يوميات صائم، ليلة جديدة

دخل شهر رمضان وهي أول ليلة من لياليه المباركة، إنه شهر يزداد فيه الإيمان والعمل الصالح، إنه شهر يزداد فيه عطاء المؤمن ومعونته لإخوانه، إنه شهر تزداد فيه العبادات التي يؤديها المؤمنون طواعية وبرغبة وبحب حتى لو أرهقت أبدانهم أو أنهكت خزائن أموالهم.

  • التصنيفات: مناسبات دورية - ملفات شهر رمضان -


أشرقت الشمس كما اعتدنا أن نراها تشرق كل صباح, وذهب كل منا إلى عمله أيضًا كما اعتاد، ثم سارت أحداث اليوم مشابهة لكل يوم مضى.

وفي عشية هذا اليوم, وما إن تطاير خبر بين الناس إلا وتغير كل شيء،
دب في القوم نشاط غريب, وسرت في النفوس حماسة غير معهودة, وطار النوم من الأعين, وأعلن الخمول رحيله عن الناس, وعمت البهجة الوجوه والقلوب, وهنأ الناس بعضهم البعض, والكل يبتسم ابتسامة جديدة هادئة مشرقة مطمئنة تختلف عن باقي الابتسامات, إنها بشاشة الإيمان التي شعر بها الجميع, وتسابق الناس نحو بيوت الله.

وقد لا نتعجب كمسلمين مما يحدث ولا يثير انتباهنا لاعتيادنا ذلك التغيير
ولكن يتعجب كثيرًا مَن لا يعرف الإسلام والمسلمين ويتساءل في دهشة :
- ماذا حدث في تلك الليلة؟ وما سبب هذا التغير الايجابي الرائع في حياة الناس؟
- إنها الليلة، نعم، خويعود ذلك المتعجب يتساءل وهل تفرحون لتعب أجسامكم ولإنفاقكم أموالكم على غيركم؟

- لك حق أن تتعجب فأنت لا تعرف أمة الإسلام وربما نتحمل بعض المسئولية عن سوء ما تعلمون عنا.

- إننا أمة تحب ربها وتحب من الأقوال والأفعال ما يرضيه.

- إننا أمة لا يجمعها إلا محبة الله ودينه وكتابه ورسوله مهما حاولوا جمعها على شعارات زائفة خادعة أو مسميات كاذبة خاطئة.

- إننا أمة تستهين بتعب الأجسام أو نقص الأموال, بل تحب ذلك وتستعذبه ابتغاء مرضاة ربها.

- إننا أمة تعتبر الدنيا بجميع متعها قنطرة تعبر عليها إلى الآخرة, ولا تشغلها الدنيا ولا زينتها بقدر ما يشغلها رضا ربها.

- إننا أمة حاولوا إلهاءها بكل شيء وحاولوا إغواءها بكل المتع الجائزة عندنا وغير الجائزة، وسقط بعضنا كأفراد لكن الأمة ما سقطت، فالأمة تحيا بالإيمان يسري في دمها القرآن, والدليل ما تراه الليلة من هذا التغير العجيب, فبرغم محاولات الإثناء والإغواء والإلهاء حتى في هذا الشهر إذ يكثفون حملاتهم لصرف المؤمنين عن العبادة فيه إلا أن الأمة كما تراها
إنها أمة التوحيد أمة النبي الخاتم خير أمة أخرجت للناس.

 

يحيى البوليني