هذه حقيقة بنات الرياض !!

ملفات متنوعة

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -


رؤية ونقد لرواية (بنات الرياض)

كتبها / خالد بن عبدالعزيز الباتلي
المحاضر بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
[email protected]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
فقد ضجت أوساط المجتمع في الآونة الأخيرة برواية صدرت عن الكاتبة رجاء عبدالله الصانع بعنوان "بنات الرياض"، وصارت حديث الناس في المجالس والمنتديات ووسائل الإعلام وغيرها.
وقد تيسر لي قراءة الكتاب كاملاً قراءة متأنية، ولا أخفيكم أني صعقت مما قرأت حتى صرت أراجع نفسي: ما هي الرياض التي تتحدث عنها الكاتبة؟ أهي الرياض التي أعرفها وعشت فيها قبل أن تولد الكاتبة؟ أم أن هناك مدينة أخرى بهذا الاسم في أمريكا أو أوروبا أو أستراليا؟

أيها الفضلاء.. اسمحوا لي أن أنقلكم إلى بستان أنيق، وروضة غناء، كأنها العروس في جمالها وحليها، توزعت بين أرجائها ملايين الأزهار التي تنوعت في أشكالها وألوانها الزاهية، وهي تضوع عبيرا كالمسك الفياح، وانتشرت في جوانب تلك الروضة أشجار خضراء مورقة جميلة، وقد اصطف على أغصانها طيور تصدح وتسبح، وبين تلك الأشجار تنساب جداول من المياه الرقراقة الصافية، وقد اكتست الأرض ببساط أخضر يشرح الصدر ويسر الخاطر.

وكل من دخل تلك الروضة لايملك إلا أن يسبح الله تعالى على جميل خلقه وبديع صنعه، ودخلها يوما رجل من الناس فتجول في أنحائها، ثم أراد أن يصفها للناس بمقالة ينشرها، فكتب عن زهرة متعفنة تفوح منها رائحة خبيثة رآها في زاوية من زوايا البستان، ثم تحدث عن ديدان وحشرات مقززة رآها تحت بعض الحشائش هناك، وهكذا استطرد في وصف منفر من تلك الروضة وما فيها، ولما نقم عليه الناس وتعجبوا من كلامه - وهم الذين يعرفون الروضة جيدا وما عليه من جمال وبهاء - قال لهم ذلك الرجل: أنا أتكلم عن الواقع، ولم أكتب إلا عن أشياء موجودة ورأيتها في البستان!.

أيها الإخوة.. هذا المثال ينطبق تماما على رواية (بنات الرياض) فما ذكرته الكاتبة عن حال صديقاتها كحال ما ذكره ذاك الرجل عن تلك الروضة، أمر لاينكر وجوده على الإطلاق لكن على نطاق ضيق جدا لايستحق الذكر، فضلا عن النشر، فضلا عن أن يقدم واقعا لبنات الرياض.

أيها الأحبة... سوف أكتب لكم رأيي في هذه الرواية الذي يشاركني فيه السواد الاعظم من أهل الرياض، وما كان لي أن أسود هذه الأوراق لولا انتشار الرواية وتلبيس بعض الكتاب بالثناء العجيب على هذا العمل الروائي غير المسبوق. وسوف أحرص في طرحي على الموضوعية والهدوء بعيداً عن التشنج أو الاندفاع، وسيكون ذلك على شكل وقفات متسلسلة حرصاً على ترتيب الأفكار وتناسق الكلام.
وقبل أن أشرع في المقصود أعتذر للقراء عما يرد في هذه الوقفات من كلام يمس العقيدة أو الأخلاق، أو كلام مجانب للحياء، لكن دفعني لذكر هذه الأمثلة ضرورة توثيق الكلام، ودفع تهمة الاندفاع العاطفي والحماس الزائد التي تكال جزافاً على أهل الخير.

الوقفة الأولى: فكرة الرواية.
تدور فكرة الرواية حول أربع صديقات من بنات الرياض اصطلحت الكاتبة على تسميتهن: قمرة ولميس وسديم ومشاعل (ميشيل).
تقول ص10: "آثرت تحريف القليل من الأحداث مع تغيير الكثير من الأسماء، حفاظاً على العيش والملح، بما لا يتعارض مع صدق الرواية ولا يخفف من لذع الحقيقة".
وتسرد الكاتبة ما حصل لهؤلاء الأربع بكلام تضمن مخالفات متنوعة وبلايا ورزايا، ثم تنشره باسم "بنات الرياض".

الوقفة الثانية: المخالفات العقدية.
نقلت الكاتبة ص 189 ما نصه: " متى أحبت المرأة، كان الحب عندها ديناً، وكان حبيبها موضع التقديس والعبادة".
وتقول ص276: " لا تعتقد ميشيل أنها ستتفق يوماً وقدرها على رجل مناسب لها، فبينها وبين القدر ثأر قديم... إن هي ارتضت رجلاً لنفسها أباه القدر، وإن هي كرهته، ألقى به القدر تحت قدميها".
وتقول ص69: " في يوم الفالنتاين أو عيد الحب، ارتدت ميشيل قميصاً أحمر وحملت حقيبة من اللون نفسه، وكذلك بالنسبة إلى شريحة كبيرة من الطالبات، فاصطبغ الحرم الجامعي باللون الأحمر، ثياباً وزهوراً ودمىً. كان العيد أيامها تقليعة جديدة استلطفها الشبان الذين صاروا يجولون في سياراتهم في الشوارع مستوقفين كل فتاة جميلة ليقدموا لها وردة حمراء ملفوفاً على ساقها "الرقم"، واستلطفتها الشابات اللواتي وجدن أخيراً من يهديهن وروداً حمراء كما في الأفلام". ثم تقول بعد ذلك: "يمنع الاحتفال بعيد الحب في بلادنا ولا يُمنع الاحتفال بعيد الأم أو الأب مع أن الحكم الشرعي واحد. مضطهد أنت أيها الحب في هذا البلد".

إلى جانب مخالفات أخرى في هذا الباب أشير إليها، ومنها:
1. الرجوع إلى الأبراج والترويج لكتبها، وهذا منثور في مواضع من الرواية. انظر مثلاً: ص143، ص137، ص64، ص225.
2. الاحتفال بعطلة رأس السنة. انظر مثلاً: ص63، ص105، ص209، ص318.
3. قراءة الكف والفنجان. انظر ص65.
4. الاحتفال بعيد الميلاد. انظر ص121.

الوقفة الثالثة: الهمز واللمز بالدين وأهله.
تقول ص54: " ذهلت ميشيل مرة عند سماعها إحدى الطالبات وراءهما تستغفر بحنق عندما سمعت بالصدفة وصف لميس للفستان الذي سترتديه الليلة في عرس ابنة عمتها".
وتصف الكاتبة فئة المستقيمين على الدين من الرجال فتقول ص82: "بالنسبة للرجل، تتلخص فئة المطاوعة في نوعين: الأول "صايع وتطوع"، والثاني "خاف أن يصيع فتطوع"، وكلا النوعين يخشى أن يصيع بعد الزواج، ولذلك فإنهم عادة ما يتزوجون أكثر من زوجة واحدة ويفضلون أن تكون زوجاتهم على الدرجة نفسها من الالتزام الديني أو أكثر".
وانظر ص60 التندر بالحجاب والمحافظة عليه.
وتقول ص 171 ـ بعد أن أشارت إلى أن قمرة تعرضت لحادث في لبنان ـ: "لكنها لم تجرِ عملية تجميل بعده كما عرض عليها الطبيب، لأنها تؤمن كما يؤمن الجميع بأن عمليات التجميل حرام".

الوقفة الرابعة: مخالفات شرعية متنوعة.
طفح الكتاب بمخالفات شرعية في مواضع كثيرة، وأذكر من ذلك على سبيل المثال:
1. السفر بلا محرم.
انظر مثلاً: سفر سديم إلى لندن بمفردها ص73.
2. نزع الحجاب.
وذلك في مواضع من الرواية، ومنها على سبيل المثال: تقول ص73: "قبل هبوط الطائرة في مطار هيثرو، توجهت سديم نحو حمام الطائرة وقامت بنَزع عباءتها وغطاء شعرها لتكشف عن جسم متناسق يلفه الجينـز والتي شيرت الضيقان، ووجه بريء التقاطيع تزينه حمرة الخدود الخفيفة "البلاشر" وقليل من الماسكارا ومسحة من ملمع "لب قلوس" للشفاه".
3. تربية الكلاب.
تقول في وصف أحد اللقاءات بين فيصل وميشيل "مشاعل" ص105: "أمسك فيصل بكلب ميشيل المدلل "باودر" يداعبه، وهو كلب أبيض صغير من فصيلة البودل".
4. التبني.
تقول ص 107 على لسان ميشيل وهي تخاطب عشيقها فيصل: "عدنا بعد ذلك بثلاث سنوات إلى الرياض ومعنا مشعل. هل تصدق أنني أنا التي اخترت ميشو من بين مئات الأطفال حتى يكون أخاً لي؟ لقد شعرت حينها بأنني أصنع القدر".
5. سماع الأغاني.
وهذا في مواضع كثيرة جداً من الرواية.

الوقفة الخامسة: قلة الحياء وبذاءة الألفاظ.
تقول الكاتبة عن نفسها ص158: " أنا كأي فتاة في سني، بل كأي إنسان في أي مكان ! فرقي الوحيد عنهم أنني لا أتوارى ولا أحب السكوت ولا أستحي مما أنا عليه".
وتقول ص 159: "أعجبت لميس بعلي لطوله قبل كل شيء ! كان معظم الشباب الذين تلتقيهم أقصر منها أو في مثل طولها الذي يبلغ مئة وستة وسبعين سنتيمتراً. كان طول علي لا يقل عن مائة وتسعين سنتيمتراً، وكانت سمرته الجذابة المشربة بحمرة وحاجباه الكثان، تضفي عليه سحراً ورجولة طاغية".

وتقول ص 166: " كان الهاتف هو المتنفس الوحيد تقريباً للحب الذي جمع سديم بفراس، مثل كثير من الأحباء في بلدهما. لذلك أسلاك الهاتف في هذه البلاد كانت قد اتسعت أكثر من غيرها في البلدان الأخرى لتتحمل كل ما يسري فيها من قصص العشاق وتنهداتهم وتأوهاتهم وقبلاتهم التي لا يمكنهم "أو هم لا يريدون، نظراً للتعاليم الدينية والتقاليد الاجتماعية" استراقها على أرض الواقع".
وذكرت حواراً بين سديم وامرأة أخرى تذكر فيه سديم علاقتها القوية مع عشيقها فراس، وكان مما قالته لها ص 191: "تخيلي أنه مرة من المرات راح بنفسه للصيدلية الساعة أربعة الفجر عشان يجيب لي "أولويز" لأن سواقي كان نايم".

وتتابع الوصف ص193: " أتخيل نفسي وأنا أستقبله كل يوم في بيتنا بعد الزواج وهو راجع من الدوام تعبان. أجلّسه هو على الكنب وأجلس أنا على الأرض قدامه. أتخيل نفسي أغسل رجوله بموية دافية وأبوسهم وامسح بهم على وجهي".
وتقول ص256: "كانت سديم ترقص في مكانها مغمضة عينيها وهي تطقطق بإصبعيها الإبهام والوسطى مع أنغام الأغنية، مع هزة من كتفيها بين الحين والآخر، بينما تحرك قمرة ذراعيها وساقيها باستمرار دون توافق مع اللحن، وعيناها شاخصتان إلى الأعلى. أما لميس فتهز وسطها وردفيها وكأنها ترقص رقصاً مصرياً وتردد مع الطقاقة كلمات الأغنية".
وتنقل ص267 حواراً بين سديم وقمرة دار في زواج صديقتهما لميس بنِزار تقول فيه سديم: "وهذا نزار ما غير يبوس راس لميس كل شوي ويدينها وخدودها وما خلا شي".
وكانت الكاتبة قد وصفت عرس قمرة على راشد فقالت ص19: "انصرف الرجال بعد دقائق قليلة، توجه بعدها العروسان نحو قاعة الطعام لقطع قالب الحلوى، تتبعهما المقربات من الحاضرات. هناك هتفت صديقات العروس بحماس: "عاوزين بوسة" فابتسمت أم راشد واحمر وجه أم قمرة، أما راشد فحدّجهن بنظرة أسكتتهن في لحظة. لعنتهن قمرة في سرها لإحراجها أمامه بهذا الأسلوب، ولعنته أكثر لإحراجه إياها أمام صديقاتها بعدم تقبيلها".

وتقول ص20 في وصف الأيام الأولى من زواج قمرة: "قمرة على طرف السرير، في غرفتها بفندق جورجونيه في فينيسيا. تمسح فخذيها وقدميها بمزيج مبيض من الجليسرين والليمون أعدته لها والدتها، وقاعدتها الذهبية تملأ ذهنها: "لا تصيري سهلة..." التمنع هو السر لإثارة شهوة الرجل. لم تسلم أختها الكبرى نفلة نفسها لزوجها إلا في الليلة الرابعة، ومثلها أختها حصة، وها هي ذي قمرة تحطم الرقم القياسي ببلوغها الليلة السابعة بعد زواجها دون أن يمسها راشد حتى الآن، مع أنها كانت على استعداد للتخلي عن نظريات والدتها بعد أول ليلة معه، عندما نزعت ثوب زفافها وارتدت قميص نومها السكري".

وتقول ص 26 في وصف إحدى السهرات لتلك الصديقات التي سحبت عليهن بنات الرياض: " وُزعت الشيش الجديدة في الخيمة لأن شيش الأب تنتقل معه حيثما يسافر. أعدت الخادمة الفحم وأخذت الأغاني تصدح وبدأ الجميع بالرقص والتعسيل ولعب الورق، حتى قمرة جربت المعسل هذه المرة بعد أن أقنعتها سديم بأن "الواحدة ما تتزوج كل يوم" وأعجبها معسل العنب أكثر من غيره". وأعتذر عن إكمال بقية الكلام.
وتقول ص 31 في وصف ما يدور بين شباب وبنات الرياض - في نظرها -: "اشترى فيصل كوبين من القهوة المثلجة له ولها وجال بها في سيارته الفخمة في شوارع الرياض". ثم تقول: "بعد ساعتين أو أكثر بقليل أعاد فيصل ميشيل إلى منزل أم نوير بعد أن أدار لها رأسها أكثر مما توقعت بكثير".

وتنقل الكاتبة قصيدة من قصائد نزار قباني ص32 جاء فيها:
" نلف نساءنا بالقطن .. ندفنهن في الرمل .. ونملكهن كالسجاد.. كالأبقار في الحقل.. ونرجع آخر الليل.. نمارس حقنا الزوجي كالثيران والخيل.. نمارسه خلال دقائق خمس.. بلا شوق، ولا ذوق ولا ميل".
وتصف الكاتبة إحدى اللقاءات بين وليد وسديم فتقول ص39: "كان يدعوها مرة كل أسبوعين على العشاء في مطعم فخم، أما في باقي الأماسي فقد كان يجلب معه طعاماً أو حلويات تحبها. كانا يقضيان الوقت في الحديث والضحك أو في مشاهدة فيلم استعاره من أصدقائه أو استعارته هي من صديقاتها، ثم بدأت الأمور تتطور، حتى ذاقت طعم القبلة الأولى. كان معتاداً على تقبيل وجنتيها كلما قدم لزيارتها أو أراد توديعها، إلا أن وداعه لها تلك الليلة كان أشد سخونة من ذي قبل. ربما كان للفيلم الذي شاهداه معاً دور في خلق الجو المناسب حتى يطبع على شفتيها العذراوين قبلة طويلة".

وتصف لقاءً آخر بينهما تم في بيت سديم فتقول ص40: " ارتدت في تلك الليلة قميص النوم الأسود الشفاف الذي اشتراه لها ورفضت أن ترتديه أمامه يومها، ودعته للسهر في بيتها من دون علم والدها الذي كان يقضي الليلة مخيماً في البر مع أصدقائه. الورد الأحمر الذي نثرته على الأريكة، والشموع المنتشرة هنا وهناك، والموسيقى الخافتة التي تنبعث من جهاز التسجيل المخفي، كلها أمور لم تثر انتباه وليد كما أثاره القميص الأسود الذي يكشف من جسمها أكثر مما يخفي. وبما أن سديم كانت قد نذرت نفسها تلك الليلة لاسترضاء حبيبها وليد فقد سمحت له بالتمادي معها حتى تزيل ما في قلبه من ضيق تجاه تأجيلها لزفافهما. لم تحاول صده كما اعتادت أن تفعل من قبل إذا ما حاول تجاوز الخطوط الحمراء التي كانت قد حددتها لنفسها وله في بداية أيامهما بعد عقد القران. كانت قد وضعت في ذهنها أنها لن تنال رضاه الكامل حتى تعرض عليه المزيد من "أنوثتها" ، ولا مانع من ذلك في سبيل إرضاء وليد الحبيب".

وتصف الحال بينهما بعد أن قرر وليد الانفصال عنها، فتقول ص42: " هل اعتقد وليد أنها فتاة "مجربة" !!؟؟ هل كان يفضل أن تصده ؟؟ هي لم تفعل أكثر من التجاوب معه بالطريقة التي تراها على شاشة التلفاز أو تسمعها من صديقاتها المتزوجات أو المجربات، وقام هو بالبقية".
وذكرت الكاتبة مثالاً للخلافات بين قمرة وزوجها راشد فتقول ص91: "فحينما أراد تركيب جهاز استقبال للقنوات التلفزيونية، اختار الباقة التي تضم قنواته المفضلة، مع أنها لا تضم قناة "إتش بي" أو التي تعرض مسلسلها المفضل "سكس آند ذا سيتي"، المسلسل الذي يتحدث عن العلاقة بين الرجال والنساء، وتتابعه قمرة بشغف"
فهذه الأمثلة وغيرها مما تركت؛ أقدمها لمن يبجل الرواية، ويقول: ما قالت شي غلط، ما قالت إلا الواقع!!.
وأقول: ماهو الغلط إذن بعد هذا كله؟!.

* إضاءة:
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت" رواه البخاري.

الوقفة السادسة: لَمْزُ جهات الدولة الحكومية.
تقول الكاتبة الشابة منتقدة صمام الأمان بإذن الله في مجتمعنا "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ص160: "خلال أحد لقاءات لميس بعلي في أحد المقاهي في شارع الثلاثين، انقضت عليهما جوقة من رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر محاطين بأفراد من الشرطة واقتادوهما بسرعة إلى سيارتين منفصلتين من نوع الجمس "الجي أم سي" توجهتا بهما نحو أقرب مركز للهيئة. هناك تم أخذ كل من لميس وعلي في غرفة على حده، وبدأ التحقيق معهما. لم تستطع لميس تحمل الأسئلة الجارحة التي وُجهت إليها، راحوا يسألونها عن تفاصيل علاقتها بعلي بفظاظة، ويسمعونها كلمات تخجل من التلفظ بها أمام أقرب صديقاتها، فانهارت باكية بعد أن جاهدت ساعات لتبدو واثقة من نفسها ومقتنعة بفعلها الذي لا تعتقد أن فيه ما يشين. وفي الغرفة المجاورة كان المحقق يضغط على علي الذي فقد أعصابه أمام ادعاءات الرجل بأن لميس قد اعترفت بكل شيء وأن لا مجال أمامه للإنكار".

ثم تقول ص 161: " شعرت لميس بالشفقة على علي بعد أن سمعت الشرطي يهمس في أذن والدها في مبنى الهيئة أنهم اكتشفوا أن الفتى الذي كان معها من الرافضة، وأن عقابه سوف يكون أقسى بكثير من عقابها هي. لأول مرة تجد في الرياض اضطهاداً لفئة من المواطنين أكثر من اضطهادهم لأهل الحجاز".
وتتندر الكاتبة من جهود المسؤولين في الجامعات في حماية بناتنا مما يسمى بعيد الحب، فتقول ص 71: " في السنوات التي تلت كان التفتيش يتم على الملابس قبل أن تنزع الطالبة عباءتها عند البوابة، حتى يتسنى للمفتشات إعادتها مع سائقها إلى منزلها بمجرد العثور على أية دليل للجريمة الحمراء في حوزتها، حتى وإن كان الأحمر، ربطة للشعر".
وتقول ص 97: " سمعت أن مدينة الملك عبد العزيز تسعى لحجب مواقع البريد الإلكتروني التي أبعث رسائلي الأسبوعية من خلالها، من باب سد الذرائع ودرء المفاسد".

الوقفة السابعة: إفساد الفتاة.
دأبت الكاتبة على تشويه صورة بنات الرياض وأنه لا هم لهن سوى البحث عن الشباب وإقامة العلاقة معهم، وما يتبع ذلك من تهوين الخلوة والاتصالات بين الجنسين، وهذا مبثوث في الكتاب وكثير جداً.
تقول ص31: " فمثلاً عندما أرادت ميشيل أن تلتقي بحبيبها فيصل، التقت به في بيت أم نوير، ثم عرضت عليه الخروج لتناول القهوة أو الآيس كريم في أي مكان. كانت تلك هي المرة الأولى التي تلتقي فيها ميشيل فيصل بعد أن قام بـ "ترقيمها" في السوق. لم ترد ميشيل أن تخبره بخطتها مسبقاً حتى لا يتمكن من الاستعداد للموعد وحتى تتمكن من رؤيته على طبيعته. عندما خرجت لتركب معه في سيارته صدمت بأنه أكثر وسامة بكثير بالبنطال الجينز والتي شيرت واللحية غير المهذبة مما بدا عليه في السوق وهو يرتدي الثوب الأنيق والشماغ الفالنتيونو. لاحظت أن لباسه هذا يبرز عضلات صدره وساعديه بشكل جذاب جداً. اشترى فيصل كوبين من القهوة المثلجة له ولها وجال بها في سيارته الفخمة في شوارع الرياض".
وانظر ص 238، ص224 في العلاقة بين لميس ونزار.
ص251 في العلاقة بين ميشيل مع حمدان.
ص124، ص258-262 في العلاقة بين سديم مع فراس.
ص313 في العلاقة بين سديم مع طارق.

وتقول ص24 في وصف إحدى الوقائع لتلك البنات في مدينة الرياض: "عند مدخل السوق، نزلت الفتيات تتبعن مجموعة لا يستهان بها من الشباب، الذين وقفوا حائرين أمام رجل الأمن "السيكيورتي" الذي لا يسمح بدخول العزاب إلى السوق بعد صلاة العشاء. انصرف المستضعفون ولم يبق سوى شاب واحد، تجرأ وتقدم نحو ميشيل التي بدا واضحاً له ولغيره من المطاردين منذ البداية - لجمال وجهها ونعومة تقاطيعه التي عجزت عن إخفائها - أنها ولميس فتاتان جريئتان تبحثان عن المغامرة، وطلب منها أن تسمح له بالدخول معهن كفرد من العائلة مقابل ألف ريال. ذهلت ميشيل لجرأته إلا أنها وافقت سريعاً، وسارت وبقية صديقاتها إلى جانبه وكأنه فرد من المجموعة. داخل السوق، تفرقت الفتيات إلى مجموعتين، مجموعة البنات تترأسهن سديم، ومجموعة الشبان المكونة من لميس وميشيل وإلى جانبهما ذلك الشاب الوسيم." ثم تتابع فتقول: "ضحك الشاب الوسيم معهما ودعاهما إلى العشاء في مطعم فاخر خارج السوق إلا أن ميشيل رفضت الدعوة. أعطاها ورقتين من فئة الخمسمائة بعد أن خط رقم هاتفه الجوال على إحداهما. واسمه الكامل على الأخرى"

وتقول ص103: " وجدت ميشيل في فيصل كل ما كانت تبحث عنه في الرجل، فقد كان يختلف عن بقية الشباب الذين تعرفت عليهم منذ استقرارها في السعودية، وأكبر دليل على ذلك استمرار العلاقة بينهما لما يقارب العام، مع أن أطول علاقاتها السابقة لم تدم أكثر من ثلاثة أشهر. كان فيصل شاباً متحضراً، يعرف تماماً كيف يتعامل مع المرأة ولا يستغل الفرص كما يفعل الآخرون، كان لديه العديد من الصديقات كما كان لدى ميشيل العديد من الأصدقاء".

وتربي الفتيات على التمرد على الحشمة والحياء فتقول ص131: "ظلت ميشيل بانتظار قبولها في إحدى الجامعات هناك حتى تحزم أمتعتها وترحل عن هذا البلد الذي يسوس أفراده كما البهائم ـ كما تكرر لنفسها ـ. لن ترضى لنفسها أن يملي أحد عليها ما يجب أن تفعله وما لا يجب ! إذاً فما فائدة الحياة ؟! إنها حياتها وحدها وستحرص على أن تعيشها بالطريقة التي تحلوا لها... لها فقط".
وفي ص134-138 سردت حواراً طويلاً بين سديم وعشيقها فراس وقد تضمن من قلة الأدب وخلع جلباب الحياء ما أستحي من نقله هنا.

الوقفة الثامنة: نقد واقع البلد من المحافظة والتمسك بالقيم الأخلاقية.
انتشر في ثنايا الكتاب النقد واللمز بما عليه الواقع في هذا البلد الطيب من إظهار لشعائر الدين وتمسك بالقيم والمبادئ الأخلاقية وسأذكر بين يدي القارئ الكريم أمثلة على ذلك:
تقول ص202 وهي تنقل عن سديم حديثها لصديقاتها عن عشيقها فراس: "ما أكذب عليكم، بصراحة أنا بعد كنت ميتة أبغى أشوفه ! طول السنة اللي فاتت ما شفته بسبب دراستي وشغله، ولأننا اثنينا متفقين على إن المقابلات بيننا في الرياض بتكون صعبة ومحرجة وغير مريحة مثل برا. برا الواحد ياخذ راحته وأقدر أقابله بأي مكان عام لكن هنا لأ. قابلته في مطعم رايق وجلسنا نسولف مع بعض. كانت جلسة حلوة".

وتقول ص207: " اكتشفت ميشيل أن وباء التناقض في بلدها قد استفحل حتى طال أبويها، فوالدها الذي كانت تجده رمزاً نادراً للحرية المغتصبة في هذه البلاد قد حطم بنفسه هذا الإطار الفخم الذي وضعته بداخله ليثبت أن (من عاشر القوم صار منهم)" ثم تتابع فتقول: "يبدو أن والديها أيضاً قد نالا نصيبهما من هذه البيئة المتناقضة التي انغرسا في تربتها خلال السنين الأخيرة".
وتقول ص208 في وصف حالة ميشيل ووالديها: "الهجرة إلى دبي؛ قرار اتخذه الأبوان بعد عجزهما عن الانسجام مع المجتمع السعودي المتزمت، وتدخل الجميع في شؤون بعضهم".
وتقول ص142: " ميشيل لم تكن تتحدث سوى عن فساد المجتمع وتخلفه ورجعيته وتعقيداته، وقد كانت في غاية الحماسة للسفر بعد غد حتى تبدأ حياتها من جديد في بيئة صحية غير هذه البيئة المتعفنة التي تجلب المرض".

وتقول ص 141: "تنفست أم نوري الصعداء، فهي تعرف أن الشذوذ قد لا يُعد مرضاً في أمريكا، لكنه يُعد مصيبة حيث تعيش هي وابنها" تعني في الرياض.
وتقول ص 209 عن والدة مشاعل: "أما والدتها فستنال قسطاً أكبر من الحرية والتقدير اللذين حُرمت منهما أثناء معيشتها داخل السعودية".
وتقول ص230: "شعرت لأول مرة ـ أي ميشيل ـ بتحررها الفعلي من جميع القيود التي كانت مفروضة عليها من قبل" أي بعد أن غادرت السعودية إلى دبي.
وتقول ص250: "لا تصدق ميشيل أن صديقتها سديم تعتبر السعودية الدولة الإسلامية الوحيدة في العالم. فالإمارات دولة إسلامية في نظر ميشيل لكنها توفر الحرية الدينية والاجتماعية لشعبها، وهذا هو الصحيح في نظرها".

وتقول ص 103: "لم يخطر ببالها قبل تعرفها إلى فيصل أن بإمكان الشاب السعودي أن يكون رومانسياً كغيره من شباب العالم المتحضر".
وتقول ص300 عن ميشيل وهي تحضر مناسبة زواج عشيقها السابق (فيصل): "إنه احتفال خاص بها للاعتراف بنجاحها وصمودها؛ احتفال بتحررها من أن تصبح عبدة للتقاليد كبقية النساء التعيسات اللواتي تغص بهن القاعة".
وتقول ص 104 عن ميشيل وعلاقتها بفيصل: "فرغم أن صديقاتها كن يدركن مدى كراهيتها للمجتمع السعودي وتقاليده الصارمة واستهزائها بما يفرضه على الفتاة من قيود، إلا أن ما بداخلها من صراع حضاري كان بحاجة لعقل واعٍ وفكرٍ مستنير وشخص متفتح الذهن حتى يستوعب ما يدور في ذهنها من تداخلات. وجدت ميشيل لذتها بعد ذلك مع فيصل، الذي أدرك تماماً ما تعانيه، فصارت تبث همومها في كل حين".

وتقول في الصفحة نفسها: "تؤمن أم نوير بالحب ولم تحاول يوماً تصويره للشابات الأربع على أنه نجاسة يجب الترفع عنها، إلا أنها كانت تعلم أن الحب الصادق لا يجد له متنفساً في هذا البلد، وأن أية علاقة مهما كانت عفيفة لا بد من أن تُقابل بالرفض والكبت اللذين قد يدفعان أبطالها للوقوع في الكثير من الأخطاء".
وتقول ص305 على لسان ميشيل: "يا سديم أنا ما تخليت عن فيصل لأني ما كنت صادقة في حبه مثل ما تتصورين. أنا كنت أموت بفيصل، لكن المجتمع هنا كان كله ضده وضدي، أنا عندي ثقة تامة بنفسي وبأني أقدر أواجه الصعوبات اللي بتوقف في طريقي، لكن الصراحة ما عندي الثقة نفسها في فيصل ولا في أي أحد ينتمي لهالمجتمع المريض".
وتقول الكاتبة ص 105: "لو أنني سأقف عند كل خطأ يُرتكب في هذا المجتمع المتناقض لما انتهيت من الحديث قط".
أقول: نحن في انتظار وشوق إلى جهودك الإصلاحية في إصلاح أخطاء هذا المجتمع!.

وتقول ص306: "تأكدي يا سديم أن فراس وفيصل رغم الفارق الكبير في السن بينهم لكن اثنينهم من طينة واحدة؛ سلبية وضعف واتباع للعادات والتقاليد المتخلفة حتى إن استنكرتها عقولهم المتنورة ! هاذي هي الطينة اللي خُلق منها شباب هذا المجتمع للأسف. هذولي مجرد أحجار شطرنج يحركها أهاليهم، ويفوز في اللعبة اللي أهله أقوى ! أنا كان ممكن أتحدى كل العالم لو كان حبيبي من غير هذا المجتمع الفاسد اللي يربي أبناءه على الكونترادكشنز والدوبل ستاندردز؛ التناقضات وازدواجية المعايير مثل ما يقولون ".
وتقول ص 56:" ميشيل التي قدمت من كليتها بالملز خصيصاً للتحقق من ما هية شانز عليشة، أصيبت بخيبة أمل كبيرة، وندبت حظها الذي أجبرها على دخول الجامعة في السعودية بدلاً من أمريكا. لمجرد أن عماتها اجتهدن في حشو رأس والدها المتفتح بأفكار بالية. حذرنه من مغبة السماح لها بالدراسة وحدها في الخارج، لأن الفتيات اللواتي يقمن بذلك يكثر حولهن الكلام فلا يجدن من يتزوج منهن بعد عودتهن إلى البلاد. الطامة الكبرى كانت في اقتناع أبيها المتحضر فجأة بهذه السخافات".

وفي ص84 تم تصنيف نساء المجتمع إلى ثلاث فئات:
أ. فئة المطوعة.
ب. فئة النص ونص.
ج. فئة المتحررة أو (المجربة).
وتقول ص113 ضد من ثار ونقم على كتاباتها: "أليس أحرى بهؤلاء الناقمين إن أرادوا الثورة، أن يثوروا على أفكار بشعة وتقاليد مريضة بدلاً من أن يثوروا على من تحاول فقط الحديث عنها؟".
وتصف المجتمع فتقول ص129: "إنهم لا يؤمنون بالحب لا يؤمنون سوى بموروثاتهم وتقاليدهم عبر السنين، فكيف السبيل إلى إقناعهم؟".
وتصف حالة ميشيل بعد أن تخلى عنها عشيقها فيصل ص130 فتقول: "على الرغم من جرحه لها إلا أنها متأكدة من أن فيصل قد أحبها بصدق عنيف، وما زال يحبها كما تحبه، لكنه ضعيف وسلبي وخاضع لإرادة المجتمع التي تشل إرادة أفراده. إنه مجتمع معجون بالتناقضات وعليها إما أن تتقبل تناقضاته وتخضع لها، أو أن تغادره للعيش في مجتمع أكثر تحرراً يضمن لأفراده حياة أكثر استقلالية".

الوقفة التاسعة: ثقافة الخمور والمسكرات.
لقد أتحفتنا الكاتبة بفائدة نفيسة كم كنا غافلين عنها، وهي: ثقافة بنات الرياض - اللاتي قدمتهن للعالم متمثلات في صديقاتها - بالخمور والمسكرات: أنواعها وألوانها.
تقول ص 26: "تشاركت لميس مع ميشيل تلك الليلة في شرب زجاجة الشامبين الغالية التي أخذتها الأخيرة من خزانة والدها للمشروبات الخاصة بالمناسبات الهامة. زفاف قمرة كان جديراً بزجاجة من الدون بيرنيو. كانت ميشيل تعرف الكثير عن البراندي والفودكا والواين وغيرها من أنواع الكحول. علمها والدها كيف تقدم له النبيذ الأحمر مع اللحوم، والأبيض مع الأطباق الأخرى، لكنها لم تكن تشاركه الشرب إلا في المناسبات".
وتقول ص186 في وصف رحلة مشاعل مع ابن خالتها ماتي: "في مزرعة ويليام أو بيلي كما يناديه الجميع، تذوقت أفضل أنواع المربى الطازجة واللحوم المشوية والمعكرونة المحضرة من قمح المزرعة، إلى جانب أفخر أنواع النبيذ من الشاردونيه والكابرنيه سوفنيو".

الوقفة العاشرة: تشويه صورة بنات الرياض، وتعميم هذه السخافات على بنات المجتمع.
وهذا من جرأة الكاتبة العجيبة في زمن العجائب، فهاهي تقول ص206: "أنا لا أكتب شيئاً عجيباً أو مستنكراً كل ما أقوله تعرفه البنات جيداً في مجتمعي أو في محيطي، والدليل أن كل واحدة منهن الآن تقرأ إيميلي كل أسبوع وتقول هذه أنا".

ثم تصف أعمال شلة البنات التي قدمتها مثالاً على بنات الرياض فتقول ص23: "أعدت الشلة ترتيباتها الخاصة قبل حفلة العرس لعمل ما يشبه الباتشلوريت بارتي التي يقيمونها للعروس في الغرب قبل زفافها. لم يردن إقامة حفل دي جي كما جرت عليه العادة مؤخراً، حيث تقوم صديقات العروس بعمل الحفل الراقص الضخم والذي قد يشتمل أحياناً على وجود مطربة (طقاقة)، ودعوة جميع الصديقات القريبات والمعارف بدون علم العروس (أو في الغالب بعلمها مع ادعاء العكس)، وتتكفل الشلة التي تقيم الحفلة بجميع التكاليف التي لا تقل عن بضعة آلاف من الريالات. أرادت الفتيات شيئاً جديداً هذه المرة، صرعة من اختراعهن لتقلدهن الأخريات فيما بعد. وصلت قمرة محمرة الوجه والجسم بعد الحمام المغربي وفتلة الوجه والحلاوة. كان الاجتماع في منزل ميشيل التي ارتدت بنطالاً فضفاضاً به الكثير من الجيوب مع سترة ضخمة لتخفي معالم الأنوثة منها، وطاقية "بندانة"خبأت تحتها شعرها، ونظارة شمسية ملونة لتبدو كمراهق أفلت من رقابة والديه. وارتدت لميس ثوباً أبيض رجالياً مع شماغ وعقال فبدت لطولها وجسمها الرياضي شاباً وسيماً ناعماً بعض الشيء. أما بقية الفتيات فارتدين العباءات المخصرة والمطرزة مع لثمات تغطي ما بين الأنف والنحر، وتبرز جمال أعينهن المكحلة وعدساتهن الملونة ونظاراتهن الغريبة. تولت ميشيل التي تحمل رخصة قيادة دولية قيادة جيب الإكس فايف ذي النوافذ المعتمة كلياً، والذي تدبرت استئجاره من أحد معارض تأجير السيارات باسم السائق الحبشي. اتخذت لميس مكانها إلى جانب ميشيل بينما تراصت بقية الفتيات وهن خمس في المقاعد الخلفية، وارتفع صوت المسجل مصحوباً بغناء الفتيات ورقصهن. كان محل القهوة الشهير في شارع التحلية أول محطة توقفن عندها، ومن الزجاج المظلل أدرك الشبان بفراستهم أن في الإكس فايف صيداً ثميناً، فأحاطوا بالسيارة من كل جانب! بدأ الموكب يسير نحو المجمع التجاري الكبير في شارع العليا والذي كان محطتهن الثانية. دونت الفتيات ما تيسر لهن من أرقام الهواتف التي جاد بها الشباب، إما بترديد المميز منها، أو باللوحات المعدة مسبقاً لتعليقها خلف نوافذ السيارة بحيث تراها الفتيات في السيارات المجاورة بوضوح، أو بالبطاقات الشخصية التي يمد الجريئون من الفتيان أيديهم بها عبر النوافذ لتلتقطها الجريئات من الفتيات أيضاً. عند مدخل السوق، نزلت الفتيات تتبعهن مجموعة لا يستهان بها من الشبان، الذين وقفوا حائرين أمام رجل الأمن "السيكيورتي" الذي لا يسمح بدخول العزاب إلى السوق بعد صلاة العشاء. انصرف المستضعفون ولم يتبق سوى شاب واحد، تجرأ وتقدم نحو ميشيل التي بدا واضحاً له ولغيره من المطاردين منذ البداية - لجمال وجهها ونعومة تقاطيعه التي عجزت عن إخفائها - أنها ولميس فتاتان جريئتان تبحثان عن المغامرة، وطلب منها أن تسمح له بالدخول معهن كفرد من العائلة مقابل ألف ريال. ذهلت ميشيل لجرأته إلا أنها وافقت سريعاً، وسارت وبقية صديقاتها إلى جانبه وكأنه فرد من المجموعة".

وتقول ص58: "كان حلم الاختلاط بالشباب حلماً كبيراً بالنسبة إلى كثير من الطالبات والطلاب، ودافعاً للبعض ممن ليست لهم أي ميول طبية للالتحاق بتلك الكليات التي قد توفر لهم مساحة أكبر من الحرية".
وتقول ص 25 بعد أن وصفت خروج الصديقات إلى أحد أسواق الرياض: "بعد السوق وكمية مناسبة من المغازلات البريئة وغير البريئة، اتجهت الفتيات نحو أحد المطاعم الراقية لتناول العشاء، ومن ثم توجهن إلى محل صغير لبيع الشيشة والجراك والمعسل واشترين شيشاً بعددهن واختارت كل منهن مذاق المعسل الذي تفضله".
وفي ص104 تصف عزم ميشيل على دعوة عشيقها فيصل إلى منزل (أم نوير) المطلقة فتقول: "عندما أخبرتها ميشيل عن عزمها على دعوة فيصل إلى منزلها (في غياب أبويها) بعد أن ملت لقاءه في المقاهي والمطاعم التي يندسان خلف ستائرها كل مرة كهاربين من العدالة، وطلبت منها الإذن بأن تخبر أبويها أنها ستمضي السهرة في منزلها، عندها فتحت أم نوير باب منزلها في وجه المحبين الحائرين حماية لحبهما من نفسيهما، وحماية لعلاقتهما البريئة من التحول إلى ما هو أكبر من ذلك".

الوقفة الحادية عشرة: إثارة النعرات والتذمر من السعوديين.
تقول الكاتبة ص161: "لاول مرة تجد في الرياض اضطهاداً لفئة من المواطنين أكثر من اضطهادهم لأهل الحجاز".
وفي ص122 تقول على لسان سديم وهي في لندن: "أزعجتني وبس؟ إلا قول فقعت مرارتي معذور. هماك سعودي، أنا الأسعد، باي. باي. عادت سديم إلى شقتها وهي تلعن حظها بعد أن اكتشفت أن صديق طاهر سعودي، راحت تسترجع في ذهنها جميع الأحداث التي جرت في المرة التي رأت فيها فراس في البيانو بار قبل أسبوع. هل ارتكبت أياً من التجاوزات التي لا يفترض أن يراها شاب سعودي من ابنة بلده؟ هل صدر منها أي تعليق جريء؟ هل كان ما ترتديه لائقاً؟ الله يقلعه وش جايبه؟ حتى هنا ماني قادرة آخذ راحتي وأتصرف على طبيعتي؟ هالسعوديين وراي وراي".

الوقفة الثانية عشرة: المخالفات الأخلاقية.
وهذه منثورة في صفحات الكتاب، وفيما سبق إشارة وأمثلة على تلك المخالفات، وأزيد هنا بعض الأمثلة:
تقول ص186: " أخذها في لاس فيغاس إلى عرض راقص لفرقة لورد أوف ذا دانس الشهيرة، كما فاجأها بتذكرتين لحضور العرض المائي الباهر (ذي أو شو) للسيرك دو سوليه، أما في لوس آنجليس فقد كانت هي قائدة الرحلة بحكم زيارتها لها من قبل. أخذته إلى الروديو داريف في السنسيت بوليفارد لتمارس أولاً وقبل كل شيء هوايتها في التسوق رغم تذمره، ثم أمضيا السهرة في تدخين الشيشة في جبسي كافيه. أما في اليوم التالي فاستمتعا بالسير في البالم بيتش قبل أن يسهرا في مطعم بيبلوس الذي لاحظت تواجد السعوديين فيه بكثرة بصحبة صديقات هنديات وإيرانيات".
وفي ص37: "بعد مرور بضع دقائق خرج والدها من الغرفة مفسحاً المجال لها للحديث والتعارف بحرية. لاحظت سديم إعجاب وليد بجمالها من خلال نظراته لها عند دخولها عليه. رغم أنها لم ترفع رأسها طويلاً لكنها لمحته وهو يتفحص قوامها حتى كادت تتعثر في مشيتها".

وفي ص191-194 كلام سخيف في العلاقة بين سديم وفراس أعتذر عن نقله.
وتقول ص314 وهي تصف لقاء سديم مع ابن خالتها طارق: "كانت سديم ترتدي تنورة بنية من الشامواه تصل إلى الركبة مع قميص حريري بلون الزهر الفاتح بلا أكمام، وفي قدميها التي تتزين أحداهما بخلخال فضي كانت ترتدي كعبين زهريين يكشفان عن أصابعها لتبدو أظافرها المقصوصة بعناية والمصبوغة أطرافها على طريقة الفرينش مانيكير". ثم تتابع فتقول بعد ذلك ص 316: "دخلت عليه وهي تحمل صينية عليها كأسان من عصير الفيمتو المخفف بالكثير من الماء حتى أصبح لونه أحمر مثل الشربات. رفع رأسه إليها فوجدها مطأطئة رأسها وهي تبتسم بخجل مصطنع كما في أفلام الأبيض والأسود. وضعت الشربات أمامه وهو مستغرق في الضحك، وراح هو يقبل يديها والهاتف الذي تمسك به وهو يردد فرحاً: ليتك داق من زمان يا شيخ".

وتنقل ص 152 حواراً بين سديم ولميس تقول فيه الأولى:
" - افرضي إنك تزوجتي وطلع زوجك ناقصه شي، بتدورين على اللي ناقصه عند غيره؟
- يمكن، ولو ما عاجبو خليه يكمل الناقص ويريح نفسه ويريحني معاه".

وقبل أن أرفع القلم أنوه بالنقاط الآتية:
1. لقد تجرأت الكاتبة بنشر ما حدث لصديقاتها من انحراف أخلاقي وخروج عن حدود الشرع وقيم المجتمع، بل جعلت عنوان رسائلها الإليكترونية ـ التي هي أصل الكتاب ـ "سيرة وانفضحت"، بل أقرت على نفسها فقالت ص140: "أنا كل واحدة من صديقاتي، وقصتي هي قصصهن".
وأقول: إذا بليتم فاستتروا.
والمضحك المبكي أن تقول ص139: "ما أجمل هذا التفاعل الذي يدفعني للاستمرار في سلسلتي الفضائحية الهادفة".

2. دهشت كثيراً من ثناء البعض على هذه الرواية، وكيل المديح جزافاً، حتى يخيل إليك أنك أمام عمل من إنتاج الجاحظ أو أبي حيان التوحيدي، فما الذي حوته الرواية؟
أهو المضمون الذي يدعو إلى الفساد والانحلال الأخلاقي ؟
أم البهتان الذي قدمت به بنات الرياض للعالم؟
أم لغة الكتاب الذي حوى خليطاً من اللغات واللهجات؟
أم الأسلوب الذي تصفه الكاتبة نفسها بأنه "مصرقع" و"مرجوج" - ص52-53- ؟.

3. لقد جنت الكاتبة جناية عظيمة بهذه الرواية حيث شوهت صورة بنات الرياض أمام العالم، وأظهرت أن لا هم لهن سوى الغناء والفسق، والبحث عن الشباب لإقامة العلاقات معهم، وتبادل ما يسمى بـ "الحب" والغزل، ولمز المجتمع وما هو عليه.
(كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً)
بنات الرياض... نعرفهن قبل أن تولد الكاتبة بالدين والحياء والعفاف والحجاب والحشمة والستر.
أين الكاتبة عن الآلاف من بنات الرياض ممن أمضوا أوقاتهن في حفظ القرآن وطلب العلم الشرعي في دور الذكر؟
أين الكاتبة عن عشرات الآلاف من بنات الرياض من العفيفات المحصنات الغافلات؟
كم في بنات الرياض من عابدات قانتات يراوحن أقدامهن صلاة لله رب العالمين، ومن يمضين النهار صياما أو تلاوة لكلام الله تعالى.
هل جهلت ذلك الكاتبة أم تجاهلته؟

4. يلاحظ القارئ الكريم في الوقفات السابقة أني لم أعلق على تلك النقول إلا في حدود ضيقة، والسبب ـ باختصار ووضوح-: أن الأمر لا يحتاج إلى تعليق.

وفي الختام أرفع برقية إلى أمير الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله، وهو الغيور الحريص على أبناء الرياض وبنات الرياض أن يقف وقفة حزم ـ كما عهدنا منه ـ أمام هذه الرواية التي نالت من زوجاتنا وأخواتنا وبناتنا: بنات الرياض.
لقد أكبر المجتمع من الأمير -وفقه الله- وقفته الحازمة حينما تطاول ثلة من الشباب المراهق على بنت واحدة أو بنتين من بنات الرياض، وأولى الأمر اهتمامه ووجه كافة الجهات الأمنية بمتابعة الموضوع بكل قوة وحزم حتى قبض على الجناة، وصدرت بحقهم الأحكام الرادعة.
أقول: إذا كان هذا فيمن تجرأ على واحدة أو اثنتين من بنات الرياض فما رأيكم فيمن تطاول على بنات الرياض؟
اللهم أبرم لهذه الأمة أمراً رشيداً يعز فيه أهل الطاعة ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر... يا سميع الدعاء.
ألا هل بلغت... اللهم فاشهد.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر: موقع صيد الفوائد