جلاء الأفهام لما وقع في أمر الهلال من أفهام
مجاهد بن حمادة
هذا جزء يسير في أمر هلال رمضان لما وجدت كثيراً من الأخوة الأفاضل يختلفون فيه اختلافات كثيرة كل عام، فأردت أن أسطر ما وجدته حقاً في هذه المسألة...
- التصنيفات: فقه الصيام -
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ...؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]؛ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً} [النساء: 1]؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} [الأحزاب: 71].
ثم.... أما بعد؛
فإن أصدق الحديث كتاب الله وخير الهدي لهدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور لمحدثاتها وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم.... أما بعد؛
هذا جزء يسير في أمر هلال رمضان لما وجدت كثيراً من الأخوة الأفاضل يختلفون فيه اختلافات كثيرة كل عام، فأردت أن أسطر ما وجدته حقاً في هذه المسألة، والله أسأل أن يجعله عوناً لمن يقرأه على فهم هذه المسألة فهماً يخرج بنا عن حلبة الخلاف، فإن الخلاف شر والاجتماع خير... ولابد وأن يكون على حق.
أولاً: وجوب صيام رمضان لرؤية الهلال، والإفطار لرؤيته:
- قال الله تبارك وتعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 184].
- وقال الله عز وجل: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189].
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكر رمضان فقال: لَا تَصُومُوا حَتَّي تَرَوْهُ، فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» (البخاري "باب قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا، وَإذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأفْطِرُوا....»، مالك، مسلم، أبو داود، النسائي، أحمد، الدرامي، الدارقطني، البيهقي).
- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً فَلَا تَصُومُوا حَتَّي تَرَوْهُ، فإن غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ» (البخاري، مالك، مسلم، إلا أنه في رواية مسلم: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ»).
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غَبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلَاثِينَ» (البخاري).
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا» (رواه مسلم، باب وجوب صيام رمضان برؤية الهلال).
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ الشَّهْر فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ» (رواه مسلم، باب وجوب صيام رمضان برؤية الهلال).
بالنظر إلى الدليل الأول من الأحاديث رأينا بعض العلماء يحتجون به على وجوب علم منازل القمر والنجوم آخذين ذلك من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» أي اجعلوا الحساب الفلكي أساساً في هذه المسألة، وهذا باطل لوجهين:
الوجه الأول: طريقة الاستنباط:
عند استنباط الحكم من الدليل يجب علينا أن نراعي الآتي:
1- النظر إلى السياق إذا كان السياق متناسقًا مع الدليل المذكور في جهة الأحكام.
2- إذا لم يكن السياق دالاً على المسألة فيجب علينا أن نجمع الأدلة الواردة في المسألة.
فعندما ننظر إلى جميع الأدلة الواردة في الهلال عندما يغم علينا رأينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين»، فيدل ذلك دلالة واضحة على تبيين كلمة فاقدروا له، أي أكملوا ثلاثين يوما.
وبهذا يزول الإشكال الوارد في كلمة فاقدروا له والألة كثيرة الموضحة لكلمة فاقدروا له بأن يتم الشهر ثلاثين يومًا، وبهذا يبطل القول بالحساب الفلكي.
الوجه الثاني: من جهة دلالة الألفاظ:
وقد جاءت رواية عند النسائي تقول: «فاقدروا ثلاثين»؛ ففي الحديث الأول يقول فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَصُومُوا حَتَّي تَرَوْا الْهِلَال، فعلق الصيام برؤية الهلال».... فيجب علينا فهم لفظة الهلال، ولفهم هذه الكلمة لابد من النظر في الآيات القرآنية الدالة عليها:
قال الله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189].
قال الله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 184].
قال الله تعالى: {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ} [البقرة: 173].
فكلمة الأهلة هي جمع لكلمة هلال..... وهلال على وزن فعال، ومعناه الاستهلال. فقال ابن الأعرابي: أُهِلَّ الهلال واستهل وأيضًا شهر مستهل، وقال ابن الأثير جاء في رواية لمسلم في حديث الاستسقاء: فألف الله السحاب وهلتنا...
ويقال هل السحاب إذا أمطر بشدة والهلال هو أول ما يصيبك منه، فهذا كله دل على أن معنى كلمة هلال هو أول الشهر......
وأما الوزن وهو فعال فتستخدمه العرب فيما يفعل به كالأزار لما يؤتزر به والرداء لما يرتدي به والركاب لما يركب به، والوعاء لما يوعى منه وبه والعصاب لما يعصب به وكله على وزن فعال والسداد لما يسد به والسماد لما يسمد به الأرض.....
وهذا كثير مطرد في الأسماء فيكون اسم الهلال لما يهل به، أي يصات به....
ولا يكون التصويت إلا مع الإدراك بالبصر أو السمع، فإن كان الإهلال لا يكون إلا بالإدراك -بالسمع أو بالبصر- وهناك تلازم بين الهلال والميقات، فيكون التلازم بين الإدراك وبين الميقات أيضًا أي لا يسمى الهلال هلالاً ألا إذا رأى بالبصر....
وقد جاء ذلك صريحا عند أصحاب اللغة فقال أبو العباس اللغوي: - وسمي الهلال هلالاً لأن الناس يرفعون أصواتهم بالإخبار عنه......
وفي حديث عمر رضي الله عنه: «أَنّ نَاسًا قَالُوا إِنَّا بَيْنَ الجِبَالِ لَا نُهِلُّ هِلَالَاً إِذَا أَهَلَّهُ النَّاسُ»؛ أَيْ لَا نُبْصِرَهُ إِذَا أَبْصَرَهُ النَّاسُ لِأَجْلِ الجِبَالِ......
وهذه الكلمة تعلقت بها أحكاماً شرعية كالإرث والصيام والحج وتحريم الذبيحة وثبت التلازم بينها وبين الأحكام المتعلقة بها.... وبهذا يبطل الاستدلال بالحساب الفلكي لعدم التلازم بينه وبين الأحكام الشرعية المتعلقة بكلمة الهلال...
ومع هذا يتضح لنا من بادئ ذي بدء العمل بالرؤية الهلالية لصيام شهر رمضان أو لنسك المناسك، وعلى هذا تضافرت الأدلة الحديثية ووضحت أنه إذا غم الشهر لا نتبع الحساب الفلكي في هذا ولكن علينا أن نكمل عدة الشهر ثلاثين يوماً....
والأدلة على ذلك هي:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ غُمِّيَ عَلَيْكُمْ الشَّهْر فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ» (رواه مسلم، باب وجوب صيام رمضان برؤيته الهلال).
- عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّم يَتَحَفَّظُ مِنْ شَعْبَانَ مَا لَا يَتَحَفَّظُهُ مِنْ غَيْرِهِ ثُمَّ يَصُومُ لِرُؤْيَةِ رَمَضَانَ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْهِ عَدَّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا ثُمَّ صَامَ» (رواه أبو داود وابن حبان والحاكم والبيهقي... وقال الحاكم على شرطهما ووافقه الذهبي، ولكن الصحيح في هذا التصحيح أنه على شرط مسلم فقط لأن معاوية بن صالح وعبد الله بن أبي قيس لم يحتج بهما البخاري واحتج به مسلم ولذا فهو على شرط مسلم.. وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص إسناده صحيح).
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ الأَهِلَّةَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ فَصُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا» (رواه البيهقي والحاكم حديث صحيح).
- عن حسين بن الحرث الجدلي عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب رضي الله عنه: «أَنَّهُ خَطَبَ النَّاسَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ فَقَالَ أَلَا أَنَّي جَالَسْتُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّم وَسَاءَلْتُهُمْ وَأَنَّهُمْ حَدَثُونِي أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمْ قَالَ: صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَانسُكُوا لَهَا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا ثَلَاثِينَ فَإِنْ شَهِدَ شَاهِدَانِ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا» (رواه النسائي وأحمد... وهو حديث صحيح ). ومعني وانسكوا له هي من نسك أي نحر أي الحج أي الأضحية.
- عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِنْ حَالَت دُونِهِ غَيَابَةٌ فَأَكْمِلُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا» (النسائي، أحمد، ابن ماجه، والحديث صحيح).
وقد قال الله تبارك وتعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 184].
فكل هذه الأدلة دلت دلالة واضحة على تعليق الصيام بالرؤية وعدم تعليقه على الحساب الفلكي الذي لم يقل به إلا الروافض من الشيعة وبعض الفقهاء مثل ابن سريج وانظر لقول الحافظ ابن حجر عند قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّا أُمَّهٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسِبُ»...؛ قال: والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضاً إلا النذر اليسير، فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم من يعرف ذلك بل ظاهر السياق يُشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلاً.... وقال الباجي: وإجماع السلف حجة على من قال بالحساب... ولقد نقل الإجماع ابن المنذر في الإشراق وهو أن صوم يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال ومع الصحو لا يجب بإجماع الأمة..... أيضاً وقال ابن بريزة: وهو مذهب باطل فقد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم لأنها حدس وتخمين ليس فيها قطع ولا ظن غالب.
قلت: والقاعدة الأصولية تقول: "اليقين لا يُزال إلا بيقين مثله ولا يُزال بالشك"، فالشهر يقين ورؤية الهلال يقين...، وحساب التسيير ظن وشك فلا يجوز أن ننتقل من شهر إلى شهر إلا بيقين... هذا والله أعلم....
وقد رأينا عندما نظرنا إلى الأدلة السالفة الذكر أنها تأمرنا بالصيام لرؤية الهلال والإفطار لرؤيته أيضاً وهي أدلة عامة لم تحدد هل الرؤية واجبة على كل أفراد الأمة؟ وهل رؤية أهل بلد توجب الصيام على جميع البلدان؟ ويتعلق بهذا العموم الآتي:
- هل يجوز صيام يوم الشك؟
- هل يجوز إفطار يوم من رمضان؟
- هل يجوز صيام يوم العيد؟
فننظر إلى هذا الأمر من أمور:
الأول: هل يجوز صيام يوم الشك؟
لقد قال أكثر الصحابة رضوان الله عليهم بالنهي عن صوم يوم الشك وكرهوا صيامه وها هي الأدلة تدل على ذلك:
- عَنْ صِلَهَ بْنِ زُفَرَ قَالَ: كُنَّا عِندَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ فَأُتِيَ بِشَاةٍ مَصلىةٍ فَقَالَ كُلُوا فَتَنَحَّي بَعْضُ الْقَوْمِ قَالَ إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ عَمَّارُ: «مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ فَقَدْ عَصِى أَبَا الْقَاسِم صلى الله عليه وآله وسلم» (رواه البخاري تعليقاً بصيغة الجزم، ورواه النسائي واللفظ له وابن خزيمة وابن حبان والحاكم.. ولفظ أبو داود والترمذي «مَنْ صَامَ يَوم الشَّكِ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِم» وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناد حسن من طريق منصور عن ربعي أن عماراً وناساً معه أتوهم يسألونهم في اليوم الذي يشك فيه.... الحديث، وأخرجه أيضاً عبد الرزاق...). فهذه الأدلة دالة بوضوح لا شك فيه على أن صيام يوم الشك حرام وأن هذا التحريم لم يكن من قبل الصحابي لأنه دل على رفعه الحكم المتعلق به... ولقد قال الحافظ هو موقوف لفظاً مرفوع حكماً.... وهذا الذي قررناه...
- أيضاً ما جاء عن عمار رضي الله عنه أنه قال: سمعت ابن عباس يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ، فَإِن حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ سَحَابٌ فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ وَلَا تَسْتَقْبِلُوا الشَّهْرَ اسْتِقْبَالًا وَلَا تَصِلُوا رَمَضَانَ بِيَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ».
الثاني: هل يجوز إفطار يوم من رمضان للأمة؟
أجمع العلماء على تحريم أفطار يوم من رمضان بغير عذر شرعي، وهذا لا يكون لجميع أفراد الأمة بل لبعض أفرادها عندما تتوفر لديهم الأعذار الشرعية الموجبة للفطر.... ولذا قال البخاري: ويُذكر عن أبي هريرة رفعه: «مَنْ أَفْطَرَ يَوْمًا فِي رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِعِلَةٍ وَلَا مَرَضٍ لَم ْ يَقْضِهِ صِيَامُ الْدَهْرِ وَإِنْ صَامَهُ» (رواه البخاري باب إذا جامع في رمضان، ورواه أصحاب السنن الأربعة موصولاً، وصححه ابن خزيمة).
الثالث: هل يجوز صيام يوم العيد؟
أجمع علماء الأمة سلفاً وخلفاً على تحريم صيام يوم العيد تحريماً قاطعاً لا خلاف فيه بين أحدٍ منهم وذلك لما دلت عليه الأدلة من تحريم هذا، فعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: «نَهَى النَّبِي صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ...» (رواه البخاري)، وعند البخاري أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «يُنْهَى عَنْ صِيَامَيْنِ وَبَيْعَتَيْنِ الْفِطْرِ وَالنَّحْرِ وَالْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ»، فهذا يدل على تحريم صيام يومي العيد.
فإذا كان ذلك كذلك فهل يجوز إذا رأى الهلال أهل بلد أن يلزموا غيرهم بالصيام أم لا ؟..
وعند الحديث عن هذه المسألة يجب علينا أن ننظر إليها نظرة من اختلف فيها من العلماء ثم بعد ذلك تبين الحق الواضح فيها والراجح فيها.
فالمسألة الثانية هي: ثانياً: هل إذا رأى الهلال في بلد لزم جميع البلدان؟
اختلف العلماء في هذه المسألة على أقوال:
الأول: ومنها إذا اتحدت البلاد في جزء من الليل لزم جميع البلاد العمل برؤية الهلال إذا ظهر في أحداها، واحتجوا على ذلك بما سبق ذكرة من أحاديث «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» وفي حقيقة الأمر أن هذا الحديث ومثله يدل بوضوح على أن الرؤية هي الأساس في الصوم والإفطار، فإن كان ذلك كذلك فوجب الصوم على من رأى الهلال ولم يجب على من لم ير الهلال، والذين قالوا بوجوب الصوم على جميع البلدان الشافعي وأحمد وتبعهم في ذلك النووي وأحمد بن تيمية وغيرهم من بعدهم.
الثاني: إذا تقاربت المسافات وجب العمل به:
وقال بهذا القول بعض الشافعية إن تقاربت البلاد كان الحكم واحداً وتكلموا في المسافات كلاماً كثيراً ولم نجد لهم دليلا في ضبط المسافة عندهم، والله أعلم..
الثالث: إذا تباعدت البــــــلاد:
أما إذا تباعدت البلدان فوجهان عند الشافعية.. أصحهما عند الشيخ أبي حامد والشيخ أبي إسحاق الشيرازي والغزالي والشاشي والأكثرين أنه لا يجب الصوم على أهل البلد الآخر، والوجه الثاني الوجوب، وحكاه البغوي عن الشافعي وقال الحافظ أبو الفيض أحمد الصديقي أنه لا عبرة في اختلاف المطالع وأن جميع المسلمين في مختلف الأقطار يلزمهم الصوم مع من ثبت عندهم رؤية الهلال في قطر من الأقطار.. وبهذا القول قال به الشافعي وأحمد والليث.
الرابع: لكل أهل بلد رؤيتهم:
وبهذا القول قال: عكرمة والقاسم بن محمد وسالم بن عبد الله بن عمر وإسحاق بن رهويه.. وقال الحافظ العراقي في شرح التقريب: حكاه الترمذي عن أهل العلم ولم يحك سواه.. وحكاه الماوردي وجهاً في مذهب الشافعي. وقال الشيخ أبي حامد في كتاب فتح العزيز شرح الوجيز: لا يجب الصوم على أهل البلد الأخرى، وهذا أيضاً عن أبي حنيفة عند تباعد المسافة وقطعه البندنيجي والعبدري والرافعي وذلك في كتاب المجموع، وقال الماوردي في بعض أقواله لا يلزمهم لأن الطوالع والغوارب قد تختلف باختلاف البلاد، وإنما خواطب كل قوم بمطلعهم ومغربهم..
ألا ترى الفجر يتقدم طلوعه في بلد ويتأخر في بلد آخر، وكذلك الشمس قد يتعجل غروبها في بلد ويتأخر في آخر، ثم كل بلد يعتبر طلوع فجره وغروب شمسه في حق أهله، فكذلك الهلال. أيضاً قال عالم العلماء وفقيه الفقهاء والفقهاء عيال عليه الإمام ابن دقيق العيد في كتابه أحكام الأحكام في شرح عمدة الأحكام ج 2، قال: إذا فرضنا أنه رؤى الهلال ببلد في ليلة ولم يرى في تلك الليلة بأخرى فيكمل ثلاثون يوماً بالرؤية الأولى ولم يرى في البلد الأخرى.. هل يفطرون أم لا؟....
قد وقعت المسألة في زمان ابن عباس وقال لانزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، وقال: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.. ويمكن أنه أراد بذلك هذا الحديث العام لا حديثاً خاصاً بهذه المسئلة وهو الظاهر عندي.. انتهى.
ثم قال الحافظ في الفتح ما نصه: "اختلف العلماء في ذلك على مذاهب:
أحدهما: لأهل كل بلد رؤيتهم، وفى صحيح مسلم من حديث ابن عباس ما يشهد له وحكاه ابن المنذر عن عكرمه والقاسم وسالم وإسحاق، وحكاه الترمذي عن أهل العلم ولم يحك سواه، وحكاه الماوردي وجهاً للشافعية.
ثانيها: مقابله إذا رأى ببلدة لزم أهل البلاد كلها وهو المشهور عند المالكية، ولكن حكى ابن عبد البر الإجماع على خلافه وقد أجمعوا على أنه لا تراعى الرؤية فيما بعد من البلاد كخراسان والأندلس".
قال القرطبي: "قد قال شيوخنا -يعنى المالكية- إذا كانت رؤية الهلال ظاهرة قاطعة بموضوع ثم نقل إلى غيرهم بشهادة اثنين لزمهم الصوم، وقال ابن الماجشون لا يلزمهم بالشهادة إلا لأهل البلد الذى ثبتت فيه الشهادة إلا أن يثبت عند الإمام الأعظم فيلزم الناس كلهم لأن البلاد في حقه كالبلد الواحد إذ حكمه نافذ في الجميع، ثم ذكر بعد ذلك أقوال الشافعية ولم يرجح شيئاً من هذه الأقوال"..
وقال السرخسي: "يلزم كل بلد لا يتصور خفاؤه عنهم بلا عارض دون غيرهم".
وقال النووي في شرح صحيح مسلم: "والصحيح عند أصحابنا أن الرؤية لا تعم الناس بل تخص عن قرب على مسافة لا تقصر فيها الصلاة"..
وقال بعض أصحابنا: تعم الرؤية في موضوع جميع أهل الأرض فعلى هذا نقول إنما لم يعمل ابن عباس بخبر كريب لأنه شهاده فلا يثبت بواحد لكن بظاهر حديثه أنه لم يرده لهذا وإنما رده لأن الرؤية لم يثبت حكمها في البعيد.... إنتهى.
وقال صاحب السلسبيل في معرفة الدليل ج 1 ص 290 ما نصه قلت: والأصح عندي إذا اختلفت المطالع أن لكل قطر وأهل بلد حكم يخصهم، ثم قال ومن أدلة هذا القول ما أخبر به كريب الحديث.
وقال صاحب المنهل العذب المورود ج 10: قوله: هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أي أمرنا أن لا نعتمد على رؤية غيرنا ولا نكتفي بها بل لا نعتمد إلا على رؤية أهل بلدنا وهذا ما تشير إليه ترجمة النسائي "اختلاف أهل الأفاق في الرؤية"، والترمذي باب "ما جاء لكل أهل بلد رؤيتهم"، والنووي في شرح مسلم "باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم وأنهم إذ رأوا الهلال ببلد لا يثبت حكمه لما بعد عنهم"، وهذا هو المتبادر: وإلى ظاهر الحديث ذهب ابن عباس والقاسم وبن محمد وسالم بن عبد الله وعكرمة وإسحاق بن راهويه واختاره الشافعية وصاحب التجريد وغيره من الحنفية وقال الترمذي: العمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن لكل أهل بلد رؤيتهم، وهو الأشبه لأن كل قوم يخاطبون برؤيتهم الهلال فلا يصوم المصري برؤية المكي مثلاً، ولا المغربي برؤية المصري.
هذه هي الأقوال المتفرقة والمجتمعة في المسألة الرابعة عرضتها بأمانة علمية ولي الأن أن أبين القول الفصل في المسألة بإذن الله تعالى.
القول الفصل في مسألة لكل أهل بلد رؤيته:
قبل النظر والترجيح وجب علينا أن نذكر أدلة الترجيح:
1- إذا ثبت قول بدليل وآخر بغير دليل، أي القولين يرجح على الآخر؟
مما لا شك فيه ما ثبت بالدليل يرجح على القول العاري عن الدليل.
2- إذا ثبت قول بدليل عام وآخر بدليل خاص، فأي القولين يعمل به؟
مما لا شك فيه عند أصحاب الأصول قاطبة أن العام يحمل على الخاص ويعمل بالخاص ويترك العمل بما خصص من الدليل العام.
3- إذا ثبت قول بتأويل وآخر بظاهر النص، فأي القولين يعمل به؟
قطعاً وبلا نزاع أن الظاهر يقدم على المؤول.
4- إذا قال الصحابي هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو قال أمرنا أن نفعل كذا أو كنا نعمل على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كذا، أفلا يدل ذلك على رفع الحديث؟
مما لا خلاف فيه بين أهل الفن أن قول الصحابي أمرنا أو هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكنا نعمل على عهد رسول الله كذا، يدل على رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
5- لو أن أهل بلد أخطأوا رؤية الهلال، فهل عليهم الكفارة والقضاء؟ أم القضاء فقط ؟
إذا أخطأ أهل بلد رؤية الهلال فلا إثم عليهم وعليهم قضاء اليوم وفقط.
فبعد هذه الأمور الهامة نتحرك في خضم المسئلة ونحن واثقين في الله عز وجل أن يوفقنا فيها للصواب بإذنه تعالى.
أولاً: نسأل سؤالاً، هل من قال رؤية أى بلد للهلال يلزم جميع البــــــــلاد الإسلامية نص حديثي أو قرآني في هذه المسألة؟ وإن لم يكن لديهم نص فيجب عليهم أن يستسلموا للنص دون تبرير لمذاهبهم.
الجواب: قد يقول قائل منهم لدينا النص في ذلك ألا وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» وهو حديث صحيح قلنا: إن هذا الحديث عام في أمر وجوب الصوم برؤية الهلال وعدم الاعتداد بالحساب التسييري -أى حساب النجوم- وجاء الحديث المخصص له ألا وهو: عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: «فقدمت الشام فقضيت حاجتها وأستُهل علىَّ رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ثم ذكر الهلال فقال متى رأيتم الهلال؟ فقلت رأيناه ليلة الجمعة فقال أنت رأيته فقلت نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية فقال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت أو لا نكتفي برؤية معاوية وصيامه؟ فقال: لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم» (رواه مسلم؛ باب بيان أن لكل بلد رؤيتهم، رواه النسائي؛ باب اختلاف أهل الآفاق في الرؤية، رواه الترمذي؛ باب ما جاء لكل أهل بلد رؤيتهم، وقال العمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن لكل أهل بلد رؤيتهم، ورواه أبو داود؛ باب إذا رأى الهلال في بلد قبل الآخرين بليلة فما حكمه؟، ورواه الدارقطني... والحديث كما ترى أنه صحيح).
فدل هذا الحديث على تخصيص الرؤية العامة بأن لكل أهل بلد رؤيتهم.. وقد سبق ذكر من قال بهذا القول، فمن قال به عكرمة، وعكرمة هذا روى حديث: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمى عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين». وهذا يدل على جودة فهم الراوي للحديث أن لكل أهل بلد رؤيته وهذا الفهم يستأنس به مع الاستدلال بالحديث.
أيضاً ترجيحاً لهذا القول لم نقرأ قولاً معارضاً لقول ابن عباس هذا وهو بمدينة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي تعج بالصحابة، وأيضاً هذا دليل آخر لم يذهب إليه أحد من قبل، وأنا أُناشد قراء هذا البحث أن يأتوا بقول معارض لأحد أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإن لم يجد فليسلم المعارض لهذا الفهم......
ولذا أستطيع أن أجزم بصحة القول أن لكل أهل بلدة رؤيتهم وأزداد جزماً بهذا القول عندما أنظر إلى تبويب علماء الحديث لهذا الحديث بالأبواب الآتية:
- فها هو في شرح مسلم باب بيان لأن لكل بلد رؤيتهم "ماذا يعني هذا التبويب؟" ألا يعني أن كل بلد تلتزم برؤيتها دون غيرها؟
- وها هو الترمذي يقول "باب ما جاء لكل أهل بلد رؤيتهم" ولا يكتفي بهذا القول وفقط بل وقال: والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن لكل بلد رؤيته ولا يلزمه من ذلك رؤية الآخرين؟، ثم ماذا يعني قوله "والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم أن لكل أهل بلد رؤيتهم" من هم أهل العلم؟ أهل العلم هم أهل الحديث قاطبة لأنه لم يحك سوى هذا القول عنهم جميعاً، وقد رأينا ذلك عند الترمذي عندما يكون في القول خلاف عند أهل العلم يقول والعمل على هذا عند بعض أهل العلم... ولكننا رأيناه هنا يقول والعمل على هذا الحديث عند أهل العلم، أي أن جميع أهل العلم يعملون بهذا الحديث ويقولون أن لكل أهل بلد رؤيتهم، فيدل هذا على إجماع أهل العلم وهذا دليل آخر.
- وها هو الإمام النسائي يقول: باب إختلاف أهل الآفاق في الرؤية أيضاً دل ذلك على إختلاف الصيام في البلدان مع إختلاف رؤيتهم للهلال.
- وها هو أبو داود يقول: باب إذا رؤي الهلال في بلد قبل الآخرين بليلة أي ماذا حكمه؟، وذكر الحديث مما يدل على الإجابة أن لكل أهل بلد رؤيتهم. وبهذا نستطيع أن نرجح أن لكل أهل بلد رؤيتهم....
فإذا رأى الهلال بالسعودية ولم يظهر في مصر لا يجب الصوم برؤية السعودية لأننا إذا صمنا معهم نكون قد خالفنا النهي عن صيام يوم الشك، وإذا أفطرنا معهم قد نكون مفطرين ليوم من رمضان أو صائمين ليوم العيد وجميعه شنيع في حكم الشرع،
فتفكر يا أخا الإسلام لما يدور في الفقه الإسلامي من الصواب وغيره، ثم أعلم أن العمل بالدليل مقدم على غيره من سائر الأقوال..... والله أعلم......
أما الأمر الأخير: لو أن قوماً أخطأوا رؤية الهلال، فماذا عليهم؟
لا شيء عليهم غير قضاء اليوم لما جاء في الحديث، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الصَّوْمُ يَوْمَ يَصُومُونَ وَالْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُونَ وَالأضْحَى يَوْمَ يُضَحُّونَ» (الترمذي- أبو داود- ابن ماجه، وغيرهم وهو حديث صحيح، انظر شرح السنة تخريج شعيب الأرنؤوط، وكان تبويب أبو داود- باب إذا أخطأ القوم الهلال)...
وبهذا أختم بحثي والله الموفق، فإن كنت مصيباً فمن عند الله، وإن كنت مخطئاً فمن عند نفسي والشيطان، ونعوذ بالله من الخذلان.
أبو عبد الله مجاهد بن حمادة ابن طوبة