إلى أحبابنا الذين قالوا: (لا للدستور)
حديثي حصريًا إلى أحبتي في الله من الموحدين الذين تهفو قلوبهم إلى تطبيق الشريعة، ولكنهم رفضوا الدستور لأحد الأسباب الثلاثة: اعتراضًا على بعض المواد القليلة به، أو: لهم بعض التحفظات على بعض سياسات سيادة الرئيس حفظه الله، أو: اعتراضًا على بعض تصرفات جماعة: "الإخوان المسلمون".
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْم، الحَمْدُ للهِ رَبِّ العْالمينَ, وَالصَّلَاةُ والسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِيْنَ صلى الله عليه وسلم ... وبعد.
إلى أحبابنا الذين قالوا: (لا للدستور).
إلى إخواننا الفضلاء، وأحبابنا الأعزاء الذين قالوا: "لا للدستور":
إما: اعتراضًا على بعض المواد القليلة به.
أو: لهم بعض التحفظات على بعض سياسات سيادة الرئيس حفظه الله.
أو: اعتراضًا على بعض تصرفات جماعة: "الإخوان المسلمون".
أما هؤلاء المعترضون على شريعة الخالق العظيم، ممن يتهمون لها بالنقص، ويعتبرونها غير مناسبة للزمان، أو المكان عياذًا بالله؛ فلا حديث لي معهم، نبرأ إلى الله منهم، وهم منا براء!.
هؤلاء المفسدون في الأرض ممن يشعلون النار، ويقذفون بقنابل المولوتوف، ويحملون قلوبًا سوداء، وألسنة بذيئة، وجيوبًا منتفخة بأموال منهوبة، وأخرى يدفعها الأمريكان واليهود!.
فحديثي ليس موجهًا إليهم أصلا... يفصل الله بيننا وبينهم وهو خير الفاصلين!.
كذلك حديثي ليس مع أحبتي في الله ممن رفضوا الدستو لأنهم لا يحقق لهم أملهم السامي، وغرضهم النبيل في تطبيق شريعة الله بصورة فورية.
فقد تحدثت مع هؤلاء الأحبة الأجلاء في مقالي الموسوم بـ: "الدستور من أمامكم والخراب من ورائكم".
ولكن حديثي حصريًا إلى أحبتي في الله من الموحدين الذين تهفو قلوبهم إلى تطبيق الشريعة، ولكنهم رفضوا الدستور لأحد الأسباب الثلاثة التي سبق بيانها في مستهل الحديث.
ولسائل أن يسأل:
ما جدوى الحديث عن الدستور، وقد فُصِلَ في الأمر؟!
أقول لك حبيبي في الله:
لم أكن أستطيع أن أتحدث معك أصلا قبل أن يفصل في الأمر!.
لماذا!؟
لأني عندما أحدثك في الأمر قبل الفصل فيه؛ ستقول بلسانك، أو على الأقل في نفسك:
ما يحدثني الرجل إلا كي أصوت على الدستور بالموافقة!.
أما وقد انتهى أمر التصويت على الدستور، فأنت تعلم يقينًا أني أحدثك في موضوع بعيدًا عن الدستور أبعد ما بين المشرقين.
فما هو ذلك الأمر؟!؟!؟!؟!..
حبيبي في الله!
لست حزينًا من قول :"لا للدستور".
ولكن منبع حزني، ومصدر شجوني أن الدستور الذي رفضه الكثيرون ليس له وجود إلا في رءوسهم فحسب!.
تلك الرءوس التي جعلوها مشاعًا لكل الأفاكين من الدجالين المنافقين الذين لا سبيل لهم إلى خبيث مآربهم إلا بأخبث الوسائل، وأدنس الطرق من الإفك والزور والبهتان من أتباع ابن سلول لعنه الله وأخزاه في كل عصر، ومكان.
لقد سألت الكثيرين من رافضي الدستور عن سبب الرفض، فجاءتني إجاباتٌ كثيرة، أذكر بعضها:
1- الدستور يجبر الفتاة على الزواج في التاسعة من عمرها!.
2 - الدستور يمنح الرئيس حق بيع الأرض للأجانب!.
3 - الدستور يعطي الرئيس حق التعديل في الدستور بدون الرجوع للشعب!.
4 - الدستور يعطي للشرطة حق الاعتقال، والتعذيب لمدة اثنتي عشرة ساعة!.
5 - الدستور يجبر المسلمين على تسمية أبنائهم بأسماء الأنبياء، ويمنع التسمية بالأسماء المشتركة بين المسلمين، وغيرهم؛ كأشرف، وفاضل، وأمل، ونهى،.....!.
6 - الدستور يعطي الدولة حق تشغيل الشعب بالسخرة، أي : بدون مقابل!.
7 - الدستور يمنع الرجل أن يسير مع المرأة حتى ولو كانت زوجه، أو أمه، أو أخته، أو ابنته!.
8 - الدستور لا يعالج المصري إلى إذا استخرج شهادة فقر!.
9 - الدستور يعطي لأفراد الشعب حق فرض الأخلاق بالقوة!.
إلى غير ذلك من الأكاذيب التي لا يروجها إلا المنسلخون من دينهم، البائعون لضمائرهم، الخائنون لوطنهم ممن تكدست خزائنهم بالأموال المنهوبة، والرشاوي المجلوبة.
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
أيها الأحبة!.
أحب أطمئن قلوبكم الطيبة، وأهدئ صدوركم النقية مكررًا:
إن هذه الخزعبلات المذكورة لا علاقة لها بالدستور البتة، ولا وجود لها إلا في أذهان ضحايا إفك ابن سلول، وبهتان المنافقين.
إن ثلثي الشعب الطيب الذي صوت بنعم ممن يسيرون خلف علماء الأمة ممن نصحوهم بالتصويت بنعم لا يمكن أبدًا أن يوافقوا على هذا العبث الحقير.
والقائمون على وضع الدستور ليسوا أعداءً للأمة، ولا سفهاء؛ بل فيهم من يجري الإيمان في عروقهم، وتنبع الحكمة من ألسنتهم.
ولكنهم بشر يصيبون، ويخطئون!.
وإن شئتم!. تعالوا نتحاور بالأدب الذي علمه لنا الإسلام، ونقرأ الدستور سويًا لنعلم حقيقة هؤلاء المنافقين الخبثاء الذين لا سبيل لهم إلا القذف والتلفيق، والزور والبهتان.
فكما كانوا يزورون إرادة الشعب في الانتخابات النيابية، والرئاسية، والاستفتاءات؛ كذلك يزورون إرادة الشعب من خلال تبليغ صورة معكوسة للحقيقة.
فهم إما أن يختلقوا كلامًا غير موجود أصلاً، أو أن يقوموا بتفسيرات منكوسة للأمور تعكس عقولا أغبى من عقول البهائم العجماوات.
ومن ذلك قول المنافقين: "ربط العمل بالإنتاج لا بالأسعار"
فيفسرها البلهاء قائلين: يعني أن المصنع إذا لم يشتر آلات جديدة سيبقى راتبك ثابتًا، وإن ارتفعت الأسعار!.
أقول لك أيها الأخ العامل الفاضل يامن تكد لتأكل بالحلال!.
أنت تعلم ما يحدث في مصنعك.
إن الآلة الواحدة قد يتفاوت مقدار إنتاجها وفقا لجدية، ومهارة العامل الذي يقوم عليها.
فلا يمكن أن يقبل العقل السليم أن يتم التسوية بين عاملين: أحدهما أشد إتقانًا من الآخر، وإنتاجه أكثر وأجود منه!.
بل الشرع والمنطق يوجبان على الناس أن يفرقوا بين المتقن، والمسيء، المجد والكسول.
وما خربت الدنيا، ولا فسدت الأحوال إلا عندما علم العامل أنه لا فرق بين أن يعمل أو لا يعمل، يتقن أو يسيء، يفسد، أو يصلح!.
فإذا علم الناس أنه لا فرق بين المحسن، والمسيء فلمَ يحسنون إذاً؟!.
وإذا أيقنوا ألا فرق بين من يبذل قصارى جهده، ومن ينام ويرتع، فلم يجتهدون إذًا؟!.
ثم إن ربط العمل بالإنتاج منهج قرآني، وسبيل رباني.
يقول سبحانه وتعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7-8].
وأما عن ارتفاع الأسعار، فمن الطبيعي إذا ارتفعت الأسعار أن يرتفع معها سعر الْمُنْتَجِ الذي تقوم بإنتاجه في مصنعك.
فالسلعة التي يبيعها مصنعك بعشرة جنيهات، إذا ارتفعت الأسعار عشرة في المائة، سيرتفع سعر السلعة التي ينتجها مصنعك عشرة في المائة أيضًا، وليصبح سعرها بعد ذلك أحد عشر جنيهًا.
وهذا يعني أن أرباح المصنع ستزيد عشرة في المائة.
معنى هذا أن راتبك لابد أن يزيد بزيادة أرباح المصنع.
كل هذا لا علاقة له بالآلة؛ هل هي جديدة، أم قديمة؟
وسل نفسك أيها العامل الفاضل:
ماذا يحدث لو زاد راتب كل عامل مع كل زيادة في إنتاجه؟!.
الإجابة: سيجتهد العامل في مضاعفة الإنتاج لأنه يشعر بلذة الأجر والمقابل.
فيتضاعف إنتاج المصنع، وتزدهر الصناعة، ويحدث انتعاش اقتصادي.
ويعم النفع، والخير على جميع الناس؛ العمال، وغيرهم.
وسل نفسك أيها العامل الفاضل:
ماذا يحدث لو أتقن العامل الإنتاج وجوده؟!.
إذًا سيزيد سعر المنتج في السوق، ويتغلب على المنافسين؟!.
وبزيادة سعر المنتج تزيد أرباح المصنع.
وزيادة أرباح المصنع يزيد دخل العامل المتقن المجود لإنتاجه.
فيزيد حماسة على حماسته، وتزيد حماسة العمال بالمصانع الأخرى.
ويحدث التنافس الشريف بين المصانع على زيادة الإنتاج، وتجويده.
فيقع الانتعاش الاقتصادي، ويعم الخير على الناس أجمعين؛ العمال، وغيرهم.
وكلما انتعشت الصناعة؛ انتعشت الأحوال الاقتصادية للعمال الذين ضمن لهم الدستور أن يزيد دخلهم مع كل زيادة في الأرباح ناتجة من زيادة الإنتاج، أو تجويده.
تخيل هذه الحسنة الجميلة التي تدفع بروح التنافس الشريف بين أفراد المجتمع على زيادة العمل ، وإنتاجه، وتعمل على الرخاء الاقتصادي.
وسل نفسك أيها العامل الفاضل:
ما الذي يمنع صاحب المصنع من استيراد آلات جديدة تزيد الإنتاج، وتضاعف الأرباح؟!.
هل يوجد صاحب مصنع لا يحب زيادة الأرباح؟!.
هل يحسبوننا جميعًا بهذه التفاهة العقلية، والانحطاط الذهني الذي يعانون منه؟!.
وتصور هذا الميزان الرباني العادل الذي يبين فيه للعامل الطريق الصحيح لزيادة الدخل، وهو زيادة الإنتاج، وتجويده، مما يعم بالخير ليس على العامل فحسب، بل على كل أفراد المجتمع!.
جعله الأفاكون المنافقون عورةً، وعيبًا!.
إذ المصادر المعتبرة عندهم للمال هي رواتب الاعتصامات، والمظاهرات، والحرق، والتخريب، وتعطيل مصالح المواطنين الشرفاء كالمجمع العلمي، ومترو الأنفاق!.
والتي يدفعها الموساد كما في القضية الشهيرة التي حكم فيها القاضي بحبس المتهمين على ذمة التحقيق، ثم قام المشير طنطاوي بتحويل ملف القضية لعبد المعز إبراهيم بعد منتصف الليل، فأمر عبد المعز بإخلاء سبيلهم، وقاموا بتهريبهم على متن طائرة عسكرية ليبيتوا في أحضان أهليهم!!!!!!.
وللقضاء والعسكر حديث في غير هذا المقام !!!!!!!.
أحبتي في الله!.
أذكركم أحبتي في الله أني لا أحاول إقناعكم بالتصويت على دستور تمت الموافقة عليه بالفعل.
إنما الأمر غايته أني أريدك أن يتكون لديك وعيٌ صحيح، وثقافة منضبطة!.
أريد تحريرك ياحبيبي من أسر الإعلام الكاذب، وأغلال العملاء الخونة!.
هذا شيء لصالحك أنت قبل كل شيء ينفعك الله به في الدنيا، وبين يديه غدًا!.
فمثلك في التقوى الإيمان، وحب الوطن لا يليق بمثله أن يقف في صفوف محاربي الشريعة، وخائني الوطن.
أحبتي في الله!.
هل تعلمون أننا أشد اعتراضًا منكم على بعض مواد الدستور؟!.
- هل تعلمون أن عدد المواد التي نعترض عليها أضعاف المواد التي تعترضون عليها أنتم؟!.
- هل تعلمون أن مآخذنا على سيادة الرئيس حفظه الله أضعاف مآخذكم؟!.
- هل تعلمون أن اعتراضاتنا على جماعة "الإخوان المسلمون" أضعاف اعتراضاتكم عليها؟!.
عندما قلت هذه الحقائق لبعض الغوغاء لم يصدقوا!.
وقالوا : كيف تكون من المعارضة وأنت ترفض محاصرة القصر، والمطالبة برحيل فلان يعني: "سيادة الرئيس" حفظه الله؟.
وترفض الاعتصام، وترفض ما تقوم به المعارضة؟!..........وترفض.........
أحبتي في الله!.......
إنني أريد أن نصل لمفهوم المعارضة الصحيحة:
إن السباب، والشتائم، والاتهام بالزور والبهتان، والمطالبة برحيل رئيس شرعي جاء بانتخابات صحيحة، وبيعة شرعية، والمطالبة بوظائف في الدولة نظير عدم إحراق البلاد، وتعطيل المرافق، والاعتصامات، والمظاهرات، كل هذه الجرائم البشعة هي خيانة عظمى، وليست معارضة شريفة!.
أقول لكم أحبتي في الله!.
لو قامت معركة في شارع بين طرفين لا يمكن أن تعمل المحلات الموجودة في الشارع إلا بعد انتهاء المعركة!.
فلابد لنا أن ندع فرصة ليعمل الرئيس وحكومته خلال الفترة الرئاسية حتى تتحقق النهضة التي يرجوها كل الشرفاء الأنقياء.
ولابد أن يتهيأ المناخ الملائم للاستقرار بدون اعتصامات، أو مظاهرات!.
وأما عن المعارضة الشريفة، فيجب على كل فصيل من الفصائل الشريفة أن يقوم بتلخيص تصوره للإصلاح في عمل تنظيري معتبر.
ثم يقوم بإعداد الأفراد، والكفاءات التي تستطيع القيام بتطبيق هذا المشروع.
ثم يقوم بعرض تصوره، وأفراده على جموع الشعب.
فإذا حالت الحكومة بينك وبين تكوين حزبك فمن حقك حينئذٍ أن تعمل ثورة!.
وإذا حالت الحكومة بينك وبين الترشح للانتخابات الرئاسية، أو البرلمانية فمن حقك حينئذٍ أن تعمل ثورة!.
أما إذا أتاحت لك الحكومة تكوين الحزب، ثم الترشح لجميع الانتخابات!.
ولكن الشعب رفض حزبك، وأفراده، وتصوره!.
فالأمانة والشرف يقتضيان أن نهنئ الحائزين على ثقة الشعب، وفي الوقت نفسه نحرص على عدة أمور، أهمها:
1 - أن نبتهل إلى الله تعالى أن يكتب لهم التوفيق، والسداد، وأن يعينهم على خير البلاد، وصلاح العباد. وألا نساومهم على أي منصب، ولا نطلب منهم أي وظيفة.
2 - أن نراجع دراسة تصوراتنا لنرى مدى صحتها.
3 - مواصلة العرض النزية لتصوراتنا على الشعب.
4 - عند أي تحفظ على أحد تصرفات الرئيس حفظه الله يجب طرحه بمنتهى الأدب، والاحترام -ما لم يندرج هذا التصرف لحد الخيانة-.
فنقول: ياسيادة رئيس!.
لسيادتكم علينا حق المشورة.
ومشورتنا لكم على النحو التالي: [.......].
ولسيادة الرئيس حفظه الله أن يأخذ بهذه المشورة كما هي.
وله أن يأخذها بصورة جزئية، أو مرحلية، أو مُرْجَأَة.
وله أن يأخذ بغيرها من المشورات الأخرى المتناقضة مع مشورتنا له.
فمنا لمشورة، وله الرأي، والأمر، والقرار وحده لا غير.
فهو ولي أمرنا حتى إذا أخطأ من وجهة نظرنا!.
بل هو ولي أمرنا حتى إذا أخطأ خطأ حقيقيًا!.
وهو مثاب مأجور من الله تعالى في كل أمره أصاب، أم أخطأ كما في الْحَدِيْثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» [رواه الإمام أحمد (17774)، والبخاري (7352)، ومسلم (1716)].
طبعًا ما لم يكن خطؤه مصادمًا لشرع الله تعالى مصادمةً غيرَ قابلةٍ للتأويل.
فهو مأجور من الله تعالى مثاب ما دام متبعًا للسبل المشروعة في الاجتهاد، لم يتجاوزها بهواه، ورأيه.
وفي كل الأحوال ليس أمامنا، ولا أمام أي معارض شريف إلا تقديم المشورة، والخضوع لاجتهاد الحاكم حتى وإن كان مخالفًا لرؤيتنا الخاصة للأمور.
فالحاكم هو ولي الأمر ليس في شريعتنا فقط؛ بل عند كل العقلاء.
وهذه بلقيس عندما جاءها خطاب سليمان عليه الصلاة والسلام؛ جمعت كبار رجال الدولة، وقال لهم: {يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ . إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ . قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ} [النمل: 29-32].
فأجابوها بقولهم: {نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ} [النمل: 33].
فقدموا مشورتهم بقولهم: {نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ}.
ثم ردوا الأمر إليها بقولهم: {وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ}.
فهم يقدمون المشورة، ثم ينتظرون الأمر من ولي الأمر.
ولا تستقيم الحياةُ إلا بجعل القرار في يد شخص موثوق به، وإلا غرقت السفينة ذاتُ الرئيسين كما هو شائع بين العامة.
والخلاصة:
اجعل لنفسك وقتً أسبوعيًا نجلس فيها سويًا نتناقش بحب، وأدب، وأخلاق الإسلام الحنيف بعيدًا عن السب، والشتم، والقذف وأخلاق الرعاع السفلة من رذالة الخلق. ولنكون معارضة شريفة تبني لا تهدم، تعمر لا تخرب، تصلح لا تفسد، تزرع لا تقلع، تطفئ لا تحرق، تنصح بلا سِبَاب، توجه بلا قذف، تشير بلا افتئات.
ترجو أن يعم الخير على يدها، فإن قام به غيرها سعدتُ لذلك.
وهكذا تكون المعارضة الشريفة.
وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ, سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ, أَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ, أَسْتَغْفِرُكَ, وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.
وكتبه الفقير لعفو مولاه/ أبو محمد محمد بن فريد بن فرج بن فراج.
باحث شرعي.
البريد الإلكتروني:[email protected]