ما الذي يحدث الآن في سورية؟

محمد نصر

ما يحدث أن المنطقة كان يدور فيها صراع بالوكالة بين مشروع حلف الناتو (أمريكا) ووكيله المحلي في المنطقة (إسرائيل)، وبين المشروع الشيعي الذي اتخذ من الدعم الروسي غطاءً دوليًا؛ كلا المشروعان يتنافسان على موارد المنطقة، وأهمها النفط.

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -


لا يمكن أن تفهم الصراع القائم في سورية بغير أن تنظر بشكل أوسع إلى المنطقة، وإلى النظام العالمي القائم حاليًا.

ما يحدث أن المنطقة كان يدور فيها صراع بالوكالة بين مشروع حلف الناتو (أمريكا) ووكيله المحلي في المنطقة (إسرائيل)، وبين المشروع الشيعي الذي اتخذ من الدعم الروسي غطاءً دوليًا؛ كلا المشروعان يتنافسان على موارد المنطقة، وأهمها النفط.


النظام السوري لم يكن إلا دُمْية في يد النظام الإيراني، وسقوطه يعني ضياع النفوذ الإيراني والروسي في المنطقة وانحساره تمامًا عن قلب الشرق الأوسط إلى حدود العراق.

حتى العراق يمكنها أن تَسْقط من المشروع الشيعي في حالة تحالف السنة والأكراد، وبذلك ينتهي المشروع بشكل شبه تام أو ينحسر انحسارًا كبيرًا.


أما بالنسبة للكيان الصهيوني، فهي وإن رأت في نظام الأسد منذ سنتين غريمًا مرهقًا لدعمه لحزب الله والمشروع الشيعي، فهي تراه الآن غطاء ضروريًا لعلمها بضراوة المقاومة الشرسة التي ستواجهها في حالة سقوطه، أي أن بقاء المشروع الشيعي يعني مناوشة إسرائيل، أما وجود مشروع إسلامي يتشكل في سورية فهو أمر يهدد وجود إسرائيل وليس مجرد مناوشتها.

بمعنى آخر، المقاومة في سورية بدأت تتشكل حول مشروع يحمل هوية الأمة الحقيقية، وليس مشروعًا شرقيًا أو غربيًا؛ نعم قد يكون غير مكتمل المعالم بعد، ولكنك تستطيع تمييز هوية الجيش الحر الإسلامية بمنتهى الوضوح، وهو ما يعني قيام مشروع إسلامي يناطح المشروعين الإيراني والصهيوني في المنطقة. لذلك فهو مرفوض من كلا الجانبين.


ما تسعى إليه إيران وروسيا هو بقاء النظام الحالي فأي سقوط له يعني تراجع كبير لهما، وما يسعى إليه المشروع الأمريكي هو استبدال النظام الحالي بآخر خاضع لأمريكا مباشرة، أي استبدال العباءة الروسية بأخرى أمريكية.

لاحظ أن كلا الفريقين كانا غير راغبين في الحراك السوري من الأساس ولكنهما اضطرا للتعامل معه كأمر واقع وتطوير أجندة خاصة لكل منهما.

ستجد النظام الأمريكي مع وجود نوع من المقاومة المحسوبة للنظام الحالي بحيث تضعفه ولا تسقطه، وقد استخدمت نفس هذا التكنيك مع صدام حسين من قبل، حيث رغبت في إضعافه عن طريق دعم المقاومة الكردية، ولكن أبقت هذا الدعم محدود التسليح بحيث لا يستطيع إسقاط النظام.


باختصار، ما تريده الولايات المتحدة وتراهن عليه هو إضعاف النظام الحالي، ثم استبداله بآخر من نوع "النخبة" الذي يحقق لها مشروعًا يضمن أمن إسرائيل ويضمن السير في منظومة تحقيق الأهداف العالمية، وقد يكون هناك سيناريو آخر لتطوير القتال إلى حرب أهلية في حالة تطور الأمور، وهنا تدخل المنظومة الدولية بثقلها لتقوم بنوع من تقسيم الدولة بين السنة والشيعة بشكل يضمن أمن إسرائيل.


باختصار هذه خريطة الصراع العالمية في سورية، فماذا عن الواجب علينا في المرحلة الحالية؟

• الواجب هو دعم الجيش السوري الحر بكل ما أوتينا من قوة، الدعم لهما يشمل الدعم المادي والمعنوي، دعم السلاح والمادة، ودعم توفير الغطاء الشعبي، ودعم توفير الغطاء الشرعي، ودعم كشف الحقائق.

• الواجب أيضًا، تكوين معارضة خارجية تحمل الهوية الحقيقية للشعب السوري، ودعمها عربيًا كممثل وحيد للشعب السوري، هنا يجب على مصر أن تلعب دورًا واضحًا بإعلامها وقنواتها وخبرتها في إدارة المناورات السياسية.

• من الممكن فتح باب التفاوض مع روسيا والصين لضمان مصالحهما في المنطقة بشكل أو بآخر، فغياب دعمهما يعني السقوط الصريح للنظام الحالي، هذا الباب ليس صعبًا خاصة مع بداية ملامح انهيار النظام الحالي، فهم أمام بديلان استبدال النظام بآخر أمريكي أو الحفاظ على بعض مصالحهما.

• فتح باب تحريك الجموع العربية للدفاع حق الشعب السوري، الضغوط على الأنظمة العربية سيضطرها لإهمال بعض الشروط الأمريكية في سوريا، والمضي قدمًا في مشروع حفاظًا على وجودها هي من الزوال.

• لابد من إعطاء ضمانات لتركية، ومن الممكن أن تكون من قبل جماعة الإخوان المسلمين بقدرتها على إيجاد بديل سياسي صديق في سورية، الضمان التركي هام جدًا لنجاح الخطة حيث أنها قاعدة الإمدادات للجيش السوري الحر.

• فتح باب التفاوض مع أهل سورية من الطوائف المختلفة وتقديم ضمانات لهم حتى لا يتطور الصراع إلى حرب أهلية.

الدعاء الصادق، وتحري ساعات الإجابة فيجب علينا أن نتذكر قول الله تعالى: {إِن يَنصُرْكُمُ الله فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ وَعَلَى الله فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران:160].

اللهم عَجِّل بنصرك لأهل سورية.. اللهم سدد رميهم واشدد أزرهم، واجعل الدائرة على عدوهم.
 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام