من نصبكم أوصياء على المسلمين؟!
هي تهمة تلازم "الإسلاميين" أينما حلوا، وغالباً ما تكون مغرضة، وهي تساؤل استنكاري متكرر، يقول في كل مشهد يتصدون فيه دفاعاً عن حق أو رفضاً لباطل: " من نصبكم أوصياء على المسلمين؟! "..
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
هي تهمة تلازم "الإسلاميين" أينما حلوا، وغالباً ما تكون مغرضة، وهي تساؤل استنكاري متكرر، يقول في كل مشهد يتصدون فيه دفاعاً عن حق أو رفضاً لباطل: " من نصبكم أوصياء على المسلمين؟! ".. يبتلع هؤلاء الطيبون غصتهم مرددين بأننا لسنا أوصياء، ولكننا دعاة، نرجو لكل المسلمين الخير، والخير في دينهم، وفي شرعه الخير والفلاح، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } [الملك:14]، ويعلم ما ينفعهم وما يصلحهم..
لكن في مقابل ذلك؛ فإن هؤلاء المغرضين من التيارات اليسارية والليبرالية والقومية وغيرها لا يسألون أنفسهم السؤال نفسه: و"من نصبكم أنتم أوصياء على المسلمين؟!"؛ فما يلفت النظر في كل البلاد العربية التي تعاني قهراً، وحصلت فيها ثورات، أو حتى تلك التيارات سواء أكانت في السلطة أو تحاول الاقتراب منها حثيثاً في البلدان التي لم تشهد ثورات، أن هذه التيارات تنصب نفسها قهراً وزوراً وافتئاتاً على حقوق الشعوب أوصياء عليها؛ فقبل قليل صدر قانون الأحزاب لأول مرة في ليبيا منذ العام 1964، وحوى هذه العبارة التقليدية، "ويحظر القانون الجديد تشكيل الأحزاب السياسية على أساس جهوي أو قبلي أو ديني "..
نفهم أن يصدر القانون بحيث يحظر تشكيل الأحزاب على أسس جهوية أو قبلية في بلد يشهد اختلافات جهوية وربما صراعات أحياناً قبلية قد تؤثر على تماسكه ولحمته الداخلية، لكن أن ينص القانون على حظر الأساس الديني في بلاد يمثل المسلمون فيها نسبة 100%، فهذا مثير للقلق حقيقة؛ إذ ما الذي يقلق بلداً شهد ثورة قام بها ثوار يراوحون بين القتال والصلاة، ويزدان محياهم بسمت الإسلام؟!
صدر هذا القانون في كل بلد مسلم عربي شهد ثورة أو حتى سبقها في الديكتاتوريات الزائلة؛ فلماذا بقي هذا الحظر قائماً قبل وبعد انعتاق الشعوب أو بعدما انفجرت طالبة للانعتاق؟!
نصوا عليه من قبل في مصر الأزهر، حيث الأكثرية الغالبة من المسلمين، وحيث ينص دستورها وإعلانها الدستوري في مادته الثانية على أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع، ومع هذا يخشون من قيام أحزاب على أسس دينية؟! وحينما يجادلهم العقلاء يقولون إننا نخشى من "الاستقطاب الديني" وأن يؤسس النصارى أيضاً أحزاباً لهم و"تنقسم البلاد وتقع في رحى الفتنة الطائفية"، وكأن أقلية لا تزيد عن 5%، يقر بعضها أو أكثرها بإسلامية مصر، يمكنها -إن أرادت- أن تقوض دولة بحجم مصر؟!
وكذلك شددوا عليه في تونس ولم يزالوا، وهو أيضاً بلد إسلامي كله، غير أن بقايا العلمانية فيه -كما في غيره- تفرض كلمتها الفاصلة في القوانين وصياغة الدساتير..
وفي مصر كما تونس يقاتل العلمانيون للنص على "مدنية الدولة"، وبعض الجنرالات يقولون إن "مدنية الدولة خط أحمر"، وهي كلمة تشير إلى العلمانية من طرف خفي، وكأن تحكمهم في هوية العباد والبلاد "قدراً أزلياً" لا يمكن الفكاك منه.
وفي بلاد الأزهر حصد "الإسلاميون" 73% من مقاعد مجلس الشعب، وأكثر منه في الشورى، وحين جاء استحقاق صياغة الدستور، استمات العلمانيون كيلا يزيد تمثيل "الإسلاميين" عن 20%، وبالتالي لا يكون لاعتراضهم على علمنة الدولة المصرية أثر في صياغة الدستور..
تيارات لفظتها الشعوب عبر الصناديق والانتخابات الحرة فمن ذا بربكم نصبها على المسلمين وصية حتى تبلغ الشعوب الرشد؟!!
3/6/1433 هـ