إبادة المسلمين.. ليست الأولى ولن تكون الأخيرة

وغير بعيد عن هؤلاء الأوضاع في القوقاز المحتل من قبل روسيا وعملائها الشيوعيين الذين يمنعون الشباب من الصلاة في المساجد ويضهدون المحجبات ويقتلون الأبرياء المطالبين بالاستقلال والحرية الدينية..

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

فزع العالم الإسلامي من المناظر البشعة التي نقلتها وسائل الإعلام عن المذابح التي يتعرض لها مسلمو بورما على أيدي جماعات بوذية متطرفة وبدعم من الحكومة ودون أدنى إجراء أو تنديد دولي يعبر عن حجم المأساة التي تتصاعد يوما بعد يوم، مع نفي السلطات هناك لأية مجازر وزعمها أن الأحداث مجرد اشتباكات طائفية بسبب اغتصاب فتاة بوذية، رغم أن المجازر متكررة في حق المسلمين منذ احتلال أراكان المسلمة في القرن الثامن عشر الميلادي حتى أن إحدى المذابح أوقعت أكثر من 100 ألف قتيل من المسلمين.


الأزمة تتزايد مع عدم وجود مكان يمكن أن يلجأ إليه المسلمون الهاربون من آلة القتل والاغتصاب؛ حيث امتنعت الدول المجاورة عن استقبالهم متذرعة بعدم وجود إمكانيات لديها، في وقتٍ لم تتحرك المنظمات والهيئات الدولية من أجل تنفيذ إغاثة عاجلة لهؤلاء الضحايا ودعم الدول التي تستقبلهم.


والقضية في رأيي أكبر من مسلمي بورما؛ بل تفتح ملف ضخم عن عشرات بل مئات الملايين من المسلمين الذين يتعرضون للإبادة والقتل والتعذيب والاغتصاب في عدة دول دون أن يشعر بهم أحد؛ ففي تايلاند المجاورة لبورما يعاني أكثر من 7 ملايين مسلم من احتلال بوذي بغيض لسلطنة فطاني التي استولى عليها البوذيون منذ أكثر من مائتي عام ويعاني المسلمون فيها من نهب لثرواتهم وتسكين البوذيين في أراضيهم لتغيير التركيبة السكانية للبلاد التي كان المسلمون فيها أكثر من 90 في المائة فأصبحوا في بعض المناطق أقل من 50 بالمائة، وتمارس السلطات التايلاندية جرائم الاغتيال لقادة المقاومة عن طريق عصابات تابعة للحكومة.


وعلى مقربة من هؤلاء يعاني 15 مليون مسلم في تركستان الشرقية من احتلال شيوعي بوذي من قبل الصين التي عزلتهم عن العالم لعشرات السنين، وعندما بدأ صوتهم يعلو مارست ضدهم أبشع أنواع الاضطهاد والقمع، مدعية أن هناك (انفصاليين إرهابيين) مدعومين من الخارج، وهي التهمة الجاهزة التي تصدرها جميع الدول المحتلة ضد ضحاياها من الشعوب الضعيفة.


كما عانى المسلمون في كمبوديا من ظلمٍ واضطهادٍ كبيرين على أيدي (الخمير الحمر) أصحاب الفكر الشيوعي المتطرف، والذين قتلوا الآلاف من الأئمة والدعاة وأغلقوا المدارس الإسلامية في السبعينيات من القرن الميلادي الماضي، ثم تعرض المسلمون للتهميش والإبعاد على أيدي الحكومات المتعاقبة.


وفي فيتنام يعيش المسلمون في أفقر وأحقر الأماكن ويراقَبون بشدة من قِبل الحكومة الشيوعية التي تضع أعينا لها في المساجد وتجمعات المسلمين لمعرفة أدق أخبارهم ويتم اختيار الأئمة عن طريق جهاز أمن الدولة، ويمنعون من الدراسة الدينية في الخارج، ويشدد عليهم في إجراءات الحج والعمرة.

وغير بعيد عن هؤلاء الأوضاع في القوقاز المحتل من قبل روسيا وعملائها الشيوعيين الذين يمنعون الشباب من الصلاة في المساجد ويضهدون المحجبات ويقتلون الأبرياء المطالبين بالاستقلال والحرية الدينية.

وليس بعيدا عن هؤلاء مذابح البوسنة والهرسك وكوسوفا وما انتهت إليه الأوضاع هناك بوضع المسلمين تحت وصاية أوروبية أمريكية تفرض عليهم ما ينبغي وما لا ينبغي فعله حتى في أمور دينهم وعلاقاتهم بالخارج.


إن هذه المآسي المستمرة حتى لو هدأت لبعض الوقت تكشف عن تجاهل المسلمين لأوجاع إخوانهم وعدم معرفتهم بتفاصيل هذه الأوجاع حتى أن بعض الدول الإسلامية تتمتع بعلاقات وطيدة مع حكومات تمارس أبشع أنواع الجرائم ضد المسلمين، دون أن تكلف خاطرها بالسؤال عنهم والحديث عن أوضاعهم والضغط من أجل رفع الظلم عنهم كما تفعل الدول الغربية إذا مس (المسيحيين) أقل أذى حتى ولو كان غير مقصود، كما يفعلون الآن في مصر بعد وصول الإسلاميين للحكم فتجدهم يتحدثون عن مزاعم اضطهاد وضرورة العدل مع (المسيحيين) ومخاوف عليهم وتهديدات إذا ما تعرضوا لأي أذى، حتى تجد بعض الدول الإسلامية تعامل مواطنيها (المسيحيين) أفضل مما تعامل أبنائها من المسلمين خوفا من الدول والمنظمات والإعلام الغربي!!

فمتى يكون للمسلمين هذه الشوكة ولا نكتفي بالشجب والاستنكار، ولا تجد الشعوب المستضعفة سوى المظاهرات للتعبير عن امتعاضها من موقف حكوماتها المتخاذل؟؟


إلى متى سيظل المسلمون يذبحون في كل مكان دون اتخاذ مواقف حاسمة من الدول الإسلامية أو من المجتمع الدولي الذي انتفض من أجل أضرحة مالي وتماثيل أفغانستان ولم تتحرك فيه شعرة والدماء تراق كالأنهار في بورما؟!


خالد مصطفى - 18/8/1433 هـ