مبارك أيضًا، وانقلاب على الثورة المصرية، وتلاعب بالشعب المصري حيث إن سليمان كان قد صرح خلال الثورة فى حوار مع أحد القنوات الأمريكية أنه لن يترشح فى انتخابات الرئاسة، نظرًا لسنه الكبير والذى يبلغ 77 عامًا ثم أعلن منذ عدة أيام عن عدم نزوله الانتخابات، ثم تغير موقفه يوم الجمعة. وصدرت الانتقادات من جانب أيضا مرشحي الرئاسة -عدا الفريق أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق والمحسوب على رجال مبارك الذي رحب به- حيث اعتبر الكثير منهم أنه "إهانة لشهداء الثورة وإعادة إنتاج لنظام مبارك".

واعتبر بعض المحللين أن اللواء عمر سليمان هو مرشح المجلس العسكري وأن ترشحه في هذا التوقيت سيقلب الموازين، خاصة بعد إعلان جماعة الإخوان ترشيحها لخيرت الشاطر، ولم يستبعدوا أن يكون ترشحه محاولة لإجهاض الثورة ووقف لتتبع فساد النظام السابق، كما سيكون هناك محاولة لمساندة عمر سليمان من قوى تخشى صعود "الإخوان". لكن بالنسبة لفرصة سليمان في الانتخابات، فيتوقع محللون منافسة شرسة بينه وبين الإسلاميين من جهة، وبين عمرو موسى (وزير الخارجية الأسبق) وأحمد شفيق من جهة أخرى، وقد تتفتت الأصوات لشفيق وموسى وسيأتي هذا في مصلحة التيار الإسلامي.


وبدورها جاءت تعليقات الصحف الأمريكية وعلى رأسها "نيويورك تايمز" في هذا المسار فيما يتعلق باحتمالية أن يكون سليمان المرشح المفضل لدى المجلس العسكرى حيث يسعى الأخير للإبقاء على النظام السياسى السابق، حتى يحتفظ بمزايا المؤسسة العسكرية كما هى دون تغيير. وعمل سليمان كمدير للمخابرات المصرية لمدة 18 عامًا، وهى الفترة الى زادت فيها الاتهامات للنظام بارتكاب عمليات التعذيب وانتهاكات حقوق الانسان للمعارضين فى مصر، كما أنه كان أحد المقربين ومحل ثقة للرئيس السابق "حسنى مبارك". ووفقًا للصحفي الغربي ستيفن جراى فى كتابه " الطائرة الشبح" فإن سليمان يعتبر أحد رجال الاستخبارات الذين جعلوا من بلدانهم حديقة خلفية لـ"وكالة المخابرات الأمريكية" حيث كان يستقبل المتهمين الذين تفشل السي آي أيه فى انتزاع الاعترافات منهم ثم يشرف هو بنفسه على نزع الاعترافات منهم بالقوة".


وكان سليمان دائمًا ضد الجماعات الإسلامية عمومًا، وضد الإخوان المسلمين بشكل خاص، كما كان معروفا بصداقته لكثير من الشخصيات الصهيونية، ويتهمه البعض بتورطه بشكل أو بآخر بالعدوان الصهيوني على غزة عام 2008. وفي حال نجاح عمر سليمان في انتخابات الرئاسة -مع وجود احتمالات بتزويرها- هل سيطمئن الشعب المصري لنجاح ثورته التي أشعلها من أجل الإطاحة بالفساد وكل ما يمت بصلة لنظام مبارك أم سينتفض في ثورة ثانية قد تزج البلاد إلى مرحلة أخرى من عدم الاستقرار؟


إيمان الشرقاوي - 15/5/1433 هـ