السخرية من المشايخ وتبجيل القساوسة عند العلمانيين
يكشف العلمانيون العرب يوما بعد يوم عن عدائهم للدين الإسلامي بشكل خاص، رغم أن الأسس التي تبنى عليها العلمانية تساوي في نظرتها لجميع الأديان، وترفض تماما تدخلها في حياة الناس فيما عدا الجانب التعبدي الشخصي، والذي لا يظهر على السلوك الخارجي أو يؤثر على طريقة التعامل مع الآخر أو في المجتمع، بحيث يظهر بلا ملامح مميزة أو هوية واضحة، وتصبح المجتمعات الإسلامية مثلها مثل المجتمعات الغربية تماماً.
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
يكشف العلمانيون العرب يوما بعد يوم عن عدائهم للدين الإسلامي بشكل خاص، رغم أن الأسس التي تبنى عليها العلمانية تساوي في نظرتها لجميع الأديان، وترفض تماما تدخلها في حياة الناس فيما عدا الجانب التعبدي الشخصي، والذي لا يظهر على السلوك الخارجي أو يؤثر على طريقة التعامل مع الآخر أو في المجتمع، بحيث يظهر بلا ملامح مميزة أو هوية واضحة، وتصبح المجتمعات الإسلامية مثلها مثل المجتمعات الغربية تماما.
ما يثير الدهشة هو هذا التبجيل والاحترام الذي يظهره العلمانيون العرب لرجال الكنيسة والقساوسة وللنصارى بشكل عام، والثناء عليهم وعلى حكمتهم البالغة، ومحاولة الاعتذار عنهم وعن مواقفهم والتماس الأعذار لهم، بينما يفعلون العكس تماما مع المشايخ والدعاة والمتدينين من المسلمين، حيث يتربصون بهم ويسخرون منهم ومن أقوالهم وأفعالهم، ويحاولون دائما أن يشوهوا صورتهم في أذهان الناس.
ولعل البعض يظن أن هذا الأمر جديد، حدث بعد وصول الإسلاميين للسلطة في بعض البلدان العربية، ولكن الحقيقة أنه قديم، وهو ما يؤكد أنه سياسة ثابتة لأصحابه غير متأثرة بالمتغيرات المختلفة.
فقد كان رأس الكنيسة القبطية السابق في مصر شنودة يتدخل في السياسة دائما، ويدلي بدلوه في جميع المواضيع المتعلقة بها، وأصبح زعيما سياسيا للأقباط، لا يتحركون يمينا أو يسارا في جميع شؤون الحياة إلا بإذنه، حتى أنه استفز بعض (المسيحيين) الذين طالبوه بالبقاء (كمرجع روحي) فقط كما تقول تعاليم دينهم -على حد قولهم-، ولكنه أصر طوال حياته كزعيم للأقباط أن يلعب دورا سياسيا، ويضغط على الحكومات المختلفة، لتنفيذ رغبات ومطالب الأقباط السياسية قبل الدينية، ولم نسمع من العلمانيين من إنكار على ذلك، إلا على استحياء وبخجل شديد وتوقير لم يكن يظهر أبدا في تعاملهم مع كبار الدعاة والمشايخ، فلقد أهانوا الكثير منهم إهانة بالغة بمجرد أن تكلموا في السياسة بشكل لم يرضوا عنه، بل حدث ذلك لمجرد أن أبدوا أراءهم في موضوعات دينية تخالف وجهة نظرهم..
ولعلنا نذكر ما حدث مؤخرا مع الشيخ (المحلاوي) وهو من كبار علماء الأزهر وأحد أبرز الدعاة والخطباء في مصر، وله من المواقف المشرفة في الوقوف ضد الطغاة من الحكام الكثير، حيث هاجمه العلمانيون بشدة وحاصروه في مسجده طوال الليل وعمره يزيد عن الثمانين عاما، مما أدى إلى إصابته بالإعياء وكان على وشك أن يصاب بأزمة صحية حادة تودي بحياته، ومع ذلك برر عدد منهم ذلك بأنه تكلم في السياسة، في حين أن كنائس وقساوسة ظهروا على اليوتيوب، وهم يدعون الأقباط لاتخاذ مواقف سياسية معينة، ولم ينطق أحدهم ببنت شفة لإنكار ذلك.
كذلك نرى الهجوم الكاسح من العلمانيين ضد الدعاة، الذين يظهرون حكم الشرع بالأدلة في التعامل مع غير المسلم، بينما إذا خرج أحد القساوسة لمهاجمة الدين الإسلامي، أو إهانة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، أو الدين الإسلامي، أو القرآن الكريم نجدهم يصمتون ويبلعون ألسنتهم وكأن الأمر لا يعنيهم.
هذا التناقض العجيب المخالف لمبادئ هؤلاء العلمانيين، يؤكد أنهم غير مخلصين للمنهج الذي ارتضوه لأنفسهم، وأنهم يتحركون تبعا لمصالحهم، ويخشون غضب الغرب عليهم الذي يلجؤون إليه كلما شعروا بضعف موقفهم.
لقد رأينا عجبا في الفترة الأخيرة من هؤلاء، رأينا من يضحك في صلاته داخل المسجد، بينما يذرف الدموع داخل الكنيسة، ورأينا منهم من يدعو لعدم استخدام ألفاظ القرآن التي تجرح مشاعر المسيحيين! -على حد تعبيره- ويقبل يد كبيرهم، ويتمنى أن يحكم المسلمين رجل مثله، هذا الاستفزاز المستمر لمشاعر المسلمين، أصبح ديدن العلمانيين العرب الآن، ناهيك عن احتقار المسلمين البسطاء باعتبارهم (جهلاء لا يعرفون مصلحتهم، لذلك يؤيدون الإسلاميين الذين يدعون لتطبيق الشريعة) -على حد زعمهم- القضية أضحت جد خطيرة، وتلمس بشدة العقيدة، ولم تعد تدخل في نطاق الخلاف السياسي أو وجهات النظر المختلفة، وهو ما ينبغي على الإسلاميين إبرازه والتحذير منه، وبيانه للعامة لكي يظهر هؤلاء على حقيقتهم.
خالد مصطفى -25/2/1434هـ