حماس ومصر.. لا تحصروا العلاقات بالإخوان

المطلوب اليوم من حماس بصفتها تقود مشروع المقاومة في غزة أن تفتح قنوات اتصال مع كافة القوى الثورية في عالم الربيع العربي، ومد جسور التعاون وتبادل العلاقات وألا تحصر نفسها في العلاقة فقط مع الإخوان...

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة - أحداث عالمية وقضايا سياسية -


لقد شكلت جريمة رفح في سيناء ضد الجنود المصريين فاجعة كانت ستؤدي إلى قطيعة بين الشعبين الفلسطيني والمصري، خاصة في قطاع غزة الذي يرتبط ارتباطاً وثيقاً بمصر نتيجة الجوار، وإلى مسؤولية مصر السابقة عن قطاع غزة قبل نكسة عام 1967م بعد كيل الاتهامات من قِبَل العديد من وسائل الإعلام والتي شنت هجوماً واسعاً على حركة حماس بصفتها تحكم قطاع غزة، مما جعل الأخيرة تستنفر كل طاقتها لتثبت البراءة من الحادثة بقيامها بالعديد من الخطوات الجماهيرية والاتصالات الواسعة مع شخصيات مصرية أمثال المرشحين السابقين للرئاسة وإعلاميين لتوضح موقفها.


منذ فوز حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006م وبدء التواصل مع العالم الخارجي بصفتها ممثلة عن الشعب الفلسطيني، ربطت حماس علاقتها بالإخوان المسلمين في مصر باعتبارها الحركة الأم والامتداد الطبيعي لها، فحماس جزء من حركة الإخوان المسلمين العالمية وهي فرع الإخوان بفلسطين، حيث لم تقم بفتح علاقات واسعة مع الشرائح المصرية الممثلة في برلمان عام 2005م، وبعد تولي الحكومة بقيت الحال كما هي ولم تتغير وإن كان النظام المصري السابق لم يرق له أن تتولى الحكومة، ولكن المحاولات بقيت خجولة، قد يكون وضع النظام المصري السابق معيقاً والذي زاد التوتر معه بعد سيطرة الحركة على قطاع غزة.

لكن الظروف لم تختلف كثيراً بعد انتصار ثورة 25 يناير وسقوط النظام السابق، لم تتغير خارطة علاقات حركة حماس في فتح قنوات تواصل بشكل واسع مع الثورة المصرية، وبقيت حماس تحصر نفسها في نطاق العلاقة المميزة مع الامتداد الإخواني، وإن تحسنت ظروف العلاقة مع جهاز المخابرات الذي يدير العلاقة الرسمية مع الحركة لكن بقيت العلاقة مع الثورة المصرية بكافة مكوناتها غائبة تماماً عن حماس.


العلاقة الغائبة كانت واضحة في ظل الانتخابات الرئاسية الأولى بعد الثورة، حيث لم يُسجَّل لقاء واحد لقيادات الحركة أو ممثلين عن الحكومة مع المرشحين باستثناء رئيس وزراء حكومة غزة إسماعيل هنية مع الدكتور عبد المنعم أبوالفتوح وذلك شُكْر من الحكومة في غزة لما قدمه اتحاد الأطباء العرب خلال الحصار والحرب على غزة والذي كان على رأسه أبو الفتوح، ولعل هذا اللقاء كان له العديد من المنتقدين داخل صفوف حماس بسبب الخلاف بين الإخوان وأبو الفتوح.


هذه الثنائية لها ما يبررها أن من حق حماس أن تكون لها علاقة مميزة مع الامتداد الطبيعي لها ولأفكارها وما قدمت الإخوان المسلمين من دعم للقضية الفلسطينية منذ النكبة عام 48 والتفاعل والدعم الكبير بعد تولي حماس الحكومة وفي فترة الحصار والحرب على قطاع غزة في 2009م، ولكن هذا لا يعني أن تتوقف العلاقة فقط مع الإخوان أو بعض العلاقات الخجولة، فالمطلوب أن تخرج حماس من نمط التفكير الصندوقي المغلق، فخلال زيارة هنية لمصر بعد تولي الدكتور مرسي الرئاسة قابل بعدها قيادات الإخوان المسلمين ودعاهم جميعاً لزيارة قطاع غزة لرفع الحصار، في حين أن مطلب رفع الحصار هو مطلب ثوري مصري وكذلك دعم المقاومة الفلسطينية، وهذه العلاقات الإخوانية لم تقف عند حد مصر بل أيضاً في تونس حيث كانت كافة الزيارات التنظيمية من القيادات والمرأة والشباب محصورة فقط في حزب النهضة، بالرغم من موقف الرئيس التونسي منصف المرزوقي والذي استقبل هنية استقبالاً رسمياً ولكن ظلت العلاقة رسمية دون تفتُّح أو مد جسور أوسع.


لقد شكل الربيع العربي فرصة كبيرة لمشروع المقاومة، حيث أسقطت الشعوب خيار التسوية وكانت القضية الفلسطينية تتصدر الثورات، وهذا يتطلب من قوى المقاومة والتي ترأسها حماس بأن تقوم بحملة واسعة مع كافة القوى الثورية في العالم العربي، لما يشكله من دعم للقضية الفلسطينية ومد لجسور التواصل معهم وعدم ربط العلاقة معهم في تواجدهم فقط في سدة الحكم، أو عند الضرورة كما حصل في حادثة مصر حيث قام رئيس وزراء غزة بالتواصل مع العديد من القيادات المصرية والمرشحين السابقين والذين كان لهم موقفاً إيجابياً في قضية عملية رفح لذلك من المهم أن تكون العلاقات مستمرة.


المطلوب اليوم من حماس بصفتها تقود مشروع المقاومة في غزة أن تفتح قنوات اتصال مع كافة القوى الثورية في عالم الربيع العربي، ومد جسور التعاون وتبادل العلاقات وألا تحصر نفسها في العلاقة فقط مع الإخوان، فيجب أن تُكوّن علاقات مع السلفية في مصر والتي تشكل قوة كبيرة هناك والقوى الثورية الأخرى التي تدعم المقاومة، وعليها ألا تكرر تراجع العلاقة مع الدول العربية وعلى رأسها السعودية التي استقبلت الشيخ أحمد ياسين في عام 1999م استقبالاً رسمياً من قبل الملك فهد، على حساب علاقة مميزة وواسعة مع سوريا وإيران.


حمزة إسماعيل أبو شنب