مؤامرة تصفية السنة بالعراق
حامد بن عبد الله العلي
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
لم يكن المرء يظن أن السذاجة وصلت -لا أقول في الرأي العام بل في
بعض من يُطلق عليهم النخب السياسية والفكرية- إلى الدرجة التي وصلت
إليها إلا بعدما رأى انقيادهم العفوي والسريع والمثير للشفقة لمجرد
إشارات بالإصبع يلوّح بها الصفيون وأوباشهم بالعراق إلى أي جهة شاءوا
في خضم الأحداث التــي أعقبت تدمير القبة في سامراء.
أما معادلة المشهد العراقي ففي غاية الوضوح لا تخفى حتى على العميان،
فأمام المشروع الجهادي السني المبارك الذي انطلق منذ أن وطأت أقدام
الغزاة أرض الرافدين أمامه: صراع -بدأت بوادره الآن بعدما اختلف
اللصوص على قسمة المسروقات!- بين المشروع الصفوي الإيراني الذي طالما
حلم بالسيطرة على العراق فالخليج، والمشروع الصهيوصليبي الذي جاء يحمي
الصهاينة ويحقق أحلام الإمبريالية الأمريكية، التي لم تفتح شهيتها قط
في تاريخها المليء بالأطماع التوسعية، مثلما انفتحت بعد سقوط المعسكر
الشرقي، وقد كان دائما العراق والخليج هذا البحر المائج من النفط هو
الطبق المفضل لتلك الشهية.
ثم ما إن دارت رياح الغزاة الصليبيين نحو المشروع النووي الإيراني،
وبدأت الهمهمة تتنقل إلى الكلام المسموع عن رغبة أمريكا بتنحية
(الطائفيين)، في إشارة واضحة إلى إرادة أمريكية بريطانية لعزل
الصفويين الموالين لإيران في العراق، عن آلة الدولة، أو إضعاف يدهم
عليها؛ إذ قد استنفذ المشروع الصليبي الحاجة إليهم، على الأقل وقتياً،
فبيدقهم على رقعة الشطرنج يحسن تنحيته قليلاً إلى مكان آخر إلى حين.
ولضمان هدوء نسبي في المشهد العراقي في المرحلة القادمة وهي مرحلة
التصعيد ضد إيران -سوريا- حزب حسن نصر في لبنان.
ما إن حدث ذلك كله حتى إنفجر الوضع فجأة في العراق بتفجير مفتعل بوضوح
للقبة في سامراء، ثم للشارع العراقي.
والعجب والله كم كانت المؤامرة واضحة، وكـم عمي عنها المغفلون:
فأولاً: لقد قصف الأمريكيون النجف وقبتها هناك، ووطأت أقدامهم أرضها،
وعاثوا فيها، وقتلوا أكثر من مائتين، فلم يحرك المراجع ساكناً، بل هرب
السيستاني إلى بريطانيا ثم عاد يبحث عن مخرج!!
وثانياً: من يصدق هذه القصة المضحكة، لقد كانت قبة سامراء في حراسة
حكومة جعفري، وتحت سيطرتها المشددة، وقد منع التجول حولها، ثم فجأة
يأتي -كما تزعم رواية الحكومة الصفوية في العراق- الذين يقتلون الحرس
الوطني وشرطة جعفري في كل العراق ويبحثون عنهم في كل زاوية، يأتون
فلايهريقون هناك قطرة دم، بل يربطون الحراس، ويفجرون القبة وحدها، و
ينصرفون دون أن يقتلوا أو يقتل منهم أحد!!
ثم يُقتل الصحفيون الذين أشاروا إلى تورط مغاوير الشرطة في محاولة
لدفن بعض شهود القصة الحقيقية، وتختفي هذه الجريمة أعني قتل الشرطة
للصحفيين فلا يكاد يذكر ملابساتها أحـد!!
ولك أن تعجـب كيف تم تفجير القبة الـتـي هي رابع (أقدس) -وقد بيّنا
تحريم الشريعة الإسلامية للبناء على القبور واتخاذ المساجد عليها كما
في فتوى في الموقع- مكان للشيعة، فلم يمت أحد دون تفجيرها الذي تم بكل
سهولة ويسر!!
وثالثاً: لماذا فجّرت القبة في هذا الوقت، وقد استعصى على جعفري تكوين
حكومته؟
لأن الأمريكيين لايريدون له أن ينفرد وحزبه بالدولة، وانقسمت عليه
الأمور، واضطربت الأحوال، وغدا الأمريكيون يخرجون فضائح وفظائع حكومته
وصولاغ إلى العلن، من سراديب التعذيب المهولة، بعدما كانوا يتسترون
عليها.
وقد كان المجاهدون في أوقات كثيرة مضت أقدر على تفجير القبة، فلم
يفعلوا؟! فلماذا يفعلون ذلك الآن؟
ورابعاً: لم يجهل أحد أن الصفويين كانوا مستعدين قبل تفجير القبة لما
فعلوه من جرائم، فقد أعدت اللافتات، وهيئت المظاهرات، وقاموا بقوة
الشرطة بجمع السلاح من بيوت السنة في بعض مناطق الجنوب، ثم تم حرق
وتدمير أكثر من 160 مسجداً في 24 ساعة فقط، وتم قتل أعداد كبيرة من
أئمة المساجد وأهل السنة، كل ذلك حدث بسرعة وتنظيم لايخفى على أحد أنه
كان معداً مسبقاً وقبل حدث التفجير.
خامساً: دعوة ما يمسى (بالمراجع العظام) للتظاهر بعد التفجير مباشرة،
وقبل معرفة الفاعل، إيذان واضح بتفجـير الوضع في العراق وإشعال النار
على أهل السنة، وقد كانوا يعلنون شيئاً، ويوعزون إلى أتباعهم في
الخفاء القتل وسفك الدماء، ويظنون أن فعلهم هذا الدنيء يخفى على أهل
السنة.
سادساً: ليس أحد بحاجة إلى خلط الأوراق بالعراق، أكثر من إيران وهي
تواجه ضغطاً متصاعداً بسبب برنامجها النووي، وهاهي دول الخليج تصدر
تصريحات مفهومة بوضوح إلى أنها ستكون أرض إنطلاق الهجوم على
إيران.
سابعاً: منذ أن انطلق الجهاد السني المبارك في العراق وجميع جهوده
موجهة لقتال الغزاة وأعوانهم، لم يضيعوا متفجراتهم، ولم يخاطروا
بجنودهم، إلا في مواجهة إحتلال هو أخطر قبة يراد له أن تنصب على أمة
الإسلام في تاريخه، وكل أولوياتهم متجهة إلى هذا الهدف، وقد صرحوا بأن
تفجير القبة من تدبير فيلق بدر وحكومة الصفويين التـي بات هاجس انقلاب
حليفهم الصليبي عليهم هــو قلقهم الأكبـر في العراق.
وقد ذكرنا بما لانشك فيه بحمد الله، ولم نشك قط، أن الصليبين منهزمون،
وأن الخونة الصفويين الذين رضوا أن يمتطي الصليبيون ظهورهم لسفك دماء
المسلمين سيلحقون بهم، بإذن الله وحوله وقوته، وسيفضح الله كل
مؤامراتهم الخبيثة ودسائسهم الدنيئة في أهل الإسلام، كما كانت سنّتهم
فيما مضى، وهي سنة الله فيهم { وَلَن
تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }.
وأخيراً.. فنهيب بالعلماء والمفكرين والعقلاء أن يعوا حقيقة المؤامرة،
وأن يترفعوا عن ترديد شعارات الغوغاء، وعن خلط الأوراق؛ فالمؤامرة
واضحة: عدوان صفوي حاقد مدبر بمؤامرة خبيثة لقتل أهل السنة وعزلهم،
والسطو على العراق وتمكين المشروع الصفوي الإيراني من الامتداد فيه ثم
منه إلى الخليج، مستغلاً الغزو الصليبي لأمتنا.
فاعقلوا وتعقـّـلوا، ودعوا عنكم السذاجة وأبصروا الحقيقة كماهي،
وانقلوها للناس كما هي من غير تزييف ولاتحريف، ولا خلط للأوراق.
حددوا العدو، وبينوا خططه ومكائده، وبصّروا أهل السنة بالخطر المحدق
بهم في العراق والخليج وكل مكان..
عدو صهيوصليبي، وآخر صفوي متدثّر بالرفض، يتآمران على أمتنا، إن ضرب
الله بعضهم ببعض وهذا ما نسأل الله أن يحدث قريباً، ففتح من الله
تعالى ورحمة، وإن تعاونا علينا استعنا بالله عليهما، { وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللّهِ
نَصِيرًا }، وحسبنا الله ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير
.
{ وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ
مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي
سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللَّهُ
يُحِبُّ الصَّابِرِينَ . وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ
ربَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا
وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ .
فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ
وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوَاْ
إِن تُطِيعُواْ الَّذِينَ كَفَرُواْ يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ
فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ . بَلِ اللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ
النَّاصِرِينَ . سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرُّعْبَ
بِمَا أَشْرَكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا
وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ }