من لأسرى وأسيرات فلسطين ؟

ملفات متنوعة

  • التصنيفات: الولاء والبراء -

لا يعرف العشق إلا من يكابده، ولا يعرف السجن إلا من ذاق مرارته، وعانى علقم ظلمه، وتقلّب لياليه، وانصرام أيامه الثقيلة.!

أيام الأسير، ولياليه، وساعاته، لا يشعر بها إلا أم حنون شرقت بدمعها، حتى ما تجفّ لها دمعة، وهي تتذكر الحبيب الغالي، هنا نام، وهنا أكل، وهنا ضحك وابتسم، وهناك ما زالت آثار معركة من معاركه، أو شغب شبابي من مشاغباته !

عنفوان الشباب ملأ قلوبهم بالشجاعة، والرجولة، والشعور العارم بالانتقام والثأر للحرمات، والمقدسات، فيما نامت عيون الجبناء وشبعت نوماً!!

من يجيب هذه الطفلة، هذه الوردة التي لمّا تتفتح أكمامها، وهي تصدح بصوت متهدّج، تهتزّ له جدران المكان:

أين هو يوم الوعيد؟!
أين هو اليوم الذي تُصهر فيه قضبان الحديد؟!
عار عليكم، وأبي قابع خلف قضبان الحديد...!!
هذه الطفلة التي كبرت في غير الأوان، وتجشّمت هذا العبء الذي تنوء به الأمهات والزوجات والأخوات!!
من يجيبها: أين هو اليوم الذي تُصهر فيه قضبان الحديد؟!

وأمهات وأخوات خرجْن يحملْن صور الأحباب، وفلذات الأكباد يدُرْن في الشوارع يطالبن بالحرية للشباب الذين أفنَوْا زهرة شبابهم وعنفوان كبريائهم في السجن، يطالبن بظروف إنسانيّة للأسير البطل!

من يتحمل أن يستمع إلى تلك الأم التي تحوّل قلبها إلى بحر أسًى شفّاف، وهي تتحدث عن ابنها الأسير محمد، وصورته على صدرها، تتحدث بنبرة حزن مكابر يطير له صواب الحرّ الكريم، وكيف يهنأ له بعدها بطعام أو شراب؟!

ماذا بوسع المرء أن يقول أمام هذه الكلمات التي تقرع الأسماع من أمهات انعدم لديهن الحول والحيلة، يستجرن من الرمضاء بالنار...............؟!

ما قدرة الكلمات على الوفاء، على التعبير عن هذه المعاني الشجيّة التي باحت بها الأمهات والأخوات، التي تصيب الحرّ الكريم بألف سكتة وسكتة؟!

أين أصحاب الضمائر الحية التي استعصت على الذوبان، ولم تفسد فيها خميرة الرجولة، لتقف بجانب هؤلاء الحرائر أمهات وأخوات وزوجات؟!

الأسيرات يستصرخن بقايا المروءة والرجولة في عواصم الإباء الغارب الغارق في الهوان: من يحمي الشرف الرفيع؟!


ما كانت الحسناء يُهتك سترها   ***     لو كان في تلك الجموع رجال

مائة وعشرون أسيرة فلسطينية تئن خلف قضبان السجون في ظروف إنسانية وصحية يندى لها الجبين، وتتقطع لها نياط القلوب!!

أهل فلسطين ليسوا فقط ضحايا لليهود الذين وصف الله قلوبهم بأنها قاسية كالحجارة بل هي أشد قسوة!

مصائب الفلسطينيين ليست فقط من اليهود، بل ما كان اليهود ليتجرؤوا على الفلسطينيين لو لم ير اليهود الدول العربية والمسئولين العرب يخطبون ودّهم، وينشدون رضاهم ويودّون لو تنشق الأرض وتبتلع الفلسطينيين الذين سبّبوا لهم صداعًا نصفيًا وإحراجًا مع ضمائرهم النائمة، وشعوبهم المكلومة بهم!!

أهل فلسطين ضحايا للنظام العربي الفاسد ، الذي شتّت الفلسطينيين، وأهانهم وروّعتهم أجهزته الأمنيّة التي لم تقلّ قسوة عن اليهود بل نسّقت معهم للنيل من إرادة الفلسطينيين، وتركيعهم خدمة لليهود لتصفية قضية فلسطين، وحتى يُلقي أهل فلسطين أنفسهم في النار والعار هربًا من جحيم السجون والمعتقلات العربية التي امتدت على طول بلاد بني يعرب، وهي الشكل التنموي الوحيد الذي حققت فيه دولنا سبقًا في تقارير التنمية البشرية في كل دورة !
قضية الأسرى الفلسطينيين، والأسيرات الفلسطينيات تجاوزت - يا أصحاب الشرف الرفيع - كل الخطوط الحمراء!
يا أصحاب الفخامة والجلالة، يا أصحاب السموّ، ويا أصحاب المعالي!!

يجب أن تتدبروا الأمر، يجب أن يكون هذا الملف من ضمن الملفات الساخنة قيد البحث، يجب أن يُطرح أمام المسئولين الدوليين بشيء من الغضب، وبلهجة فيها قدر من العنفوان، حتى تكتحل عيوننا بهؤلاء الأبطال أحرارًا بعد أن فقدت الحياة كل معنى بغيابهم!!

 

المصدر: الإسلام اليوم - نايف ذوابه / الأردن