من الفشل إلى النجاح

لا شك أن كل واحد منا انتابته في يوم من الأيام لحظات الشعور بالألم والحسرة بسبب إحباط أو فشل في حياته الخاصة أو في عمله أو في مشروع أقدم عليه، والإنسان بطبعه يحمل في ثنايا عقله الآمال والطموحات، غير أنه لا يضمن بالتأكيد تحقيقها كلها كما يرجو ويتوقع..

  • التصنيفات: تربية النفس -


لا شك أن كل واحد منا انتابته في يوم من الأيام لحظات الشعور بالألم والحسرة بسبب إحباط أو فشل في حياته الخاصة أو في عمله أو في مشروع أقدم عليه، والإنسان بطبعه يحمل في ثنايا عقله الآمال والطموحات، غير أنه لا يضمن بالتأكيد تحقيقها كلها كما يرجو ويتوقع.

وإذا توحد معظم الناس في مصادفة الفشل في ناحية من نواحي الحياة، فإنهم يختلفون حتماً في طرق مواجهته والتصدي له. ويبقى السؤال: كيف ينبغي على المرء أن يتصرف في حالة الفشل؟ أو بمعنى آخر: كيف يمكن تحويل هذا الفشل في الحياة إلى نجاح يقود الإنسان إلى مرتبة الرضا عن النفس، ومن ثَم إلى تلمس خيوط السعادة في هذه الحياة الدنيا؟

ذبذبات الفشل:

المشكلة ليست البتة في السقوط أو في التعثر في حفر الحياة المتناثرة هنا وهناك، ولكن المشكلة الحقيقية تكمن في أن يظل الساقط والعاثر في مكانه بلا حراك، يَرْقُبُ الرائح والغادي بعين مِلؤها الاستكانة والرضا السلبي بتعثره في حفرته تلك، لعل أحداً ما ينقذه من ورطته وفشله، وينتظر.. ينتظر الذي قد يأتي وقد لا يأتي.. فلو أن مثل هذا الفاشل أحسن التعامل مع "فشله" لَتَجَاوَزَ هذه المرحلة الحرجة بشيء من الذكاء والتجربة والتحكم في إمكانياته الذاتية وطاقاته الكامنة في دواخله. غير أنه يعرض نفسه وعقله للرسائل السلبية التي يستقبلها بكثرة خلال اليوم الواحد، وللأحوال المثبطة التي يعايشها في كل لحظة وحين، كما يتعرض للمشاعر المحبطة التي تجتاح عقله الباطن اجتياحاً، فعوض أن يملأ المرء نفسه بإرادة النجاح والصلاح، يملأها ببذور الفشل والطلاح.

"إن ذبذبات الفشل تمر من عقل إلى آخر بسرعة كبيرة، والشخص الذي لا يكف عن الحديث معك عن الجرائم وعن الإحباطات وعن الأوضاع البائسة التي لن تتحسن سيجعلك بعد لحظات تفكر بنفس تفكيره وستجد سحابة من الكآبة والحزن تجتاحك دون أن تدري لماذا. والحقيقة الثابتة أن المؤثرات السلبية تترك أثراً هداماً في النفس لا مناص منه سوى الهروب منه وكأنه مرض خطير ومعدٍ" (عبد الواحد بسيتو (تنمية الذات)).

بين الفشل والنجاح.. عامل الوقت:

ولجعل الفشل قنطرة نحو النجاح، ينبغي على الفاشل -في أي مجال كان وفي أي عمل- أن يحول أسباب الفشل ذاتها إلى عوامل دفع ودعم لبلوغ أهدافه وغاياته وتحقيق النجاح المنشود؛ ومن ضمن هذه العوامل الهامة:

عامل الوقت:

فالوقت قد يكون من بين أبرز الأسباب التي تفضي بالشخص إلى الفشل الذريع في عمله أو تحقيق مشاريعه أو تربية أبنائه أو تدبير كافة شؤون حياته. لكنه أيضاً يمكن جعله من بين أعظم أسباب النجاح إن تم استثماره واستغلاله على الوجه المطلوب، لكن لنتبين أولاً كيف أتى ذكر أهمية الوقت في القرآن والسنة المطهرة وأقوال السلف الصالح عنه.

القرآن الكريم ذكر موقفين أساسيين يوضح من خلالهما ندم الإنسان على ضياع الوقت أشد الندامة؛ ففي الموقف الأول يتعلق بلحظة الاحتضار، حيث يقول المحتضر داعياً ربه أن يرجعه لعله يعمل صالحا في ما ترك: {
حَتَّىٰ إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ . لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا ۚ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ} [المؤمنون:99-100]، والموقف الثاني يسجله القرآن الكريم بكثير من البراعة الوصفية بالغة الدقة: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ} [يونس:45]. و {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} [النازعات:46]، و {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ . قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ . قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا ۖ لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [المؤمنون:112-114]، وقوله تعالى: {وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ
} [السجدة:12].

وجاء في الحديث النبوي: «
نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ» (رواه مسلم)، كما حث النبي محمد صلى الله عليه وسلم في حديث آخر على اغتنام الوقت وعدم تضييعه: «اغتنم خمساً قبل خمس: اغتنم حياتك قبل موتك، واغتنم شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك
».

ويعبر الصحابي الجليل ابن مسعود رضي الله عنه عن رؤيته الخاصة لأهمية الوقت: "ما ندمت على شيء ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزدد عملي". ويقول الحسن البصري: "ما من يوم ينشق فجره إلا نادى مناد من قبل الحق: يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد، فتزود مني بعمل صالح فإني لا أعود إلى يوم القيامة". وقال ابن قيم الجوزية في (الجواب الكافي ص: 157): "العارف لزم وقته، فإن أضاعه ضاعت عليه مصالحه، فجميع المصالح إنما تنشأ من الوقت، وإن ضيعه لم يستدركه أبداً، فوقت الإنسان عمره في الحقيقة، وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضنك في العذاب الأليم، وهو يمر أسرع من الحساب، فما كان من فوقه لله وبالله فهو حياته وعمره وغير ذلك ليس محسوباً من حياته، وإن عاش فيه عاش عيش البهائم، فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة، وكان خير ما قطعه به الناس النوم والبطالة؛ فموت هذا خير له من حياته".

عمارة الوقت:

وعوامل تضييع الوقت المفضية إلى الفشل تعزى بشكل أساسي إلى عدم وجود أهداف أو خطط محددة، فيخبط الإنسان خبط عشواء ولا يدري ما هي غاياته في الحياة؛ سواء أهدافه على المستوى الشخصي أو على المستوى العملي، أو من خلال علاقاته الأفقية والعمودية مع محيطه القريب والبعيد، فيلزم عمارة الوقت، والعمارة تعني بمفهومها الشامل إدارة الوقت وتدبيره بطريقة محكمة تستخدم الوسائل الممكنة والمشروعة في سبيل تحقيق وإنجاز الأهداف الطيبة والغايات المثمرة والمفيدة للفرد والجماعة.

يقول ابن القيم رحمه الله في هذا السياق مبرزاً مفهوم عمارة الوقت بالطاعات والتقرب إلى الله عز وجل: "فإنه متى أخذها -أي الأعمال- بنية القوة على ما يحبه الله تعالى وتجنب ما يسخطه كانت من عمارة الوقت، وإن كان له فيها أتم لذة، فلا تحسب عمارة الوقت بهجر اللذات والطيبات" (من كتاب تهذيب مدارج السالكين).

وعمارة الوقت تنطلق بدءاً من وضع الأسئلة من قبيل: ما الهدف الرئيس في الحياة؟ وما الهدف الأول؟ وهل من الممكن أن أحقق أهدافي؟ وما هي الوسائل التي تخول لي إنجاز غاياتي وأهدافي؟ فيتم قياسها على الجدولة الزمنية مع الابتعاد الكلي عن التسويف والتماطل والتأخير، وهي سمات تجعل من الناجح فاشلاً ومن كل شيء إيجابي أمراً سلبياً لا محالة. ومع تحديد كل هذه الأولويات الضرورية من تعيين الأهداف والوسائل والجدولة الزمنية، ينبغي أيضاً أن يكون المرء قادراً على امتلاك مرونة تجعله يتعامل مع صياغة الهدف وتحديد الوسيلة وضبط الزمن المناسب والكافي؛ (مدى قصير، أو مدى متوسط، أو مدى بعيد)، بفاعلية ونجاعة تعطيه إمكانية التقديم أو التأخير. يقول في هذا الباب ابن عقيل الحنبلي: "لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة، وبصري عن مطالعة، عملت فكري في حالة راحتي وأنا منطرح، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره".

إدارة الوقت:

ولعل الأسباب المفضية إلى الفشل تبدأ أساساً من الجهل بإدارة الوقت وإعماره بعبادة الله عز وجل والطاعات ونشر قيم الخير والفضيلة والحب والتسامح، وأيضاً تنشأ بسبب تفاقم المعوقات في هذا السياق؛ مثل: الصعوبة في التفريق بين الهدف والأمنية، وضبابية الرؤية في ما يخص التمييز بين الأهداف الرئيسية في حياة المسلم والأهداف الثانوية، (وتحقيق العبودية لله الواحد الأحد يعتبر هدفاً أولياً وأساسياً لكل إنسان تدور حول محوره الأهداف الأخرى في الحياة، ولا تعارض بين جميع هذه الغايات دنيوية وأخروية؛ فالأهداف الدنيوية يمكن تسخيرها للآخرة أيضاً بتجديد النية الحسنة وبالرغبة في إعمار الأرض)، كما تثار مشكلة عويصة تتجلى في حشد أهداف كثيرة على المدى القصير والمتوسط والبعيد دون مراعاة عامل الزمن والوقت، فتفوق الأهداف الوقت المخصص لها، مما يربك المرء ويجعله يسيء صنعاً ويراكم السلبيات تلو السلبيات في تنظيم شؤون حياته.

المماطلة:


وهناك سبب آخر لا يقل خطورة في إدخال بذور الفشل في كل عمل يقوم به الإنسان، وهو داء المماطلة والتسويف؛ ويعرف المختصون المماطلة بأنها: قيام بمهمة ذات أولوية منخفضة بدلاً من إنجاز المهمة ذات الأولوية الرئيسية، وهي أيضاً: الرغبة الكامنة في النفس لتأجيل القيام بالمهام والأعمال والمشاريع من خلال تقديم الأعذار، واختلاقها، وتبرير التأخير، ورفض الإقدام على أعمال معينة، أو رفض فرص وظيفية أو ترقيات مستحقة أو تغيير محيط العمل.. ويمكن علاج المماطلة بتفادي السلوكيات التي تولدها؛ ومن ضمنها نجد ترك العنان للتفكير مثل: استرجاع ذكريات جميلة أو التفكير في التقدير الذي سيلاقيه العمل بعد إنجازه، كما يمكن محاربة عوائق أخرى من قبيل تجنب تصرفات خاطئة: الغرق في مكالمات هاتفية لا حد لها، والثرثرة في ما لا ينفع، أو غيره.

تحديد الهدف نصف النجاح:

إن أعظم سبب للفشل يظل ملتصقاً بعدم تحديد هدف الإنسان في الحياة؛ وكثيراً ما يعيش بعض الناس أيامهم بدون هدف يضعونه لتحقيقه ولا غاية يتصورونها لأنفسهم، فيتيهون في صحراء الحياة بلا وصلة ترشدهم ولا مرفأ أمان يسعون لبلوغه، وعلى أنقاض هذا الوضع يتشكل الفشل شيئاً فشيئاً.. ولتحقيق أمنية النجاح، وجب أن يحدد المسلم هدفه في الحياة، أو أهدافاً كثيرة، ويمكنه تحديد هدف له ولأسرته في بيته، وهدف أو أهداف في مجال عمله وشغله، وهدف آخر في مسار تعليمه، أو في مجالات وميادين كثيرة أخرى، وعدم وضع المرء لتصور واضح لهدفه في الحياة يعيقه عن التحرك بطلاقة وعزم وثبات. والكثيرون جداً يسيرون في الحياة هكذا -كما يقول عبد الواحد ستيتو- برتابة، بروتين، بلا هدف، يتركون أمواج الحياة تقود مركبهم دون أن يحاولوا استعمال الأشرعة للتحكم في اتجاهه. حياتهم اليوم هي نفسها قبل سنوات، لا نقلات مادية ولا معنوية، لا دفقات طموح ولا غيرها. والمشكلة أن إجابات الفاشلين على سؤال: "ما هدفك؟" مثيرة ومخيبة للآمال.. وهي: "لا أعرف". إن عدم وجود هدف في الحياة هو كارثة حقيقية.

ويصف أخصائيو المهارات والتنمية الذاتية الذي لا هدف له في الحياة مثل "لاعب تم وضعه في الملعب دون شباك يسجل فيها". ويعتبرون أنه بمجرد أن يحدد الإنسان أهدافه يكون قد نبه نظام التنشيط الشبكي، حيث يصبح هذا الجزء من المخ مثل المغناطيس، يعمل على اجتذاب أي معلومة، أو ينتهز أي فرصة يمكن أن تساعد الشخص على تحقيق أهدافه بسرعة أكبر".

ولعل أعظم مثال يمكن أن نسوقه في هذا الباب لمن يحدد هدفه في الحياة، فتهون دونه العظام، وتسهل الصعاب، وتتذلل العقبات، هو موقف الرسول صلى الله عليه وسلم لكفار قريش راداً محاولة إغرائه وتحويل وجهته عن الهدف الذي جاء من أجله وهو نشر دعوته المباركة وتبليغ الوحي عن الله تعالى، ومحاربة الشرك والظلم، غير أنه صلى الله عليه وسلم ثبت ثباتاً عجيباً، فلم يتزحزح عن هدفه الواضح والساطع قيد أنملة.

مواصفات الفشل والنجاح:

ويبرز علماء النفس الفروق الشاسعة بين تفكير شخص يريد النجاح وآخر يريد الفشل:

فالذي يريد النجاح:

- يلتزم بتعهداته.

- يدرس المشاكل التي تواجهه جيداً.

- يحترم غيره من المتفوقين ويسعى للتعلم منهم.

- يعرف متى تكون المواجهة ومتى تقبل الحلول الوسط.

- يشعر بالمسؤولية حتى خارج نطاق دائرته.

- لا يتهيب كثيراً من الإخفاق أو الخسارة.

- قنوع ويسعى نحو الأفضل.

- يفضل احترام الناس لمواقفه على حبهم لشخصه وإن كان يسعى لتحقيق كليهما.

- يعترف بأخطائه إن أخطأ.

- يعبر عن اعتذاره بتصحيح الخطأ.

- دؤوب في عمله ويوفّر الوقت.

- يتحرك بخطى محسوبة.

- يتمتع بثقة في النفس تجعله دمثاً.

- يوضح الأمور ويفسرها.

- يبحث عن سبل أفضل للعمل.

أما الذي يريد الفشل فـ:

- يُطلق الوعود جزافاً.

- يلف ويدور حول المشكلة ولا يواجهها.

- يمقت الناجحين ويترصد مثالبهم.

- يرضى بالحلول الوسط في الأمور الأساسية ويواجه في الأمور الفرعية التي لا تستحق المواجهة.

- لا يهتم إلا بمحيط عمله الضيق فقط.

- يتوجّس في قرارة نفسه من النجاح.

- يتبجح بأن هناك من هم أسوأ منه حالاً بكثير.

- يسعى لاكتساب محبة الناس لشخصه أكثر من إعجابهم بمواقفه، ومستعد أن يتحمل بعض الازدراء ثمناً لذلك.

- يتنكر للخطأ قائلاً: هذه ليست غلطتي أنا.

- يعتذر ثم يعيد ارتكاب نفس الخطأ.

- كسول ومضيع للوقت.

- يتحرك بسرعتين فقط: سرعة جنونية وأخرى بطيئة جداً.

- يفتقر إلى الدماثة، فهو إما أن يكون خنوعاً، وإما مستبداً على التوالي.

- يغلف الأمور ويشوشها.

- يتحفز للكلام بلا هوادة.

- مقلد، ويتبع الروتين باستمرار.

- بليد ومثبط للعزائم.


إلى كل فاشل:

ويقدم خبراء علم النفس الاجتماعي أيضاً نصائح إلى كل فاشل يحبو جاهداً نحو سبيل النجاح في الحياة:

ـ كما لك حق التنفس وحق الارتواء وحق الملبس والمسكن، فإن لك الحق أن يكون لك دور في الحياة، وإصرارك على أداء هذا الدور هو الذي يجعلك قادراً على تحقيقه.

ـ والخطوة الأولى في قطع طريق طويل لا تختلف عن الخطوة الأخيرة، إلا في أن صاحبها يكون في البداية على شك من أمره، بينما يكون على يقين منه في النهاية.

ـ من نعم الله تعالى على البشرية، أن الممكنات أكثر من المستحيلات، وأن كل أمر مستحيل يحيط به ألف أمر ممكن.

ـ القصور المبنية على الرمال، سرعان ما تدمرها الرياح والمياه، كذلك النجاحات قصيرة الأمد.

ـ جرب ما لم يجربه غيرك، ولك امتياز ما تصل إليه من النتائج.

ـ المطلوب أن تكون مرناً حتى مع خططك كما هو مطلوب في تعاملك مع نفسك، فأداة التخطيط الخاصة بك يجب أن تكون خادمة لك، لا سيدة عليك.

ـ المحاسبة لا تعني المحاكمة، ولذلك فهي ليست من أجل إصدار أحكام إدانة أو براءة، وإنما هي من أجل تحسين العمل وتطويره، ولكن حاسب نفسك بتجرد، لتتجنب محاسبة الآخرين لك بانحياز.

وكثيراً ما سمعنا قصصاً من الغرب لبعض النابغين في مجالاتهم الذين حُكم عليهم بالفشل، وبعد ذلك نجحوا نجاحاً أبهر العقول:

"هنري فورد" أفلس خمس مرات قبل أن ينجح أخيراً وينشأ شركة فورد للسيارات، التي تملأ العالم بسياراتها الفخمة، وهذا "والت ديزني" تم فصله من عمله كمحرر في إحدى الجرائد، لافتقاره إلى الأفكار الجديدة، وقد أفلس عدة مرات قبل إنشائه لعالم الأطفال والرسوم "الكارتونية" الشهيرة في العالم بأسره.

أما معلم "توماس أديسون"، مخترع الكهرباء، فقد قال عنه معلمه في صباه أنه أغبى من أن يتعلم أي شيء، وتوماس أديسون نفسه قد اخترع (1500) اختراع فاشل، قبل أن ينجح ويخترع الكهرباء، والكاتب المعروف "لوي تولستوي" مؤلف كتاب "الحرب والسلام" طرد من الجامعة، ووصف بأنه غير قابل للتعلم.

هذه النماذج كلها وغيرها نجحت، بعد أن صدر حكم الآخرين عليها بالفشل، غير أنها استوفت شروط النجاح التي يمكن استخلاصها من تحويل أسباب الفشل إلى دوافع للنجاح والتفوق.

ويمكن للمسلم أن يستفيد من قصص هؤلاء وغيرهم بأن يدرك أنه يمكن أن تكون في الفشل -في حد ذاته- بذور نجاح معنوي وروحي، وذلك برد الأمر إلى الله تعالى، والتأمل الصادق مع النفس، والعمل بإخلاص وجد، وبعد ذلك ستنبعث شعلة من التوهج الداخلي تدفعه إلى الحياة بشكل أفضل، وينتصب له الأمل الذي يقوده نحو النجاح.