أيها المسلمون.. صلوا من أجل البابا !!
أمير سعيد
- التصنيفات: اليهودية والنصرانية -
شخصياً، لن تعتريني الدهشة إذا ما طلب إلينا شيخ الأزهر أن نجأر إلى
الله في صلواتنا راجين منه سبحانه أن يعافي لنا بابا الفاتيكان, ولن
أتعجّب لو نشبت المنيّة أظفارها في 'الحبر الأعظم' أن يحثنا -رأس
المؤسسة الدينية المصرية- على أن تتراص صفوفنا بعد صلاة الجمعة لإقامة
صلاة الغائب على الزعيم الروحي الكاثوليكي.
لن يرتفع حاجباي ولن تتسع حدقتاي -ذاهلاً- إن سمعت ذلك، فتلك -للأسف- هي إحدى الأعراض الجانبية للحالة 'التسامحية' التي تمر بنا, والتي تحدونا أن نتدخل على أعلى المستويات الدينية الرسمية لنطلب من مسلمة لجأت إلى الأزهر بكل تاريخه البارق العريق -ممثلاً في شيخ الأزهر- أن تعود لدينها السابق درءاً للفتنة, { أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ } , وتدعونا إلى السكوت عن اختطاف الطبيبتين المسلمتين ماريان وتيريزا -ثبتهما الله- في جوانتنامو الأديرة, وتحدونا أن نغض الطرف عن منظمات التنصير تصول في بلداننا وتجول -كما في الجزائر بصفة خاصة والمغرب العربي عموماً التي تنجح منظماتها كل يوم في حذف اسم مسلم من قائمة المسلمين أو عبر شبكات غرف البال توك التي تستهدف مصريين وخليجيين-, وتحدونا أن نطلب من محجبات فرنسا على -لسان شيخ الأزهر- أن يخلعن الحجاب تساوقاً مع الإسلام الفرنسي, وتحدونا أن نمتنع عن الإفتاء بشأن الاحتلال الأمريكي للعراق لأن ' علماء كل بلد يفتون أهلها' بحسب شيخ الأزهر.
ونعمد إلى نسف هذه القاعدة بالدعوة لعدم مقاطعة الانتخابات العراقية -برغم قرار هيئة علماء العراق بالمقاطعة- كما جاء في تصريح شيخ الأزهر أيضاً!!
لن أندهش إذا ما اختطفت وفاء وماري وماريان وتيريزا واختفت زينب وأخواتها, ما دام شيخ أزهرنا يرى الفتنة في إسلام امرأة أو مقاومة محتل..
لن, ولم أندهش حين منع الرجل من الحديث لزوار معرض الكتاب قبل أسابيع لكيلا يتعرض للإحراج ساعة يسأله الشباب عن وفاء بأي ذنب خطفت؟؟ وكيف استباح لنفسه التطوع لإرضاء الباباوات بتسليمها, وحثها على كتمان إيمانها -مثلما ورد على لسانه-؟؟
ولن أندهش إذا ما نقلت إذاعة الفاتيكان عن شيخ الأزهر قوله: 'إن قداسة البابا يوحنا بولس الثاني رجل سلام ومحبة، وأنا أكنّ له كل حب وتقدير, وأدعو الله العلي القدير أن يتم له الشفاء ويزيده عافية', واصفاً إياه بأنه 'علامة مضيئة في تاريخ الحضارات التي تتلاقى وتتعاون على الخير والمنافع' لا يتعامل مع مرضه إلا بـ 'مشاعر صاحب عقل سليم وخلق كريم يؤدي واجبه رغم المرض، ولا يتمسك بها إلا من أعطاهم الله صدق العزيمة والإخلاص وصدق النية في العمل'. (مفكرة الإسلام نقلاً عن إذاعة الفاتيكان: 5/3/2005].
لن أندهش أبداً, وأنا أستمع لمعظم وسائلنا الإعلامية -بما فيها تلك الحيادية نوعاً ما وكذا 'العربية'- وهي تطلعنا أولاً بأول على آخر أخبار صحة البابا وكأنه من بقية السلف!!
وحياة هذا البابا أو مماته لا تعنيني كثيراً؛ إذ استتب الأمر لرجالات اليهود في الفاتيكان بمقدمه, ونفد السهم من قوس الصهيونية، ولم يعد الأمر قاصراً على رجل واحد فقط أرسى قواعد هيمنة اليهود على دين الكاثوليك..
نعم فبرغم جهوده الجبارة في هذا الصدد, فإن حياته أو مماته لن تعني تغيراً يذكر حيث أدى الرجل دوره تماماً ولم يعد في جعبته ما يمنحه لليهود آجلاً..
ولنعد للقصة من بدايتها..
كارلو فوتييلا (أو يوحنا بولس الثاني), تولّى منصب بابا الكنيسة الكاثوليكية في روما بعد أيام من تسميم البابا السابق يوحنا بولس الأول، والذي لم ينصّب سوى ثلاثين يوماً، وفقاً لمصادر مسيحية أردنية.
والبابا في حقيقة الأمر هو منتج متميز لصناعة كاثوليكية/يهودية مشتركة, مرَّ إنتاجه بعدة مراحل إنتاجية ومحطات دينية واستخبارية فائقة الدقة, بعض هذه المحطات تغلفّه السرية القاسية, وبعضها بات اليوم مكشوفاً للباحثين.
ولن ندّعي العلم ببواطن الأمور ولا التنجيم, إذ كثير من الحقائق بات متاحاً نستطيع من خلاله رسم صورة دقيقة عن هذا الرجل الذي يتمنى له شيخ الأزهر الشفاء العاجل ليعود إلى عمله المضني والشاق, وقليل منها جاثم في باطن الغيب لكنه لا يحول دون رؤية الصورة بخطوطها العريضة على الأقل..
أولى هذه المحطات هي النقطة الفاصلة في حياته, والتي ندعوكم إلى اصطحابه منها, تحديداً وهو في الثامنة عشرة من عمره, في رحلته من التشيك إلى بولندة, حيث كان الرجل يهودياً على الأشهر من الترجمات المنشورة عنه (لا يعترف الفاتيكان بذلك) ثم بدّل دينه لمّا عَبَر الحدود التشيكية (موطنه الأصلي) إلى بولندة مع بدايات الحرب العالمية الثانية عام 1939 (حين اعتبر اليهود وقتها أنفسهم مضطهدين)، ثم تنصّر إثر ذلك فترهبن فصار كاهناً في أعقاب الحرب العالمية 1945.
وقبل أن نغادر لمحطة أخرى, ثمّة ما يمكن الوقوف عنده مليّاً إذا ما استصحبنا رحلة مارتن لوثر من اليهودية إلى المسيحية وتأسيسه للبروتستانتية, ورحلة كارل ماركس من اليهودية إلى الإلحاد الشيوعي ووضع نظريته 'الماركسية', ورحلة عبد الله بن سبأ من اليهودية إلى الإسلام ظاهرياً وإنشائه لملّة الإثني عشرية, ورحلة مصطفى كمال (ابن زبيدة اليهودية, حيث الأب لا يعلمه إلا الله) من اليهودية إلى الإسلام ظاهرياً وتبنّيه للقومية الطورانية التركية.
وإذا ما توقفنا عند هؤلاء، اقتربنا قليلاً من فهم هذه المحطة الهامة من تاريخ الكاهن الأكبر.
المحطة الثانية تنعطف بنا إلى حياة مهندس الوثيقة البابوية التي صدرت عام 1965 واختصاراً للجهد هو ذاك كارلو فوتييلا (أو يوحنا بولس الثاني فيما بعد) الذي كان له 'شرف' وضع هذه 'وثيقة تبرئة اليهود من دم يسوع المسيح', واليهود عند واضعي الوثيقة المخزية هم أهل المنحة التي أعطاها لهم الرب -بزعمهم-, وهي أرض كنعان (فلسطين), وبحسبها فاليهود بريئون من دم المسيح (اعتقاد المسلمين أن المسيح عليه السلام حقيقة لم يصلب بل رفعه الله إليه, وإن كان ذلك لا يعفي اليهود من إرادة التآمر ذاته)..
ثم ثالثة الأثافي أتت في طيّات الوثيقة أن 'المسيح كان يهودياً، وسيبقى يهودياً'..
وهكذا تمضي عشرون عاماً على البابا في أحضان الفاتيكان، لا تردّه عن أصل يؤمن به لا يفارقه وإن غادر التشيك إلى جمهورية الكرادلة..
المحطة الثالثة من حياة كارلو فوتييلا, تلك التي تنقلنا لمشهده وهو يتوّج 'حبراً أعظماً'- كأحد أصغر من يتولون المنصب (58 عاماً حينذاك)- على رأس الكنيسة الكاثوليكية في العام 1979، بعد أن مات البابا السابق يوحنا بولس الأول -ميتة ياسر عرفات- بعد شهر واحد من اعتلائه منصبه الخطير وبدون مرض خطير!! حينها وجد كارلو الطريق إلى رأس الفاتيكان معبّداً, وتولّى الرجل منصبه, وكانت إحدى فاتحات شهية الباحثين في وضعه المثير للجدل بشكل واسع، هو تفرد كارلو من حيث كونه الأول منذ خمسة قرون الذي يعتلي سدّة الكهانة في الفاتيكان من خارج إيطاليا. وقد بدأ الرجل من فوره العمل على ثلاثة محاور هي الأبرز من محاور تحركاته:
الأول: ترسيخ الاختراق اليهودي للفاتيكان:
وتدجين الكنيسة الكاثوليكية مثلما دُجِّنَت الكنيسة الإنجيلية, ومد أواصر الصداقة الدينية والسياسية مع 'إسرائيل'.
'لو كان المسيح عليه السلام يهوديا؛ فإنه لشرف عظيم لبابا روما أن يكون يهوديا هو أيضا', قال البابا, وزاد: 'إن اليهود أعزاؤنا وأشقاؤنا المحببون، وهم بحق الشقيق الأكبر'..
إن البابا الذي لم يكن قد مضى على مكوثه في منصبه أكثر من ثلاث سنوات حتى أفاض من 'كرمه' على اليهود، فاعترف بـ'دولة إسرائيل' في العام 1982 (عام الاجتياح والمذابح الصهيونية الرهيبة في لبنان), لم تخل نصائحه في كتاب تعليماته لـ'المسيحيين' أن يحبوا اليهود لأنهم شعب المسيح (اليهودي بالطبع وفقاً للبابا البولندي الجنسية), أولئك الذين أحاطهم البابا بـ'مكرمة' زيارته لكنيسهم في روما وصلاته فيه وسط ذهول 'مسيحي' الكنيسة الشرقية بعد ذلك بأربع سنوات، ثم توجيهه اللوم أخيراً قبل عامين من الألفية الثالثة لأتباعه المتسببين في ما يقال عن الهولوكوست اليهودي الذي ينسب للنازي إقامته لليهود.
الثاني: العمل على تفكيك الاتحاد السوفيتي:
آخر كتب البابا 'الذاكرة والهوية' الذي يلقى الآن رواجاً كبيراً بسبب الحالة الصحية للبابا, أماط فيه اللثام عن قناعته الشخصية بأن التركي محمد على أغا الذي حاول اغتياله أوائل الثمانينات لم يتصرف من تلقاء نفسه, معبّراً عن اعتقاده بأن الكتلة الشيوعية السابقة ربما كانت وراء مؤامرة محاولة اغتياله.
لماذا تقدم تلك الكتلة على محاولة اغتياله؟ الجواب ليس عند البابا, وإنما لدى العديد من خبراء السياسة الأوروبية الذين يكادون يجمعون على علاقة سرية باتت معلومة لدى قطاع عريض من الخبراء، تجمع ما بين يوحنا بولس وجهاز الاستخبارات الأمريكي, جرى تفعيلها مبكراً، وبدت أول نتائجها في الزيارة التي قام بها كارلو في العام 1978 لبلده الثاني بولندة, داقّاً هناك أولى مسامير الكنيسة الكاثوليكية في نعش الشيوعية.
والخطة كانت محكمة؛ بولندة ذات الثمانية والثلاثين مليون نسمة -هم الأكثر كثافة سكانية بين دول أوربا الشرقية، مقر حلف وارسو, قاعدة اليهود الخلفية في أوربا ومفرزة الزعماء الصهاينة-, من هناك تحرك البابا, ومن هناك أطلق عباراته النارية: 'إن المسيح لا يقبل أن يكون الإنسان أداة إنتاج فقط، فعلى العامل ورب العمل والدولة والكنيسة نفسها أن يتذكروا أنه لا يمكن فصل المسيح عن عمل الإنسان', فلتعوا الدرس أتباع منظمة تضامن 'ليخ فاونسا' الزعيم العمالي المثير للجدل، والذي أضحى بعدُ زعيماً لبلاده كلها:
إن المسيح يحارب الشيوعية, لا تكونوا اشتراكيين, نفهم من الكاهن الأكبر..
الجموع المحتشدة لم تأكل من عزيمتها و'إيمانها' السنون: 'نريد الله في مدارسنا، نريد الله في منازلنا، الله هو ربنا'..
البابا السابق المسموم كان نصيراً للعمال والفلاحين, لم يكن مناسباً للمرحلة فلفظته المرحلة والحياة على حد سواء, ذاك كارلو أنضج فكراً وأنسب للمرحلة بجذوره الشرقية العريقة وتطلعاته نحو الديمقراطية. وعلى ذكر الديمقراطية؛ فتلك ليست تدخلاً من الكهنوت في الدنيا ولا تنطبق عليها 'دع ما لقيصر لقيصر, وما لله لله', وإنما: 'إن على الكنيسة مشاركة الشعب في كفاحه من أجل الديموقراطية', قال البابا..
فالديمقراطية إذن ليست نظرية سياسية تجعل للكنيسة سلطاناً سياسياً, هكذا أريد للكاثوليكية في تلك اللحظة أن تنطق, ليأتي بعدها الرئيس الأمريكي لـ'يبشر' العالم بالديمقراطية, ويعطف على كلام البابا الكاثوليكي كلام رهبان البيت الأبيض البروتستانتيين, حين بدا الحيز الفكري بينهما ضيقاً بـ'فضل' البابا الذي جمع الشمل كلٌ في 'حب إسرائيل'. (للتذكرة فقط, فالبابا جاء متزامناً مع انتخاب رونالد ريجان اليميني رئيساً للولايات المتحدة).
البابا ليس كشيخ الأزهر -الذي يتمنى على الله أن يمن على الأول بالشفاء-, له دور سياسي عملاق, ألم تر إلى المذيع بالتليفزيون الأمريكي حين قال متحدثاً عن 'معجزات' البابا: 'في سنة واحدة أسقط عيدي أمين, وأحل حاكماً مسيحياً محله وأسقط بوكاسا الحاكم الإفريقي المسيحي الذي تجرأ واعتنق الإسلام، أسقطته قوات أكبر دولة كاثوليكية في العالم'..
ودور الرجل في تقويض أركان الشيوعية لا ينكر, تحدث -كما ذكرنا آنفاً- عنه كثير من المحللين والكتاب, منهم صاحبا كتاب ' صاحب القداسة' الإيطاليان اللذان أثبتا فيه العلاقة المريبة التي تربط هذا الرجل بجهاز C.I.A.
بيد أننا نعطف بتلك الحادثة المريبة التي تدل على حماسة الرجل ضد الشيوعية والاشتراكية, وهي بعيدة لكنها قريبة المعنى, في نيكاراجوا حيث تورط كاردينال كاثوليكي في الانخراط في حكومة شيوعية كوزير للثقافة, عندها لما زاره البابا لم يكترث بتوسلات الكاردينال آرنست التي أبدى فيها ولاءه للكنيسة, لكن 'الحبر الأعظم' بكل 'سماحة' وبّخه وأهانه أمام عدسات التلفزة، معنّفاً له على تورطه في حكومة شيوعية (لعل المشهد هذا في 'تسامحه الديني' يشابه ما أثبتته الصحافة المصرية شبه الرسمية لشيخ الأزهر وهو يصفع أحد الحضور لخطبة الجمعة التي كان يلقيها بالجامع لما اعترض عليه !!)..
وإذا بعدنا عن الشيوعية ودور البابا, لمسنا تدخّلاً استخبارياً لافتاً للبابا في الشرق الأوسط, وثّقه تقرير هام للمركز الإعلامي الفلسطيني من بيت لحم, جاء فيه: 'من المثير أنّ البابا يوحنا بولس السادس، يملك أحد أكبر أجهزة جمع المعلومات في الأراضي الفلسطينية، حيث تزوّد الكنائس الكاثوليكية بشكلٍ يوميّ الفاتيكان بأحداث الأراضي الفلسطينية و بشكلٍ تفصيليّ، و إن كان لا يعرف من يستفيد من هذه المعلومات و تحليلها في النهاية'. وإن كان التقرير لا يدّعي علمه بالجهة المستفيدة، فإنه على أفضل الأحوال حين يكون الفاتيكان مستقلاً، فإنه حينئذ يعد من الجهات الاستخبارية، وإلا عُدَّ -على أسوأ الفروض- من توابعها 'الاستعمارية'..
الثالث: تحريك قوافل التنصير بأسرع وتيرة شهدتها الكنيسة من أيام الاحتلال المباشر في القرنين المنصرمين:
ليس لدينا إحصاءات دقيقة, لكن بالإمكان أن نزعم أن هذا البابا هو أكثر بابوات روما من حيث عدد جولاته التنصيرية, وغير التنصيرية, فنادراً ما تعثر على بقعة مهمة في المعمورة لم 'تحظ' بزيارة البابا, لا سيما تلك المسلمة التي لم يكن بسهولة متاحاً من قبل أن يتطلع لزيارتها البابا, كأرض الشام المباركة -التي كانت مطمع الحملات الصليبية دوماً وقد زارها إبان احتفالات انصرام الألفية الثانية-, وأرض الكنانة التي استقبله فيها سيد طنطاوي وقت أن كان مفتياً للديار المصرية, وإفريقيا بطولها وعرضها, لا سيما زيارته للسودان (أو أرض السود) أوائل التسعينات، التي نُصِبَ فيها لأجله صليباً في الساحة الخضراء بطول 12 متراً.
وجولته لـ نيجيريا وبنين والجابون وغينيا الإفريقية.
والرجل لما أقعده المرض، لم يتوانَ عن حثّ أنصاره أن يسيحوا في الأرض متلمّسين خطاه, في تسونامي دعا المنظمات التنصيرية إلى الإسراع إلى هناك بعد حدوث الزلزال مباشرة, فكانوا هناك بعد قليل من ذلك لم يؤخرهم روتين ولا إجراءات معقدة, فلاقاهم المنكوبون قبل أن ينحسر المد.
وفي دارفور لما اعتراها ما اعتراها، خاطب البابا جمعاً من المنصّرين قائلاً: 'إنني أحدثكم عن دار فور، تلك المنطقة التي تشهد كارثة إنسانية وهي بحاجة إلى صلواتكم، هلمّوا إليها إنها بحاجة إلى كلمة المسيح', وفي كل مكان تعرّض لمشكلة من ديار الإسلام كان البابا هناك أو العديد من أتباعه..
وليس من عجب أن تقفز عدد المنظمات التنصيرية من 15 ألف منظمة إلى 27 ألفاً في عهده, وهو صاحب التصريح 'لابد أن يتنصر العالم', وإذا كان المسلمون في ازدياد والكاثوليك في تناقص؛ فإن ذلك يصبح آكد.
وإذ الأمر كذلك، فإن الرجل يصبح يسير في اتجاه لا يلتقي أبداً مع طموحات وتطلعات لجان الحوار بين الأديان المنبثقة عن الأزهر، وتصبح تمنيات شيخ الأزهر له بالشفاء العاجل محل تأمل..
أما نحن, فلن نصلي أبداً من أجل البابا!!
لن يرتفع حاجباي ولن تتسع حدقتاي -ذاهلاً- إن سمعت ذلك، فتلك -للأسف- هي إحدى الأعراض الجانبية للحالة 'التسامحية' التي تمر بنا, والتي تحدونا أن نتدخل على أعلى المستويات الدينية الرسمية لنطلب من مسلمة لجأت إلى الأزهر بكل تاريخه البارق العريق -ممثلاً في شيخ الأزهر- أن تعود لدينها السابق درءاً للفتنة, { أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُواْ } , وتدعونا إلى السكوت عن اختطاف الطبيبتين المسلمتين ماريان وتيريزا -ثبتهما الله- في جوانتنامو الأديرة, وتحدونا أن نغض الطرف عن منظمات التنصير تصول في بلداننا وتجول -كما في الجزائر بصفة خاصة والمغرب العربي عموماً التي تنجح منظماتها كل يوم في حذف اسم مسلم من قائمة المسلمين أو عبر شبكات غرف البال توك التي تستهدف مصريين وخليجيين-, وتحدونا أن نطلب من محجبات فرنسا على -لسان شيخ الأزهر- أن يخلعن الحجاب تساوقاً مع الإسلام الفرنسي, وتحدونا أن نمتنع عن الإفتاء بشأن الاحتلال الأمريكي للعراق لأن ' علماء كل بلد يفتون أهلها' بحسب شيخ الأزهر.
ونعمد إلى نسف هذه القاعدة بالدعوة لعدم مقاطعة الانتخابات العراقية -برغم قرار هيئة علماء العراق بالمقاطعة- كما جاء في تصريح شيخ الأزهر أيضاً!!
لن أندهش إذا ما اختطفت وفاء وماري وماريان وتيريزا واختفت زينب وأخواتها, ما دام شيخ أزهرنا يرى الفتنة في إسلام امرأة أو مقاومة محتل..
لن, ولم أندهش حين منع الرجل من الحديث لزوار معرض الكتاب قبل أسابيع لكيلا يتعرض للإحراج ساعة يسأله الشباب عن وفاء بأي ذنب خطفت؟؟ وكيف استباح لنفسه التطوع لإرضاء الباباوات بتسليمها, وحثها على كتمان إيمانها -مثلما ورد على لسانه-؟؟
ولن أندهش إذا ما نقلت إذاعة الفاتيكان عن شيخ الأزهر قوله: 'إن قداسة البابا يوحنا بولس الثاني رجل سلام ومحبة، وأنا أكنّ له كل حب وتقدير, وأدعو الله العلي القدير أن يتم له الشفاء ويزيده عافية', واصفاً إياه بأنه 'علامة مضيئة في تاريخ الحضارات التي تتلاقى وتتعاون على الخير والمنافع' لا يتعامل مع مرضه إلا بـ 'مشاعر صاحب عقل سليم وخلق كريم يؤدي واجبه رغم المرض، ولا يتمسك بها إلا من أعطاهم الله صدق العزيمة والإخلاص وصدق النية في العمل'. (مفكرة الإسلام نقلاً عن إذاعة الفاتيكان: 5/3/2005].
لن أندهش أبداً, وأنا أستمع لمعظم وسائلنا الإعلامية -بما فيها تلك الحيادية نوعاً ما وكذا 'العربية'- وهي تطلعنا أولاً بأول على آخر أخبار صحة البابا وكأنه من بقية السلف!!
وحياة هذا البابا أو مماته لا تعنيني كثيراً؛ إذ استتب الأمر لرجالات اليهود في الفاتيكان بمقدمه, ونفد السهم من قوس الصهيونية، ولم يعد الأمر قاصراً على رجل واحد فقط أرسى قواعد هيمنة اليهود على دين الكاثوليك..
نعم فبرغم جهوده الجبارة في هذا الصدد, فإن حياته أو مماته لن تعني تغيراً يذكر حيث أدى الرجل دوره تماماً ولم يعد في جعبته ما يمنحه لليهود آجلاً..
ولنعد للقصة من بدايتها..
كارلو فوتييلا (أو يوحنا بولس الثاني), تولّى منصب بابا الكنيسة الكاثوليكية في روما بعد أيام من تسميم البابا السابق يوحنا بولس الأول، والذي لم ينصّب سوى ثلاثين يوماً، وفقاً لمصادر مسيحية أردنية.
والبابا في حقيقة الأمر هو منتج متميز لصناعة كاثوليكية/يهودية مشتركة, مرَّ إنتاجه بعدة مراحل إنتاجية ومحطات دينية واستخبارية فائقة الدقة, بعض هذه المحطات تغلفّه السرية القاسية, وبعضها بات اليوم مكشوفاً للباحثين.
ولن ندّعي العلم ببواطن الأمور ولا التنجيم, إذ كثير من الحقائق بات متاحاً نستطيع من خلاله رسم صورة دقيقة عن هذا الرجل الذي يتمنى له شيخ الأزهر الشفاء العاجل ليعود إلى عمله المضني والشاق, وقليل منها جاثم في باطن الغيب لكنه لا يحول دون رؤية الصورة بخطوطها العريضة على الأقل..
أولى هذه المحطات هي النقطة الفاصلة في حياته, والتي ندعوكم إلى اصطحابه منها, تحديداً وهو في الثامنة عشرة من عمره, في رحلته من التشيك إلى بولندة, حيث كان الرجل يهودياً على الأشهر من الترجمات المنشورة عنه (لا يعترف الفاتيكان بذلك) ثم بدّل دينه لمّا عَبَر الحدود التشيكية (موطنه الأصلي) إلى بولندة مع بدايات الحرب العالمية الثانية عام 1939 (حين اعتبر اليهود وقتها أنفسهم مضطهدين)، ثم تنصّر إثر ذلك فترهبن فصار كاهناً في أعقاب الحرب العالمية 1945.
وقبل أن نغادر لمحطة أخرى, ثمّة ما يمكن الوقوف عنده مليّاً إذا ما استصحبنا رحلة مارتن لوثر من اليهودية إلى المسيحية وتأسيسه للبروتستانتية, ورحلة كارل ماركس من اليهودية إلى الإلحاد الشيوعي ووضع نظريته 'الماركسية', ورحلة عبد الله بن سبأ من اليهودية إلى الإسلام ظاهرياً وإنشائه لملّة الإثني عشرية, ورحلة مصطفى كمال (ابن زبيدة اليهودية, حيث الأب لا يعلمه إلا الله) من اليهودية إلى الإسلام ظاهرياً وتبنّيه للقومية الطورانية التركية.
وإذا ما توقفنا عند هؤلاء، اقتربنا قليلاً من فهم هذه المحطة الهامة من تاريخ الكاهن الأكبر.
المحطة الثانية تنعطف بنا إلى حياة مهندس الوثيقة البابوية التي صدرت عام 1965 واختصاراً للجهد هو ذاك كارلو فوتييلا (أو يوحنا بولس الثاني فيما بعد) الذي كان له 'شرف' وضع هذه 'وثيقة تبرئة اليهود من دم يسوع المسيح', واليهود عند واضعي الوثيقة المخزية هم أهل المنحة التي أعطاها لهم الرب -بزعمهم-, وهي أرض كنعان (فلسطين), وبحسبها فاليهود بريئون من دم المسيح (اعتقاد المسلمين أن المسيح عليه السلام حقيقة لم يصلب بل رفعه الله إليه, وإن كان ذلك لا يعفي اليهود من إرادة التآمر ذاته)..
ثم ثالثة الأثافي أتت في طيّات الوثيقة أن 'المسيح كان يهودياً، وسيبقى يهودياً'..
وهكذا تمضي عشرون عاماً على البابا في أحضان الفاتيكان، لا تردّه عن أصل يؤمن به لا يفارقه وإن غادر التشيك إلى جمهورية الكرادلة..
المحطة الثالثة من حياة كارلو فوتييلا, تلك التي تنقلنا لمشهده وهو يتوّج 'حبراً أعظماً'- كأحد أصغر من يتولون المنصب (58 عاماً حينذاك)- على رأس الكنيسة الكاثوليكية في العام 1979، بعد أن مات البابا السابق يوحنا بولس الأول -ميتة ياسر عرفات- بعد شهر واحد من اعتلائه منصبه الخطير وبدون مرض خطير!! حينها وجد كارلو الطريق إلى رأس الفاتيكان معبّداً, وتولّى الرجل منصبه, وكانت إحدى فاتحات شهية الباحثين في وضعه المثير للجدل بشكل واسع، هو تفرد كارلو من حيث كونه الأول منذ خمسة قرون الذي يعتلي سدّة الكهانة في الفاتيكان من خارج إيطاليا. وقد بدأ الرجل من فوره العمل على ثلاثة محاور هي الأبرز من محاور تحركاته:
الأول: ترسيخ الاختراق اليهودي للفاتيكان:
وتدجين الكنيسة الكاثوليكية مثلما دُجِّنَت الكنيسة الإنجيلية, ومد أواصر الصداقة الدينية والسياسية مع 'إسرائيل'.
'لو كان المسيح عليه السلام يهوديا؛ فإنه لشرف عظيم لبابا روما أن يكون يهوديا هو أيضا', قال البابا, وزاد: 'إن اليهود أعزاؤنا وأشقاؤنا المحببون، وهم بحق الشقيق الأكبر'..
إن البابا الذي لم يكن قد مضى على مكوثه في منصبه أكثر من ثلاث سنوات حتى أفاض من 'كرمه' على اليهود، فاعترف بـ'دولة إسرائيل' في العام 1982 (عام الاجتياح والمذابح الصهيونية الرهيبة في لبنان), لم تخل نصائحه في كتاب تعليماته لـ'المسيحيين' أن يحبوا اليهود لأنهم شعب المسيح (اليهودي بالطبع وفقاً للبابا البولندي الجنسية), أولئك الذين أحاطهم البابا بـ'مكرمة' زيارته لكنيسهم في روما وصلاته فيه وسط ذهول 'مسيحي' الكنيسة الشرقية بعد ذلك بأربع سنوات، ثم توجيهه اللوم أخيراً قبل عامين من الألفية الثالثة لأتباعه المتسببين في ما يقال عن الهولوكوست اليهودي الذي ينسب للنازي إقامته لليهود.
الثاني: العمل على تفكيك الاتحاد السوفيتي:
آخر كتب البابا 'الذاكرة والهوية' الذي يلقى الآن رواجاً كبيراً بسبب الحالة الصحية للبابا, أماط فيه اللثام عن قناعته الشخصية بأن التركي محمد على أغا الذي حاول اغتياله أوائل الثمانينات لم يتصرف من تلقاء نفسه, معبّراً عن اعتقاده بأن الكتلة الشيوعية السابقة ربما كانت وراء مؤامرة محاولة اغتياله.
لماذا تقدم تلك الكتلة على محاولة اغتياله؟ الجواب ليس عند البابا, وإنما لدى العديد من خبراء السياسة الأوروبية الذين يكادون يجمعون على علاقة سرية باتت معلومة لدى قطاع عريض من الخبراء، تجمع ما بين يوحنا بولس وجهاز الاستخبارات الأمريكي, جرى تفعيلها مبكراً، وبدت أول نتائجها في الزيارة التي قام بها كارلو في العام 1978 لبلده الثاني بولندة, داقّاً هناك أولى مسامير الكنيسة الكاثوليكية في نعش الشيوعية.
والخطة كانت محكمة؛ بولندة ذات الثمانية والثلاثين مليون نسمة -هم الأكثر كثافة سكانية بين دول أوربا الشرقية، مقر حلف وارسو, قاعدة اليهود الخلفية في أوربا ومفرزة الزعماء الصهاينة-, من هناك تحرك البابا, ومن هناك أطلق عباراته النارية: 'إن المسيح لا يقبل أن يكون الإنسان أداة إنتاج فقط، فعلى العامل ورب العمل والدولة والكنيسة نفسها أن يتذكروا أنه لا يمكن فصل المسيح عن عمل الإنسان', فلتعوا الدرس أتباع منظمة تضامن 'ليخ فاونسا' الزعيم العمالي المثير للجدل، والذي أضحى بعدُ زعيماً لبلاده كلها:
إن المسيح يحارب الشيوعية, لا تكونوا اشتراكيين, نفهم من الكاهن الأكبر..
الجموع المحتشدة لم تأكل من عزيمتها و'إيمانها' السنون: 'نريد الله في مدارسنا، نريد الله في منازلنا، الله هو ربنا'..
البابا السابق المسموم كان نصيراً للعمال والفلاحين, لم يكن مناسباً للمرحلة فلفظته المرحلة والحياة على حد سواء, ذاك كارلو أنضج فكراً وأنسب للمرحلة بجذوره الشرقية العريقة وتطلعاته نحو الديمقراطية. وعلى ذكر الديمقراطية؛ فتلك ليست تدخلاً من الكهنوت في الدنيا ولا تنطبق عليها 'دع ما لقيصر لقيصر, وما لله لله', وإنما: 'إن على الكنيسة مشاركة الشعب في كفاحه من أجل الديموقراطية', قال البابا..
فالديمقراطية إذن ليست نظرية سياسية تجعل للكنيسة سلطاناً سياسياً, هكذا أريد للكاثوليكية في تلك اللحظة أن تنطق, ليأتي بعدها الرئيس الأمريكي لـ'يبشر' العالم بالديمقراطية, ويعطف على كلام البابا الكاثوليكي كلام رهبان البيت الأبيض البروتستانتيين, حين بدا الحيز الفكري بينهما ضيقاً بـ'فضل' البابا الذي جمع الشمل كلٌ في 'حب إسرائيل'. (للتذكرة فقط, فالبابا جاء متزامناً مع انتخاب رونالد ريجان اليميني رئيساً للولايات المتحدة).
البابا ليس كشيخ الأزهر -الذي يتمنى على الله أن يمن على الأول بالشفاء-, له دور سياسي عملاق, ألم تر إلى المذيع بالتليفزيون الأمريكي حين قال متحدثاً عن 'معجزات' البابا: 'في سنة واحدة أسقط عيدي أمين, وأحل حاكماً مسيحياً محله وأسقط بوكاسا الحاكم الإفريقي المسيحي الذي تجرأ واعتنق الإسلام، أسقطته قوات أكبر دولة كاثوليكية في العالم'..
ودور الرجل في تقويض أركان الشيوعية لا ينكر, تحدث -كما ذكرنا آنفاً- عنه كثير من المحللين والكتاب, منهم صاحبا كتاب ' صاحب القداسة' الإيطاليان اللذان أثبتا فيه العلاقة المريبة التي تربط هذا الرجل بجهاز C.I.A.
بيد أننا نعطف بتلك الحادثة المريبة التي تدل على حماسة الرجل ضد الشيوعية والاشتراكية, وهي بعيدة لكنها قريبة المعنى, في نيكاراجوا حيث تورط كاردينال كاثوليكي في الانخراط في حكومة شيوعية كوزير للثقافة, عندها لما زاره البابا لم يكترث بتوسلات الكاردينال آرنست التي أبدى فيها ولاءه للكنيسة, لكن 'الحبر الأعظم' بكل 'سماحة' وبّخه وأهانه أمام عدسات التلفزة، معنّفاً له على تورطه في حكومة شيوعية (لعل المشهد هذا في 'تسامحه الديني' يشابه ما أثبتته الصحافة المصرية شبه الرسمية لشيخ الأزهر وهو يصفع أحد الحضور لخطبة الجمعة التي كان يلقيها بالجامع لما اعترض عليه !!)..
وإذا بعدنا عن الشيوعية ودور البابا, لمسنا تدخّلاً استخبارياً لافتاً للبابا في الشرق الأوسط, وثّقه تقرير هام للمركز الإعلامي الفلسطيني من بيت لحم, جاء فيه: 'من المثير أنّ البابا يوحنا بولس السادس، يملك أحد أكبر أجهزة جمع المعلومات في الأراضي الفلسطينية، حيث تزوّد الكنائس الكاثوليكية بشكلٍ يوميّ الفاتيكان بأحداث الأراضي الفلسطينية و بشكلٍ تفصيليّ، و إن كان لا يعرف من يستفيد من هذه المعلومات و تحليلها في النهاية'. وإن كان التقرير لا يدّعي علمه بالجهة المستفيدة، فإنه على أفضل الأحوال حين يكون الفاتيكان مستقلاً، فإنه حينئذ يعد من الجهات الاستخبارية، وإلا عُدَّ -على أسوأ الفروض- من توابعها 'الاستعمارية'..
الثالث: تحريك قوافل التنصير بأسرع وتيرة شهدتها الكنيسة من أيام الاحتلال المباشر في القرنين المنصرمين:
ليس لدينا إحصاءات دقيقة, لكن بالإمكان أن نزعم أن هذا البابا هو أكثر بابوات روما من حيث عدد جولاته التنصيرية, وغير التنصيرية, فنادراً ما تعثر على بقعة مهمة في المعمورة لم 'تحظ' بزيارة البابا, لا سيما تلك المسلمة التي لم يكن بسهولة متاحاً من قبل أن يتطلع لزيارتها البابا, كأرض الشام المباركة -التي كانت مطمع الحملات الصليبية دوماً وقد زارها إبان احتفالات انصرام الألفية الثانية-, وأرض الكنانة التي استقبله فيها سيد طنطاوي وقت أن كان مفتياً للديار المصرية, وإفريقيا بطولها وعرضها, لا سيما زيارته للسودان (أو أرض السود) أوائل التسعينات، التي نُصِبَ فيها لأجله صليباً في الساحة الخضراء بطول 12 متراً.
وجولته لـ نيجيريا وبنين والجابون وغينيا الإفريقية.
والرجل لما أقعده المرض، لم يتوانَ عن حثّ أنصاره أن يسيحوا في الأرض متلمّسين خطاه, في تسونامي دعا المنظمات التنصيرية إلى الإسراع إلى هناك بعد حدوث الزلزال مباشرة, فكانوا هناك بعد قليل من ذلك لم يؤخرهم روتين ولا إجراءات معقدة, فلاقاهم المنكوبون قبل أن ينحسر المد.
وفي دارفور لما اعتراها ما اعتراها، خاطب البابا جمعاً من المنصّرين قائلاً: 'إنني أحدثكم عن دار فور، تلك المنطقة التي تشهد كارثة إنسانية وهي بحاجة إلى صلواتكم، هلمّوا إليها إنها بحاجة إلى كلمة المسيح', وفي كل مكان تعرّض لمشكلة من ديار الإسلام كان البابا هناك أو العديد من أتباعه..
وليس من عجب أن تقفز عدد المنظمات التنصيرية من 15 ألف منظمة إلى 27 ألفاً في عهده, وهو صاحب التصريح 'لابد أن يتنصر العالم', وإذا كان المسلمون في ازدياد والكاثوليك في تناقص؛ فإن ذلك يصبح آكد.
وإذ الأمر كذلك، فإن الرجل يصبح يسير في اتجاه لا يلتقي أبداً مع طموحات وتطلعات لجان الحوار بين الأديان المنبثقة عن الأزهر، وتصبح تمنيات شيخ الأزهر له بالشفاء العاجل محل تأمل..
أما نحن, فلن نصلي أبداً من أجل البابا!!
المصدر: موقع مفكرة الإسلام