وبدأ "الحسم الرمضاني"
قد خلفت هذه الانشقاقات الرئيس الأسد يلفظ أنفاسه الأخيرة، وينتفض يمينًا ويسارًا في محاولة بائسة لتدارك خسائره. فبدأ الأسد بقصف دمشق لأول مرة بقذائف المورتور، وتلاها قصف حمص بالأسلحة الكيماوية، مع توارد أنباء عن قيامه بقصف دمشق بتلك الأسلحة الفتاكة المحرمة دوليًا...
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة - ملفات شهر رمضان -
إنه الحسم الذي تحدث عنه العقيد رياض الأسعد قائد الجيش السوري الحر قبل أيام، ثم ما لبثت بشرياته تنطلق في أنحاء سوريا خصوصًا في العاصمة دمشق.
ومثّل التفجير الذي أطاح أمس الأربعاء بثلاثة رؤوس كبيرة للنظام السوري حجر أساس لهذا الحسم، كما حققت قوات الجيش الحر تقدمًا كبيرًا في المعارك مع قوات النظام في دمشق وضواحيها.
وقد بدأت شواهد هذا الحسم الرمضاني مبكرًا؛ فمنذ نحو أسبوع انتشرت لأول مرة حواجز تفتيش للجيش الحر في دمشق. ورغم كونها (حواجز مرنة) أي أنها تتنقل من مكان لآخر ويتم تفكيكها بسرعة، إلا أن هذه السابقة دعمت موقف الجيش الحر في دمشق وأعطت زخمًا لعملياته على الأرض داخل دمشق، وهو ما سهّل -بصورة أو بأخرى- الوصول إلى مقر الأمن القومي وتفجيره والقضاء على وزير الدفاع داوود راجحة ورئيس المخابرات آصف شوكت صهر الأسد وقادة كبار آخرين في النظام.
وفي ذات التوقيت الذي انتشرت فيه تلك الحواجز (الثورية) في دمشق، أنزلت قوات الرئيس بشار الأسد لأول مرة المصفحات والمدرعات إلى قلب المدينة في محاولة بائسة للسيطرة على الوضع الأمني.
ووصلت الاشتباكات هذا الأسبوع كذلك لأول مرة إلى ساحة العباسيين التي تعتبر (ميدان التحرير) السوري، ليس لكونها تستضيف احتجاجات ضخمة كالتي استضافها ميدان التحرير في مصر -لإسقاط نظام الرئيس السابق حسني مبارك- فهي لم تكن كذلك أبدًا، ولكن لكونها الميدان الرئيسي في العاصمة ورمزًا للنظام السوري، كما أنها تطل على عدة مؤسسات أمنية هامة تابعة للنظام وملعب رياضي حولته قوات الجيش إلى ثكنة عسكرية بعد اندلاع الثورة.
لكن قوات الجيش التي تمركزت طوال الأسبوع في قلب دمشق ما لبثت أن قصفت المدينة أمس واليوم انطلاقًا من التلال المشرفة عليها، وهو ما يعني تغير أماكن تمركزها من قلب المدينة إلى خارجها.
إلى جانب ذلك، تتزايد الانشقاقات عن النظام سواء في صفوف الجيش أو من الدبلوماسيين في الخارج. وقد أدى التفجير الذي وقع أمس في مقر الأمن إلى إعطاء دافعٍ أكبر للمترددين، لاتخاذ قرار نفض أيديهم من هذا النظام الساقط لا محالة.
وبالفعل تواردت الأنباء يوم الخميس عن انشقاقات ألوية عسكرية بأكملها في عدة مناطق في سوريا. ففي جبلة بمحافظة اللاذقية، أوردت صفحة (لواء الفرقان) على تويتر التابعة للجيش الحر (أنباء انشقاق عدة عناصر بعتادهم الكامل من مدرسة الشرعية في المدينة).
كما تحدثت الصفحة عن "انشقاق اللواء المدرّع الثالث للحرس الجمهوري المكلف بحماية دمشق و يتألّف من ثلاث كتائب دبّابات (عدد 120 دبّابة)".
ويمثل انشقاق لواء كامل من الحرس الجمهوري سابقة إذ تعتبر هذه الفرقة من الجيش من أقوى الفرق وأكثرها ولاء للنظام واستعدادًا لحمايته لأبعد الحدود.
وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري وصل عدد من الجنود المنشقين إلى تركيا عابرين الحدود ومن بينهم قائد برتبة عقيد في الجيش السوري، حيث أعلنوا انضمامهم للثورة.
وقد سبقت هذه الانشقاقات انشقاقات دبلوماسية أخرى هذا الشهر، أهمها السفير السوري في العراق نواف الفارس. كما تواردت أنباء عن محاولة السفير السوري في اليمن الانشقاق إلا أن السلطات اليمنية أعاقت ذلك ولم تسهل له الحصول على حق اللجوء السياسي.
وقد خلفت هذه الانشقاقات الرئيس الأسد يلفظ أنفاسه الأخيرة، وينتفض يمينًا ويسارًا في محاولة بائسة لتدارك خسائره. فبدأ الأسد بقصف دمشق لأول مرة بقذائف المورتور، وتلاها قصف حمص بالأسلحة الكيماوية، مع توارد أنباء عن قيامه بقصف دمشق بتلك الأسلحة الفتاكة المحرمة دوليًا.
وفي كل مرة يتمكن مغاوير الجيش الحر من مهاجمة قوات الأسد، أصبح من السائد أن يفر الجنود كالجرذان أمامهم تاركين أسلحتهم ليغنمها هؤلاء الأبطال.
وأمام كل هذه الشواهد يبدو للمتابع أن النظام ارتطم بالأرض وبدأ يرجف لافظًا أنفاسه الأخيرة، وهو ما عبر عنه العديد من قادة المعارضة في الداخل والخارج.
نسيبة داود - 30/8/1433 هـ