ماذا تريد المنظمات الأجنبية من المرأة المسلمة في شمال نيجيريا ؟
ملفات متنوعة
- التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة -
تتعرض الأسرة المسلمة في نيجيريا اليوم أكثر من أي وقت مضى لحروب
فكرية شرسة ومدروسة لإحداث بلبلة فكرية أولاً، ومن ثم اضطراب في
المفاهيم، وكلها ترمي للقضاء على القيم الإسلامية في البلاد، تلك
المحاولات تستهدف المرأة المسلمة وعلى التحديد في المناطق الشمالية
التي حققت فيها الصحوة الإسلامية مكاسب كبيرة في السنوات الأخيرة،
وتأتي المنظمات الأجنبية والجمعيات غير الحكومية كإحدى محكات تلك
الحروب نظراً لما تقوم به وتسوّق له من أفكار لا تخرج في جوهرها عن
نمط وأشكال الدعوات إلى الإباحية والرذيلة في البلاد، وللأسف- بأسلوب
مموّه وبطريقة قذرة قد لا ينتبه إليها أو يدرك مغزاها ودلالاتها
العميقة إلا القلة، ترفع هذه المنظمات شعارات براقة جذابة، وتخفي
بداخلها جرثومة فتّاكة من دون إثارة الضجيج. إنها بذلك تنقل السموم
الغربية والقيم النصرانية المتناقضة لقيم الإسلام بزعم أنها جاءت
تستبدل بالتخلف العلمية والتقدم، وتقتل الظلام بالنور الساطع القادم
مع الحضارة الغربية.
الخطوط العريضة لهذه المحاولات الخبيثة لا تكاد تختلف عن دعوات سابقة لتحرير المرأة، بل تؤكد الأدبيات الخاصة للجمعيات العاملة في هذا المجال على أن مسألة تقوية المرأة بإعادة الحرية الكاملة لها، من خلال امتلاك إرادة حرة في اتخاذ قراراتها بعيدة عن سلطة الرجل أو الأسرة، وهذه واحدة من الغايات الأسمى التي تهدف إليها تلك المنظمات، بل تعتبر تحقيق ذلك "انتصاراً لقيم الحرية على السلطوية والقهر".
ولسنوات دأبت على تشجيع إدانة ممارسات رجعية على حد زعمها- مثل تعدّد الزوجات، الزواج القسري أو الزواج المبكر، وسعت من خلال التركيز على هذه الأبعاد الحساسة ثقافياً إلى جذب انتباه سلطات محددة، وتتبع منطق الاستفادة السريعة في الانتشار داخل الحياة العامة في نيجيريا وفي داخل عدد من الدول والمجتمعات الأفريقية، وتكثف عملها على إبراز سوء أوضاع النساء من مختلف الأبعاد والتي تمثل نقاط الصدمة للغرب، الشيء الذي يمكن أن يجلب أو يدرّ تمويلاً ومساعدات كبيرة من المؤسسات الغربية المعنية بالقضية.
لماذا شمال نيجيريا؟
جاء اهتمام هذه المنظمات الأجنبية بمناطق شمال نيجيريا بشكل أكثر وضوحاً وتركيزاً من أي وقت مضى، ولعل هذا التركيز لم يكن قد جاء اعتباطا أو مصادفة من حيث التوقيت الزمني أو حتى المكاني بالطبع، فعلى الرغم من أن المحاولات والجهود التي تبذلها تلك المنظمات الناشطة في هذا الاتجاه قد انطلقت منذ فترة ليست بقصيرة، إلا أن تكثيف المناشط والبرامج قد جاء في وقت تصاعدت فيه مظاهر الانبعاث الديني أو الصحوة الإسلامية والمتمثلة في إعلان بدء عدد من الولايات النيجيرية في تلك المنطقة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وجاءت موجة انتقادات شديدة منها باتهامها بمصادرة حريات المواطن خاصة النساء، والتى ترى على حد زعمها "أنهن أكثر تضرراً من تطبيق الشريعة الإسلامية، وأكثر من وقع ضحايا أحكامها، لا سيما في قضايا الأحوال الشخصية أو القضايا الجنائية".
وقد شهدت مناطق شمال نيجيريا تنامي ظهور وانشاء المنظمات والمراكز الجديدة العاملة في مجال المرأة وشؤونها بطريقة أكثر لفتاً للانتباه والاهتمام حسب ما تشير إليه التقارير و الكتابات الأكاديمية المعنية بالشؤون الاجتماعية في تلك المناطق، فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك: مراكز الحق في الصحة(Centers for the right to Health) وامتدت تلك التطورات لتشمل مجال القانون مثل: مركز تنمية المصادر والأبحاث القانونية( Legal Resource and Research Development Center) والذي يولي اهتماماً كبيراً بالجوانب القانونية وتوفير خدمات واستشارات قانونية للمرأة؛ لإنجاح مشروع دعم وتقوية المرأة وتحريرها من السلطوية الأسرية أو الدينية كما يزعم هؤلاء، وقد كان الذراع الطولى والسند الكبير لدعم هذه الدعوات والأفكار الوكالات والمنظمات الدولية اللا حكومية؛ إذ تؤمن للنشطاء في هذا الاتجاه مساعدات مالية ومصادر تمويل دائمة.
وقد أكدت البحوث العلمية الأكاديمية حدوث حالة تدنٍ في مستوى الذوق العام وظهور ممارسات سلوكية في الوسط الاجتماعي، وحملت بعضها مسؤولية انتشار ظواهر سلبية في المجتمع الشمالي المسلم المحافظ، ويشير الدكتور محمد ثالث الشيخ أستاذ التربية في جامعة بايرو في مدينة كانو في بحث له عن (دور الجمعيات والمنظمات اللا حكومية في إفساد المرأة في شمال نيجيريا) إلى التأكيد على ظهور حالات انحراف سلوكية بين النساء والشباب بالفعل؛ لأسباب ودوافع مختلفة، من بينها ما تنشره تلك الجمعيات من معلومات بالتركيز على مفاهيم مرتبطة بقضايا الجنس والغرائز والمراهقة.
كما أنها باتت تنخرط بشكل كبير في أوجه مناشط المجتمع المدني بجميع أشكالها، وأصبحت تجذب أعداداً هائلة في الأوساط النسائية، بدعاوٍ ومزاعم شتى، كدعوى (إصلاح حياة المرأة والعمل أو النضال للرفع من مستواها المعيشي والدفاع عن حقوقها المهضومة)، ورفعت شعار إطلاقها من القيود المفروضة عليها من الأعراف والتقاليد والقيم الدينية الموروثة.
من ناحية أخرى، نلاحظ أن أغلب تلك المنظمات إن لم تكن جميعها كانت تنطلق من مبادئ الفكر العلماني، فهي لا تهتم أو تعتني بالقيم الروحية، ولا الالتزام الديني فضلاً عن القيم الأخلاقية؛ فلا مجال للحديث عندها عن قضايا قيمية مثل: الشرف والعفة والطهارة والنقاء في الجانب المادي أو المعنوي، فلا تحث على النكاح الحلال، ولكنها تدعو وتشجع على ضرورة إطلاق العنان لحرية المرأة والشباب من الجنسين في إشباع الرغبة والغرائز الجنسية بأي طريقة دون التقيد بالإطار المقبول سواء في العُرف أو الشرع، علاوة على ذلك نجد أن التركيز شديد جداً على قضايا تحديد النسل؛ إذ أصبحت الشغل الشاغل على أجندة أولوياتها، وكثّفت حملاتها، وارتفعت وتيرتها خلال السنتين الماضيتين في شمال نيجيريا حول ضرورة ضبط النسل، والاهتمام بالنواحي الصحية للمرأة من خلال خطة مدروسة ومعدة بكل مكر ودهاء لتحظى بالقبول على المستوى الرسمي والشعبي تحت شعار: نحو مجتمع شمالي خالً من الأمراض، (التطعيم) الأمر الذي أدى إلى توتر العلاقة بين الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات الشمالية بسبب موقف تلك الولايات الرافض لهذا المشروع المشبوه والمشكوك فيه.
مداخل التغلغل
عملت هذه المنظمات على استغلال الأوضاع والظروف الاجتماعية في البلاد كمدخل طبيعي للنفاذ داخل المجتمع النسوي، ولمخاطبة الرأي العام النسائي، بالضرب على أوتار وميول مرتبطة بالاحتياجات الفعلية والمشكلات التي تواجه المجتمع، وكانت من بينها إطلاق سلسلة من المشروعات والبرامج ذات الصبغة الإنسانية والخدمية، مثل (مشروع التطعيم ضد الأمراض والأوبئة)، و(مشروع المكافحة والوقاية من الإصابة بمرض فقد المناعة المكتسبة"الإيدز")، و(مشروع دعم التعليم الأساسي)، و(تأمين حياة أفضل للمرأة)، و(مشروع الصحة الإنجابية) وتتبنى الإشراف على تلك المشروعات منظمات ووكالات أجنبية غربية، مثل منظمة الصحة العالمية(World Health Organizition) وتعتبر الوكالة الدولية لمشروع صحة المراهقين والمعلومات(Adolescents Health And Information Agent) أكثر تلك المنظمات الدولية والأجنبية ذات قوة ونشاط ونفوذ، وهي تقدم معلومات و أرشادات ونصائح للمراهقين من الجنسين فيما يخص سبل الوقاية من الأمراض التي يمكن أن تنتج عن ممارسة الجنس، تلك المعلومات التي تصفها بأنها " معلومات ومشورات علمية لإقامة علاقة صداقة وعلاقات حب فاعلة على أساس من الثقة لتفادي أي مخاطر صحية ومشكلات في الأداء"!!
وعلى جانب آخر هناك منظمات تقدم خدمات مماثلة للسيدات، مثل منظمة صحة المرأة النيجيرية (Nigerian Women Organization) صحة المرأة وإرشادات عن وسائل منع حدوث الحمل عند ممارسة الجنس هي قضايا اهتمامها، كما تعمل لتكريس عدة مفاهيم لا تخرج عن فكرة تحرير المرأة، وتعمل بالتعاون مع وكالة الولايات المتحدة الأمريكية للتنمية العالمية، والوكالات الوطنية ذات النزعة العلمانية لنشر قيم الثقافة الغربية في التعليم، مثل الدعوة إلى التعليم المختلط، والمطالبة بإلغاء حالة الفصل الموجودة في بعض المدارس، وتعمل منظمة أخرى في مجال نشر الوعي بالحقوق الديمقراطية للمرأة، مثل مشروع تقوية المرأة (Women Empowerment project) لمساندة جميع الجمعيات النسائية المحلية في شتى المدن لنيل حقوقهن وتحقيق مطالبهن عبر المؤسسات والمنابر الديمقراطية المختلفة.
وتتّبع هذه المنظمات العديد من الوسائل للترويج لتلك الأفكار والمفاهيم، مثل: عقد ندوات ومؤتمرات، وتنظيم ورش وحلقات نقاش ودورات خاصة للنساء، تحت عناوين ومسميّات مختلفة مخفية الأهداف والمقاصد الحقيقية وراء السطور، من بينها مؤتمر المرأة في ظل تطبيق الشريعة الإسلامية في شمال نيجيريا، والذي عُقد مؤخراً في مدينة أبوجا، ولم يكن مستغرباً أن يخلص في مداولاته إلى أن تطبيق الشريعة قد أضر بالمرأة النيجيرية وأعاق تقدمها وتحريرها!!
ويبقى لنا للأمانة أن نشير إلى مسيس الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود للتوعية والإرشاد لملاحقة هذا التغلغل والنفوذ من ناحية، وإلى ضرورة تدارك مواطن الضعف والخلل في الأوضاع الداخلية في تلك الولايات مثل: المظاهر الاجتماعية السلبية كحالة أطفال الشوارع وظاهرة التسوّل، وغيرها من الأمور التي وفّرت أرضية للطعن والتشكيك في مدى قدرة نظام ذي توجه إسلامي في ضبط الوضع على الرغم مما تزخر به خطبه وأدبياته من نظريات في الرعاية والعدالة الاجتماعية، علاوة على ذلك فإن هذه الحالة تطرح تحدياً جديداً لا تقل خطورة عن التحديات الثقافية المعاصرة التي تواجهها الأمة، وهو إشكالية عدم وجود خطاب دعوي مخطط ومنظم للمرأة الأفريقية بما يتناسب ومخاطر المشكلات التي تعيشها، أخيراً يجب أن تتم إعادة طرح جديد لفكرة التربية الجنسية في المناهج الدراسية في البلاد، بعقلية تتجاوز الهاجس الأخلاقي للوصول إلى رؤية متكاملة الأبعاد، مما يجعل الجيل والنشء في مأمن وعلى بصيرة من تلك القضايا الشائكة التي دائماً تُثار للنيل من الإسلام وتعاليمه.
الخطوط العريضة لهذه المحاولات الخبيثة لا تكاد تختلف عن دعوات سابقة لتحرير المرأة، بل تؤكد الأدبيات الخاصة للجمعيات العاملة في هذا المجال على أن مسألة تقوية المرأة بإعادة الحرية الكاملة لها، من خلال امتلاك إرادة حرة في اتخاذ قراراتها بعيدة عن سلطة الرجل أو الأسرة، وهذه واحدة من الغايات الأسمى التي تهدف إليها تلك المنظمات، بل تعتبر تحقيق ذلك "انتصاراً لقيم الحرية على السلطوية والقهر".
ولسنوات دأبت على تشجيع إدانة ممارسات رجعية على حد زعمها- مثل تعدّد الزوجات، الزواج القسري أو الزواج المبكر، وسعت من خلال التركيز على هذه الأبعاد الحساسة ثقافياً إلى جذب انتباه سلطات محددة، وتتبع منطق الاستفادة السريعة في الانتشار داخل الحياة العامة في نيجيريا وفي داخل عدد من الدول والمجتمعات الأفريقية، وتكثف عملها على إبراز سوء أوضاع النساء من مختلف الأبعاد والتي تمثل نقاط الصدمة للغرب، الشيء الذي يمكن أن يجلب أو يدرّ تمويلاً ومساعدات كبيرة من المؤسسات الغربية المعنية بالقضية.
لماذا شمال نيجيريا؟
جاء اهتمام هذه المنظمات الأجنبية بمناطق شمال نيجيريا بشكل أكثر وضوحاً وتركيزاً من أي وقت مضى، ولعل هذا التركيز لم يكن قد جاء اعتباطا أو مصادفة من حيث التوقيت الزمني أو حتى المكاني بالطبع، فعلى الرغم من أن المحاولات والجهود التي تبذلها تلك المنظمات الناشطة في هذا الاتجاه قد انطلقت منذ فترة ليست بقصيرة، إلا أن تكثيف المناشط والبرامج قد جاء في وقت تصاعدت فيه مظاهر الانبعاث الديني أو الصحوة الإسلامية والمتمثلة في إعلان بدء عدد من الولايات النيجيرية في تلك المنطقة تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، وجاءت موجة انتقادات شديدة منها باتهامها بمصادرة حريات المواطن خاصة النساء، والتى ترى على حد زعمها "أنهن أكثر تضرراً من تطبيق الشريعة الإسلامية، وأكثر من وقع ضحايا أحكامها، لا سيما في قضايا الأحوال الشخصية أو القضايا الجنائية".
وقد شهدت مناطق شمال نيجيريا تنامي ظهور وانشاء المنظمات والمراكز الجديدة العاملة في مجال المرأة وشؤونها بطريقة أكثر لفتاً للانتباه والاهتمام حسب ما تشير إليه التقارير و الكتابات الأكاديمية المعنية بالشؤون الاجتماعية في تلك المناطق، فعلى سبيل المثال لا الحصر هناك: مراكز الحق في الصحة(Centers for the right to Health) وامتدت تلك التطورات لتشمل مجال القانون مثل: مركز تنمية المصادر والأبحاث القانونية( Legal Resource and Research Development Center) والذي يولي اهتماماً كبيراً بالجوانب القانونية وتوفير خدمات واستشارات قانونية للمرأة؛ لإنجاح مشروع دعم وتقوية المرأة وتحريرها من السلطوية الأسرية أو الدينية كما يزعم هؤلاء، وقد كان الذراع الطولى والسند الكبير لدعم هذه الدعوات والأفكار الوكالات والمنظمات الدولية اللا حكومية؛ إذ تؤمن للنشطاء في هذا الاتجاه مساعدات مالية ومصادر تمويل دائمة.
وقد أكدت البحوث العلمية الأكاديمية حدوث حالة تدنٍ في مستوى الذوق العام وظهور ممارسات سلوكية في الوسط الاجتماعي، وحملت بعضها مسؤولية انتشار ظواهر سلبية في المجتمع الشمالي المسلم المحافظ، ويشير الدكتور محمد ثالث الشيخ أستاذ التربية في جامعة بايرو في مدينة كانو في بحث له عن (دور الجمعيات والمنظمات اللا حكومية في إفساد المرأة في شمال نيجيريا) إلى التأكيد على ظهور حالات انحراف سلوكية بين النساء والشباب بالفعل؛ لأسباب ودوافع مختلفة، من بينها ما تنشره تلك الجمعيات من معلومات بالتركيز على مفاهيم مرتبطة بقضايا الجنس والغرائز والمراهقة.
كما أنها باتت تنخرط بشكل كبير في أوجه مناشط المجتمع المدني بجميع أشكالها، وأصبحت تجذب أعداداً هائلة في الأوساط النسائية، بدعاوٍ ومزاعم شتى، كدعوى (إصلاح حياة المرأة والعمل أو النضال للرفع من مستواها المعيشي والدفاع عن حقوقها المهضومة)، ورفعت شعار إطلاقها من القيود المفروضة عليها من الأعراف والتقاليد والقيم الدينية الموروثة.
من ناحية أخرى، نلاحظ أن أغلب تلك المنظمات إن لم تكن جميعها كانت تنطلق من مبادئ الفكر العلماني، فهي لا تهتم أو تعتني بالقيم الروحية، ولا الالتزام الديني فضلاً عن القيم الأخلاقية؛ فلا مجال للحديث عندها عن قضايا قيمية مثل: الشرف والعفة والطهارة والنقاء في الجانب المادي أو المعنوي، فلا تحث على النكاح الحلال، ولكنها تدعو وتشجع على ضرورة إطلاق العنان لحرية المرأة والشباب من الجنسين في إشباع الرغبة والغرائز الجنسية بأي طريقة دون التقيد بالإطار المقبول سواء في العُرف أو الشرع، علاوة على ذلك نجد أن التركيز شديد جداً على قضايا تحديد النسل؛ إذ أصبحت الشغل الشاغل على أجندة أولوياتها، وكثّفت حملاتها، وارتفعت وتيرتها خلال السنتين الماضيتين في شمال نيجيريا حول ضرورة ضبط النسل، والاهتمام بالنواحي الصحية للمرأة من خلال خطة مدروسة ومعدة بكل مكر ودهاء لتحظى بالقبول على المستوى الرسمي والشعبي تحت شعار: نحو مجتمع شمالي خالً من الأمراض، (التطعيم) الأمر الذي أدى إلى توتر العلاقة بين الحكومة الفدرالية وحكومات الولايات الشمالية بسبب موقف تلك الولايات الرافض لهذا المشروع المشبوه والمشكوك فيه.
مداخل التغلغل
عملت هذه المنظمات على استغلال الأوضاع والظروف الاجتماعية في البلاد كمدخل طبيعي للنفاذ داخل المجتمع النسوي، ولمخاطبة الرأي العام النسائي، بالضرب على أوتار وميول مرتبطة بالاحتياجات الفعلية والمشكلات التي تواجه المجتمع، وكانت من بينها إطلاق سلسلة من المشروعات والبرامج ذات الصبغة الإنسانية والخدمية، مثل (مشروع التطعيم ضد الأمراض والأوبئة)، و(مشروع المكافحة والوقاية من الإصابة بمرض فقد المناعة المكتسبة"الإيدز")، و(مشروع دعم التعليم الأساسي)، و(تأمين حياة أفضل للمرأة)، و(مشروع الصحة الإنجابية) وتتبنى الإشراف على تلك المشروعات منظمات ووكالات أجنبية غربية، مثل منظمة الصحة العالمية(World Health Organizition) وتعتبر الوكالة الدولية لمشروع صحة المراهقين والمعلومات(Adolescents Health And Information Agent) أكثر تلك المنظمات الدولية والأجنبية ذات قوة ونشاط ونفوذ، وهي تقدم معلومات و أرشادات ونصائح للمراهقين من الجنسين فيما يخص سبل الوقاية من الأمراض التي يمكن أن تنتج عن ممارسة الجنس، تلك المعلومات التي تصفها بأنها " معلومات ومشورات علمية لإقامة علاقة صداقة وعلاقات حب فاعلة على أساس من الثقة لتفادي أي مخاطر صحية ومشكلات في الأداء"!!
وعلى جانب آخر هناك منظمات تقدم خدمات مماثلة للسيدات، مثل منظمة صحة المرأة النيجيرية (Nigerian Women Organization) صحة المرأة وإرشادات عن وسائل منع حدوث الحمل عند ممارسة الجنس هي قضايا اهتمامها، كما تعمل لتكريس عدة مفاهيم لا تخرج عن فكرة تحرير المرأة، وتعمل بالتعاون مع وكالة الولايات المتحدة الأمريكية للتنمية العالمية، والوكالات الوطنية ذات النزعة العلمانية لنشر قيم الثقافة الغربية في التعليم، مثل الدعوة إلى التعليم المختلط، والمطالبة بإلغاء حالة الفصل الموجودة في بعض المدارس، وتعمل منظمة أخرى في مجال نشر الوعي بالحقوق الديمقراطية للمرأة، مثل مشروع تقوية المرأة (Women Empowerment project) لمساندة جميع الجمعيات النسائية المحلية في شتى المدن لنيل حقوقهن وتحقيق مطالبهن عبر المؤسسات والمنابر الديمقراطية المختلفة.
وتتّبع هذه المنظمات العديد من الوسائل للترويج لتلك الأفكار والمفاهيم، مثل: عقد ندوات ومؤتمرات، وتنظيم ورش وحلقات نقاش ودورات خاصة للنساء، تحت عناوين ومسميّات مختلفة مخفية الأهداف والمقاصد الحقيقية وراء السطور، من بينها مؤتمر المرأة في ظل تطبيق الشريعة الإسلامية في شمال نيجيريا، والذي عُقد مؤخراً في مدينة أبوجا، ولم يكن مستغرباً أن يخلص في مداولاته إلى أن تطبيق الشريعة قد أضر بالمرأة النيجيرية وأعاق تقدمها وتحريرها!!
ويبقى لنا للأمانة أن نشير إلى مسيس الحاجة إلى بذل المزيد من الجهود للتوعية والإرشاد لملاحقة هذا التغلغل والنفوذ من ناحية، وإلى ضرورة تدارك مواطن الضعف والخلل في الأوضاع الداخلية في تلك الولايات مثل: المظاهر الاجتماعية السلبية كحالة أطفال الشوارع وظاهرة التسوّل، وغيرها من الأمور التي وفّرت أرضية للطعن والتشكيك في مدى قدرة نظام ذي توجه إسلامي في ضبط الوضع على الرغم مما تزخر به خطبه وأدبياته من نظريات في الرعاية والعدالة الاجتماعية، علاوة على ذلك فإن هذه الحالة تطرح تحدياً جديداً لا تقل خطورة عن التحديات الثقافية المعاصرة التي تواجهها الأمة، وهو إشكالية عدم وجود خطاب دعوي مخطط ومنظم للمرأة الأفريقية بما يتناسب ومخاطر المشكلات التي تعيشها، أخيراً يجب أن تتم إعادة طرح جديد لفكرة التربية الجنسية في المناهج الدراسية في البلاد، بعقلية تتجاوز الهاجس الأخلاقي للوصول إلى رؤية متكاملة الأبعاد، مما يجعل الجيل والنشء في مأمن وعلى بصيرة من تلك القضايا الشائكة التي دائماً تُثار للنيل من الإسلام وتعاليمه.
المصدر: موقع الإسلام اليوم