د. مرسي من الأسر إلى القصر

في 30 يناير قبل الماضي كنت قابعًا في زنزانتك بسجن النطرون لا تدري ما الله فاعل بك، وكانوا قد اختطفوك من وسط أولادك لكي لا تشارك فى الثورة.. وفوجئت بالشرطة تنسحب من حراسة السجن وبالأبواب المغلقة تنفتح لتجد نفسك فى الشارع ولتجد أقدامك تسوقك إلى المكان الوحيد، الذي كانت نفسك تهفو إليه وأنت خلف الجدران والأسوار العالية.. إلى ميدان التحرير.

  • التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -


في 30 يناير قبل الماضي كنت قابعًا في زنزانتك بسجن النطرون لا تدري ما الله فاعل بك، وكانوا قد اختطفوك من وسط أولادك لكي لا تشارك فى الثورة.. وفوجئت بالشرطة تنسحب من حراسة السجن وبالأبواب المغلقة تنفتح لتجد نفسك فى الشارع ولتجد أقدامك تسوقك إلى المكان الوحيد، الذي كانت نفسك تهفو إليه وأنت خلف الجدران والأسوار العالية.. إلى ميدان التحرير.

وتتقلب الأيام بك سريعًا ليستبدل الله لك بجدران السجن جدر القصر ويجعل منك أول رئيس يختاره شعب مصر عبر تاريخه الطويل، نسأل الله أن تكون عند حسن ظن الناس بك، وأن يجعله فى ميزان حسناتك.
وقبل أن تتوه فى زحام مهامك الصعبة -أعانك الله عليها- أذكرك أن أخوة لك فى سجن لم يبعد عن سجنك كثيرًا -سجن العقرب- ما زالوا قابعين في زنزاناتهم حتى الآن لم ينصرف حراسهم، كما انصرف حراس النطرون فبقوا ينتظرون قرار العفو الذي ظل يتلكأ بين لجان المجلس دون سبب مفهوم حتى حلوا المجلس دون أن يناقش، وأنت أعلم بحالهم وقد ذقت ما ذاقوا وبعضهم قضى السنين الطوال -16 سنة- من جراء محاكمات جائرة من نظام جائر وبتُهم أشد جورًا، وكل يوم يمر بهم يشعر المتابع كم كانت الثورة مقصرة فى حقهم، وهم أول من ثاروا في الوقت الذي اهتمت فيه بكثير ممن لم يعطوا عطاءهم أو يبذلوا بذلهم.


وقبل أن تتوه في زحمة الأعمال، التي قد تشغلك عنهم أذكرك بليل السجن الطويل، الذي ذقته وأيامه الكئيبة، التي تمر رتيبة يتضور صاحبها ألمًا، وهو يشعر أن الشعب فى مصر يسطر مستقبله ولأول مرة دون أن يشارك فيه ويبني نهضته، بينما هو يجلس في زنزانته يرقب أسراب النمل، وهي تبني أعشاشها دون حتى أن يستطيع أن يشاركها البناء.

لقد قصر المجلس في إصدار قانون العفو فأضاف إلى سجنهم الطويل أيامًا هى أشد طولا مما قضوه من سنين، فعجل بإصداره أنت ولا تكن ظالما كمن سبقوك فإن كل يوم يقضونه فى السجن ونحن قادرون على إخراجهم سيحاسبنا الله عنه يوم القيامة.

أبو مسلم الخراساني

خبر سخيف نشرته بعض الصحف من أن الرئيس الجديد ينوي أن يختار رئيسًا للوزراء من غير الإسلاميين، وأن يكون وزراؤه كذلك، وجهازه الرئاسي خليط من المتناقضات الفكرية ليس من بينها إسلاميون وربما ذكروا في ذلك أسماء ممن يتناقضون مع فريق العمل وواضعي خططه تناقضًا حادًا.
لا أدرى من أين استقى البعض أن الوحدة الوطنية تستدعي أن يكون جهاز الإدارة فى الدولة سمك لبن تمر هندي، لاسترضاء كل من شذَّ بفكره وعمله عن سياق المجتمع وفكره والتخلص من أولئك المخلصين للوطن الذين كانت جهودهم وتضحياتهم، هي التي صنعت الثورة ونجاحاتها.

إن هذه الخلطة الاسترضائية لن تكون بالتأكيد في صالح تقدم البلد وإنما ستكون مصدرًا للقلاقل والمشاكل التي شاهدناها في كل محاولات الاسترضاء الفائتة، التي لم يراع فيها الجد والإخلاص والصدق، لا تكونوا مثل المنصور الذي نكل بصاحب دولته أبو مسلم الخراسانى بمجرد أن مكنه الله فخسر أخلص رجاله.

تصريحات الرئيس من الإخوان والجماعة من حقها بل من واجبها عليه أن تدعم الرئيس وتقف إلى جواره، ولكن ينبغي أن ندرك الآن أنه صار رئيسًا وكل ما يقال على لسانه محسوب عليه. فلا يتكلمنَّ أحد على لسانه ولينسب كل متحدث كلامه لنفسه، ويترك كلام الرئيس للرئيس لأن كلامه الآن ينبغي أن يكون محسوبًا بدقة فلا ينبغي أن يتحدث عن القدس كعاصمة لمصر أو عن القسم في ميدان التحرير أو أمام البرلمان الملغى أو غير ذلك من التصريحات.


أسامة حافظ
 

المصدر: المصريون