حادثة (السحل) بمحيط الاتحادية
أمير سعيد
كل الجرائم مُدانة، وأكبرها لا بد أن يستحق أكبر درجات الإدانة، وأكثرها يحتاج إلى إجراءات فورية عادلة، تمنع الفوضى المتمثلة في عمل البلطجية والمعربدين، وتصون كرامة الإنسان أيا كان.
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
في مصر الجريحة، صار مشهد للقبض على مشتبه به بارتكاب أعمال إرهابية وبلطجة تجاوزت فيه الشرطة على ما يبدو حيث ظهر الرجل فيه مجرداً من ثيابه وتم جره على الأرض، مناحة في كل قنوات الفلول (المعروفة في مصر باسم قنوات المارينز)، حيث حاولت القوى العلمانية الاستناد إليها في محاولتها لإقالة وزير الداخلية، الذي أشيع قبل فترة أنه سيكون هدفاً للإطاحة بعد إخفاق هذه القوى المنضوية تحت لافتة (جبهة الإنقاذ الوطني) التي يقودها د. البرادعي وحمدين صباحي وعمرو موسى، وتضم عدداً من الأحزاب العلمانية كالوفد والدستور والمصريون الأحرار وغيرها- إخفاقها في إقالة النائب العام المستقل الذي يبدي تحدياً لافتاً للفساد المستشري في مصر منذ حكم ثورة يوليو، ويكافح الرئيس مرسي من أجل إزالته أو تقليله.
المشهد الذي بُث على كل القنوات تقريبا لشخص تم جره شبه عارٍ لإدخاله عربة شرطة مدرعة يلاحظ حوله ما يلي:
أولاً: أنه لا يوجد أي مقطع واضح لعملية تعرية هذا الرجل، وإنما الصورة الواضحة البينة هي لجره من قبل أفراد الأمن المركزي.
ثانياً: أن جر الرجل أو (سحله) حصلت على ما يبدو بسبب تمسكه بالأرض وعدم تعاونه مع السلطات، لكنها بالطبع مجرمة أيا كان سببها حتى لو كان جهل أفراد الأمن المركزي بطريقة حمل المشتبه به إذا ما تمسك بالأرض، أو غضبهم من استهدافهم من قبل البلطجية والإرهابيين.
ثالثاً: برغم قسوة المشهد؛ فإن مشاهد أخرى لاغتصاب نحو عشرين في التحرير وما حولها من قبل ذئاب مظاهرات (الإنقاذ)، وذبح جندي من الأمن المركزي قبل أيام، أو قتل أبرياء، أو استهداف أفراد الشرطة، أو محاولة حرق المساجد ومنها مسجد عمر بن عبد العزيز، وحرق المصاحف، ومحاولة تنكيس علم مصر من فوق منشآتها وغيرها، لم تحرك للإعلام الصهيوني بالقاهرة ساكناً، فتعرية رجل عنده بألف اغتصاب طمروا وطمسوا أخباره (ستراً) لفضيحة العلمانيين.
رابعاً: أن تصوير المشهد من قِبل كاميرات قنوات مختلفة من الزاوية نفسها كروتانا مصر، وأون تي في، وغيرها، ونقلها (الحَصري) لها من الزاوية نفسها وفي التوقيت ذاته، محير بعض الشيء!
بالطبع، المشهد مُدان، إن كان غير مُدبر، ويستأهل التحقيق، لكن بالتوازي معه، لا بد من التحقيق مع كل الجرائم المرتكبة بحق الشعب المصري وخياراته وشرعيته وأمنه واستقراره، التي تذبحها (جبهة إنقاذ الحزب الوطني) كل يوم بدم بارد.
وحين أُدينه فلستُ مضطراً مع ذلك أن أتخذ موقفاً دبلوماسياً تساوقاً مع موجة الإدانة العوراء التي لا ترى الانتهاك إلا من زاوية واحدة، تمس مشروعها الإجرامي وحده، وتسعى لاستثمارها لتحقيق مكاسب وضيعة تتفق مع رغبات الغرب الذي يحاصر مصر اقتصادياً في تلك اللحظة، ويمنع عنها كل أشكال الدعم سواء بشكل مباشر أو بالإيعاز إلى (أحذيته) في المنطقة.
كل الجرائم مُدانة، وأكبرها لا بد أن يستحق أكبر درجات الإدانة، وأكثرها يحتاج إلى إجراءات فورية عادلة، تمنع الفوضى المتمثلة في عمل البلطجية والمعربدين، وتصون كرامة الإنسان أيا كان.
ولا بد من التحقيق في جرائم عصابات وميليشيات بني صهيون المنتشرة في كل مكان، ملثمة أم غير ملثمة، تنشر الفزع وتبث الرعب وتحرق مصر وتدمر اقتصادها ومستقبلها.
لا بد أيضاً ألا تُستَدرَج الأحزاب والقوى الإسلامية، ومن خلفها الجماهير إلى هذا الفخ، بتحويل الأنظار عن جرائم الإرهاب والبلطجة المنسوبة إلى المعارضة، ومحاولة تقويض اقتصاد مصر، وترهيب المستثمرين، وإشاعة الفوضى والاضطرابات، وحرق مساجد ومؤسسات رسمية، ومحاولة الاعتداء على مؤسسات سيادية، إلى حادثة ملتبسة تدور الشكوك حولها، ويكتنفها الغموض في ظروفها والتهيئة لها وطريقة تصويرها وتضخيمها.
21/3/1434 هـ