هل يحارب السلفيون (حزب الله) في لبنان؟

إن لبنان بلد متعدِّد الأطياف ويعيش على فوهة بركان بعد اندلاع الثورة السورية وإعلان حزب الله أنه يؤيد الأسد ويدعمه في محاربة الثوار وهو ما يُثير حفيظة الكثير من اللبنانيين الذين يرون في الأسد طاغية يتمسك بالكرسي على جثث شعبه ..

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -


الواقعة التي شهدتها مدينة صيدا اللبنانية مؤخراً عندما أطلق مسلحون من تنظيم "حزب الله" الشيعي الموالي لإيران النار على عددٍ من أتباع الشيخ السلفي أحمد الأسير؛ مما أدّى لمقتل اثنين منهم، تؤكد أن حزب الله لن يتوانى في أي وقت عن استخدام السلاح لفرض إرادته السياسية ليس على السُنة فقط ولكن على جميع الطوائف بما يحمله ذلك من خطرٍ داهم وإمكانية اندلاع حرب طائفية أهلية في البلاد ستكون أعتى وأشد من الحرب الأولى والتي استمرت 15 عاماً..

"حزب الله" يعتبر السنة هم العدو الأول له الآن في لبنان؛ فهذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها السلاح ضدهم فمنذ سنوات قليلة اجتاح الحزب بيروت الغربية معقل السنة عندما اختلف سياسيا مع الحكومة اللبنانية التي كان يقودها تيار المستقبل السني، ورغم أن أحزاباً "مسيحية" شهيرة كانت تتحالف مع تيار المستقبل وقتها إلا أن الحزب لم يقترب من مناطقهم خوفاً فيما يبدو من رد فعل الغرب الذي يحمل على كاهله حماية النصارى في الشرق الأوسط أما السنة فلا ظهر ولا نصير لهم سوى الله...

الواقعة الأخيرة كما يرويها الشيخ أحمد الأسير، والذي اشتهر مؤخراً بمواقفه الشجاعة ضد ممارسات "حزب الله" التي تتّسم بالعدوانية والتهور، أنه ومجموعة من أنصاره توجهوا إلى منطقة التعمير بعدما علموا أنه جرى رفع عدد من اليافطات الحزبية التابعة لحزب الله ولا علاقة لها بمناسبة عاشوراء في تلك المنطقة، كما في منطقة دوّار القناية، وذلك في خطوة استفزازية واضحة للأهالي والمارة.

وعند وصول الشيخ الأسير وإخوانه إلى مكان الحادث، أقدم عناصر معروفون من "حزب إيران" على إطلاق الشتائم والسباب على الشيخ أحمد ورفاقه، تلاها إطلاق نار مباشر على الرؤوس في مقتل، ما أدّى إلى مقتل كل من "لبنان العزة" و"علي سمهون" والشاب "علي مصطفى شربيني" الذي كان يمّر في ذلك المكان، إضافة إلى جرح عدد من الشبان تبيّن أن بعض إصاباتهم خطرة، واضطر مرافقو الشيخ الأسير إلى الرد على مصدر إطلاق النار المنهمر من المباني والشوارع لتأمين انسحاب آمن للشيخ أحمد الذي استُهدِف بأكثر من رشق وبوابل من الرصاص، وقد تعرضت سيارة الشيخ الأسير لإطلاق نار كثيف، خاصة على زجاجها الأمامي والخلفي، الأمر الذي يظهر أنه كان هناك محاولة واضحة لقتل الشيخ أحمد.

وبعد انسحاب الشيخ وأنصاره من المكان، أقدم عناصر من حزب إيران وحركة أمل على إطلاق النار بشكل عشوائي من سيارات ومجموعات مسلحة جابت عدداً من شوارع صيدا، لإرهاب المواطنين.
كما أقدم مسلحون على إطلاق النار على المحال التجارية التابعة لأنصار الشيخ الأسير، منها مطعم الأمير راشد وعصير البراء في المدينة...

إن ملابسات الحادثة ومن قبلها جرائم الاغتيال التي أشارت أصابع الاتهام لتورط حزب الله فيها وآخرها اغتيال العميد وسام الحسن الذي كشف عن المخططات المشبوهة لنظام الأسد وأتباعه في لبنان، تشير إلى تصاعد شعور حزب الله بأنه فوق جميع القوانين..

الشيخ الأسير والتيار السلفي في لبنان يعارض بقوة سلاح حزب الله لمعرفته أن هذا الأمر يعني وجود دولة داخل دولة كما أن التذرع باستخدامه ضد الاحتلال الصهيوني أصبح مضحكاً ففي الفترة الماضية لم يعد يستخدم إلا ضد اللبنانيين.

وعلى حزب الله إن أراد أن يُطفئ نار الفتنة أن يُسلِّم أسلحته للجيش المنوط به حماية الدولة وحدودها في كافة أنحاء العالم, وإذا كان يرى أن الجيش أضعف من أن يقوم بذلك فعليه أن يطرح اقتراحات لتقويته بدلا من التعدي عليه وتوريطه في مواجهات مسلحة تستنزف جهوده، كما أن هذا الأمر يستفز الأطراف الأخرى ويجعلها مُجبرة على الدفاع عن نفسها واستخدام السلاح وتزعم أيضاً أنه للمقاومة ضد الاحتلال فماذا يحدث عندئذ؟!..

إن لبنان بلد متعدِّد الأطياف ويعيش على فوهة بركان بعد اندلاع الثورة السورية وإعلان حزب الله أنه يؤيد الأسد ويدعمه في محاربة الثوار وهو ما يُثير حفيظة الكثير من اللبنانيين الذين يرون في الأسد طاغية يتمسك بالكرسي على جثث شعبه ويقتله على خلفية طائفية، وحزب الله يدفع السنة دفعاً لحمل السلاح ومع تساهل الحكومة اللبنانية الموالية لحزب الله مع سلاحه سيزيد من التوتر الطائفي والصدام.


خالد مصطفى - 28/12/1433 هـ