نشاط مشبوه في شرق إفريقيا

منذ أن وصل الإسلام إلى شرق إفريقيا وانتشر فيها بواسطة الدعاة والتجار العرب لم تشهد عقيدة التشيع حضوراً كبيراً في أرض شرق إفريقيا على الرغم من قدوم هجرات متتالية عبر القرون من الجزيرة العربية والعراق والشام بدوافع دينية وسياسية واقتصادية، ومن بينهم أناس يدَّعون أنهم من آل البيت، ومع ذلك فقد ساد المنطقةَ عقيدةُ أهـل السنة والجماعة، وعلى مذهب الإمام الشافعي رحمه الله في الفروع، وإن كان بعضهم لا يخلو من تصوُّف، ولم تظهر كتلٌ وقطاعات كبيرة تنتمي إلى الفكرة الشيعية تنشط في الميدان، وليس معنى ذلك عدم وجود أفراد وأسر متشيعة؛ ولكن حينما انطلقت الثورة الإيرانية بقيادة الخميني عام 1979م من أرض الفرس أصبحت تتزعم الشيعة في العالم، وألقت على عاتقها مسؤولية نشر التشيع وحمايته؛ وعلى ذلك قدمت أدواراً مزدوجة في سبيل توسيع رقعة المذهب وتصدير فلسفته إلى أنحاء المعمورة.

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -


منذ أن وصل الإسلام إلى شرق إفريقيا وانتشر فيها بواسطة الدعاة والتجار العرب لم تشهد عقيدة التشيع حضوراً كبيراً في أرض شرق إفريقيا على الرغم من قدوم هجرات متتالية عبر القرون من الجزيرة العربية والعراق والشام بدوافع دينية وسياسية واقتصادية، ومن بينهم أناس يدَّعون أنهم من آل البيت، ومع ذلك فقد ساد المنطقةَ عقيدةُ أهـل السنة والجماعة، وعلى مذهب الإمام الشافعي رحمه الله في الفروع، وإن كان بعضهم لا يخلو من تصوُّف، ولم تظهر كتلٌ وقطاعات كبيرة تنتمي إلى الفكرة الشيعية تنشط في الميدان، وليس معنى ذلك عدم وجود أفراد وأسر متشيعة؛ ولكن حينما انطلقت الثورة الإيرانية بقيادة الخميني عام 1979م من أرض الفرس أصبحت تتزعم الشيعة في العالم، وألقت على عاتقها مسؤولية نشر التشيع وحمايته؛ وعلى ذلك قدمت أدواراً مزدوجة في سبيل توسيع رقعة المذهب وتصدير فلسفته إلى أنحاء المعمورة.

وقد استطاع الشيعة في إيران توصيل مذهبهم إلى أصقاع مختلفة من العالم ومنها منطقة شرق إفريقيا التي شهدت نشاطاً شيعياً مكثفاً واسع النطاق وبقنوات مختلفة بفضل الدعم الكبير الذي تقدمه السفارات والقنصليات الإيرانية في تحقيق مآربهم في شرق إفريقيا ولا سيما في المناطق الساحلية المتأصلة جذور الإسلام في أعماق أهلها. ويتركز نشاطهم فيما يلي:

أولاً: فتح مراكز ثقافية في المنطقة: وهذه المراكز تتكون من مكاتب علمية وقاعات للاجتماع وعقد الندوات وأماكن لتوزيع النشرات والكتب والأشرطة الدينية على مذهب الإثني عشرية وغير ذلك. وأحد هذه المراكز في كينيا يقع وسط البلد وفي مكان إستراتيجي في العاصمة نيروبي، ويعتبر من أكبر المراكز في كينيا وهو تحت إشراف القنصلية الإيرانية؛ حيث يتلقى منها التمويل والدعم المادي والروحي علاوة على الحماية السياسية، وهذه المراكز يديرها مجموعات شيعية مدربة تتقن عدة لغات مثل الإنجليزية والعربية إضافة إلى لغة السكان المحليين، وغالباً ما تضم هذه المراكز مكتبات علمية ضخمة فريدة من نوعها تحتوي على كتب علمية في مختلف صنوف العلم والمعرفة: من تفسير وعلومه، وحديث وعلومه، وفقه وأصوله، ولغة وأدب، وتاريخ وسيرة، ومعارف أخرى، كما تحتوي على مجلات وجرائد: أسبوعية أو شهرية، وأخرى فصلية، وهذه الجرائد يغلب عليها الطابع الشيعي الجعفري؛ لأن جلها يأتون به من داخل إيران. ومن هذه المجلات:

1- مجلة (رسالة التقريب ) وهي فصلية، ويعنون بالتقريب: التقريب بين المذاهب الإسلامية: الشيعية، والسنية.
2- مجلة التوحيد.
3- مجلة الهدى.
4- مجلة الوحدة.
5- مجلة الراصد.
6- مجلة الطاهرة، وغير ذلك، وأغلبها مكتوبة باللغة العربية والفارسية.

ثانياً: فتح مدارس علمية وأكثرها ثانوية: وقد أنشأ الشيعة في المنطقة مدارس مختلفة المستويات التعليمية، وهذا النوع من المدارس كثير ومنتشر في العواصم والمدن الكبيرة وهي في الغالب مدارس أهلية يديرها مدرسون وطنيون، غير أن رئيسهم الروحي إيراني، ويُطلق عليه لقب الفقيه، وهناك مدارس ابتدائية ومتوسطة. وعلى أية حال لا يشترط في الطلاب ديانة معينة ولكن أغلبهم من المسلمين. أما لغة الثقافة في هذه المدارس فهي الإنجليزية والسواحلية.

ثالثاً: نشاط دعوي كبير بين الشباب المثقف: وقد وجد الشيعة في الآونة الأخيرة آذاناً صاغية لبدعهم وذلك بعد أن جندوا نخبة من السكان الأصليين الذين تعاطوا المذهب الشيعي واجتهدوا لنشره بين صفوف المجتمع، وهؤلاء الدعاة يتقاضون الأجور من قِبَلِ السفارات والقنصليات الإيرانية في المنطقة، وفي بداية الأمر لم يكن نشاطهم الدعوي يظهر في العلن؛ حيث الخوف والهلع من الدعاة السنيين، وخوفاً من إثارة الفتنة والخلاف الذي لم يكن لصالحهم. والحقيقة أن الشيعة تتبع أساليب وطرقاً مختلفة من إغراء بالأموال، وإعطاء منح دراسية لمن تَروق له أفكارهم المنحرفة من الشباب ويستحسن طابعهم الشيعي، علماً بأن غالبية السكان ليس لديهم مناعة قوية وحصانة شرعية تقيهم المحاولات البدعية المسمومة الموجهة إليهم.

ومهما كان الأمر فقد أخذت الشيعة توطِّئ قدمها على أرض شرق إفريقيا، وبذلت وما زالت تبذل جهوداً في سبيل نشر التشيع والولاء لدولتهم، ويتلقون من إيران دعماً سخياً لا حدود له. لذلك يخالج كثيراً من أهل السنة مخاوف عديدة من خطر هذا السيل الجارف الذي يتمثل فيما يلي:

1- اهتمام الشيعة بالمسلمين الجدد، وزعزعة عقيدتهم وإدخالهم في التشيع.
2- اهتمامهم باللاجئين الصوماليين وإغرائهم بالمنح الدراسية.
3- فتح قنوات تلفزيونية، ولا سيما في تنزانيا.
4- اهتمامهم بإعداد المناهج الدراسية وتوفيرها.
5- تركيزهم على المسلمين في المناطق الساحلية.
6- اتحاد الجهود بين الشيعة والطرق الصوفية، وخاصة في المناطق الساحلية حتى تمكن الروافض من الاستيلاء على المراكز الصوفية وإحداث عداوة بين الصوفية وغيرهم.
7- نشرهم كتباً تسب تعاليم الإسلام وعقيدته الصحيحة وكذلك علماء أهل السنة مثل شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وغيره.
8- استغلالهم الظروف الاقتصادية السيئة لبعض المسلمين في السواحل، وفي الملاجئ، حتى افتخر بعضهم أنهم استطاعوا التوغل في صفوف اللاجئين.
9- محاولاتهم الاستفادة من الوسائل الإعلامية المختلفة وتسخيرها لخدمة أهدافهم.

ومع هذه الجهود الكبيرة لأجل انتشار المذهب الشيعي إلا أن الله قيض بعض الدعاة رغم قلة ما بأيديهم لوقف هذا الزحف الكبير؛ حيث استخدموا وسائل الدعوة المختلفة من خطب ومحاضرات وندوات ودروس متتالية في أوساط الشباب وفي المساجد وغيرها حتى استطاعوا ردع الشيعة ورد ضلالاتهم في بعض المحافل؛ بحيث أُبعدوا من بعض الأماكن الهامة التي كانوا يسيطرون عليها على حين غفلة من أهل السنة. ومن الأساليب والخطط التي استخدمها العلماء والدعاة السنيون: نشر كتب وتوزيعها تبين العقيدة الإسلامية الصحيحة، وتوضح الضلال والزيغ من المذاهب المنحرفة وعلى رأسها المذهب الشيعي، غير أن المسلمين هناك يفتقرون إلى كتب وبحوث مكتوبة باللغات المحلية التي يعرفها السكان، كالسواحلية والإنجليزية؛ بحيث تتناول هذه الكتب إبراز خطر الشيعة على العقيدة والدين.

ومن المؤسف أن بعض الحركات الإسلامية لا تناقش مثل هذه القضايا؛ بل بعضهم يرون أن هذه الأمور خلافية قد تم دفنها مع الزمن، ولا يجوز نبش ما واراه التاريخ؛ لأن مناقشة القضايا العقدية لا سيما فيما يتعلق بالشيعة وضلالاتهم أمر لا ينبغي الخوض فيه لكي لا يتفرق المسلمون، في حين أن هناك نشاطاً مكثفاً يهدف إلى تشييع أهل السنة فضلاً عن غيرهم في أماكن عدة من العالم، وتنفق إيران في سبيل ذلك ثروة ضخمة، بل تتبنى وبكل جرأة رفع راية الشيعة في العالم بأسره وتفتخر بهذا الدور؛ حيث ترى أنه دور بطولي في ظل تخاذل أهل السنة وتقاعسهم دولاً وجماعات إلا من رحم الله. ومن الغريب أن بعض المجلات والجرائد في العالم العربي ترفض نشر مواضيع تمس عقيدة الشيعة وتفنيد مكامن خبثهم رغم أن أصحاب هذه المجلات من جملة أهل السنة والجماعة، وهذا من غربة الإسلام التي أشار إليها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأخطر من ذلك أن الشيعة بدؤوا بواسطة دولتهم ضغوطاً دبلوماسية على بعض الناس حتى لا يسمحوا بنشر ما يمس عقائدهم من الكتب والمقالات؛ حيث يعتبرون ذلك فتحاً لباب الدعاية عليهم والتدخل في شؤونهم الداخلية، مما تسبب في فقدان كتب كانت موجودة في الأسواق، ولا يُعرف من سحبها؛ لذلك فلا يستغرب أن يأتي يوم لا نجد في مكتباتنا كتباً ومصادر تكشف أكاذيب الرافضة وتفضح تلك الكتب أراجيفهم التي زلزلت أركان دولتهم وأبانت مكائدهم العقدية.

ورغم تبني إيران النشاط الشيعي، وتسخير كل ثرواتها وطاقاتها الهائلة في سبيل نجاح عقيدة الرفض بالإضافة إلى الخُمُس الذي يأخذونه من كل شيعي في أنحاء العالم تطوعاً- رغم ذلك كله فإنه من السهل أن نقاوم هذا الضلال المنتشر في صفوف المسلمين الجدد إذا استخدمنا خططاً محكمة وأساليب حكيمة مثل:

1- نشر كتب وبحوث وتوزيعها تبين العقيدة الصحيحة على مذهب السلف الصالح، لا سيما الكتب التي ألفت لأجل تبيان الزيغ والضلال، ومن الضروري أن تكون بعض هذه الكتب مكتوبة بلغة يفهمها السكان الأصليون، ومن هذه الكتب:
- الشيعة والسنة، لإحسان إلهي ظهير.
- مسألة التقريب بين الشيعة وأهل السنة، د. ناصر القفاري.
- رسالة في الرد على الرافضة، للإمام محمد بن عبد الوهاب.
- حقيقة الشيعة، عبد الله الموصلي.
- أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية، د. ناصر القفاري.
- الشيعة والقرآن، إحسان إلهي ظهير.
- النصوص الفاضحة، عبد الكريم محمد عبد الرؤوف، وغير ذلك من الكتب.

2- إقامة دورات دعوية بين الفينة والفينة لإعداد نخبة من الشباب وتربيتهم على المذهب الصحيح.
3- تنشيط بعض المراكز الثقافية التابعة لبعض الجمعيات والمؤسسات الدولية العاملة في منطقة شرق إفريقيا؛ إضافة إلى المراكز والمنابر الثقافية المحلية التي تعنى بالتعليم والدعوة.
4- إعطاء منح دراسية في الجامعات الإسلامية لأبناء السواحل الشرقية الإفريقية.
5- إصدار بعض النشرات شهريةً أو فصلية تتضمن ردوداً على الفرق المبتدعة.
6- تفريغ دعاة يهتمون بأمر العقيدة والتوحيد في جميع أصقاع المنطقة ليجوبوا الأقطار الساحلية بالدعوة الصحيحة.

نسأل الله أن ينصر من نصر دين محمد صلى الله عليه وسلم، وأن يخذل من يخذله.


محمد حسين المعلم
 

المصدر: مجلة البيان