عاجل إلى نواب الإخوان

أبو الهيثم محمد درويش

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

بسم الله نبدأ وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم نسير

انتهى موسم الانتخابات المصرية , وقد أسفر عن مفاجآت , وأحداث لم يكن يتوقعها أكثر المتفائلين , ولم يكن لمآسيها في الحسبان من نصيب.

دفع الشعب المصري الذي اختار الإسلام ليمثله في مجلسه النيابي فاتورة باهظة من دماء أبناءه الشرفاء , هذه الدماء الزكية التي أهدوها لنواب الإخوان المسلمين ليثقلوا على كواهلهم المسئولية , وليقولوا بلسان حالهم ها قد أدينا ما علينا وبقي دوركم .

في الحقيقة أن مسئولية نواب الإخوان كبيرة جداً وثقيلة للغاية , فالكل يعلم أن مصر هي بوابة العالم الإسلامي لما لها من ثقل حضاري وسكاني وثقافي , وقد اختار الشعب الإخوان اختياراً للوجه الإسلامي وليس للجماعة بذاتها بقدر اختيارهم للإسلام نفسه , مما زاد الأعباء على كواهل نواب الإخوان , الذين صار عليهم أن يعلموا أنهم حاملي لواء الإسلام أمام الشعب , وكل نفس محسوب عليهم , وكل فشل أو إخفاق فورائهم من يتلمس لهم الأخطاء , وفوق ذلك أمانة العودة بالشريعة المغيبة , فالشعب لم يختر الإخوان من أجل البقاء على شريعة الغاب , وإنما من أجل التحقيق الأكيد لتحكيم الشريعة الإسلامية في مصر , وقد بدا ذلك واضحاً من تحدي الناس وتقاتلهم من أجل إنجاح الوجه الإسلامي في شتى الدوائر.

أذكر الإخوان بأنهم ما قامت جماعتهم إلا من أجل العودة بالشريعة الإسلامية للحياة كنظام كامل شامل للشعوب , أكمل نظام وأرقى حكم , وأفضل منهج للخروج بالعالم كله من كبوته المعاصرة , فغير المسلمين أشد حاجة لتطبيق الإسلام من المسلمين أنفسهم وهم لا يدرون , بعد أن عصفت الموجات المادية الطاغية , القائمة على طغيان المال والقوة الباطشة الغاشمة الظالمة التي لا ترحم شيخاً , ولا تراعي وليداً , ولا تحن لثكلى.

دوركم الأساسي يا نواب الإخوان هو المطالبة الحثيثة بتطبيق الشريعة الإسلامية , والسعي وراء ذلك بكل ما تملكون , كما أن دوركم أيضاً تغيير الواقع المر والمنكرات الشائعة بشتى الوسائل .
لا نقول ابنوا في يوم واحد ما هدم في قرون , ولكن أيضاً معاول الهدم عندما هدمت بدأت في أيام وشيئاً فشيئاً اكتمل الهدم.

إياكم والمراهنة على ثوابتكم , إياكم وإعطاء الدنية في دينكم , فقد اختاركم الشعب وفضلكم على أناس كنتم تتلمسون منهم فقط الاعتراف بشرعيتكم , فإذا بالشعب يهب كالأسد , ويقول بفعاله بل أنتم الشرعيون , وهم لا فائدة منهم ولا ثقل لوجودهم.

سلاحكم في أيديكم كتاب ربكم وسنة نبيكم إن اعتصمتم بهما فأنتم الأعلون { ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين }

فلستم في حاجة للوهن , ولا لتمييع منهجكم , إنما الدور الآن دور العمل , دور الدعوة بالفعال , دور الخروج بشعبكم من كبوته الكؤود , لقد اخترتم طريقكم فأكملوا , واعلموا أن طريق الديموقراطية إنما هو كأكل الميتة للمضطر , فقد كفاكم الإسلام بما فيه من عدالة وحرية بما يغنيكم كل الغنى عن غيره من المناهج الأرضية , وإنما سلكتم هذا الطريق فقط لتنفيذ غاية سامية هي إبدال هذا المنهج الأرضي بمنهج السماء فالله الله في الأمانة { خذوا ما آتيناكم بقوة }

إياكم ثم إياكم من التكاسل والركون للدنيا , فخطواتكم محسوبة وأنتم اليوم في اختبار كبير, ثم إياكم و التنازع فإنه يورث الفشل فذهاب الريح .

وأخيراً أسأل الله أن يوفقكم في تحكيم شرعه , وتغيير مرارة الواقع , وأذكركم بهذه الآية { إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولاً }

هذه الأمانة التي قبلها الإنسان على نفسه , هي الآن بين أيدكم فاتقوا الله فيها .

محمد أبو الهيثم
المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام