(سليمان).. السهم الأخير في قلب الثورة


الخطة المحكمة التي تم تنفيذها أصابت الشعب بإحباط شديد بداية من ترك البلاد بلا أمن وانتشار البلطجة والسرقة والنهب مروراً بانهيار الاقتصاد والوضع المالي وإنفاق أغلب الاحتياطي النقدي الاستراتيجي، نهاية بأزمة البنزين والسولار..

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة - أحداث عالمية وقضايا سياسية -


جاء ترشيح اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات العامة السابق ونائب الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك, للرئاسة في اللحظات الأخيرة؛ لكي يسدد السهم الأخير في قلب الثورة التي تعرضت طوال سنة ونصف لحملة تشويه متعمدة وبأسلوب تدريجي محكم تحقيقا للمثل الشهير "بطيء ولكنه فعال"..

الخطة المحكمة التي تم تنفيذها أصابت الشعب بإحباط شديد بداية من ترك البلاد بلا أمن وانتشار البلطجة والسرقة والنهب مروراً بانهيار الاقتصاد والوضع المالي وإنفاق أغلب الاحتياطي النقدي الاستراتيجي، نهاية بأزمة البنزين والسولار..


كان الوضع المعيشي المتدهور هو أهم أسباب نجاح ثورة 25 يناير شئنا أم أبينا لذلك كان شعور المواطن بأنه لا تحسن في هذا الجانب بل على العكس شعوره بأنه يدفع ضريبة خروجه مطالباً بحقه نتيجة لسياسات الحكومات المتعاقبة بعد الثورة ـوالتي أصر العسكري على بقائها رغم احتجاجات الشارع ـ جعله يصل لنتيجة أريدت له منذ اليوم الأول وهي "آخر مرة"...

مناورات عمر سليمان قبل الترشيح وتأكيده على عدم خوض السباق ثم تقدمه في اللحظات الأخيرة للجنة الانتخابات مع التوكيلات التي تحتاج أسابيع لجمعها وتوزيعه للاتهامات بشأن محاولة اغتياله ليظهر في صورة البطل واعترافه بأنه استشار المجلس العسكري قبل ترشيحه أكدت أن الموضوع لم يأت من فراغ ولكنه ضمن الإطار العام الذي تحدثنا عنه سابقا...


لقد بدأ إطلاق السهم التجريبي عندما تم ترشيح أحمد شفيق رئيس وزراء مبارك ولكن شعبيته في الشارع خانت المخططين وظهر أن لا قبول له وأنه سيزاح بسهولة من الجولة الأولى عندها تم تجهيز السهم الأخير الذي تم تحضيره وتصويبه بدقة في استغلال لحالة الغضب التي تجتاح الشارع من تدهور الأوضاع على جميع المستويات وتخبط القوى الإسلامية في تعاملها مع ملف الرئاسة حيث فشلت في الاتفاق على مرشح أو اثنين على أقصى تقدير ليتم الدفع بهما والوقوف بقوة ورائهما منعاً لوصول فلول نظام مبارك أو أحد من المناوئين للتيار الإسلامي لهذا المنصب شديد الحساسية بل على العكس وقعت في عدة أخطاء تكتيكية من أهمها تراجع جماعة الإخوان عن قرارها بعدم ترشيح أحد من أعضائها للرئاسة وهو ما أتاح الفرصة للقوى العلمانية لشن هجمة شرسة على التيار الإسلامي وفي هذا الوقت بدأت ألاعيب نظام مبارك في العودة للساحة عندما تم شن حرب إشاعات بشأن الجنسيات على المرشحين الإسلاميين بداية من حازم أبو إسماعيل نهاية بعبد المنعم أبو الفتوح مروراً بسليم العوا مع الطعن في قانونية العفو عن مرشح الإخوان خيرت الشاطر وكأن مبارك وأحمد عز وجمال مبارك هم من يديرون المعركة بنفس الأسلحة التي أداروا بها انتخابات برلمان 2010...


استغلت هذه الجهات الخلاف بين القوى الثورية العلمانية والإسلامية لكي تسدد سهمها الأخير بل انتشرت معلومات عن أن بعض المثقفين والصحفيين البارزين وجزء من القوى السياسية العلمانية تدعم سليمان نكاية في الإسلاميين... من كان يصدق بعد تنحي مبارك أن يأتي نائبه ليترشح اليوم ويجد من يدعمه ويدافع عنه؟! من كان يصدق أن تقترب الثورة على نهايتها بهذه السرعة ويعود إنتاج نظام مبارك مرة أخرى؟! مبارك نفسه لا يصدق ذلك وقد قيل أنه فرح بشدة عندما علم بتقدم سليمان للرئاسة.. هل سينجح رهانهم على إحباط الشعب وتضيع دماء الشهداء هباءًا؟ هل سيظل الإسلاميون متفرقون ويفرحون بالبرلمان الذي سيضيع من أيديهم في لحظة إذا وصل سليمان أو شفيق أو موسى للرئاسة؟ هل يفطن الشعب المصري للكمين الذي نصب له خلال سنة ونصف وجاء الوقت لكي يبلع الطعم فيه؟ أسئلة كثيرة تدور في الرؤوس قبل انطلاق السباق الرئاسي نهاية الشهر القادم مع الوضع في الحسبان أن مفاجآت كثيرة مرشحة للحدوث في اللحظات الأخيرة.


خالد مصطفى

19-5- 143 هـ.