الدعوة هي الحل

عاصم صفوت الشوادفي

لقد تراجعت الدعوة الإسلامية بعدَ ثورة الخامس والعشرين من يناير وحتى وقتنا هذا تراجعاً ملحوظاً لعدة أسباب.

  • التصنيفات: الدعوة إلى الله - الواقع المعاصر -


حاولت عدة مراتٍ أن أبحث عن مقدمةٍ تروقٌ لهذا المقال الذي قد يتصادمُ مع رؤى كثيرة لها وجاهاتها، ولأنني لا أستطيع حشرجة الكلمات في صدري أو الأفكار في عقلي فقد اتخذتُ قراري أن أكتب هذا الطرح آملاً منك أيها القارئ الكريم أن تنحي الأشخاص والوجاهات جانباً، وأن تفكرَ فيما تقرأه بعينٍ ناقدة تتلمس الصواب فتقوم بتطبيقه وتلمح الخطأ فتسعى لإصلاحه.

إنني أدعي في هذا المقال أن الدعوة هي الضحية الأكبر من ولوج الإسلاميين -أو أغلبهم- عالم السياسة وأن الدعوة كذلك هي القادرة على رأبِ صدع التشققات التي حدثت من جراءِ ذلك، وإليكم البيان:

"لقد تراجعت الدعوة الإسلامية بعدَ ثورة الخامس والعشرين من يناير وحتى وقتنا هذا تراجعاً ملحوظاً لعدة أسباب:

أولاً: انصرافُ كثيرٍ من شباب الصحوة الإسلامية من العمل الدعوي إلى العمل السياسي الحزبي، وقد أثر ذلك بلا أدنى شك على الدعوة كثيراً وبشكلٍ مباشر.

ثانياً: التشرذم الحزبي بين بعض أبناء التيار الإسلامي والذي بدا واضحاً لكلِ ذي عين في الانتخابات البرلمانية الماضية وكذلك الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة مما جعلَ طائفة من العوام يشككون في حقيقة نياتِ هؤلاء القوم الذين يتنافسون على المناصب، مما أدى إلى اهتزاز الصورة المشرقة للتيار الإسلامي المتآخي التي وإن لم تكن مثالية في عهدِ النظام السابق، لكنها لم تكن يوماً بهذا العوار الذي رآه الجميع.

ثالثاً: زج بعض الإسلاميين للدين في ألاعيبهم السياسية، ولستُ أدعي بذلك فصل الدين عن السياسة كما قد يتصور البعض، لكنه لم يعدْ من الخفي على كلِ ملاحظٍ هذا التوظيف المقزز للدين -من البعض- لتحقيق المآرب السياسية، والذي أضرَ بلا شك بالدعوة أكثرَ مما نفعها، في ظلِ عدم تفريق أغلب العوام بين الاختلافات المنهجية داخل صفوف التيار الإسلامي.

رابعاً: قلة الإنفاق على الدعوة، واقتطاع السياسة لجزءٍ كبير من ما كان يُبْذلُ لصالحِ الدعوة من قبل -وربما أكثره- ولو أنفق الإسلاميون على الدعوة ربع ما أنفقوه على السياسة من مالٍ وجهدٍ وحلقاتٍ تليفزيونية ودوراتٍ تدريبية للساسة وكوادر الأحزاب لتغير حالُ المجتمع إلى الأفضل.

إنني لا أطلب من الإسلاميين التخلي عن مواقعهم السياسية، أو الارتداد على أعقابهم بعد تحقيقِ مكسبٍ -ولو كان نسبياً- في طريق السياسة طالما أرادوا لأنفسهم هذا الطريق منذ البداية، بل ومن الإنصاف تثمين الجهود التي بذلها كثيرٌ من الإسلاميين في مواضع مختلفة، لكنني فقط أخشى أن يظل أولئك القوم الذين يقولون أن السياسة هي واجبُ الوقت وأنهم سيعودون للدعوة والتربية بعد انتهاء هذا الواجب، أخشى أن يظلوا في دوامة السياسة تتقاذفهم ما بين انتخابات واستفتاءات وتوسيعٍ للقواعد الشعبية ونقاشات ومناظرات إذا هم لم يقفوا مع أنفسهم وقفة حاسمة لتدارك هذا الأمر.