ماذا يخفي المستقبل لمنطقتنا الملتهبة؟

محمد نصر

بعد أن استتب الأمر لمرسي بإزاحة قيادة الجيش المترهلة، أرى أننا نسير للأمام في خطوات سريعة، ولذلك سأحاول أن أختصر رؤيتي للمرحلة القادمة في منطقة سريعة التغيير...

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -



الكل مولع بالمستقبل وماذا يخفيه لنا والتسامر حول بعض التوقعات والقراءات، والأفضل هنا ليس الانشغال بالتوقعات ولكن بقراءة أوراق أعدائنا ومحاولة الإلمام بتدبيرهم لنا، وإعداد العدة لتجاوز التحديات المتوقعة. ويحضرني هنا الصحابي الذي سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا: «متى الساعة؟»، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم معلما له ولنا: «وماذا أعددت لها».

بداية لابد لي أن أقول بوضوح أنه إن وافقت هذه القراءة المستقبلية للأحداث الوقائع التي سنشهدها فهو من توفيق الله لهذه المحاولة المتواضعة، وإن أخطأت فهي قراءة بشرية خاضعة لمقاييس الخطأ والصواب، ولا يعلم الغيب إلا الله. وما أحاوله حقيقة هو قراءة أوراق أعدائنا ووضع تصور منهجي للتعامل معها، سواء قام عدونا باستعمالها أم لم يقم.

أترككم مع الكلمات التالية وأنتظر تعليقكم.


بعد أن استتب الأمر لمرسي بإزاحة قيادة الجيش المترهلة، أرى أننا نسير للأمام في خطوات سريعة، ولذلك سأحاول أن أختصر رؤيتي للمرحلة القادمة في منطقة سريعة التغيير:

• تأمين الجبهة الداخلية: ستحدث محاولات لإثارة الجبهة الداخلية في مصر وستفشل بإذن الله كما فشلت محاولات الفلول في غزة من قبل بعد تحريرها من وكلاء الاستعمار.

• معركة البناء والتنمية: واجبنا هنا هو دفع بعض المشروعات العملاقة بتمويل بعض الدول الشقيقة لرفع الحالة المعنوية وبث روح التفاؤل، وهو ما سيساهم في دفع عجلة التنمية بشكل لا يتخيله البعض.

• النزاعات بين الحركات الإسلامية: ستحدث محاولات لإثارة الحركات الإسلامية في داخل البلاد وإشعال المواجهات بين المدارس الإسلامية المختلفة، والرئيس الذكي يجب عليه أن يحتوي جميع التيارات داخل إطار خدمة مشروع البناء والتنمية حتى التيارات الجهادية منها، وألا ينساق للصراع مع أيها. قم بتوظيف كل الطاقات لخدمة مشروعك ولاتسمح لأحد بجرك بعيدا عن أهدافك. ما يحدث في سيناء مثلا، لا يجب أن يتم التعامل معه أمنيا فقط وبشكل يدفع المواجهة في الاتجاه الخاطىء، بل لابد من مشروع متكامل لرعاية أبناء سيناء وتنميتها ويقوده من تثق الجماهير في نزاهته وعدله ودينه. لابد من وزارة لتنمية سيناء.

• إشعال الصراع مع إيران: ستحدث محاولات لإشعال صراع بين إيران و دول المنطقة على غرار حرب "العراق - إيران"، والهدف هنا حرب طويلة الأمد تستنزف طاقات المنطقة وتوجهها بعيدا عن أهدافها المرحلية، وتضطر الجانبين للخضوع للأجندة الأمريكية التي ستسخدم توفير السلاح بشكل يضمن بقاء الصراع مشتعلا. والقول الفصل هنا هو أن هناك مشروعا شيعيا في المنطقة بجانب المشروع الصهيوني الأمريكي يسعى للهيمنة والسيطرة، ولكن أولويات المرحلة تقضي بإدارة الصراع مع إيران من خلال ملفات لا تلجأ للمواجهة العسكرية المباشرة إلا في حالة الاضطرار الشديد، والتركيز على ملفات العراق، وتأمين دول الخليج، ومواجهة المد الشيعي، ومحاولة اختراق إيران دعويا، والمطالبة بحقوق السنة في إيران. وفي ذات الوقت، يجب عليك أن تفتح بابا للعلاقات الدبلوماسية مع إيران من خلال إعادة فتح السفارة المصرية والاتفاق على آليات لفض الصراع. من أراد التفصيل في هذه المسألة يمكنه العودة لمقالي القديم "علاقتنا مع الشيعة والكيان الصهيوني في الميزان".

• حصار اقتصادي متوقع: في حالة فشل كل هذه المحاولات بإذن الله، ستضطر القوى الاستعمارية لفرض نوع من الحصار الاقتصادي على مصر لتعطيل مسيرة التنمية أو توجيهها. واللعب هنا يجب أن يكون على وجود قوى دولية مختلفة ولكل منها أجندتها الخاصة. التعامل بحنكة مع الولايات المتحدة والصين وروسيا والاتحاد الأوروبي وغيرها من القوى وامتلاك أوراق قوة في هذا الجانب قد يحد من قدرة الآخر على حصارك أو يعطيك المقدرة على مواجهة هذا الحصار. هذا بجانب البناء الداخلي الذي يجب أن يكون أولوية في المرحلة القادمة.

• إياكم و القروض الدولية: من الجائز جدا أن تكون محاولات توجيه خطة البناء في مصر لتكون وفقا للأجندة الأمريكية من خلال منظومة دولية ينظر لها البعض باحترام مثل "صندوق النقد الدولي"، وفي حقيقتها هي مؤسسات تستخدم غطاء الشرعية الدولية لتوجيه اقتصاديات الدول الضعيفة لخدمة المشاريع السياسية للدول الكبرى. الحذر هنا ومحاولات إيجاد بدائل اقتصادية معركة حقيقية بكل ما تحمل كل تلك الكلمة من معان.

• البناء الإيماني على رأس الأولويات: هناك نقطة قد لا يدركها حلف الناتو أنه لا يحارب فكرة أو أيديولوجية ستتراجع عنها الشعوب عند رؤية التحديات، بل يحارب دينا تؤمن به الشعوب وتستعد للتضحية من أجله بالغال والنفيس، وتؤمن بموعود الله بالجنة من أجل إقامته. زرع تلك القيم في الشعوب هو مفتاح النصر والتمكين بإذن الله.

• مواجهة محتملة مع الكيان الصهيوني: بعد فشل كل المحاولات السابقة، ستضطر دول حلف الناتو لدفع الكيان الصهيوني من أجل مواجهة سريعة تحاول القضاء بها على بعض مكتسبات الثورة، وكسر ظهور الشعوب عسكريا واقتصاديا. والحرب التي يريدونها هنا يجب أن تكون مناسبة للكيان الصهيوني بأن تكون خاطفة سريعة و ذات أهداف واضحة، فالكيان الصهيوني لا يريد حربا تنغمس فيها أقدامه ليسقط في مستنقع الفشل. و لابد هنا من تطوير استراتيجية ردع واضحة وخطة متكاملة للتعامل مع العدوان المتوقع من خلال آليات سياسية وعسكرية واقتصادية يتم تطويرها. هنا يجب التفكير خارج الحيز الضيق المفروض من خلال توزيع أسلحة تقليدية تقود مقدراته بعض الدول الكبرى. سأفصل في هذا الأمر مقالا خاصا بإذن الله فهو شديد الأهمية.

• نزهة في تل أبيب: صدق أو لا تصدق، سيسقط الكيان الصهيوني كما سقط حكم مبارك والعسكر فلديهم بعض نقاط الضعف القاتلة التي إن أذن الله لنا، لنجحنا في شل مفاصله وإسقاطه بشكل أهون مما يظن البعض. تماما كما ظن البعض في نظام مبارك والعسكر أنهما لا يقهران ثم كانت هزيمتهم من أيسر ما يكون.

• بعد سقوط الكيان الصهوني، ستزداد اللحمة بين دول المنطقة وستنطلق في مشروع عالمي أممي يهدف لعودة نظام إسلامي له مكانه الطبيعي بين الأمم الكبرى. هذا المشروع بعد سقوط وكلاء الأجندة الاستعمارية في المنطقة يعني دخول مرحلة جديدة من البناء والصراع قد نخوض فيها لاحقا.


حتى لا أطيل، قمت بالاقتصار على مصر فقط، وقد أفصل مقالا أتناول فيه الحالة السورية بإذن الله. وأسأل الله أن يستعملنا لنصرة دينه، وأن يرزقنا صلاة في المسجد الأقصى أو شهادة على أعتابه.

اللهم دبر لنا فإنا لا نحسن التدبير.


محمد نصر
الأثنين 02/شوال/1433 هـ - الموافق 20/أغسطس/2012 م
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام