أصوات المسلمين والإطاحة بساركوزي
لطالما كان لأصوات المسلمين في أوروبا تأثيرها غير القليل في أي انتخابات تجري داخل القارة وقد أصبح هذا الأمر جليا في انتخابات الرئاسة الفرنسية التي بدا لأصوات الأقلية المسلمة تأثيرها الواضح فيها بل قد يصل الأمر إلى الإطاحة بمنافس رئيسي وهو نيكولا ساركوزي ...
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
لطالما كان لأصوات المسلمين في أوروبا تأثيرها غير القليل في أي انتخابات تجري داخل القارة وقد أصبح هذا الأمر جليا في انتخابات الرئاسة الفرنسية التي بدا لأصوات الأقلية المسلمة تأثيرها الواضح فيها بل قد يصل الأمر إلى الإطاحة بمنافس رئيسي وهو نيكولا ساركوزي والذي خسر الجولة الأولى ومن المتوقع أن يخسر أيضا الجولة الثانية المقررة في 6 مايو المقبل بسبب خطابه المعادي للمسلمين.
وقبل الجولة الأولى دعا مسؤولون مسلمون إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات والدفاع عن كرامتهم ضد الهجمة على الإسلام من خلال تصويت كثيف، وبث اتحاد الجمعيات المسلمة على موقعه على الانترنت نداءاً من أبو حذيفة إمام مسجد السنة في (برست)، يدعو المسلمين إلى التصويت لمرشح (أهون الشرين)، مع الدعوة صراحة إلى عدم التصويت (لمارين لو بان( زعيمة اليمين المتطرف.
وأظهرت ثلاثة استطلاعات للرأي أجريت قبل الانتخابات أن المسلمين يؤيدون بشكل كبير المرشح الاشتراكي (فرانسوا هولاند) الذي صعد بالفعل في الجولة الأولى ومرشح اليسار الراديكالي (جان لوك ميلنشون)، فيما كان يبدو أن الرئيس المنتهية ولايته (نيكولا ساركوزي) ومع اتجاه حزبه نحو أقصى اليمين ودفاعه عن القيم العلمانية لم يعد بإمكانه كسب أصوات المسلمين الذين يقدر عددهم بنحو 5 مليون نسمة أي نحو 10% من إجمالي تعداد السكان في فرنسا.
ويتوقع مراقبون فرنسيون أن يحشد مسلمو فرنسا، أكبر جالية مسلمة في أوروبا، أصواتهم للإطاحة بساركوزي في الجولة الثانية والحاسمة للانتخابات الفرنسية الرئاسية عقابا له على لهجته المعادية للمهاجرين العرب وللدين الإسلامي.
وقد فاز (هولاند) بنسبة 28.6٪ من أصوات الناخبين مقابل 27٪ حصل عليها (ساركوزى) فيما حصلت (مارين لوبان) على 19٪ فيما اعتبر مفاجأة كالصاعقة، إذ حققت نسبة أكبر من أى نسبة حققها والدها فى انتخابات سابقة، الأمر الذى يعنى فى الواقع أن اليمين المتطرف فى فرنسا مازال يصعّّد حاملا معه المشاعر العنصرية ضد المهاجرين بخاصة ضد المسلمين.
وكان متوقعا أن يلجأ (ساركوزى) خلال حملته إلى رفع شعارات ضد المسلمين، ليسحب من (مارين لوبان) بعض أصوات المتطرفين اليمينيين، وقد استغل حادث اعتداء أحد الفرنسيين من أصل جزائرى على مدرسة يهودية وقتل ضباط شرطة في (تولوز) لكسب أصوات يمينية تكره الهجرة والمهاجرين بخاصة المسلمين.
ومع تصاعد حدة الخطابات المعادية للمسلمين دعا أئمة المساجد الفرنسية مسلمي فرنسا إلى التصويت بكثافة في الانتخابات، حتى يكونوا فاعلين في تحقيق التغيير، خاصة مع ارتفاع موجة الإسلاموفوبيا.
وقد حذر الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو مؤخرا من أن ظاهرة العداء للإسلام آخذة في الازدياد، مجددا تحذيره من صعود اليمين المتطرف عبر صناديق الاقتراع في بعض الدول الأوروبية التي اتهمتها منظمة العفو الدولية بأنها لا تبذل جهودا كافية لمكافحة التمييز ضد المسلمين، بل إنها تشجعه في بعض الأحيان.
وصدر بيان منظمة التعاون الإسلامي متزامنا مع تقرير لمنظمة العفو الدولية أكدت فيه ازدياد حالة العداء التي تواجهها الأقليات المسلمة في الدول الأوروبية، مشيرا إلى أن حالة العداء تزداد من خلال منع ارتداء النقاب، واستثناء المسلمين في التوظيف، بالإضافة إلى حظر بناء المساجد، فضلا عن التشريعات الداخلية التي تستهدف التضييق على المسلمين.
وبحسب مراقبين فلم يعد بمقدور أقلية كبيرة مثل مسلمي فرنسا كباقي المسلمين في أنحاء أوروبا أن يتحملوا مزيدا من العنصرية لذا فسيقومون بالإطاحة بكل ما هو عنصري ومتطرف، طالما أصواتهم توحدت وتوجهت إلى ذلك.
إيمان الشرقاوي - 9/6/1433 هـ