قاسم مشترك يبرر سكوت الليبراليين على شغب الطائفيين... وتيارهم خبا مع الثورات

ملفات متنوعة

محمد لافي -الشيخ/ناصر الحنيني

  • التصنيفات: الملل والنحل والفرق والمذاهب -

اعتبر المشرف العام على مركز الفكر المعاصر الدكتور ناصر بن يحيى الحنيني أن سكوت الغرب على النظام السوري وعدم الضغط عليه هو نوع من التآمر على الشعب السوري، مؤكداً أن على المسلمين أن يدركوا أن الغرب لا يفكر إلا في مصالحه فسوريا ليست دولة نفطية ليخاف على مصالحه فيها، كما أن النظام السوري هو حام لحدود (إسرائيل) وساهم كثيراً في حفظ حدود العراق من المجاهدين.

ورأى الدكتور الحنيني في مقابلة مع موقع (المسلم) أن المستقبل سوف يكون في صالح الإسلاميين إن اغتنموا الفرصة وأحسنوا التصرف، مؤكداً أن على الإسلاميين أن يعوا هذه المرحلة وهي مرحلة البناء ولا ينشغلوا في الوقت الراهن في معارك مع الآخرين قبل تثبيت البناء.

وبيّن أن التيار الليبرالي في السعودية (متطرف) فيه من يدعو إلى تحريف الشهادتين الأمر الذي يقتضي وقفة شرعية وفتاوى وبيانات من العلماء إضافة إلى وقفة سياسية من حكام البلاد لأن السعودية تدين بالإسلام وتحكم بالشريعة وتقيم الحدود ولا تسمح بالكفر ولا بالإلحاد.

وهذا نص الحوار الذي أجراه (المسلم) مع الدكتور ناصر الحنيني...

- بداية، حدثنا عن مركز الفكر المعاصر وبحوثه وإصداراته.
- مركز الفكر المعاصر عمره خمس سنوات تقريباً، ويعنى بالدرجة الأولى بنشر الفكر الإسلامي الأصيل الذي يستند على الكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة، والرد على الأفكار المنحرفة والتي تناقض الإسلام من أصوله أو في بعض تصوراته، كالمذاهب الغربية أو من تأثر بها من أبناء المسلمين.
والمركز له عناية خاصة بالفكر الليبرالي، والفكر العقلاني أو ما يحب أن يسمي نفسه بالفكر الإسلامي الليبرالي. ويعتني المركز بالحوار والرد على هذه التوجهات بشكل خاص عبر وسائل الإعلام المختلفة مرئية أو مسموعة أو مقروءة.

كما أن المركز له رؤية ورسالة وأهداف يمكن أن نجملها فيما يلي:
فرؤيته هي بناء تصور صحيح عن الإسلام وإبراز الجانب الحضاري فيه. أما الرسالة فهو مركز علمي يقدم للمجتمع منهجا إسلاميا أصيلا في القضايا الفكرية المعاصرة ويعتمد الوسطية في نقد التيارات المخالفة. وأهداف المركز فهي تقديم الدراسات والأبحاث والاستشارات في القضايا العقدية والفكرية المعاصرة، وتبني النتاج العلمي والثقافي المتميز المعني بتخصص المركز. ورصد الحراك الثقافي المحلي مع تقديم رؤية نقدية ناضجة في ضوء العقيدة الإسلامية الصحيحة واستثمار الطاقات العلمية والثقافية المتميزة في نشر الحق والرد على الباطل. والتنسيق والتعاون مع مراكز الأبحاث والمؤسسات العلمية وأهل الاختصاص.

وقد قام المركز بإصدار عدد من الكتب الكبيرة والصغيرة من أبرزها:
1- منهج أهل السنة والجماعة في تدوين علم العقيدة إلى نهاية القرن الثالث الهجري تأليف د.ناصر الحنيني (مجلدين). (رسالة دكتوراه).
2- موقف الاتجاه العقلاني الإسلامي المعاصر من النص الشرعي. تأليف د.سعد بن بجاد العتيبي. (مجلد) (رسالة دكتوراه).
3- الإسلام الذي يريده الغرب (دراسة تحليلية عن تقرير مؤسسة راند) تأليف صالح الحساب الغامدي. (رسالة ماجستير) (مجلد).
4- مآلات القول بخلق القرآن (دراسة عقدية معاصرة) بحث محكم تأليف د.ناصر بن يحيى الحنيني.
5- التطرف المسكوت عنه (أصول الفكر العصراني المعاصر) تأليف د.ناصر بن يحيى الحنيني.
6- الغلو في التكفير بين أهل السنة وغلاة الشيعة الإثني عشرية، تأليف: أ.خالد الزهراني. وهناك كتب مازالت تحت الطباعة وإن شاء الله سترى النور قريبا.

- كيف ترون مستقبل الإسلاميين بعد التغييرات الجديدة في المنطقة؟
- أنا أرى أن المستقبل في الغالب في صالحهم إن أحسنوا التصرف واغتنام الفرص لنشر الفكر الإسلامي الأصيل، وتربية الناس عليه، لأن الإسلام إذا خلي بينه وبين أهله لا يقبلون بغيره بديلاً، وسوف تفشل كل الحملات التغريبية، والبدعية وغيرها، وسوف يكون لهم فرص كبيرة ومؤسسات كبيرة في ظل هذا الانفتاح وبخاصة في الجانب السياسي لهم مستقبل مشرق بإذن الله، وكذلك الجانب الدعوي.

- ما التحديات التي تتوقعون أنها ستجابه الإسلاميين وهم في السلطة بتونس ومصر من الجهة الفكرية؟
- لا شك أن الإرث الثقافي والمؤسسات الفكرية المشبوهة والليبرالية وذات العمالة للغرب تضرب أطنابها في الدولتين، وكانت الأنظمة السابقة ترعاها ويصعب اجتثاثها بسهولة ويسر، وتحتاج إلى وقت وتدرج، وأرى أن يعي الإسلاميون هذه المرحلة وهي مرحلة البناء ويبدأوا به ولا ينشغلوا الآن بالمعارك مع الآخرين قبل تثبيت البناء، فالشارع مهيأ لكل المشاريع الإسلامية النهضوية الواعدة.

- كيف ترون التأثير الليبرالي في الثورات العربية ومدى أثره على شعبيتها؟
- الليبراليون كغيرهم يريدون الاستفادة من الثورات، لكن على العموم هم قد خسروا كثيرا لأن الحكومات التي سقطت كلها كانت داعمة للفكر الليبرالي الغربي ولم يكن له شعبية، خذ على سبيل المثال: صرح حسني مبارك عدة مرات بأن حكومتها تدعم وتمثل التيار الليبرالي صراحة، وكانوا يسكتون على كل القمع والظلم وتكميم الأفواه مما يتعارض مع الفكر الليبرالي الغربي، طبعا ليس الجميع ولكن أيضا نسبة كبيرة كانت مؤيدة للنظام وتهيمن على المال والإعلام وكثير من المؤسسات الاجتماعية وغيرها.
أما شعبيتها فهي ظاهرة من الآن فساحات التحرير والتغيير كلها تثبت أن الناس منحازة للإسلام، لأنه خلي بينهم وبين الإسلام. وسوف يخسرون كثيرا، وكتاب الصحف من الليبراليين ضد الثورة ويكتبون إلى الآن خاصة في المناطق التي لم تصلها الثورة إلى الآن.

- ما رأيكم في تفسير أردوغان للعلمانية التركية التي يعرفها على أنها الوقوف على مسافة واحدة من الجميع؟
- المشكلة أن أردوغان يريد أن ينقل التجربة بكل تفصيلاتها إلى الدول الأخرى وأظن أن الثوب التركي لا يصلح لكل دولة، النموذج التركي كان تحت ظل علمانية إقصائية متطرفة تستخدم الحديد والنار لإقصاء وطمس الهوية الإسلامية لفترة طويلة، وهم -أعني الإسلاميين في تركيا- استطاعوا أن ينقلوا واقعهم من التطرف العلماني الذي طمس الهوية وصادر حق المسلمين في ممارسة أبسط شعائرهم إلى أن تكون علمانية (كأنها) متصالحة مع الإسلام وتسمح لهم بممارسة كل أنواع العبادة والدعوة.
ولا شك أن الانتقال من الوضع الأكثر سوءاً إلى الأقل سوءًا هو مقصد شرعي، وتحقيق لهدف خلق الناس في الأرض لكي يعبدوا الله. ولكن لا يجوز بحال أن تنقل هذه التجربة إلى بلد مسلم يمارس شعائره ودعوته علناً وله حريته نقول له تبنى العلمانية، والمجتمع متجه لتبني الإسلام شريعة وحكما هذا الأمر يعود النقيض على مقاصد الشرع بأن يكون هو المهيمن وهو الحاكم للناس.
وهنا لا أعني أن الإخوة في مصر عليهم أن يجابهوا واقعهم وأن يطالبوا بالمستحيل أو لا يطالبوا بشيء، ولكن يعملون على الممكن والمستطاع فالله عز وجل يقول {فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] وإذا فرضت عليهم الديمقراطية مع ما فيها من مخالفات فلهم المشاركة لتخفيف الشر وتحقيق مصالح للشعب وهذا من مقاصد الشريعة.

- بعد الثورات العربية، بدأ التعرف الشعبي على الليبرالية أكبر من ذي قبل، لاسيما في مصر وتونس، هل ترون أن ذلك سيصب في صالحها أم يكشفها أمام الشعوب؟
- بل بالعكس كان هناك تعتيم إعلامي ومنع كما في مصر وتونس عن أن يخلوا بين الناس وبين الدعاة وطلاب العلم، والآن الوضع في صالح الإسلاميين وليس الليبراليين لأن الليبراليين ليس عندهم مشروع حضاري متكامل يقدمونه للناس ولا يستطيع أحد أن يشبع الغريزة البشرية غير الإسلام وأحكامه التي تلبي جوانب الروح والجسد الجانب الإيماني والجانب المادي.

- ما الذي يلفت نظركم في تواصي كل الجهات الليبرالية في الثورات العربية على طلب "مدنية الدولة"؟ هل يعني ذلك اختيار جهة خارجية ما لهذا المصطلح الملتبس، بغرض تمريره؟
- مدنية الدولة يعني أنها ليست عسكرية، وهذا في أصل المصطلح، ولكن الغرب والتيار الليبرالي روج لهذا المصطلح معبرا عن المدنية في مقابل الدينية، فالغرب عنده مشكلة مع الدين المحرف ولهذا أقام دولته ومؤسساته بعيدا عن الدين، ومثلها مصطلح مؤسسات المجتمع المدني في مقابل الديني، يعني أن الدين لا علاقة له بحياة الناس، وكذلك التيار الليبرالي هو صدى للدعوات الغربية وهم أعداء لدينهم ولأوطانهم، وهم السبب في تشويه مصطلحات وقضايا يحتاجها المسلمون كمنظمات المجتمع المدني والدولة المدنية، ولنا أن نقول لا حرج في منظمات المجتمع المدني التي تحت ظل الشريعة في بلاد المسلمين، هل من العيب أو المستحيل أن ننشيء منظمات مجتمع أهلية ومدنية لا تخالف الشريعة!! أظن أنه ممكن ولكن العداء للدين مستقر في أذهان وعقول الغرب وأتباعهم، فالغرب يخاف من عودة الإسلام كتشريعات وكحكم يرجع الناس إليه لأنه سر قوتهم وسر تمكينهم في الأرض وقد جربوا كيف ساد المسلمون الأرض يوم أن كانوا يحكمون بشريعة الله في الأرض ويخافون أن تعاد تلك الأيام.

ومصطلح الدولة المدنية ما المانع أن تكون دولة مدنية تحكم بالإسلام ومرجعها الإسلام وما المانع أن تكون دولة مدنية دينية، هذا التخوف من الإسلام لا مبرر له ومصادرة لدين يدين به شعب كامل إلا القليل.


- كيف يفسر سكوت التيار الليبرالي في السعودية عن الشغب الطائفي في المنطقة الشرقية؟
- التيار الليبرالي ينطلق من معاداة الفكر الإسلامي الأصيل ومن كان متمسكا بالإسلام الصحيح الذي لا يقبل المساومة على مبادئه وهو الذي يقوم بالرد عليه وبيان خطره على الأمة، ولهذا فالتيار الليبرالي يتحالف مع كل الطوائف والأقليات لمحاولة إضعاف التيار الإسلامي المتمسك بالكتاب والسنة فيتحالف مع الشيعة أو الصوفية أو غيرهم.
وأمر آخر، هناك قاسم مشترك بين التيار الليبرالي والتيارات البدعية أنها لا ترفع رأسا بالدعوة إلى الإسلام والتمسك بأصوله، بل عندها من التفلت من أحكام الشريعة وترك التمسك بالكتاب والسنة الشيء الكثير وهذا ما يسعى إليه التيار الليبرالي.

- هل تعتبرون أن عنوان مقال (المفهوم المدني للألوهية) هو بداية إطلاق لهذا المصطلح في الفضاء الثقافي السعودي تبعاً لما يعتمل فكرياً في الدول العربية الأخرى التي شهدت تحولات جذرية؟
- أنا أظن أن التيار الليبرالي في السعودية تيار متطرف، ولهم سوابق أخرى، مثل المقالات التي دعت إلى تحريف معنى شهادة أن لا إله إلا الله، ودعوا صراحة إلى تصحيح كل الأديان مع أنه يناقض صريح القرآن والسنة. فأنا لا أربطها بالثورات أو التحولات، ولكن هناك تطرفًا ليبراليًا يحتاج إلى وقفة شرعية من العلماء وفتاوى وبيانات تبين خطر هذه الدعوات لأن المحافظة على دين الناس من الضرورات الخمس التي يجب أن يقوم بها العلماء، ويحتاج إلى وقفة سياسية من حكام هذه البلاد؛ لأن السعودية دينها الإسلام وتحكم بالشريعة وتقيم الحدود ولا تسمح للكفر ولا للإلحاد في بلدها وأساس قيامها على الدين.

- كيف ترى صمت الديمقراطيات الغربية على مذابح الحرية في سوريا وغيرها؟
- الغرب لا يفكر إلا في مصالحه، فسوريا ليست دولة نفطية حتى تخاف على مصالحها، بل إن النظام السوري هو النظام الذي يحمي حدود (إسرائيل) على مدى أربعين سنة، والبديل بالنسبة لمصالح الغرب عزيز ولهذا سكوته وعدم الضغط عليه هو نوع من التآمر على الشعب السوري، ويجب أن يدرك المسلمون أن الغرب لا يفكر إلا في مصالحه وأن العداوة مع المسلمين قائمة في بلادهم فضلا عن بلاد المسلمين، وثمة أمر آخر الغرب يخاف على الحدود مع العراق كذلك، فسوريا ساهمت كثيرا في التعاون مع الأمريكان في حفظ الحدود من المجاهدين في العراق.