الدور المؤقت للشيوعيين في ثورات الربيع العربي
خالد غريب
مما لا شك فيه أن الفكر الشيوعي بأذرعه الاشتراكية يلعب الآن كرأس حربة فيما يسمى بمعارضة أنظمة ما بعد الثورات العربية، ويبدو أن النظام العالمي الرأسمالي دفع هذا العجوز الخبيث للمشهد بعد أن قضى عليه أو بالأحرى أضعفه و أبقى عليه في صورة شبه ميتة يسهل اللعب بها وقت الحاجة كالقطة عندما تهاجم حشرة ما لا لتأكلها ولكن لتلعب بها بعد دروختها.
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
النظام العالمي .. يستخدم عدوه القديم للسيطرة على ثورات الربيع العربي.
التفسير والتحليل الأيديولوجي لجبهة الإنقاذ المصرية .. ومثيلتها في دول الربيع.
مما لا شك فيه أن الفكر الشيوعي بأذرعه الاشتراكية يلعب الآن كرأس حربة فيما يسمى بمعارضة أنظمة ما بعد الثورات العربية، ويبدو أن النظام العالمي الرأسمالي دفع هذا العجوز الخبيث للمشهد بعد أن قضى عليه أو بالأحرى أضعفه و أبقى عليه في صورة شبه ميتة يسهل اللعب بها وقت الحاجة كالقطة عندما تهاجم حشرة ما لا لتأكلها ولكن لتلعب بها بعد دروختها. على أية حال، نرى الآن مصطلحات الاشتراكية العفنة تبعث من مرقدها ومن قبرها على لسان هياكل عظمية شيوعية يحاول النظام الصهيو أمريكي أو العالمي الجديد كسوتها اللحم، ذلك بعد فشل ذلك النظام وباعترافه مواجهة المدّ الإسلامي بعد حروب كلفته الكثير، ليس آخرها العراق وأفغانستان بل حتى وفلسطين والآن في المغرب العربي وتحديدا شمال مالي، وحتى الجنوب الأفريقي. فلماذا لا يقدم ذلك النظام المهيمن الآن حشراته المدروخة للوقوف أمام المد الإسلامي؟ لأن تلك الحشرات الشيوعية البائدة لما لها من خطاب ثوري خبيث دجال يدغدغ عواطف الرعاع من العامة حول الطبقة العاملة وحقوق الغلابة والعيش والحرية والعدالة الاجتماعية يمكن خداعهم بها، تلك العدالة الاجتماعية الكاذبة التي دمرت البشرية وراح ضحيتها الملايين من البشر عبر الثورات الشيوعية عبر التاريخ .
الإخوة الأحبة
بنظرة مقرّبة للأحداث في المنطقة العربية سنجد أن الذي يتصدر المعارضة ويقوم باستحضار وسائل الشيوعية الغابرة هم هياكل الشيوعيين، حيث كساهم النظام العالمي لحمًا بعد أن أكله الدود، وها هم يتصدرون المشهد بوجوههم الزرقاء المرعبة والمخيفة بعد بعثهم من قبورهم التاريخية، وتفتح لهم الفضائيات والمنصات الإعلامية بعد أن اتّخذ الليبراليين العرب الجدد خطوة للخلف لإتاحة الفرصة لحشرات الشيوعية بالتقدم .
فها هي تونس ومصر واليمن، وحتى ليبيا والعراق، وعن سوريا حدث ولا حرج، فهي حقًا كانت آخر قلاع الشيوعية في العالم العربي كما ذكر السفاح الدموي الشيوعي الشيعي بشار، وهو الحالة الفريدة المعجزة الذي جمع بين حاضنات العنف الدموي التاريخي، ومصدر الشر الفكر الشيوعي والعقيدة الشيعية، والتي تركها النظام الدولي بل وحافظ عليها لمثل هذا الوقت. رأينا تحولًا غريبًا في منطقة الشرق الأوسط أثناء بناء الأنظمة السياسية بعد الثورات، فليس كما كان متوقع أن تكون المنافسة السياسية بين الليبراليين العرب الجدد (وهم العمالة تحت الطلب) كما وصفهم جون بي ألترمان مدير المعهد الامريكي لدراسات الشرق الأوسط في كتابه الشهير، ويمكن الرجوع الى المقال (الليبراليين الجدد عمالة تحت الطلب)، بل كانت ولازالت المنافسة بين هياكل الشيوعيين الاشتراكيين وجثثهم المتعفنة بعد بعثهم من قبورهم وبين خيارات شعوب المنطقة التي هي بلا منازع المشروع الإسلامي. فكما رأينا الانتخابات التونسية، وتصدر الشيوعيين المنافسة، والحوار اليمني الذي تصدره أيضا الشيوعيين الاشتراكيين، وظهورهم في ليبيا، بل حتى سيطرتهم في الجزائر .والأهم مصر رائدة التغيير في المنطقة.
انظر اخي الكريم لمكونات جبهة الخراب المصرية:
حمدين صباحي: الشيوعي الذي لا يحتاج إلى إثبات عمالته للأنظمة الشيوعية الغابرة (القذافي وصدام وبشار)
محمد ابو الغار: رائد من رواد الشيوعية المصرية.
عبد الغفار شكر: شيوعي عجوز تم بعثه من تحت الأنقاض.
وها هم الإعلاميين والصحفيين الذين تُركوا عمدًا لاستخدامهم للتغطية الإعلامية الكاذبة والمخادعة لهذه المرحلة منذ استخدام آبائهم الأولين لمثل هذا الغرض، وهو وقف المدً الإسلامي آبان عهد جمال عبد الناصر جسر الشيوعية المصرية التاريخي، حيث يقوم الآن أحفاد روز اليوسف بنفس المهمة المؤقتة كحشرات مدروخة بين مخالب قطة النظام الصهيو أمريكي .
فنجد أن (عبد) تشي جفارا وحفيد روز اليوسف، إبراهيم عيسى يلقي بقاذوراته اليومية من خلال تلك الفضائية التي تمثل احد مخالب القطة العالمية، وعن الأبراشي حدث ولا حرج، أما بنت القائد الشيوعي المصري، منى الشاذلي فلا تحتاج الى تعليق، والأرموطي، وها هو حسين عبد الغني الماركسي القادم من قسم الملاحدة واللا دينيين العرب التي أغلقته مؤخرًا قناة الجزيرة، بعد فضيحة مراسلها في روسيا أكرم خزام عندما قال: "الاسلام ميت وأنا ملحد ولا أخفي هذا" فيقوم زميله في القسم حسين عبد الغني الآن بدور ربط الإلحاد بالفكر الشيوعي المصري الهجين، ولكن بالطريقة الناعمة لما له من خبرة وتدريبات في أماكن معينة ربما ستكشف عنها قناة الجزيرة نفسها أو ستنشر في موقع ويكيلكس قريبًا، أثناء عمله في الجزيرة، وهو الناطق الإعلامي لجبهة الخراب الشيوعية، والربط بين الإلحاد والشيوعية يظهر في أجلى صوره بانضمام البرادعي الى تلك الجبهة.
الإخوة الأحبة
لكي نفسر تركيبة تلك الجبهة ودفعها لقيادة المعارضة ضد الخلفية الإسلامية للسلطة (سواء اتفقنا أو اختلفنا مع تلك السلطة) سنراجع باختصار البناء الفكري والأيديولوجي في المفهوم الشيوعي وخصوصاً الماركسي.
الاخوة الأحبة
إن الدّين أو الثقافة، أو العرف أو التقاليد، أو العادات أو القوانين، أو النظم السياسية والاجتماعية السائدة في عهد معين هي -في نظر ماركس والماركسيين- مجرد انعكاس ونتيجة للبناء الاقتصادي في المجتمع برافديه: قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج. ولما كانت قوى الإنتاج تتغير ويؤدي ذلك لتغير علاقات الإنتاج، فإن البناء العلوي -بكل مكوناته- يتغير أيضاً تبعاً لذلك.
فلكي يصل المجتمع البشري إلى مرحلة الشيوعية، لا بد أن يُقضى على الرأسمالية وكذلك الفكر الإسلامي المتزن، وهم يضحكون على البشر حين يلبسون هذه النظرية الدجلية ثوبًا علميًا، باعتبارها على حد زعمهم نظرية علمية تقدمية. وهذه بعض نصوصهم:
يقول كارل ماركس وفريدريك انجلز: "والخلاصة أن الشيوعيين يؤيدون في كل قطر من الأقطار كل حركة ثورية ضد النظام الاجتماعي والسياسي القائم، ويترفع الشيوعيون عن إخفاء آرائهم ومقاصدهم، ويعلنون صراحة أن أهدافهم لا يمكن بلوغها وتحقيقها إلا بدكّ كل النظام الاجتماعي القائم بالعنف. فلترتعش الطبقات الحاكمة أمام الثورة الشيوعية. فليس للبروليتارية ما تفقده فيها سوى قيودها وأغلالها، وتربح من ورائها عالماً بأسره. يا عمال العالم، اتحدوا".
يقول فلاديمير لينين في ذلك في معرض حديثه عن الثورة الشيوعية ضد النظم القائمة: "إن دكتاتورية البروليتارية، هي عبارة عن نضال عنيد، دموي وغير دموي، قسري وسلمي، حربي واقتصادي، تربوي وإداري، يشن ضد قوى وتقاليد المجتمع القديم".
ففي الوقت الذي تقول فيه الماركسية من الناحية النظرية، بحتمية القضاء على الرأسمالية طبيعياً، حسب القانون الدجلي قانون نفي النفي (أو التضاد). وأن كل نظرية وفلسفة تحمل داخلها بذور تدميرها وزوالها. نجدهم من الناحية الواقعية، يخططون لإسقاطها بواقع سياسة الهجوم، ويعملون لأجل ذلك بمكر وخبث وكذب لا حدود له يعكسون به الحقائق، فتصبح النار جنة، والجنة ناراً في خيال الحالمين، والفقر والجوع غنى، والغنى والجوع فقر، والعبودية قمة الحرية، والحرية قمة العبودية. ويتكرر الكذب ويتكرر ضد النظام الرأسمالي أو الرجعي حتى يصدق الرعاع من الناس ـوما أكثرهم هذه الأيامـ وبالتالي لا يرى الرعاع ظلماً وجوعًا وعبودية أكثر مما يعيشون، فتبدأ الأزمة المفتعلة بينهم وبين النظام المستهدف بالتضخم، وتصل المعارضة له إلى داخل الأجهزة الأمنية عن طريق الخلايا السرية وغير السرية في الأجهزة ببرمجة مسبقة، وحين تحين الفرصة، يقوم الشيوعيون بانقلاب عسكري، تثور ثائرة الرعاع ومن خلفهم المخططون والموجهون، فيسقط النظام الرأسمالي أو الرجعي، أو الإسلامي بعمل جاسوسي دؤوب، لا كما يزعم الماركسيون بسقوط طبيعي، ويعتبر الشيوعيون كل سقوط لأحد النظم الرأسمالية أو الإسلامية على حد تعبيرهم دليل على صدق نظرية ماركس للتفسير المادي للتاريخ، يقدمونه للرعاع ليواصلوا معهم القضاء على النظام الذي يليه، وهكذا حتى تسيطر الشيوعية على العالم كله، وتقوم بذلك حكومة داوود العالمية، فتتحقق نبوءات التوراة المزورة، ويصبح اليهود -كما يتوهمون- سادة الدنيا.
ثبت بما لا يدع مجال للشك أن الشيوعية فتنة عظيمة، تسعى لاستخدام الرعاع من الناس، لإسقاط النظم السياسية المعارضة للشيوعية بالصراع السياسي المبرمج، تحت شعارات تتصف بالعلمية. لذا نرى أن الغالبية العظمى من الناس تعادي النظم الرأسمالية أو النظم الإسلامية التي تعادي الماركسية، أكثر من معاداتها للدول الاشتراكية، بل نجد الكثير من أبنائنا من يوالي الدول الاشتراكية في حين يعادون الدول الإسلامية غير الاشتراكية. وهذا نتيجة التضليل الفكري الماركسي الذي خضع له هؤلاء وهم لا يعلمون، وكثير منهم يعلمون، فأصبحنا غثاء يسيرنا التيار الفكري الاشتراكي لمصلحة إسرائيل الكبرى، إلا ما رحم ربي.
وثبت أيضاً أن الصراع السياسي المسلح، وغير المسلح (العنف السياسي) مع الحكومات، هو من صميم نظرية ماركس للتفسير المادي للتاريخ، وبالتالي يخدم إسرائيل. ولا يمكن استبعاد أحداث العنف في المنطقة العربية كأداة من أدواتهم. وفي المصطلحات الشيوعية يسمى المجتمع رأسماليا "حين يملك الأفراد وسائل الإنتاج فيه كالأرض والصناعات، ويكون الإنتاج فيه لمصلحة هؤلاء الأفراد"، وبهذا تندرج المجتمعات الإسلامية في هذا التعريف، لأن الإسلام قد ضمن هذه الحقوق للرعية.
فهل تستطيع السلطة القائمة معالجة الأمر دون استبعاد تلك الرؤى الفكرية وإدخال عنصر تحليلي للصراع حتى لا تختلط الأمور وفقًا للقاعدة الفقهية الهامة والأساسية: "الحكم على الشيء فرع من تصوره"؟ ربما، ولكن الشواهد لازالت لا تدل على ذلك.
وحتى لا أطيل عليكم، ربما سنستكمل تفنيد وتحليل تلك الأفكار البائدة التي يتم إحيائها الآن لأهداف مؤقتة، ثم سيعيدها باعثيها الى قبورها بعد انقضاء دورها، في مقالات أخرى بإذن الله.