في ميزان الفهم: نور الإسلام ومصالح العلمانية
الأذان يرعبهم ويعتبرونه إرهاباً ينفر السياح فقد طالبت إحدى الوزيرات إسكات أذان الفجر بمدينة مراكش لأن السياح الغربيين ينزعجون من الأذان ولا يرتاحون له.
- التصنيفات: مذاهب باطلة - أحداث عالمية وقضايا سياسية -
الإسلام لنا والعلمانية لهم:
إسلامنا:
الإسلام دين ارتضاه الله لعباده في كل الرسالات وهو عقيدة وشريعة كل الأنبياء والرسل، من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم، بدليل العديد من الآيات الواردة في هذا المعنى، منها قوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة:136].
وقوله تعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّـهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ} [الشورى:13].
إلا أنه -أي الإسلام- أصبح علماً على رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ويقصد به الاستسلام المطلق لله رب العالمين، والإخلاص التام له في العبادة والالتزام والعمل بأركانه وأوامره ونواهيه، وكل من تدين بغير دين الإسلام، فهو رد عليه لقوله تعالى: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85].
علمانيتهم:
هي حركة سياسية، مطلبها السلطة وهدفها الحكم على غير دين الله، تهتم بالحياة المادية، دون الآخرة، لا تؤمن بالغيب وتحاول صرف الناس عن الإيمان بالله وتحثهم على الاهتمام بالحياة البهيمية وحدها.
عقيدتنا:
هي الإيمان بالله الواحد الأحد، ربا للكون كله والمعبود الحق، وكل معبود سواه باطل، المدبر للأمر كله، غيبه وحاضره ومستقبله، لا شريك له في الألوهية ولا في الصفات، ليس كمثله شيء، فعال لما يرد، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره وبما أوحى به الله تعالى إلى أنبيائه، وعلى رأسهم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وكذا الصلاة والزكاة والصيام والحج، دون نكران للمعجزات.
عقيدتهم:
هي الإيمان بالمادة، دون الروح ورفض الإيمان بالله وبقدرته على تدبير الحياة ورفض طاعة أمر الله ونهيه والانقياد لشريعته، والتشكيك في حقائق الوحي والمعجزات، منظومتهم العلمية والفكرية والأخلاقية والثقافية مستلهمة من الفكر الغربي اللاديني ومن رموزه الملحدين المعجبين بهم. همهم الأساسي التشكيك في القرآن الكريم وفي أحكامه، حتى يسهل عليهم هدم عقيدة المسلم وشريعته ومن ثم تبني التشريع العلماني والقانون الوضعي القائم على عقيدة الشرك بالله والإيمان بصنمية الزعماء.
يتأذون من سماع (لا إله إلا الله) ويكرهون شرع الله وتأبى آذانهم سماع (بسم الله الرحمن الرحيم)، و(إن شاء الله)، و(الله أعلم)، التي احتج عليها أحد البرلمانيين العلمانيين، لما سمعها من رئيس الحكومة في جلسة مباشرة دون مراعاة لشعور الشعب المغربي المسلم.
الأذان يرعبهم ويعتبرونه إرهاباً ينفر السياح . طالبت إحدى الوزيرات إسكات أذان الفجر بمدينة مراكش لأن السياح الغربيين ينزعجون من الأذان ولا يرتاحون له.
شريعتنا:
مرجعيتها الكتاب والسنة، وتقوم على أساس الحاكمية والعبودية الخالصة لله بمرجعية سنة رسول الله، لا تدين ولا حاكمية لشخص أو لحزب أو لتنظيم سياسي معين، كما تقوم شريعتنا على الشورى، والبيعة، ومسؤولية الحاكم على إقامة العدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومسؤولية المحكوم -وخاصة إذا كان من أهل الحل والعقد- تقديم النصح للحاكم، وحسن المشورة إذا استشير. أي عليه أن لا يقاطع الانتخابات ويترك الفوز للعلمانيين ليعيثوا في الأرض فسادا باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية الجسدية وحرية المرأة، وشريعتنا لا تلتقي أبدا مع العلمانية أو أي جاهلية تشاركها الشرك والكفر واتباع الشيطان ومن ثم كان لزاماً وواجباً علينا كشف مبادئ العلمانية وشعاراتها الكاذبة، الخادعة وفضح خططها اللئيمة الرامية، إلى اجتثاث جذور ديننا الحنيف وطمس معالمه.
علينا أن نكشف ما يوحي به الشيطان لحزبه وأوليائه من زعماء العلمانيين وحزبهم وكل الموالين لهم، حتى يتبن للناس شركهم وإلحادهم وكفرهم وكيدهم فيشقون عليهم الطاعة ويناصبونهم العداء ويعلنوها حرباً عليهم لا هوادة فيها، ليفسدوا ويبطلوا خططهم الماكرة والرامية إلى تقويض أركان الإسلام واستبدال شرع الله بشريعة الشيطان.
شريعتهم:
تقوم على الإلحاد، هدفها فصل الدين عن الدولة والانشغال بالجسد وملذاته ولا نصيب للآخرة في مبادئها العلمانية، التي تقوم على أساس تغيير شرع الله وإباحة المحرمات واتخاذ الشيطان وليا بدلا من الله، الذي خلقهم وخلق وليهم لعنه الله وبهذا تكون العلمانية باطلة وخارجة عن الشرع ومنقادة للغرب عدو الإسلام، متآمرة معه.
قسمت الأدوار خلسة وخفية على الجمعيات المدنية الموالية لها كجمعية الرجال المثليين، حركة النسوة السحاقية، الاتحاد النسوي، جمعية التضامن النسائي، نادي مثليي المغرب، جمعية كيف كيف -التي تعتني بأوضاع شواذ المغرب- وحركة مالي، وحركة البديل للدفاع عن حق الإجهاض، وكالين رمضان، والفرقة المسرحية أكواريوم ومتبرجات الدباردور المدافعات عن الحرية الجسدية هددت بالتظاهر في الدار البيضاء عاريات إلا من الدباردور.
والأحزاب المنضوية تحت لوائها وتسترت أحياناً بشعارات إسلامية كاذبة، لا تمت للإسلام بصلة وكمغالطة منها سمت الزانية بالأم العازبة أو بالمرأة في وضعية صعبة وأبناء الزنا بالأطفال المتخلى عنهم والسحاق واللواط بالمثلية، والتفنن في العري المثير للشهوات الجنسية بالحرية الجسدية والحرية الفردية.
لقد استفاد العلمانيون في بلادي من تجربة إخوانهم العلمانيين في الغرب، وخاصة من تجارب المؤسسات المدنية ودورها في إقصاء الدين من الساحة الاجتماعية وتكريس الفكر الإلحادي ونشر الفاحشة في المجتمع، فراحوا يزرعون الجمعيات والمؤسسات المدنية المذكورة سالفا، ذات التوجه الإلحادي والأكثر حيوية ونشاطاً ويكلفونهم بتمرير الفكر الإلحادي إلى المواطنين المسلمين، تحت شعار الديمقراطية، وحرية المرأة، والحرية الشخصية الفردية، وحقوق الإنسان، والديمقراطية. بعض هذه الحركات تستفيد من الدعم الداخلي المقتطع من الضرائب، أو من الدعم الخارجي، الذي يدفع كأجر في شكل هبات وجوائز، لهذه المؤسسات نظير عمالتها للغرب والنيابة عنه في نشر فكره الإلحادي ونشر ثقافة الفساد بين مواطنينا.
كل هذا لاستغفال المسلمين وتجريدهم من عقيدتهم وصدهم عن دينهم وهويتهم وقيمهم الأخلاقية، حتى يسهل عليهم اغتصاب السلطة وتدمير المجتمع الإسلامي دينيا وسياسيا واقتصاديا وتأليب العامة عن طريق الكذب والخداع والمكر بالليل والنهار، مستغلة أميتهم وفقرهم وعدم وعيهم، وصدق الله العظيم إذ يقول: {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّـهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا ۚ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سبأ:33]، لتحريضهم ضد إخوانهم المؤمنين الصادقين الواعين بحقيقة الصراع مع العلمانية ومشروعها الإلحادي الرامي إلى زحزحة الإسلام من القلوب وإسقاط قيادته الشرعية للأمة.
أخلاقنا:
يحددها القرآن الكريم والسنة الشريفة، لتنظيم حياتنا الدنيوية والأخروية ولتنظيم علاقتنا الفردية والاجتماعية والسياسية وقد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم لإتمام الأخلاق وتقويمها: يقول صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (رواه أحمد في مسنده).
إن أخلاقنا مطلقة لا تتغير بتغير المذهب أو المصلحة أو الزمان والمكان؛ لأنها مرتبطة بالعقيدة والشريعة الإسلامية، يقول صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق وهو مؤمن» (رواه البخاري)، ويقول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّـهِ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النحل:105].
إن أخلاقنا توازي بين الدنيا والآخرة بين العقل والعاطف، تقبلها فطرة الله النقية السليمة، التي فطر الناس عليها وتخضع لأوامر ونواهي الشرع، وتنفر من الشر والإثم والفواحش ما ظهر منها وما بطن، ومن كل أنواع الفساد الأخلاقي والسياسي والمالي.
أخلاقهم: لا تحرم الفواحش، بل تدعو إليها وتشجع عليها وتعتبرها حرية وعنوان تقدم وتحضر، تبيح اللواط والسحاق والزنا والعري المثير للغرائز الجنسية والاختلاط والخمر والحشيش وكافة أنواع المخدرات والقمار بأنواعه.
تبيح الكذب والنفاق وكل رذيلة، وترضى بالفاحشة في الأهل، من أجل مصلحة مادية أو منصب أو جاه زائف، أو فقط من أجل التمظهر بالعصرية والتقدمية، تقيم المهرجانات لتشجيع الغناء والرقص وما يتخللهما من فحش وفساد، وما ينتج عنها من مآسي، كتلك التي حدثت في مهرجان موازين الرباط، إذ لقي أحد عشر شخصاً مصرعهم وجرح أربعون آخرون، زيادة على الأموال التي تهدر في مثل هذه المناسبات والشعب لا يجد حطبا للتدفئة، تتعاون مع المركز الثقافي الفرنسي بالرباط لتعرض مسرحية ديالي -إشارة إلى العضو التناسلي للمرأة- التي أخرجتها زيطان نعيمة وشخصتها نورية بنبراهيم وفريدة بوعزاوي وأمال بنحدو بدون أدنى حياء. كل هذا القبح وهذه النذالة، يعتبر في دين العلمانية ومعتقدها، من الحرية الشخصية ومن حرية الجسد.
تقول خديجة الراضي: "طالبنا بإلغاء الفصل 489 من القانون الجنائي الذي يعاقب بالسجن على الممارسة الجنسية المثلية باعتبار أنه إذا كانت بين راشدين تدخل في إطار الاختيارات الشخصية والحريات الفردية" (نقلا عن مقال العلمانية وجاهليتها في القيم والمبادئ والأخلاق لذو الفقار بالعويدي هسبريس 9112012).
ولا يخرج عن هذا الفهم وهذا التصور للحرية عصيد، الذي يلوم القوى المؤمنة بقوله: "هؤلاء الذين يتهجمون من القوى المحافظة على الفنون وعلى الأفلام وعلى الروايات وعلى الشعر، يتهجمون على الخمور ويعتبرون أنه ينبغي أن تصادر إرضاء لهم، يتهجمون على المثليين كما لو أنهم ليسوا بشرا أو أنهم ليسوا مواطنين كاملي الحقوق والمواطنة" (المصدر السابق).
ولا يخالفهما عبد الصمد الديالمي الرأي حين يقول: "التدين الإسلامي السائد ليس إرادة للعيش معا في السلام والتسامح". إن رسل المشروع العلماني وصحابته يهدفون إلى نسف الأسرة والأبوة والأمومة وقبل هذا نسف عقيدتنا وأخلاقنا التي استقيناها من الوحي الكريم، الذي لا يأتيه الباطل واستبدال مقدساتنا بالرديء المدنس من الفلسفات الغربية العلمانية الملحدة.
وهذا وزير الاقتصاد السابق يعلن بصراحة في برنامج حوار عن رغبته في استبدال تعاليم الوحي المقدس من القرآن الكريم والسنة الشريفة بالفكر الليبرالي، ويشهد على هذا قوله: "إننا كحزب ننتمي إلى صف الليبرالية الاجتماعية.. نريد أن نحدد هويتنا بشكل واضح.. نحن نرفض أن يقحم الدين في السياسية، نحن نرفض أن يستعمل الدين في السياسة، نحن نرفض ازدواجية اللغة وازدواجية الخطاب.. نحن سنعمل على تكوين أكبر تنظيم للمرأة في المغرب، المرأة الحداثية؛ لأننا نعتبر أكبر تحد للمغرب هو تربية الأجيال المقبلة... لهذا سنعمل بكل قوة مع إخواننا الذي ينتمون إلى الصف الحداثي في هذه البلاد لمواجهة الفكر الظلامي لمواجهة كل التوجهات، التي من شأنها أن تعيد المغرب سنوات إلى الوراء" (المشرع الحداثي عند مزوار:المرأة الحداثية لا تلبس الحجاب. هبة بريس 15112011 إبراهيم بدون).
لكل الأسباب المذكورة والتي لم أتوفق لذكرها، وجب علينا أن نصحح الوضع الذي يدعو إليه التيار العلماني في بلادي والذي لا يقبله أي مسلم ويحرم عليه شرعا قبوله وإلا أصبح مواليا لهم وصدق عليه قوله تعالى: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة:166- 167]، وقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51].
وقوله: {لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك ?تب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون} [المجادلة:22].
وعلينا أيضا أن نعري شعاراتها الكاذبة ونسقط أقنعتها المزيفة وخططها المغرضة لتنكشف حقيقة نفاقها وكذبها لكل مسلم ولكل مواطن صادق يؤمن بثوابت أمته ووطنه ليتبين ويعلم أي الفريقين أحق بالاتباع.
عمر حيمري