أين الخلل فينا كــ ملتزمين؟؟
هذه ليست دعوة لفعل الذنوب، ولكنّي أردت التنبيه على أننا جميعاً ذووا خطأ، والتوبة معروضة بعد حتى من الشرك الأكبر، فالأصل في البشر والمتسننون (الملتزمون) منهم الخطأ والزلل، فعلام نشنأ العصاة ونشذرهم؛ وكلنا غير سالم..
- التصنيفات: الطريق إلى الله -
الخلل من وجهة نظري القاصرة مصدره عدة أسباب:
1- تنزيل الكلام والنصح على غيرنا، بمعنى: المقصود بهذا الكلام -بلاشك- سوانا، فنجد محور كلام القوم: "الذي يفعل ذلك الشين هم"، بينما لم يخطر على بال أحدنا مجرد خاطرة أنه قد يكون المعني بالكلام أصالة (أنا/ نحن).
والسؤال: لماذا دائماً هم وليس نحن؟ من منّا سالم من تقصير؟
عن أبي هريرة قال: «يُبصر أحدكم القذاة في عين أخيه، وينسى الجذل -أو الجذع- في عين نفسه» [صحيح الأدب المفرد / رقم: 460 / صحيح موقوف].
بينما كان هدي الصحابة الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه عكس ذلك تماما!! فكان أحدهم يظن في نفسه التقصير والخطأ، بل ويخشى النفاق وهو مبشَّر بالجنة في أكثر من حديث على لسان رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كفاحاً!
أكتفي بالإشارة عن التصريح بطويل العبارة. ولعلي لا أستطرد إن ذكرت مثال من المضحكات المبكيات في واقعنا الــ... انتقد أحدهم وبملء فيه غيره متنقصاً إياه أمام جمهرة من خلق الله "بأنه مقصر في أداء صلاة الجماعة ..."، بينما أخونا حفظه الله تعالى لا يكاد يدخل المسجد إلا لماماً!
2- الخلل في اعتقادنا أن الملتزم (المتسنن) لا يخطئ ولا ينبغي له ذلك!!!
«كل بني آدم خطّاء، و خير الخطّائين التوابون» [صحيح الجامع / رقم: 4515 / قال الشيخ الألباني: حسن]. خطّاء على وزن فعّال صيغة مبالغة تعني: كثير الخطأ، كلنا كثير الخطأ لأنّنا ببساطة بنو آدم .
فهل الملتزمون خرجوا عن بنوة آدم عليه السلام؟؟
والسؤال: لماذا ننظر إلى العاصي على أنه رجس؟
بينما كان صلوات ربي وسلامه عليه شفوق عليه في كثير من الأحيان!! هلّا تعاملنا مع العاصي -علماً بأنّ كلنا هذا الرجل- بشيءٍ من الشفقة، مع استشعار منّة الله علينا إذا عافانا -من غير حولٍ لنا ولا قوة- مما ابتلاه به.
الحق أننا لم نخطئ مثل فلان:
لا لأننا اتقى ولا أورع ولا أقوى إيماناً، ولكن الله أراد بحكمته ولطفه بنا ذلك وما توفيقنا إلا بالله "المعصوم من عصم الله".
هلّا أشعرانه بشفقتنا عليه، لقد أعلم الله خلقه بأنه يفرح بتوبتهم وهو سبحانه الغني عن صلاحهم!!!
لقد أشفق رسولنا صلى الله عليه وسلم على من زنى من الصحابة حتى إنه صلى عليهم وقد قتلوا حداً، وأثنى على إيمانهم وتوبتم وقد قُتلوا مرجومين!!!
ونهى الصحابة عن سب مدمن شرب الخمر وشهد له بأنه يحب الله ورسوله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده! لو لم تذنبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يذنبون، فيستغفرون الله، فيغفر لهم» [صحيح مسلم / رقم: 2749].
وأختم بحديث مرعب:
"كانا رجلان في بني إسرائيل متواخيين، فكان أحدهما يذنب، والآخر مجتهد في العبادة. فكان لا يزال المجتهد يرى الآخر على الذنب، فيقول: "أقصر"، فوجده يوماً على ذنب فقال له: "أقصر"، فقال: "خلني وربي أبُعثت علي رقيباً؟" فقال: "والله لا يغفر الله لك أو لا يدخلك الله الجنة" . فقبض أرواحهما فاجتمعا عند رب العالمين فقال لهذا المجتهد: "أكنتَ بي عالماً أو كنتَ على ما في يدي قادراً؟"، وقال للمذنب: "اذهب فادخل الجنة برحمتي". وقال للآخر: "اذهبوا به إلى النار". قال أبو هريرة: والذي نفسي بيده لتكلم بكلمة أوبقت دنياه آخرته" [حسنه الشيخ الوادعي في: الصحيح المسند مما ليس في الصحيحين / رقم: 1318].
هذه ليست دعوة لفعل الذنوب، ولكنّي أردت التنبيه على أننا جميعاً ذووا خطأ، والتوبة معروضة بعد حتى من الشرك الأكبر، فالأصل في البشر والمتسننون (الملتزمون) منهم الخطأ والزلل، فعلام نشنأ العصاة ونشذرهم؛ وكلنا غير سالم:
مـــن ذا الــذي مـــا ســـاء قـــط *** ومـــن لــه الـحـسـنـــى فــقـــط
أم هاني
المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام