الإعلان عن أننا لا يمكننا أن نحارب "إسرائيل" سذاجة سياسية واستراتيجية
ومن الأوراق الهامة التي يتحتم أن تمتلكها الاستراتيجية المصرية ورقة المقاومة الفلسطينية؛ فينبغي على مصر أن تدعم القوى المقاومة القادرة على إيجاع إسرائيل وتدعمها؛ بحيث تتمكن مصر من توجيهها لتوجيه ضربات موجعة لـ"إسرائيل" كلما سولت لها نفسها أن تضغط على مصر ضغطًا مؤلمًا سواء كان اقتصاديًا أم سياسيًا أو حتى عسكريًا...
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
هناك خيارات كثيرة وعنيفة لمقاومة العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين غير الحرب الشاملة مع "إسرائيل".
لا ينبغي أن نظل أقزامًا أمام عربدة الصهاينة بأرضنا وعرضنا، ولا نملك إلا الصراخ والعويل عبر الخطب النارية والهتافات الحماسية.
التهديد بتعديل اتفاقية السلام مع "إسرائيل" من جانب واحد ما لم يتوقف العدوان، ثم نشر القوات بكامل سيناء أحد الخيارات المصرية.
يجب أن نجهز سيناء بتجهيزات الحرب الشعبية بالاعتماد على قوات خاصة شعبية مسلحة بصواريخ محمولة للأفراد.
مصر فرصتها كبيرة في تحصين نفسها ضد الصلف الصهيوني برؤية استراتيجية جديدة تعتمد على الحرب غير المتماثلة (Asymmetric war).
خيار مصر الأزلي والمصيري والاستراتيجي هو التكامل الكامل والشامل مع السودان وليبيا.
الولايات المتحدة وأوروبا تريدان للسودان أن تموت جوعًا ولليبيا أن تموت حربًا ولمصر أن تسير مطأطئة الرأس في ركب العبيد.
السودان لديها من الموارد الزراعية ما يكفي لإطعام العالم العربي كله، ولا تجد وسائل لإنتاجها أو بيعها ومصر تستورد الغذاء.
السودان لديه أراض زراعية لا تجد من يزرعها ومصر لديها مزارعون لا يجدون أرضًا يزرعونها.
ليبيا لديها موارد زراعية ونفطية كبيرة وتستورد كل ما تحتاجه من المنتجات الصناعية من الخارج، بينما تنتج مصر الكثير منها.
مصر تُؤوي فلول القذافي وتحميهم؛ مما يعرقل تعزيز العلاقات مع "ليبيا الثورة" ومساعدتها على تجاوز نزاعاتها الداخلية.
مصر تحتاج لفكر استراتيجي جديد يتسم بالإبداع يخالف ما ألفته أجهزة الدولة في عصري السادات ومبارك من الخنوع لأمريكا و"إسرائيل".
الشعب لن يقبل الاستسلام الذي شهده عصرا السادات ومبارك، ولن يقبل منهج الإخوان والسلفيين السياسي.
ماذا ينبغي أن تفعل مصر الثورة إزاء العربدة الصهيونية بالعدوان المستمر على إخواننا الفلسطينيين؟
جماهير العالمين العربي والإسلامي تطلعت لرئيس مصر الثورة الذي ينتمي لجماعة جاء جزء كبير من مجدها التاريخي من محاربة "إسرائيل" عام 1948، وأرادت الجماهير أن ترى ماذا سيفعل الرئيس الإخواني لغزة، لكن لسان حال الإخوان المسلمين وحزبهم الحاكم جاء ليقول: إن لا شيء سوى الدعم المعنوي والخطب النارية والهتافات الحماسية، فقلبت الجماهير العربية والإسلامية وجوهها وصوبتها صوب القوة السياسية التالية للإخوان في الحجم وهي السلفيون؛ لعلها ترى تشددًا يشفي غليلها، ففوجئت بقيادي حزب النور البارز والمتميز د. يسري حماد يصرح للصحافة أن مصر غير مؤهلة لدخول حرب مع أية جهة وكانت الجبهة السلفية قد صرحت قبله بنفس المعنى في بيان لها... ولم يبخل الغرب (أمريكا وأوروبا) بإضفاء أوسمة المديح للتفكير المتعقل الذي يبديه الإسلاميون تجاه "إسرائيل"، بعد أن صاروا في الحكم كالإخوان أو رديفًا له كالسلفيين.
ومع حبي واحترامي وتقديري لكل من د. يسري حماد والجبهة السلفية وجماعة الإخوان المسلمين، ومع تفهمي لحالة مصر المزرية اقتصاديًّا بسبب 40 سنة من التخريب قادها السادات وتلميذه مبارك، بالإضافة لقصور قيادتها إداريًا واقتصاديًا واستراتيجيًا منذ الثورة وحتى الآن؛ إلا أنه من السذاجة السياسية والاستراتيجية أن نعلن هكذا على مسمع من الذئاب والثعالب أننا لا يمكننا أن نحارب الآن...
لماذا؟
لأن كل من له عينان يعرف جيدًا حالة اقتصادنا المتدهورة وحالة عدم الاستقرار السياسية التي يعانيها شارعنا الوطني، ولكن هذه التصريحات الساذجة ستعطي لهؤلاء الذئاب معلومة أخرى هي أننا خائفون ومرتعدون ولن نجرؤ على أي من أعمال مقاومة الصلف الصهيوني والأمريكي بالمنطقة.. هذه التصريحات يا سادة تظهر للقاصي والداني أن نخبتنا السياسية ساذجة ومرعوبة.
السذاجة السياسية والاستراتيجية تتمثل في أن هذه النخبة لم تفهم أن هناك خيارات لمقاومة العدوان الإسرائيلي غير الحرب الشاملة الكاملة مع إسرائيل؛ وذلك لأنهم لم يدركوا كافة الخيارات المتاحة وهي كثيرة وعنيفة أيضًا كالحرب ومؤثرة جدًّا بفضل الله، وسبق أن أشرنا إليها نحن وغيرنا ومنها دعم غزة اقتصاديًّا في العلن وعسكريًّا في السر، ومنها فتح مكاتب رسمية وعلنية لفصائل المقاومة الفلسطينية خاصة حماس والجهاد والجبهة الشعبية، وإعلان أن ذلك جاء ردًّا على العدوان الصهيوني المتواصل على الفلسطينيين، والعزوف عن إجراء خطوات حقيقية في مجال العملية السلمية، ومنها التهديد العلني بدعم المقاومة عسكريًّا ما لم تتوقف إسرائيل عن عدوانها، مع عدم الإقدام على القيام بذلك فعليًّا بشكل علني، ومنها إجراء مناورات واسعة بالذخيرة الحية في كل سيناء وحتى حدود غزة مع عدم إبلاغ إسرائيل بها إلا قبلها بست ساعات، مجرد إبلاغ دون تنسيق ولا غيره، ومنها التهديد بتعديل اتفاقية السلام مع إسرائيل من جانب واحد ما لم يتوقف العدوان، ثم نشر القوات بكامل سيناء، ثم الدخول في مفاوضات مضنية مع إسرائيل وأمريكا، نقوم خلالها بالتطويل والتسويف والوعد والوعيد والاحتجاج والتهديد بالانسحاب من المفاوضات مرات كثيرة، ثم الانسحاب من المفاوضات ثم الرجوع وهكذا؛ بحيث تستمر المفاوضات سنوات طويلة وقواتنا منشورة انتشارًا دفاعيًّا عاديًّا في سيناء، وليس انتشار تعبئة هجومية، وتزداد بذلك خبرة وقوة مصر، وتزداد بمرور الوقت تقدمًا في كل المجالات؛ مما سيضغط على "إسرائيل" اقتصاديًّا وعسكريًّا لأنهم سيضطرون للاحتفاظ على الحدود بقوات تتكافأ مع قوة القوات المصرية الموجودة حينئذ في سيناء، ومنها أن نجهز سيناء بتجهيزات الحرب الشعبية مثل ما نفذه "حزب الله" في جنوب لبنان وحماس في غزة بالاعتماد على قوات خاصة شعبية مسلحة بصواريخ محمولة للأفراد مضادة للدبابات وللطائرات، وصواريخ أرض - أرض قصيرة المدى، ويكون ذلك كله مخفيًّا في جبال سيناء وفي أنفاق خفية تحفر وتحصن تحت الأرض، مع ملاحظة أن "حزب الله" و"حماس" و"منظمة القاعدة" يعتمدون على نسخ روسية متخلفة من هذه الأسلحة منتجة في كوريا الشمالية وإيران، لكن مصر يسهل عليها الحصول على نسخ متقدمة مثل الكورنيت (المضاد للدبابات- الروسي) الذي أذاق المدرعات الأمريكية الويلات في العراق قبيل سقوط بغداد، وسام 7 النسخة الروسية المطورة أو نصنع نسخًا نقلد بها الاستينجر الأمريكي، أو نحصل على نسخته الصينية، ويمكننا الحصول على الأسلحة الصغيرة والمتقدمة من روسيا أو من أمريكا وأوروبا، ولو عبر تجار السلاح الدوليين علمًا أن مصر تصنع صقر 70 أرض - أرض ومداه 70 كم، وهو متقدم عن النسخ الكورية والإيرانية، وتوجد خيارات وحيل كثيرة في هذا المجال معروفة للعسكريين...
مصر فرصها كبيرة في أنها تحصن نفسها وتدافع عن نفسها ضد الصلف الصهيوني برؤية استراتيجية جديدة تعتمد على ما يسميه علماء الاستراتيجية اليوم باستراتيجية الحرب غير المتماثلة (Asymmetric war) ... وبذا ستكون مصر جاهزة لمنع أي محاولة لاحتلال سيناء بتكلفة مادية أقل من تكلفة نشر المشاة والمدفعية والمدرعات وما يستلزمه ذلك من قوات جوية متفوقة كي تتمكن من حماية القوات الأرضية.. فأين مرسي والنخبة السياسية المساندة له من هذا الآن حتى لا نظل أقزامًا نتفرج على عربدة الصهاينة بأرضنا وعرضنا، ولا نملك إلا الصراخ والعويل عبر الخطب النارية والهتافات الحماسية..؟!!
والرؤية الاستراتيجية السليمة لا ينبغي أن تغفل الجوانب الاقتصادية والوحدة الوطنية والاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي؛ لاسيما أننا دولة بلا دستور ولا برلمان حتى الآن.. ولكن لكل شيء حل..
ومن الأوراق الهامة التي يتحتم أن تمتلكها الاستراتيجية المصرية ورقة المقاومة الفلسطينية؛ فينبغي على مصر أن تدعم القوى المقاومة القادرة على إيجاع إسرائيل وتدعمها؛ بحيث تتمكن مصر من توجيهها لتوجيه ضربات موجعة لـ"إسرائيل" كلما سولت لها نفسها أن تضغط على مصر ضغطًا مؤلمًا سواء كان اقتصاديًا أم سياسيًا أو حتى عسكريًا، وسواء كان ذلك بنفسها أم عبر الولايات المتحدة وأوروبا، وهذا سيستغرق بعض الوقت حتى تتأكد إسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا من صدق إرادة القيادة والنخبة السياسية المصرية، وقوة عزيمتها، وحينها ستحصل مصر على حقوقها ومصالحها بعزة بدل من المهانة التي توجهها الولايات المتحدة لمصر كل حين والتي لم يكن آخرها رفض أوباما مقابلة د. مرسي عندما زار الأمم المتحدة كنوع من الضغط الأمريكي على الرئيس المصري بسبب مشكلات الأقباط في مصر حينئذ؛ وذلك رغم استجداء المؤسسات المصرية لهذه المقابلة.
استخدام ورقة المقاومة لعبتها ومازالت تلعبها إيران في لبنان وفلسطين والعراق؛ كما شاركتها فيها سوريا، وإيران تواصل حصد المكاسب بها دون أن يجرؤ أحد على المساس بها عسكريًّا.
ومع ذلك يجب أن نؤكد أنه لا ينبغي لمرسي أن يدخل في حرب مع إسرائيل الآن ولا يهدد بها، لكن يتجهز لها فقط في سرية وفي نفس الوقت يهدد إسرائيل برفع الحصار الاقتصادي عن غزة ويرفعه فعلاً لو أنها استمرت في عدوانها، وفي حالة ما لو ضربت إسرائيل نقاط الحدود المصرية مع غزة بدعوى إدخالها أشياء محظورة لغزة فحينئذ يقوم مرسي بسرية تامة بإعطاء سلاح للفلسطينيين ويحرضهم على ضرب قلب إسرائيل بالضبط كما تفعل إيران مع "حزب الله".. وهنا ستنشأ حرب باردة بيننا وبين إسرائيل وستخسر إسرائيل فيها بشكل مؤلم جدًا؛ بشرط أن يتصف حكام مصر ونخبتها الجديدة بالصلابة وشجاعة القلب؛ قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة:216]، ولا ننسى أن إسرائيل أنفاسها قصيرة في مثل هذا، وستتوسط أمريكا وأوروبا لإنهاء الحرب الباردة، وحينها لا يجب أن ننهيها إلا بشروطنا، وليتذكر حكامنا ونخبتنا السياسة أننا لسنا أفقر من كوريا ولا أضعف منها، بل نحن أقوى من إيران التي تخافها إسرائيل والغرب، وفرصنا السياسية والاقتصادية والتكنولوجية أكبر من إيران وكوريا الشمالية، بل ومن باكستان الدولة النووية العظمى، لكننا عندنا سوء إدارة وقصور في الرؤية الاستراتيجية وغياب للشجاعة والحزم عمليًّا، وإن اتسمنا بشجاعة الخطابة والهتافات.
وهناك خيارات هامة أخرى متاحة لمصر، بل ويتوجب على مصر اللجوء إليها، ليس لدواعي الصراع العربي الصهيوني فقط؛ بل أيضًا لتخرج مصر من أزماتها وتحقق انطلاقاتها، ومن أهم هذه الخيارات التحالف مع قوى دولية وإقليمية، ورفع العلاقات الاقتصادية والاستراتيجية معها لأعلى مستوى ممكن مثل روسيا والصين وباكستان وكوريا الشمالية والأرجنتين والبرازيل وماليزيا وإندونيسيا وجنوب إفريقيا، وهذه التحالفات ستفتح لمصر آفاقًا واسعة في مجالات السياسة والاستراتيجية والاقتصاد والتكنولوجيا؛ كما أن هذه التحالفات ستمثل ضغطًا قويًا على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الداعمين الرئيسين لـ"إسرائيل"، وتدفعهم جميعًا لإعادة النظر في سلوكهم إزاء القضايا العربية التي تدعمها مصر بشكل يحقق الكثير من مصالح مصر لدى هذه القوى الثلاثة (الولايات المتحدة وأوروبا وإسرائيل) كما ينبغي على القيادة المصرية أن تعزز علاقاتها بإيران بحذر شديد سواء حذرًا من الاستغلال الإيراني أو حذرًا من توريط إيران لمصر في صراعات لا تريد مصر الدخول فيها، أو ليس من مصلحتنا الدخول فيها، كما أن على مصر أن تستخدم ورقة العلاقات مع إيران للضغط على إسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا؛ للحصول على مزيد من المكاسب، ولا يجب أن نغفل أنه كما أننا نحتاج لأمريكا وأوروبا فهم يحتاجون لنا، بل إن إسرائيل تحتاج لنا لأنهم يعرفون جيدًا أننا لو نابذناهم العداء فستنفتح عليهم أبواب جهنم، فلو لم يتحالفوا معنا ويكونوا حلفاء جيدين فأمامنا أوراق عديدة يسهل لنا اللعب بها ومنها مساندة كوريا الشمالية وإيران و"حزب الله"؛ بل ودعم أي شخص أو جهة تريد محاربة الغرب أو معارضته بما في ذلك منح قواعد لروسيا والصين في المنطقة... وهم يعرفون ذلك ويخشونه، لكن يجب علينا نحن أيضًا أن ندرك ذلك ونلعب به معهم بشجاعة وعزيمة وإرادة قوية لنحصل على ما نريد بعزة وكرامة.
وبجانب ذلك كله فإن خيار مصر الأزلي والمصيري والاستراتيجي هو التكامل الكامل والشامل مع السودان وليبيا... وهو الخيار الذي تجهله وتتجاهله القيادة المصرية الحالية والنخبة المساندة لها، فهي تجهله لافتقارها إلى الوعي التاريخي والخيال الاستراتيجي، وتتجاهله بأوامر من أمريكا وأوروبا اللتين لا تريدان لمصر أن تستقل عنهما أو أن ترفع رأسها في وجه إسرائيل كما أن أمريكا وأوروبا تريدان للسودان أن تموت جوعًا ولليبيا أن تموت حربًا ولمصر أن تسير مطأطئة الرأس في ركب عبيد أمريكا إلى أن تسجد تحت أقدام إسرائيل.
السودان لديها من الموارد الزراعية ما يكفي لإطعام العالم العربي كله، ولا تجد وسائل لإنتاجها أو بيعها ومصر تستورد أمثال ذلك كله من الخارج، والسودان تستورد كل ما تحتاج إليه من المنتجات الصناعية ومصر تصنع الكثير جدًّا مما تستورده السودان، لكن السودان تستورده من دول أخرى، السودان لديها أراض زراعية لا تجد من يزرعها ومصر لديها مزارعون لا يجدون أرضًا يزرعونها ولا يجدون عملاً.. السودان أولاً وآخرًا جزء من مصر ومصر جزء من السودان تاريخيًا، وعبر التاريخ حكم مصريون مصر والسودان كما حكم سودانيون مصر والسودان، لكن الإمبريالية الغربية (عبر الاحتلال الإنجليزي) سلخهما من بعضهما البعض ومازالت هذه الإمبريالية (عبر الولايات المتحدة) تحافظ حتى الآن على هذا الانقسام؛ بل نجحت في تقسيم السودان نفسه.
ونجد ليبيا لديها موارد زراعية ونفطية كبيرة، وتستورد كل ما تحتاجه من المنتجات الصناعية من الخارج، بينما تنتج مصر الكثير من المنتجات الصناعية التي تحتاجها ليبيا، لكن مصر تؤوي فلول القذافي وتحميهم مما يعرقل تعزيز العلاقات مع "ليبيا الثورة" ومساعدتها على تجاوز نزاعاتها الداخلية.
والحاصل أن مصر تحتاج لفكر سياسي واقتصادي واستراتيجي جديد يتسم بالإبداع والشجاعة والإقدام على مخالفة الذي ألفته أجهزة الدولة في عصري السادات ومبارك من الارتماء في أحضان الغرب، والنظر إلى العالم كله بعيون هذا الغرب، والشعور بأنه لا حلول في العالم كله إلا لدى هذا الغرب خاصة الولايات المتحدة.
ظروف مصر وشعب مصر لن يتحمل شجاعة التهور والرعونة التي شهدتها مصر بشكل أو بآخر في العديد من المواقف في عصر جمال عبد الناصر، لكننا في نفس الوقت لن نقبل الخنوع والاستسلام الذي شهدهما عصرا السادات ومبارك، كما لن نقبل ولن نصبر على منهج الإخوان وسلفيي النور السياسي الذي يعتمد على ملاينة الأقوى وتحاشي الصدام معه، وقبول ما يلقيه من فتات أملاً في أن تنصلح الأمور بمرور الوقت دون القيام بأي فعل يغضب هذا الأقوى.. نحن قمنا بثورة ضد منهج خنوع السادات ومبارك؛ كما أننا أثناء ثورتنا لم نؤمن بالمنهج السياسي لجماعة الإخوان المسلمين وسلفيي النور الذي لو آمنا به لما قمنا بالثورة؛ لأنه منهج ضد الثورة أصلاً.. ضد التغيير الجذري والشامل والسريع.. ضد السياسة الكفاحية القائمة على الحكمة الشجاعة والإقدام والمبادرة.
عبد المنعم منيب