"التحرير" من الثورة إلى الفوضى

إن اللهجة التي يتحدث بها هؤلاء الزعامات وبعض الشباب قليل الخبرة والمعرفة والذي يتصور أن كل رئيس يأتي على غير المنهج الذي يرتضيه يذهب إلى التحرير ليعتصم ويدعو لإسقاطه، تنذر بكارثة وعلى الشعب أن يستيقظ لذلك جيدا ويحذر من التورط في هذه الجريمة ..

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة - أحداث عالمية وقضايا سياسية -


تردد اسم ميدان التحرير الذي يتوسط العاصمة المصرية القاهرة في العالم كله بعد الثورة التي شهدها ضد نظام حسني مبارك..


وأصبح الميدان رمزا للثورة ضد الظلم والاستبداد والقمع حيث شهد قبل سنتين حالة من التجمع والحشد لم يشهدها من قبل وقد لا يشهدها بعد الآن عندما تجمع ما يقرب من 20 مليون شخص فيه لإعلان غضبهم على النظام.. وفي الحقيقة لم تكن الثورة ضد نظام مبارك ـ الذي امتد لـ30 عاما ـ فحسب بل ضد جميع الأنظمة التي سبقته والتي تجاهلت أبسط مبادئ حقوق الإنسان التي أقرتها جميع الشرائع السماوية والدساتير الأرضية... ورغم تفاوت هذه الأنظمة في انحيازها للفقراء إلا أنها اجتمعت على حرمانهم من حريتهم في التعبير عن آمالهم والسعي نحو مستقبل أفضل...


بعد أيام قليلة تحل الذكرى الثانية لهذه الثورة المجيدة والتي فجرت في الشعب المصري ـ المعروف بصبره وحلمه ـ ينابيع الغضب وبدلا من أن تأتي الذكرى ليحتفل الشعب بكافة فئاته بنجاح ثورته رغم العثرات التي قابلتها وتقابلها حتى الآن، يسعى البعض ممن يتكالبون على المناصب، لتحويلها إلى فوضى عارمة لقلب نظام اختاره الشعب بإرادته الحرة بعد 60 عاما لم يكن يجرؤ على ذلك وإذا فعل تزور إرادته..إن النرجسيين من أصحاب الزعامات العلمانية من ليبراليين ويساريين الذين فشلوا في انتخابات الرئاسة أو خافوا من هزيمة مذلة فانسحبوا يدفعون الشباب إلى مذبحة عندما يشجعونهم على النزول يوم 25 يناير من أجل قلب نظام الحكم لا من اجل الاحتفال والتأكيد على أهداف الثورة؛ بدعوى أن "الثورة تم سرقتها" وأنها "تم الانقلاب عليها وخطفها من قبل التيار الإسلامي"...


إن هؤلاء المرجفين انكشفوا تماما أمام الشعب فهم دائما يشككون في شرعية النظام منذ انتخاب الرئيس مرسي ومع كل خلاف سياسي يتم إعلان "عدم الاعتراف بالشرعية" و"أن الشرعية أصبحت على المحك" حذث ذلك وقت الإعلان الدستوري وحدث مع إقرار الدستور الجديد، وهو عبث سياسي منقطع النظير ويظهر سوء نوايا أصحابه ويؤكد على أن القضية لا علاقة لها بمصلحة الوطن أو المواطنين وإنما مصالحهم الشخصية ورغبة كل منهم في الانفراد والوصول إلى كرسي الحكم ولو على دماء الشباب الأبرياء...


إن رجلا مثل محمد البرادعي لم يظهر إلا لدقائق معدودة في ميدان التحرير يوم 28 يناير ولم يكن موجودا في مصر قبلها بفترة طويلة وظل منصبه الدولي السابق يحميه من بطش نظام مبارك يقف الآن يزايد على الإسلاميين وعلى ثوريتهم رغم التضحيات التي قاموا بها خلال الثورة وحمايتهم للمتظاهرين يوم موقعة الجمل الشهيرة...


الشباب الغر الذي سيتم سوقه للمذبحة القادمة التي ستمحو رمزية ميدان التحرير الرائعة والذي يراد له أن يدخل في صدامات مع الشرطة ومع المؤيدين للنظام الشرعي القائم، هم الضحية لهؤلاء المنتفعين الذين أصبحت تصريحاتهم تتركز حول التخلص من "حكم الإسلاميين" و"ظلم الإسلاميين" و"أخطاء الإسلاميين" و"الوحش الإسلامي" وغير ذلك من العبارات الهمجية التي تهدف للتحريض والتفجير خلال مناسبة كان من المفترض أن تكون نواة لجمع الشمل مثلما كان حادثا خلال الثورة ولكن الرغبة النهمة للسلطة أعمت البصائر وأرادت أن تحولها لمجزرة خصوصا مع تحالف العلمانيين مع فلول النظام السابق الذين اعتادوا على استئجار البلطجية في هذه المناسبات لإشعال الميادين بقنابل المولتوف والاعتداء على قوات الشرطة وعلى مقرات الأحزاب الإسلامية كما حدث في مرات عديدة..


إن اللهجة التي يتحدث بها هؤلاء الزعامات وبعض الشباب قليل الخبرة والمعرفة والذي يتصور أن كل رئيس يأتي على غير المنهج الذي يرتضيه يذهب إلى التحرير ليعتصم ويدعو لإسقاطه، تنذر بكارثة وعلى الشعب أن يستيقظ لذلك جيدا ويحذر من التورط في هذه الجريمة وتحجيم هذه الفئة التي لن تستطيع الوصول لأهدافها كلما ظل عددها قليل، مع دعوة التيارات الإسلامية لضبط النفس وعدم الصدام .


خالد مصطفى - 10/3/1434 هـ