بعد مجزرة اليرموك .... هل بقي للحياد مكان ؟

لا مجال اليوم للحديث عن الحياد في الثورة السورية أو التحييد ، فلقد شارك السوري الفلسطيني كل همومه ، والمطلوب اليوم من الفصائل أن تعلنها وبشكل واضح أنها إما مع الثورة أو ضد الثورة ، وتركهم من اللعب بالألفاظ السياسية ، والخشية على الفلسطينيين في سوريا لأن أهل المخيمات الفلسطينية هناك هم جزء من النسيج الاجتماعي السوري.

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -


منذ بداية الثورة السورية تحاول العديد من الفصائل الفلسطينية أن تقف موقف الحياد منها أو موقف غير الراغب في الحديث عن الثورة السورية رغم أهمية هذه الثورة بالنسبة للقضية الفلسطينية وانعكاسها بالإيجاب عليها وعلى الأمة العربية والإسلامية ، لما تشكله سوريا من دورٍ محوري وهام في المسارات العربية والإسلامية عبر التاريخ ، نتيجة لأهميتها الجغرافية والسياسية والتاريخية .


العديد من المبررات التي قدمتها الفصائل الفلسطينية هي مبررات تعود بالتاريخ للوراء ، فالتجربة الفلسطينية في الأردن عام 1970م ، وتجربة المخيمات الفلسطينية في لبنان ولعل أبرزها مجزرة تل الزعتر في عام 1976م والتي ارتكابها النظام السوري البعثي بالتعاون مع ميليشيات حزب الكتائب المسيحية اللبنانية ، مروراً بأحداث العراق والكويت وموقف القيادات الفلسطينية منها وما تعرض له لاجئو العراق بعد سقوط نظام صدام حسين .


كل تلك المبررات يسوقها أصحاب القرار الفلسطيني لعدم توضيح الموقف من الثورة السورية ، والحديث عن تجنيب المخيمات الفلسطينية واللاجئين هناك ويلات هذه الثورة التي يقودها الشعب السوري ضد نظامه المستبد هي مقولات ومبررات منقوصة ، ولا يمكن أن يُستنَد إليها ، فمن يخشى أن يعطي موقفاً سياسياً لا يجعل اللاجئين سبباً لمواقفه ، فمنذ متى يفرق الشعب السوري بينه وبين الفلسطينيين ؟ منذ نزوح الشعب الفلسطيني بعد نكبة 48 من ديارهم إلى سوريا وهم يعاملون مثل الشعب السوري ، ولم يفرق التاريخ يوماً بين فلسطين و دمشق فكلاهما في بلاد الشام .


لقد نجحت اتفاقية سايكس بيكو الموقّعة عام 1916م بعد مرور ما يقارب العقد من الزمان في تحقيق أهدافها ، فالتقسيم الجغرافي كان البداية حتى وصلنا إلى التقسيم المجتمعي والتفرقة بين الحدود رغم ما يجمعنا من دماء وتضحيات ، فإن كانت الفصائل تريد أن ننسى أننا والسوريين شعبٌ واحد فمن يقرأ التاريخ لا ينسى ! ومن أيقن بسايكس بيكو فدماء السوريين على أرض فلسطين لا تنسينا الشيخ الشهيد السوري المجاهد عز الدين القسام والشهيد المجاهد سعيد العاص والعدد الكبير من أبناء سوريا الذي استشهدوا على أرض فلسطين .


إن حديث الفصائل عن تحييد الفلسطينيين في سوريا عن المعارك وأحداث الثورة يتعارض مع الأرقام والواقع بشكل تام ، حيث يبلغ عدد الفلسطينيين داخل مخيمات اللاجئين 450ألف فلسطيني من أصل 23 مليون سوري حسب احصائيات عام 2010م ، أي ما نسبته 2% من إجمالي عدد سكان سوريا ، ولو نظرنا إلى عدد القتلى الفلسطينيين منذ بداية الثورة نجده ما يقارب 350 شخصاً من أصل 20ألف سوري قُتل منذ انطلاق الثورة السورية ، أي ما نسبته 2% تقريباً من إجمالي القتلى ، أي أن الفلسطينيين في سوريا شركاء في الدماء ، وعند الحديث عن المعتقلين فقد تعرض ما يقارب 10آلاف فلسطيني للاعتقال خلال الثورة على يد الأجهزة الأمنية ، بالإضافة إلى التهجير الذي تعرض له الفلسطينيون في بعض المخيمات مثل مخيم درعا الذي تركه ما يقرب من90% من سكانه .


هذا على صعيد الأرقام والإحصائيات التي تثبت بأن لا فرق بين فلسطيني وسوري منذ بداية الثورة وأن الحديث عن التفرقة بينهم ما هي إلا محاولات سياسية من قبل بعض الفصائل الفلسطينية والتي لم نسمع لها صوتاً ، أو تنديداً بما تقوم به الجبهة الشعبية – القيادة العامة بقيادة أحمد جبريل والذي تحدث علناً بأنه سيقف مع النظام السوري بالسلاح ، وهو شارك مع الشبيحة على الأرض في القتال ضد السوريين ، كما يقوم بملاحقة السوريين داخل المخيمات ، و لم يعترض أحد أو يستنكر إلا بعض التصريحات الخجولة عن هذا التصرف الذي يحاول فيه جبريل الزج بالورقة الفلسطينية على أنها مع النظام وهذا هو ما ليس بواقع .


لا مجال اليوم للحديث عن الحياد في الثورة السورية أو التحييد ، فلقد شارك السوري الفلسطيني كل همومه ، والمطلوب اليوم من الفصائل أن تعلنها وبشكل واضح أنها إما مع الثورة أو ضد الثورة ، وتركهم من اللعب بالألفاظ السياسية ، والخشية على الفلسطينيين في سوريا لأن أهل المخيمات الفلسطينية هناك هم جزء من النسيج الاجتماعي السوري ، فلا يمكن أن يتخلوا عنهم أو يحيدوا أنفسهم عن ثورة تنادي بسقوط القمع والاستبداد ، عانى منه الفلسطينيون والسوريون معاً .


حمزة إسماعيل أبو شنب - 16/9/1433 هـ