الموت

الموت: "هادم اللذات، مفرق الجماعات، مكدر الشهوات، زائر غير محبوب، واتر غير مطلوب".

  • التصنيفات: خطب الجمعة -


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

المقدمة:  

عظة الموت:
- الموت: "هادم اللذات، مفرق الجماعات، مكدر الشهوات، زائر غير محبوب، واتر غير مطلوب".

- الموت: الذي يفرِّق بين الأحبة ويمضي في طريقه لا يتوقف، لا يستجيب لصرخة ملهوف ولا لحسرة مفارق!

- الموت: لا يستطيع أن يمنعه أحد عن نفسه ولا عن غيره: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء:78]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كَانَ دَاوُدُ النَّبِيُّ فِيهِ غَيْرَةٌ شَدِيدَةٌ، وَكَانَ إِذَا خَرَجَ أُغْلِقَتِ الأَبْوَابُ فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَى أَهْلِهِ أَحَدٌ حَتَّى يَرْجِعَ، قَالَ: فَخَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ وَأغُلِّقَتِ الدَّارُ فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ تَطَّلِعُ إِلَى الدَّارِ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ وَسَطَ الدَّارِ، فَقَالَتْ لِمَنْ فِي الْبَيْتِ: مِنْ أَيْنَ دَخَلَ هَذَا الرَّجُلُ الدَّارَ وَالدَّارُ مُغْلَقَةٌ، وَاللهِ لَتُفْتَضَحُنَّ بِدَاوُدَ، فَجَاءَ دَاوُدُ فَإِذَا الرَّجُلُ قَائِمٌ وَسَطَ الدَّارِ، فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا الَّذِي لا أَهَابُ الْمُلُوكَ، وَلا يَمْتَنِعُ مِنِّي الْحُجَّابُ، فَقَالَ دَاوُدُ: أَنْتَ وَاللهِ إِذَنْ مَلَكُ الْمَوْتِ، مَرْحَبًا بِأَمْرِ اللهِ» (رواه الإمام أحمد، وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية: إسناده جيد قوي رجاله ثقات).

- الموت: وصف أصيل للإنسان "ميت ابن ميت": {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر:30].

بين يدي الموت:
- لكل نفْس أجل محدود:  قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلاً} [آل عمران:145]، وقال صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ، وَدَعُوا مَا حَرُمَ» (رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).


- نهاية الأجل لا يعلمها إلا الله: قال صلى الله عليه وسلم: «مَفَاتِحُ الغَيْبِ خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلا اللَّهُ: لاَ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلا اللَّهُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إِلا اللَّهُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي المَطَرُ أَحَدٌ إِلا اللَّهُ، وَلاَ تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا اللَّهُ» (رواه البخاري)، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان:34].

- مكان الموت لا يعلمه إلا الله: {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان:34]، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَرَادَ اللَّهُ قَبْضَ عَبْدٍ بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ فِيهَا حَاجَةً»(رواه ابن حبان، وصححه الألباني). وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدعو: "اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي سَبِيلِكَ، وَاجْعَلْ مَوْتِي فِي بَلَدِ رَسُولِكَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" (رواه البخاري). فرُزق الاثنين.

- قصص وعبر: "مات أكثر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في غير أوطانهم على طاعة الله والجهاد  ومات أكثر العصاة في أماكن اللهو والفجور والكفر".

الاحتضار "أول مشاهد الآخرة وآخر مشاهد الدنيا":

- سكرات الموت: {وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [ق:19]، وكان صلى الله عليه وسلم يقول في مرض وفاته: «لا إِلَهَ إِلا الله إِنَّ للموتِ سَكَراتٍ» (رواه البخاري). 

 

 وعن عروة عن عائشة رضي الله عنه قالت: "كُنْتُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ حِينَ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَتَمَثَّلْتُ بِهَذَا الْبَيْتِ:
 

مَنْ لا يَزَالُ دَمْعُهُ مُقَنَّعًا *** يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ مَدْفُوقًا

 

فَقَالَ: "يَا بُنَيَّةُ، لا تَقُولِي هَكَذَا، وَلَكِنْ قُولِي:{وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تُحِيدُ}" (رواه ابن حبان، وصححه الألباني).

- شدة السكرات: قال ابن مسعود رضي الله عنه:  دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُوعَكُ، فَمَسِسْتُهُ بِيَدِي، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَجَلْ إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ». قَالَ: فَقُلْتُ: ذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَجَلْ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى مِنْ مَرَضٍ، فَمَا سِوَاهُ إِلا حَطَّ اللهُ بِهِ سَيِّئَاتِهِ كَمَا تَحُطُّ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا» [متفق عليه]، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ إِلاَّ كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ الْقَرْصَةِ» (رواه الترمذي، وصححه الألباني).

- فتنة الممات: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ المَحْيَا وَالمَمَاتِ» (متفق عليه)، وقال تعالى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم:27]، وقال تعالى: {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران:8].

- حضور ملائكة الموت: {حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ} [الأنعام:61]، {فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ . وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ . وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ} [الواقعة:83-85]، {كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ . وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ . وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ} [القيامة:26-28].

- أحوال الملائكة باعتبار حال الميت: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} [فصلت:30]، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ، نَزَلَ إِلَيْهِ مَلائِكَةٌ مِنَ السَّمَاءِ بِيضُ الْوُجُوهِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الشَّمْسُ..» (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني)، وقال في العاصي: «وَإِنَّ الْعَبْدَ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ فِي انْقِطَاعٍ مِنَ الدُّنْيَا وَإِقْبَالٍ مِنَ الآخِرَةِ نَزَلَ إِلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ مَلائِكَةٌ سُودُ الْوُجُوهِ..» (رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني).

صور من موت الصالحين:
- موت نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: كان آخر كلامه: «الصَّلاةَ الصَّلاةَ، اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ» (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

- موت أبي زرعة الرازي رحمه الله: قال أبو جعفر التستري: "حضرنا وهو يحتضر وعنده أبو حاتم ومحمد بن مسلم وجماعة من العلماء فذكروا حديث التلقين وقوله صلى الله عليه وسلم: «لقنوا موتاكم لا إله إلا الله»، قال:  فاستحيوا من أبي زرعة وهابوا أن يلقنوه فقالوا: تعالوا نذكر الحديث، فقال محمد بن مسلم: حدثنا الضحاك بن مخلد عن عبد الحميد بن جعفر عن صالح، وجعل يقول ولو يجاوز، والباقون سكتوا. وقال أبو حاتم: حدثنا بندار قال: حدثنا أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر عن صالح، ولم يجاوز. والباقون سكتوا. فقال أبو زرعة وهو في السَّوْق: حدثنا بندار حدثنا أبو عاصم حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن صالح بن أبي عريب عن كثير بن مرة الحضرمي عن معاذ بن جبل قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة»، وتوفي رحمه الله" [تاريخ بغداد].

صور من موت الفاجرين:
- يستريح بموتهم البلاد والعباد والشجر والدواب: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} [الدخان:29].

- موت النمروذ الذي قال: "أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ": أذله الله ببعوضة في منخره فظلوا يضربون رأسه بالمطارق، وأرحم الناس به من جمع يديه وضرب بهما رأسه حتى مات على إثر ذلك.

- موت الفرعون: {حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ . آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ . فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ}[يونس:90-92].

- موت إريل شارون اليهودي: أكثر من خمس سنوات بالموت الإكلينيكي.

- موت حمزة البسيوني قائد الجيش الحربي في عهد عبد الناصر: لما تجرأ على الذات الإلهية، فمات في حادث مروع حيث دخلت أسياخ شاحنة محملة بالحديد في جسده كله، وكان يخور كما يخور الثور عند ذبحه والناس ينظرون إلى ذلك.

لقاء الله:
- خرجتَ من الدنيا وحيدًا: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} [الأنعام:94].

- خرجتَ من الدنيا عاريًا: {كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ}، وقال صلى الله عليه وسلم: «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ» (متفق عليه).

- أحوال الناس عند لقاء الله:

قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ»، قَالَتْ عَائِشَةُ: إِنَّا لَنَكْرَهُ المَوْتَ، قَالَ: «لَيْسَ ذَاكِ، وَلَكِنَّ المُؤْمِنَ إِذَا حَضَرَهُ المَوْتُ بُشِّرَ بِرِضْوَانِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، فَأَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ وَأَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَإِنَّ الكَافِرَ إِذَا حُضِرَ بُشِّرَ بِعَذَابِ اللَّهِ وَعُقُوبَتِهِ، فَلَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَهَ إِلَيْهِ مِمَّا أَمَامَهُ، كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ وَكَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» (متفق عليه).

وقال صلى الله عليه وسلم: «إِذَا وُضِعَتِ الْجَنَازَةُ فَاحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ فَإِنْ كَانَتْ صَالِحَةً قَالَتْ: قَدِّمُونِي وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ قَالَت لأَهْلهَا: يَا وَيْلَهَا أَيْن يذهبون بِهَا؟ يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إِلا الإِنْسَانَ وَلَو سمع الإِنْسَان لصعق» (رواه البخاري).


يوم الجنائز:
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء، وإن آل فرعون لم يكن لهم في الأرض مصلى ولا في السماء عمل، فقال الله فيهم: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ} [الدخان:29]".

- جنازة سعد بن معاذ رضي الله عنه: قال صلى الله عليه وسلم: «هَذَا الَّذِي تَحَرَّكَ لَهُ الْعَرْشُ وَفُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَشَهِدَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْمَلائِكَةِ لَقَدْ ضُمَّ ضَمَّةً ثُمَّ فُرِّجَ عَنْهُ» (رواه النسائي، وصححه الألباني).

- جنازة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: قال سعيد بن جبير رحمه الله: "لما دفن ابن عباس سمعنا من شفير القبر هذه الآية ولا يُدرى من تلاها: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ . ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً . فَادْخُلِي فِي عِبَادِي . وَادْخُلِي جَنَّتِي} [الفجر:27-30].
 

- جنازة ابن تيمية رحمه الله: ختم القرآن في سجنه أكثر من مرة، ومات في الختمة السابعة والثلاثين عند قول اللهعز وجل: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ . فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} [القمر:54-55].

اجعله منك على بال:
- في كل يوم تموت وتحيا... فاعتبر: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأنعام:60]، {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الزمر:42].

- الذاكر لا ينسى الموت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: «بِاسْمِكَ رَبِّ وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ» (متفق عليه)، وإذا استيقظ من نومه قال: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ» (متفق عليه).


- كان صلى الله عليه وسلم يكثر من زيارة القبور لا سيما قبل موته، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أَكْثِرُوا ذِكْرَ هَادِمِ اللَّذَّاتِ» (رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني).

- تعليم أمته الدعاء المخصوص: «السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللهُ لَلاحِقُونَ، أَسْأَلُ اللهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ» (رواه مسلم).

نداء وإنذار:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ» (رواه البخاري).

"فيا أبناء العشرين: كم مات من أقرانكم وتخلفتم!

ويا أبناء الثلاثين: أصبتم بالشباب على قرب من العهد فما تأسفتم!

ويا أبناء الأربعين: ذهب الصبا وأنتم على اللهو قد عكفتم!

ويا أبناء الخمسين: تنصفتم المائة وما أنصفتم!

ويا أبناء الستين: هلموا إلى الحساب، أنتم على معترك المنايا قد أشرفتم، أتلهون وتلعبون... لقد أسرفتم؟!

أبناء السبعين: ماذا قدمتم وأخرتم؟!

أبناء الثمانين: لا عذر لكم... !" (سكب العبرات للشيخ سيد العفاني)

فاللهم توفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، ومسكنا بالإسلام حتى نلقاك.

 

 سعيد محمود