بنو علمان: حرب بلا مبادئ

أبو الهيثم محمد درويش

من سنن الله تعالى دفع الناس بعضهم ببعض: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ...} [البقرة:251]..

  • التصنيفات: مذاهب باطلة - قضايا إسلامية معاصرة -


من سنن الله تعالى دفع الناس بعضهم ببعض: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ...} [البقرة:251].

تتجلى هذه السنن في واقعنا المعاصر بكل وضوح في حرب شرسة بين الإسلام وخصومه، حرب على مستوى الحضارات والثقافات وممثلي الإسلام وخصومه، وصلت لمرحلة الحرب على السيادة أخيرًاً، ومنذ زمن بعيد أضحى العامة يتحدثون عن سيادة الشريعة، ويطالبون بها بعدما أملوا خيرًا من زوال الطغاة الحائلين بين الشعوب ودينهم.

ولكن حراس المعبد العلماني أبوا إلا تكملة المسير، بعد زوال الكثير من سدنتهم من الطغاة من واقع العالم الإسلامي، فاستتروا بدرع الإعلام القذر، مجندين كل ما لديهم من إمكانيات مادية ومعنوية، لاعبين بكل الأوراق المستطاعة، حتى ولو كانت خارج سياق الأخلاق والمبادئ والأعراف فضلًا عن الدين.

الكذب ديدنهم، والمكر والخديعة طريقتهم، وسحر أعين الجماهير وتوجيه إرادتهم بالحيل أضحت سلعتهم الرائجة، اختلاق القصص عن الإسلام وأهله في شتى بقاع الأرض أصبح شيئاً معتادًا لبني علمان، تزيين الباطل وتشويه الحق هو شغلهم الشاغل، ما إن تخرج الجماهير من قضية مختلقة، حتى تدخل في أخرى، وكأنه التيه يفرضه بنو علمان على أمتهم حتى لا يتركوا لهم فرصة التفكر والتأمل.

تشويه للإسلام في صورة بعض ممثليه، فالقوم لا يستطيعون مواصلة الصدمات التي قد تتسبب في نتيجة عكسية لو صرحوا بحربهم للإسلام ذاته، فاحتالوا على الشعوب بمحاربة رموز الإسلام بدلًا من التصريح بمحاربة الإسلام ذاته، فتارة تشويه للحركة الفلانية، وتاره تشويه للفكر الفلاني، وأخرى تشويه لشخصيات إسلامية يقابلها دفاع مستميت يكاد يصل للعبادة والتقديس لرموز الفكرالعلماني واللاديني ورموز الفساد الأخلاقي في المجتمعات.

الدفاع عن العهر أصبح مباحًا، تحت مسمى حرية التعبير وحرية الفعل، الدفاع عن الكفر والإلحاد أضحى مباحًا تحت مسمى حرية الفكر، الفساد العسكري والاجتماعي، بل وفساد بعض المؤسسات الدينية التي تشارك في المعركة بتعمد أو بغير قصد يزيد المعركة قسوة على المدافعين عن الشريعة الغراء.

ووسط هذه الحرب القذرة لا بد لحاملي اللواء وحراس العقيدة من الثبات والصبر، وعدم الضيق والحلم وتحمل عناء الطريق، لا بد من التمسك بحبل الله المتين، والعلم بأنهم عليهم الغرس أما الثمرة فعلى مالك الملك سبحانه. على حراس العقيدة أن يعلموا أن النصر، قد يتحقق وسط ظن الناس جميعًا أنه عين الهزيمة، ولنا في فتى أصحاب الأخدود العبرة، فما اكتمل نصره إلا مع صعود روحه، من يرى ذلك بعين الظاهر يظن أن الفتى انهزم بمقتله، ومن يرى كبد الحقيقة يعلم أنه ظفر بالفوز المبين في الدنيا والآخرة فدخل الجنة ونشر دعوته وأكمل رسالته.

لا تحزن يا حامل لواء الشريعة من تنازل القوم عن أخلاق الحروب، ولا تجزع من زوال المبادئ والضمير، فالمعركة قديمة ومستمرة بين الحق والباطل، وبين الخير والشر، وبين جند الرحمن وجند الشيطان.

سلاحنا شريعة ربنا، وسلاحهم غرور الدنيا وزهرتها المنتنة، الله مولانا ولا مولى لهم سوى إبليس، جندنا جند محمد صلى الله عليه وسلم، وحزبنا حزب الرحمن، أما جندهم فعبيد الدنيا وحزبهم حزب الشيطان.

النصر قادم لا محالة بأيدينا أو بأيدي غيرنا، والأهم لنا أن نلقى الله ونحن من جنده، لا يضرنا من خذلنا ولا من خالفنا، ثابتين على منهجه حتى نلقاه على ذلك.

ظفرات محزون، عساها أن تخفف على أصحاب الطريق، وسط قذارة غير مسبوقة في حرب يخوضها أعداء الشريعة بلا أخلاق ولا مبادئ.

اللهم أعز جندك وارفع راية شرعك واستعملنا ولا تستبدلنا.

أبو الهيثم