إسرائيل تقصف إيران.. في السودان!
إن "إسرائيل" أرادت أن تُروِّج لقوتها وبطولاتها دون أن تجرؤ على توجيه ضربة لإيران بل أهداف مزعومة لها ولكن خارجها...
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
بشكل مُفاجئ تعرض مصنع للتصنيع الحربي جنوب العاصمة السودانية لقصف سارعت الخرطوم لاتهام "إسرائيل" بأنها تقف ورائه فيما امتنعت تل أبيب عن التعليق على الاتهام السوداني، بينما أخذ مسؤولوها ووسائل الإعلام الخاصة بها يُلمِّحون لقوتها وَوجود علاقة لإيران بمصنع السودان، وكأنه هدف إيراني نجح الكيان الذي طالما هدّد بقصف إيران لبرنامجها النووي في القضاء عليه.
وبحسب المسؤوليين السودانيين فإن الخرطوم تمتلكُ الأدلة على قصف "إسرائيل" لمصنع اليرموك مساء الأربعاء، مُشيرة إلى أن "مجموعة من الفنيين أكدوا من خلال فحص مخلفات الأسلحة التي استخدمت في الهجوم عن وجود أدلةً دامغة بأنها أسلحة إسرائيلية"، حيث إن التقنية العالية التي استخدمت في الهجوم لا تمتلكها أي دولة في المنطقة غير "إسرائيل"، إذ تم تعطيل الرادارات في مطار الخرطوم قبل الهجوم بالطائرات.
كما أنه ليس هناك أيّ عداوةٍ تستدعي هذا الهجوم بين السودان وأي دولة أخرى في المنطقة سوى "إسرائيل"،خاصة أنها حذّرت في وقتٍ سابقٍ أن هذا المصنع يهدّد مصالحهم الإستراتيجية والداخلية.
ومن جانبها رفض المسؤولون الصهاينة التعليق على اتهام السودان، بل ذهب أحد مسئوليها إلى وصف السودان بأنه "دولة إرهابية خطيرة"، ورأى أن الرئيس السوداني عمر البشير "مُجرِمُ حرب"، معتبراً أن السودان يستخدم كنقطة عبور لنقل أسلحة إلى من وصفهم بـ"الإرهابيين" في حماس والجهاد الإسلامي عن طريق الأراضي المصرية.
كما أفاد مُحلِّلون عسكريون في الصحف الإسرائيلية، بأن مصنع الأسلحة السوداني، هو مصنع إيراني، واعتبروا أنه هدف شرعي لـ"إسرائيل" كي تُهاجمه، زاعمين أن "الإيرانيين اختاروا أن يُقيموا في السودان مركزاً لوجيستياً -في إشارةً إلى المصنع- يُديرون منه تهريب الأسلحة إلى غزة ولبنان".
وأخذت وسائل الإعلام "الإسرائيلية" تلمِّح لما أسمتها "بطولات سلاح الجو أو جهاز الموساد"، معتبرة أن سلاح الجو هو الذي نفّذ العملية بل وصفتها إحدى الصحف بأنها "بروفة" لعملية مُحتملة على إيران، وصحف خرجت تحت عنوان "إيران تُشاهد لهيب النيران في السودان"، وهو أمرٌ مُستبعد بين الجانبين فالاتصالات السرية جارية بينهما وبين واشنطن بشكلٍ دائم.
وبالنسبة لتفاصيل الهجوم على المصنع الذي أودى بحياة شخصين وألحق دماراً كبيراً به، فوفقا للرواية السودانية فقد استعملت الطائرات "الإسرائيلية" تِقنية عاليةً وشوشت على الرادارات السودانية، قبل قصف المصنع الذي قالت الخرطوم إنه "لا يصنع أسلحة مُحرَّمةً دوليّاً، وإنما يصنع أسلحة تقليدية".
ويعيد هذا الهجوم إلى الأذهان أحداثاً سابقةٍ وجّه فيها السودان تُهماً لـ"إسرائيل" بخرق أجوائه وشنّ هجمات على أهداف داخل الأراضي السودانية.
واتهمت الخرطوم العام الماضي "إسرائيل" بالوقوف وراء غارة جوية استهدفت سيارة في مايو2011م، بمدينة بورتسودان شرقي البلاد وأوقعت قتيلين، وقالت الخرطوم إنها "تملك إثباتاً لا يُمكن دحضُه على مسؤولية إسرائيل في الهجوم الذي شنّته مروحيتا (أباتشي أي إتش-64) قَدِمَتا من ناحية البحر الأحمر شرق السودان"، وامتنعت إسرائيل عن التعقيب على ذلك.
وقبل ذلك لم تؤكد "إسرائيل" أو تنفِ المسؤولية عن غارات مُماثلة في يناير 2009م، بالسودان استهدفت قافلة شاحنات قيل إنها "كانت تُهرّب أسلحة" إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة.
وبرّأت الخرطوم جنوب السودان وبعض دول الجوار من الشائعات التي راجت بأنها وراء الاعتداء، مُشيرة إلى أن الجنوب لا يمتلك مثل هذه التقنيات العالية، كما نفت أيضاً أيُّ صلة للمصنع بإيران أو تصنيع أسلحة يتم تهريبها إلى قطاع غزة وشبه جزيرة سيناء.
ورغم ذلك قلل المسؤولون من الهجوم مؤكدين أنهم سيردّون بقوة وهو أمرٌ اعتادت الخرطوم أن تقوله عند كل هجوم ضدّ أهداف لها في البلاد وتتهم فيه "إسرائيل" دون أن نجد أيَّ رد منها، وهو ما يرجعه البعض إلى ضعف البنية الأمنية والعسكرية للسودان وسهولة اختراقها.
كما يَعتبر خبراء استراتيجيون وأمنيون أن القصف "الإسرائيلي" لمصنع أسلحة تقليدية يُنتج ذخائر عادية لتلبية احتياجات القوات المسلحة السودانية، قد يكون أيضاً رسالة إلى السودان مَفادها أنها تستطيع الوصول للعمق الاستراتيجي للسودان وضرب المصنع داخل العاصمة.
وفي النهاية فإن "إسرائيل" أرادت أن تُروِّج لقوتها وبطولاتها دون أن تجرؤ على توجيه ضربة لإيران بل أهداف مزعومة لها ولكن خارجها.
إيمان الشرقاوي