إنهم يسبون مذمماً وهو محمد
أبو الهيثم محمد درويش
فمن أعظم وسائل نصرته صلى الله عليه وسلم اتباع سنته واجتناب كل بدعة
وضلالة نهى عنها صلى الله عليه وسلم...
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
بسم الله نبدأ، وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم نسير..
ابتلاء تلو ابتلاء..
وتتوالى الابتلاءات تترى على أمة محمد صلى الله عليه وسلم..
اجتياح للديار، وسفك للدماء، وهتك للأعراض، وعبث بالعقائد..
وعمّت البلوى وطمّت بالإساءة لرسول الله صلى الله عليه وسلم..
لمّا سبّ المشركون رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول « إنهم يشتمون مذمماً وأنا محمّد ».
وبنفس المنطق نقول لمن يسيئ لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم
تسبون مذمماً وهو محمد صلى الله عليه وسلم، الذي تضافرت وتواترت
الأخبار من الكتب السماوية والمقالات الإنسانية لعقلاء الغرب والشرق
قديماً وحديثاً على أنه بلغ الكمال الإنساني في الصفات.
قال القرآن عنه { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ
اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء
بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ
اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ
السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي
الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ
فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ
الْكُفَّارَ } [الفتح:29].
وجاء على لسان عيسى عليه السلام في الإنجيل "أنطلق فإن لم أنطلق لم
يأتكم المنحمنا, ذلك الي يوبخ العالم على خطيئته"
والمنحمنا توافق في اللاتينية كثير الحمد، والتي توافق من الأسماء
العربية محمد أو أحمد, وذلك مصداقاً لقول الله تعالى على لسان عيسى {
وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن
بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ } [الصف:6]. ويقول الإنجيل عن يحيى
عليه السلام "وانطلق يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهود توبوا فقد
اقترب ملكوت السماء"، أي قانون السماء, فهذه بشارة باقتراب قانون
سماوي جديد ولم يأتِ قانون من السماء بعد يحيى -الذي واكب حياة المسيح
عليهما السلام- إلا القرآن الكريم الذي أنزله الله على محمد صلى الله
عليه وسلم.
كما أقرّ عقلاء النصارى والمسلمين بكمال صفاته الإنسانية صلى الله
عليه وسلم, فهذا قائد من أعظم قادتهم عبر التاريخ وعالم من أعلامهم
وحكمائهم يقر بذلك, فيما روى البخاري من حديث قصة هرقل القائد الرومي
الكبير والعالم النصراني الشهير وأبو سفيان بن حرب:
"حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ:
أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِي قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ
اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ
حَرْبٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ هِرَقْلَ أَرْسَلَ إِلَيْهِ فِي رَكْبٍ مِنْ
قُرَيْشٍ، وَكَانُوا تِجَارًا بِالشَّأْمِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَادَّ
فِيهَا أَبَا سُفْيَانَ وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ، فَأَتَوْهُ وَهُمْ
بِإِيلِيَاءَ، فَدَعَاهُمْ فِي مَجْلِسِهِ وَحَوْلَهُ عُظَمَاءُ
الرُّومِ، ثُمَّ دَعَاهُمْ وَدَعَا بِتَرْجُمَانِهِ فَقَالَ:
أَيُّكُمْ أَقْرَبُ نَسَبًا بِهَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ
أَنَّهُ نَبِي؟
فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَقُلْتُ: أَنَا أَقْرَبُهُمْ نَسَبًا
.
فَقَالَ: أَدْنُوهُ مِنِّي، وَقَرِّبُوا أَصْحَابَهُ فَاجْعَلُوهُمْ
عِنْدَ ظَهْرِهِ.
ثُمَّ قَالَ لِتَرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُمْ إِنِّي سَائِلٌ هَذَا
الرَّجُلِ، فَإِنْ كَذَبَنِي فَكَذِّبُوهُ. فَوَاللَّهِ لَوْلَا
الْحَيَاءُ مِنْ أَنْ يَأْثِرُوا عَلَي كَذِبًا لَكَذَبْتُ
عَنْهُ.
ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَنْ قَالَ: كَيْفَ
نَسَبُهُ فِيكُمْ؟
قُلْتُ: هُوَ فِينَا ذُو نَسَبٍ.
قَالَ: فَهَلْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ مِنْكُمْ أَحَدٌ قَطُّ
قَبْلَهُ؟
قُلْتُ: لَا.
قَالَ: فَهَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ مَلِكٍ؟
قُلْتُ: لَا.
قالَ: فَأَشْرَافُ النَّاسِ يَتَّبِعُونَهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟
فَقُلْتُ: بَلْ ضُعَفَاؤُهُمْ.
قَالَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟
قُلْتُ: بَلْ يَزِيدُونَ.
قَالَ: فَهَلْ يَرْتَدُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ
أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ؟
قُلْتُ: لَا.
قَالَ: فَهَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ
يَقُولَ مَا قَالَ؟
قُلْتُ: لَا.
قَالَ: فَهَلْ يَغْدِرُ؟
قُلْتُ: لَا، وَنَحْنُ مِنْهُ فِى مُدَّةٍ لَا نَدْرِى مَا هُوَ
فَاعِلٌ فِيهَا.
قَالَ: وَلَمْ تُمْكِنِّى كَلِمَةٌ أُدْخِلُ فِيهَا شَيْئًا غَيْرُ
هَذِهِ الْكَلِمَةِ.
قَالَ: فَهَلْ قَاتَلْتُمُوهُ؟
قُلْتُ: نَعَمْ.
قَالَ: فَكَيْفَ كَانَ قِتَالُكُمْ إِيَّاهُ؟
قُلْتُ: الْحَرْبُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ سِجَالٌ، يَنَالُ مِنَّا
وَنَنَالُ مِنْهُ.
قَالَ: مَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟
قُلْتُ: يَقُولُ: اعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ
شَيْئًا، وَاتْرُكُوا مَا يَقُولُ آبَاؤُكُمْ. وَيَأْمُرُنَا
بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ
وَالصِّلَةِ.
فَقَالَ لِلتَّرْجُمَانِ: قُلْ لَهُ سَأَلْتُكَ عَنْ نَسَبِهِ
فَذَكَرْتَ أَنَّهُ فِيكُمْ ذُو نَسَبٍ، فَكَذَلِكَ الرُّسُلُ
تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا. وَسَأَلْتُكَ هَلْ قَالَ أَحَدٌ
مِنْكُمْ هَذَا الْقَوْلَ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقُلْتُ: لَوْ كَانَ
أَحَدٌ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ قَبْلَهُ، لَقُلْتُ رَجُلٌ يَأْتَسِى
بِقَوْلٍ قِيلَ قَبْلَهُ. وَسَأَلْتُكَ هَلْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ مِنْ
مَلِكٍ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، قُلْتُ: فَلَوْ كَانَ مِنْ آبَائِهِ
مِنْ مَلِكٍ، قُلْتُ رَجُلٌ يَطْلُبُ مُلْكَ أَبِيهِ وَسَأَلْتُكَ:
هَلْ كُنْتُمْ تَتَّهِمُونَهُ بِالْكَذِبِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا
قَالَ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، فَقَدْ أَعْرِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ
لِيَذَرَ الْكَذِبَ عَلَى النَّاسِ وَيَكْذِبَ عَلَى اللَّهِ.
وَسَأَلْتُكَ: أَشْرَافُ النَّاسِ اتَّبَعُوهُ أَمْ ضُعَفَاؤُهُمْ؟
فَذَكَرْتَ أَنَّ ضُعَفَاءَهُمْ اتَّبَعُوهُ، وَهُمْ أَتْبَاعُ
الرُّسُلِ. وَسَأَلْتُكَ: أَيَزِيدُونَ أَمْ يَنْقُصُونَ؟ فَذَكَرْتَ
أَنَّهُمْ يَزِيدُونَ، وَكَذَلِكَ أَمْرُ الْإِيمَانِ حَتَّى يَتِمَّ.
وَسَأَلْتُكَ: أَيَرْتَدُّ أَحَدٌ سَخْطَةً لِدِينِهِ بَعْدَ أَنْ
يَدْخُلَ فِيهِ؟ فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الْإِيمَانُ حِينَ
تُخَالِطُ بَشَاشَتُهُ الْقُلُوبَ. وَسَأَلْتُكَ: هَلْ يَغْدِرُ؟
فَذَكَرْتَ أَنْ لَا، وَكَذَلِكَ الرُّسُلُ لَا تَغْدِرُ.
وَسَأَلْتُكَ: بِمَا يَأْمُرُكُمْ؟ فَذَكَرْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ
أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ، وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا،
وَيَنْهَاكُمْ عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَيَأْمُرُكُمْ
بِالصَّلَاةِ وَالصِّدْقِ وَالْعَفَافِ، فَإِنْ كَانَ مَا تَقُولُ
حَقًّا فَسَيَمْلِكُ مَوْضِعَ قَدَمَي هَاتَيْنِ. وَقَدْ كُنْتُ
أَعْلَمُ أَنَّهُ خَارِجٌ لَمْ أَكُنْ أَظُنُّ أَنَّهُ مِنْكُمْ،
فَلَوْ أَنِّي أَعْلَمُ أَنِّي أَخْلُصُ إِلَيْهِ لَتَجَشَّمْتُ
لِقَاءَهُ، وَلَوْ كُنْتُ عِنْدَهُ لَغَسَلْتُ عَنْ قَدَمِهِ.
ثُمَّ دَعَا بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ الَّذِي بَعَثَ بِهِ دِحْيَةُ إِلَى عَظِيمِ بُصْرَى،
فَدَفَعَهُ إِلَى هِرَقْلَ، فَقَرَأَهُ، فَإِذَا فِيهِ: بِسْمِ
اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ
وَرَسُولِهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ. سَلَامٌ عَلَى مَنْ
اتَّبَعَ الْهُدَى. أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ
الْإِسْلَامِ، أَسْلِمْ تَسْلَمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ
مَرَّتَيْنِ. فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ
الْأَرِيسِيِّينَ { قُلْ يَا أَهْلَ
الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ
أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ
يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن
تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } [آل
عمران:64].
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: فَلَمَّا قَالَ مَا قَالَ، وَفَرَغَ مِنْ
قِرَاءَةِ الْكِتَابِ، كَثُرَ عِنْدَهُ الصَّخَبُ، وَارْتَفَعَتْ
الْأَصْوَاتُ، وَأُخْرِجْنَا. فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي حِينَ
أُخْرِجْنَا: لَقَدْ أَمِرَ أَمْرُ ابْنِ أَبِي كَبْشَةَ، إِنَّهُ
يَخَافُهُ مَلِكُ بَنِى الْأَصْفَرِ. فَمَا زِلْتُ مُوقِنًا أَنَّهُ
سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ عَلَى الْإِسْلَامَ. وَكَانَ
ابْنُ النَّاظُورِ -صَاحِبُ إِيلِيَاءَ وَهِرَقْلَ - سُقُفًّا عَلَى
نَصَارَى الشَّأْمِ، يُحَدِّثُ أَنَّ هِرَقْلَ حِينَ قَدِمَ
إِيلِيَاءَ، أَصْبَحَ يَوْمًا خَبِيثَ النَّفْسِ، فَقَالَ بَعْضُ
بَطَارِقَتِهِ: قَدْ اسْتَنْكَرْنَا هَيْئَتَكَ. قَالَ ابْنُ
النَّاطورِ: وَكَانَ هِرَقْلُ حَزَّاءً يَنْظُرُ فِى النُّجُومِ،
فَقَالَ لَهُمْ حِينَ سَأَلُوهُ: إِنِّى رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ حِينَ
نَظَرْتُ فِى النُّجُومِ مَلِكَ الْخِتَانِ قَدْ ظَهَرَ، فَمَنْ
يَخْتَتِنُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟ قَالُوا: لَيْسَ يَخْتَتِنُ
إِلَّا الْيَهُودُ، فَلَا يُهِمَّنَّكَ شَأْنُهُمْ، وَاكْتُبْ إِلَى
مَدَائنِ مُلْكِكَ فَيَقْتُلُوا مَنْ فِيهِمْ مِنْ الْيَهُودِ.
فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى أَمْرِهِمْ، أُتِى هِرَقْلُ بِرَجُلٍ أَرْسَلَ
بِهِ مَلِكُ غَسَّانَ، يُخْبِرُ عَنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمَّا اسْتَخْبَرَهُ هِرَقْلُ قَالَ:
اذْهَبُوا فَانْظُرُوا أَمُخْتَتِنٌ هُوَ أَمْ لَا؟ فَنَظَرُوا
إِلَيْهِ، فَحَدَّثُوهُ أَنَّهُ مُخْتَتِنٌ، وَسَأَلَهُ عَنْ
الْعَرَبِ فَقَالَ: هُمْ يَخْتَتِنُونَ. فَقَالَ هِرَقْلُ: هَذَا
مُلْكُ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدْ ظَهَرَ. ثُمَّ كَتَبَ هِرَقْلُ إِلَى
صَاحِبٍ لَهُ بِرُومِيَةَ، وَكَانَ نَظِيرَهُ فِى الْعِلْمِ. وَسَارَ
هِرَقْلُ إِلَى حِمْصَ، فَلَمْ يَرِمْ حِمْصَ حَتَّى أَتَاهُ كِتَابٌ
مِنْ صَاحِبِهِ يُوَافِقُ رَأْى هِرَقْلَ عَلَى خُرُوجِ النَّبِي
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَّهُ نَبِي. فَأَذِنَ
هِرَقْلُ لِعُظَمَاءِ الرُّومِ فِي دَسْكَرَةٍ لَهُ بِحِمْصَ، ثُمَّ
أَمَرَ بِأَبْوَابِهَا فَغُلِّقَتْ، ثُمَّ اطَّلَعَ فَقَالَ: يَا
مَعْشَرَ الرُّ ومِ، هَلْ لَكُمْ فِي الْفَلَاحِ وَالرُّشْدِ، وَأَنْ
يَثْبُتَ مُلْكُكُمْ فَتُبَايِعُوا هَذَا النَّبِي؟ فَحَاصُوا
حَيْصَةَ حُمُرِ الْوَحْشِ إِلَى الْأَبْوَابِ فَوَجَدُوهَا قَدْ
غُلِّقَتْ، فَلَمَّا رَأَى هِرَقْلُ نَفْرَتَهُمْ وَأَيِسَ مِنْ
الْإِيمَانِ قَالَ: رُدُّوهُمْ عَلَى. وَقَالَ: إِنِّي قُلْتُ
مَقَالَتِي آنِفًا أَخْتَبِرُ بِهَا شِدَّتَكُمْ عَلَى دِينِكُمْ،
فَقَدْ رَأَيْتُ. فَسَجَدُوا لَهُ وَرَضُوا عَنْهُ، فَكَانَ ذَلِكَ
آخِرَ شَأْنِ هِرَقْلَ. رَوَاهُ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ وَيُونُسُ
وَمَعْمَرٌ عَنْ الزُّهْرِي.
صحيح البخاري.
وجاء من أقوال حكماء العالم في العصر الحديث ما أفردت قليله فيما يلي
وقد نقلته من جمع الكتور خالد الشايع في محاضرة قيمة:
1- يقول ( مهاتما غاندي ) في حديث لجريدة "ينج إنديا": "أردت أن أعرف
صفات الرجل الذي يملك بدون نزاع قلوب ملايين البشر.. لقد أصبحت
مقتنعاً كل الاقتناع أن السيف لم يكن الوسيلة التي من خلالها اكتسب
الإسلام مكانته، بل كان ذلك من خلال بساطة الرسول، مع دقته وصدقه في
الوعود، وتفانيه وإخلاصه لأصدقائه وأتباعه، وشجاعته مع ثقته المطلقة
في ربه وفي رسالته. هذه الصفات هي التي مهدت الطريق، وتخطت المصاعب
وليس السيف. بعد انتهائي من قراءة الجزء الثاني من حياة الرسول وجدت
نفسي أسِفاً لعدم وجود المزيد للتعرف أكثر على حياته العظيمة".
2- يقول البروفيسور ( راما كريشنا راو ) في كتابه (محمد النبيّ) : "لا
يمكن معرفة شخصية محمد بكل جوانبها. ولكن كل ما في استطاعتي أن أقدمه
هو نبذة عن حياته من صور متتابعة جميلة.
فهناك محمد النبيّ، ومحمد المحارب، ومحمد رجل الأعمال، ومحمد رجل
السياسة، ومحمد الخطيب، ومحمد المصلح، ومحمد ملاذ اليتامى، وحامي
العبيد، ومحمد محرر النساء، ومحمد القاضي، كل هذه الأدوار الرائعة في
كل دروب الحياة الإنسانية تؤهله لأن يكون بطلا ".
3- يقول المستشرق الكندي الدكتور ( زويمر ) في كتابه (الشرق وعاداته)
: إن محمداً كان ولا شك من أعظم القواد المسلمين الدينيين، ويصدق عليه
القول أيضاً بأنه كان مصلحاً قديراً وبليغاً فصيحاً وجريئاً مغواراً،
ومفكراً عظيماً، ولا يجوز أن ننسب إليه ما ينافي هذه الصفات، وهذا
قرآنه الذي جاء به وتاريخه يشهدان بصحة هذا الادعاء".
4- يقول المستشرق الألماني ( برتلي سانت هيلر ) في كتابه (الشرقيون
وعقائدهم) : "كان محمد رئيساً للدولة وساهراً على حياة الشعب وحريته،
وكان يعاقب الأشخاص الذين يجترحون الجنايات حسب أحوال زمانه وأحوال
تلك الجماعات الوحشية التي كان يعيش النبيُّ بين ظهرانيها، فكان النبي
داعياً إلى ديانة الإله الواحد، وكان في دعوته هذه لطيفاً ورحيماً حتى
مع أعدائه، وإن في شخصيته صفتين هما من أجلّ الصفات التي تحملها النفس
البشرية، وهما: العدالة والرحمة".
5- ويقول الانجليزي ( برناردشو ) في كتابه (محمد)، والذي أحرقته
السلطة البريطانية: "إن العالم أحوج ما يكون إلى رجلٍ في تفكير محمد،
هذا النبي الذي وضع دينه دائماً موضع الاحترام والإجلال ، فإنه أقوى
دين على هضم جميع المدنيات، خالداً خلود الأبد، وإني أرى كثيراً من
بني قومي قد دخلوا هذا الدين على بينة، وسيجد هذا الدين مجاله الفسيح
في هذه القارة (يعني أوروبا).
إنّ رجال الدين في القرون الوسطى، ونتيجةً للجهل أو التعصّب، قد رسموا
لدين محمدٍ صورةً قاتمةً، لقد كانوا يعتبرونه عدوًّا للمسيحية، لكنّني
اطّلعت على أمر هذا الرجل، فوجدته أعجوبةً خارقةً، وتوصلت إلى أنّه لم
يكن عدوًّا للمسيحية، بل يجب أنْ يسمَّى منقذ البشرية، وفي رأيي أنّه
لو تولّى أمر العالم اليوم، لوفّق في حلّ مشكلاتنا بما يؤمن السلام
والسعادة التي يرنو البشر إليها".
6- ويقول ( سنرستن الآسوجي ) أستاذ اللغات السامية، في كتابه (تاريخ
حياة محمد): "إننا لم ننصف محمداً إذا أنكرنا ما هو عليه من عظيم
الصفات وحميد المزايا، فلقد خاض محمد معركة الحياة الصحيحة في وجه
الجهل والهمجية، مصراً على مبدئه، وما زال يحارب الطغاة حتى انتهى به
المطاف إلى النصر المبين، فأصبحت شريعته أكمل الشرائع، وهو فوق عظماء
التاريخ".
7- ويقول المستشرق الأمريكي ( سنكس ) في كتابه (ديانة العرب): "ظهر
محمد بعد المسيح بخمسمائة وسبعين سنة، وكانت وظيفته ترقية عقول البشر،
بإشرابها الأصول الأولية للأخلاق الفاضلة، وبإرجاعها إلى الاعتقاد
بإله واحد، وبحياة بعد هذه الحياة".
8- ويقول (مايكل هارت) في كتابه (مائة رجل في التاريخ): "إن اختياري
محمداً، ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء،
ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين:
الديني والدنيوي.
فهناك رُسل وأنبياء وحكماء بدءوا رسالات عظيمة، ولكنهم ماتوا دون
إتمامها، كالمسيح في المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم، أو سبقهم إليهم
سواهم، كموسى في اليهودية، ولكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته
الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته. ولأنه أقام
جانب الدين دولة جديدة، فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضاً، وحّد
القبائل في شعـب، والشعوب في أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور
دنياها، ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم. أيضاً في حياته، فهو
الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية، وأتمها".
9- ويقول الأديب العالمي (ليف تولستوي) الذي يعد أدبه من أمتع ما كتب
في التراث الإنساني قاطبة عن النفس البشرية: "يكفي محمداً فخراً أنّه
خلّص أمةً ذليلةً دمويةً من مخالب شياطين العادات الذميمة، وفتح على
وجوههم طريقَ الرُّقي والتقدم، وأنّ شريعةَ محمدٍ، ستسودُ العالم
لانسجامها مع العقل والحكمة".
10- ويقول الدكتور (شبرك) النمساوي: "إنّ البشرية لتفتخر بانتساب رجل
كمحمد إليها، إذ إنّه رغم أُمّيته، استطاع قبل بضعة عشر قرنًا أنْ
يأتي بتشريع، سنكونُ نحنُ الأوروبيين أسعد ما نكون، إذا توصلنا إلى
قمّته".
11- ويقول الفيلسوف الإنجليزي ( توماس كارليل) الحائز على جائزة نوبل
يقول في كتابه (الأبطال): "لقد أصبح من أكبر العار على أي فرد متحدث
هذا العصر أن يصغي إلى ما يقال من أن دين الإسلام كذب ، وأن محمداً
خدّاع مزوِّر .
وإن لنا أن نحارب ما يشاع من مثل هذه الأقوال السخيفة المخجلة ؛ فإن
الرسالة التي أدَّاها ذلك الرسول ما زالت السراج المنير مدة اثني عشر
قرناً لنحو مائتي مليون من الناس ، أفكان أحدكم يظن أن هذه الرسالة
التي عاش بها ومات عليها هذه الملايين الفائقة الحصر والإحصاء أكذوبة
وخدعة؟!".
12- جوتة الأديب الألماني: "إننا أهل أوربة بجميع مفاهيمنا، لم نصل
بعد إلى ما وصل إليه محمد، وسوف لا يتقدم عليه أحد، ولقد بحثت في
التاريخ عن مثل أعلى لهذا الإنسان، فوجدته في النبي محمد... وهكذا وجب
أن يظهر الحق ويعلو، كما نجح محمد الذي أخضع العالم كله بكلمة
التوحيد".
تلك بعض أقوال مشاهير العالم في محمد نبي الرحمة عليه الصلاة والسلام،
فلماذا المزايدات التي تضر ولا تنفع، وتهدم ولا تبني!
وقد أوردت السنة النبوية صفاته صلى الله عليه وسلم صفاته الخلقية كما
تراه فهل هذا الذي نورد صفاته هو من سبه الأفاكون من الدانمارك.
أولاً:
صفاته الخَلقية: وبعد ذكر الصفات سألحق المصادر الحديثية وكتب
السيرة.
أولاً: الوجه والشعر:
تصف أم معبد رضي الله عنها لزوجها.. الرسول صلى الله عليه وسلم لمّا
مرّ بخيمتها في حادثة الهجرة قائلة: "ظاهر الوضاءة, أبلج الوجه" (أي
مستنير الوجه أبيضه)، ويقول على وهو ينعت الرسول صلى الله عليه وسلم:
"وكان في الوجه تدوير وكان ابيضاً". وقال أبو الطفيل رضي الله عنه:
"كان أبيض, مليح الوجه"، وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: "كان أزهر
اللون", وقال البراء رضي الله عنه: "كان أحسن الناس وجهاً". وسُئل
البراء رضي الله عنه: أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟
قال: لا بل كان مثل القمر، وفي رواية بل كان وجهه مستديراً. وقال أبو
هريرة رضي الله عنه: "ما رأيت شيئاً أحسن من رسول الله كأنّ الشمس
تجري في وجهه". وقال جابر بن سمرة رضي الله عنه: رأيته في ليلة
أضحيان, فجعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنظر إلى القمر
-وعليه حلة حمراء- فإذا هو أحسن عندي من القمر. وقال كعب بن مالك رضي
الله عنه "كان إذا سر استنار وجهه, كأنه قطعة قمر" , وعرِق مرة وهو
عند عائشة فجعلت تبرك أسارير وجهه, فتمثّلت له بقول أبي كبير
الهذلي:
برقت كبرق العارض المتهلل
وكان عمر رضي الله عنه ينشد قول زهير في هرم بن سنان:
كنـــــت المضيــئ ليـلــة البدر
ثم يقول كذلك كان رسول الله صلى الله عليه و سلم.
أما تفاصيل وجهه صلى الله عليه وسلم فورد فيها ما يلي :
تقول أم معبد رضي الله عنها: "في عينيه دعج (سواد العين), وفي أشفاره
وطف (في شعر أجفانه طول)، وفي صوته صحل (بحة وخشونة), وفي عنقه سطع
(طول), أحور أكحل, أزج (الحاجب الرقيق في الطول)". وقال ابن عباس رضي
الله عنه: "كان أفلج الثنيتين (بعيد ما بين الأسنان ), إذا تكلم رؤي
كالنور يخرج من بين ثناياه.
وقال جابر بن سمرة رضي الله عنه: "كان ضليع الفم (عظيم الفم -والعرب
تمدح هذه الصفة-, أشكل العين (طويل شق العين)". وجاء في خلاصة السير
أنه "أقنى العرنين (ارتفع أعلى أنفه واحدودب وسطه وضاق منخراه, وهي
غاية الجمال لمنظر الأنف, والعرنين أي الأنف وما صلب منه), وفي لحيته
كثاثة. وقال أبو جحيفة رضي الله عنه: رأيت بياضاً تحت شفته السفلى:
العنفقة". وقال عبد الله بن بسر رضي الله عنه: "كان في عنفقته شعرات
بيض", وجاء في مشكاة المصابيح "وكان إذا غضب احمرّ وجهه، حتى كأنه فقئ
في وجنته حب الرمان".
وأما شعره صلى الله عليه وسلم: قالت أم معبد رضي الله عنها: "شديد
سواد الشعر"، وقال علي رضي الله عنه: "لم يكن بالجعد القطط (الملتوي
الشعر شديد الجعودة) ولا بالسبط (المسترسل شديد النعومة)". قال
البراء: "له شعر يبلغ شحمة أذنيه", "وكان يسدل شعره أولاً لحبه متابعة
أهل الكتاب, ثم فرق رأسه بعد", وقال أنس: "قبض وليس في رأسه ولحيته
عشرون شعرة بيضاء".
ثانياً: باقي جسده الشريف:
تقول أم معبد رضي الله عنها: "لا تقحمه عين من قصر، ولا تشنؤه من
طول". وقال عليّ رضي الله عنه: "لم يكن بالطويل الممغط, ولا القصير
المتردد, وكان ربعة من القوم" وقال أيضاً: "جليل المشاش والكتد
(المشاش أي عظيم رؤوس العظام كالمرفقين والكتفين والركبتين أما الكتد
فهو مجتمع الكتفين وهو الكاهل), دقيق المسربة (الشعر الدقيق كأنه قضيب
من الصدر إلى السرة", أجرد (ليس في البدن شعر), شثن الكفين والقدمين
(الغليظ الأصابع من الكفين والقدمين).
وقال البراء رضي الله عنه: "كان مربوعاً ما بين القدمين". وجاء في
خلاصة السير "من لبته إلى سرته شعر يجري كالقضيب, ليس في بطنه ولا
صدره شعر غيره, أشعر الذراعين والمنكبين, سواء الصدر والبطن, مسيح
الصدر عريضه, طويل الزند, رحب الراحة, سبط القصب (يريد ساعديه وساقيه
بلا تعقد ولا نتوء)".
وقال أنس رضي الله عنه: "ما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف
النبي، ولا شممت ريحاً قط أو عرفاً قط, وفي رواية: ما شممت عنبراً قط
ولا مسكاً ولا شيئاً أطيب من ريح أو عرف رسول الله".
وقال أبو جحيفة رضي الله عنه: "أخذت بيده, فوضعتها على وجهي, فإذا هي
أبرد من الثلج, وأطيب رائحة من المسك". وقال جابر بن سمرة رضي الله
عنه -وكان صبياً -: مسح خدّي، فوجدت ليده برداً أو ريحاً كأنما أخرجها
من جونة عطار (التي يعد فيها الطيب). وقال أنس رضي الله عنه: كأن عرقه
اللؤلؤ . وقالت أم سليم رضي الله عنها: هو من أطيب الطيب.
وفي مسلم "كان بين كتفيه خاتم النبوة مثل بيضة الحمامة, يشبه جسده,
وكان عند ناغص كتفه اليسرى, جمعاً عليه خيلان كأمثال الثآليل(الثآليل:
الحبة التي تظهر في الجلد).
ثالثاً: مظهره العام صلى الله عليه وسلم:
تقول أم معبد رضي الله عنها: "إذا صمت علاه الوقار, وإذا تكلّم علاه
البهاء, أجمل الناس وأبهاهم من بعيد وأحسنه وأحلاه من قريب, حلو
المنطق, فضل لا نزر ولا هذر (لا قليل ولا كثير), كأن منطقه خرزات نظمن
يتحدرن, غصن بين غصنين, فهو أنظر الثلاثة منظراً وأحسنهم قدراً, له
رفقاء يحفّون به, إذا قال استمعوا لقوله, وإذا أمر تبادروا إلى أمره,
محفود, محشود, لا عابس ولا مفند (المحفود: الذي يخدمه أصحابه ويعظمونه
ويسارعون في طاعته, والمحشود: الذي يجتمع إليه الناس, ولا مفند: أي لا
يهجن أحداً ويستقل عقله, بل جميل المعاشرة, حسن الصحبة, صاحبه كريم
عليه".
وقال علي رضي الله عنه: "إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب, وإذا التفت
التفت معاً, بين كتفيه خاتم النبوة وهو خاتم النبيين, أجود الناس كفاً
وأجرأ الناس صدراً, وأصدق الناس لهجة, وأوفى الناس ذمة, وألينهم
عريكة, وأكرمهم عشرة, من رآه بديهة هابه, ومن خالطه معرفة أحبه, يقول
ناعته: لم أر قبله ولا بعده مثله".
وقال أبو هريرة رضي الله عنه: "ما رأيت أحداً أسرع في مشيه من رسول
الله صلى الله عليه وسلم كأنما الأرض تطوى له, وإنا لنجهد أنفسنا,
وإنه لغير مكترث".
فهل بعد كل هذا نقر لهم أنهم سبوا رسولنا صلى الله عليه وسلم؟!
والله ماسبوا إلا مذمماً هيئه لهم خيالهم المريض وخوائهم الروحي
والعقائدي.
وأخيراً:
أذكّر أحبابي أنّ معرفة صفاته صلى الله عليه وسلم إنما غاية المقصود
منها محبته, ولا تتمّ المحبة إلا بالاتباع, ولو لم يتم الاتباع فهو
برئ من كل مبتدع غير دينه من بعده؛ يقول تعالى { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ
أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ
أَلِيمٌ } [النور:63]. قال ابن كثير رحمه الله : "أمره: أي
منهجه وطريقته وسنته"
قال تعالى { وَيَوْمَ يَعَضُّ
الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ
الرَّسُولِ سَبِيلًا } [الفرقان:27].
فمن أعظم وسائل نصرته صلى الله عليه وسلم اتباع سنته واجتناب كل بدعة
وضلالة نهى عنها صلى الله عليه وسلم, وكذا نشر صفاته وتعاليم دينه, إن
لم يكن باللسان فبالمال من خلال نشر الشريط أو الكتاب أو الكتيب
الإسلامي.
كذا أدعو الأمة شعوباً وحكومات لعقد مقاطعة شاملة لكل دولة تسب النبي
صلى الله عليه وسلم وتسيء لجنابه على مستوى الأفراد والحكومات, فأما
الأفراد فبمقاطعة البضائع والمنتجات الخاصة بالدول المعتدية وعلى
رأسها الدانمارك, وأما الحكومات بسحب السفراء وتعليق العلاقات حتى يتم
الاعتذار الرسمي والوعد المحقق بالتوبة عن هذا الفعل الشنيع وعدم
العودة لهذه الأفعال مرة أخرى.
وأخيراً، لو أننا طبقنا شرعه صلى الله عليه وسلم لتحقق لنا النصر
والتمكين، ولخافنا وهابنا كل ماكر لعين..
اللهم حكّم شرعك، وانصر كتابك، وأذل من عادى نبيك، وانتصر
لأولياءك..
_____________________________
المراجع : الصفات مجموعة بغير هذا الترتيب في كتاب "الرحيق المختوم/
لصفي الرحمن المباركفوري نقلاً عن صحيح البخاري ومسلم, زاد المعاد,
ابن هشام, مشكاة المصابيح, جامع الترمذي, والشمائل للترمذي, خلاصة
السير.