أسئلة مسكوت عليها
في الأجواء الراهنة فانني ما عدت استنكر انتشار النفاق في أوساط السياسيين والاعلاميين، لكني فقط أدعوهم إلى إتقان العملية!
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة - أحداث عالمية وقضايا سياسية -
لدي عدة أسئلة من وحي ما يجري في مصر هذه الايام.
أوجز أبرزها فيما يلي:
1- يوم 23/7 نشرت جريدة الاهرام عنوانا رئيسيا ذكرت فيه أن النائب العام امر بحبس الدكتور محمد مرسي 15 يوما بتهمة التخابر مع حركة حماس.
واثار الانتباه آنذاك ان المتحدث العسكري سارع الى نفي الخبر وتكذبيه «جملة وتفصيلا»،
واتهم الجريدة بانها استهدفت به
«اثارة البلبلة وتهييج الرأي العام لتحقيق أغراض مشبوهة لخدمة تيارات سياسية معينة.»
ولم يقف الامر عند ذلك الحد، وانما اعلن رسميا ان رئيس تحرير الاهرام الزميل عبد الناصر سلامة أحيل الى التحقيق لسؤاله فيما اقترفت يداه،
وفي حين تحول الامر الى فضيحة مهنية نالت من صدقية الاهرام، ودعت بعض محرري الجريدة الى التعبير عن غضبهم ازاء ذلك، حين طالبوا بإقالته،
ونشرت الصحف ان رئيس التحرير خضع للتحقيق، ثم افرجت عنه النيابة بكفالة قدرها 5 آلاف جنيه.
الا انه لم تمض ثلاثة ايام حتى اعلن قرار النائب العام حبس الدكتور محمد مرسي، ونشرت الاهرام الخبر مذيَّلا بكلمتين هما:
«لا تعليق »،
وهوما فتح الباب لسيل من الاسئلة حول الجهة السيادية التي قامت بتسريب الخبر ودوافع تكذيبه من جانب القوات المسلحة، مع اتهام من سربه ونشره بالبلبلة وتهييج الرأي العام «لتحقيق اغراض مشبوهة»،
الامر الذي وضعنا امام مشهد غامض مشحون بالوقائع الملتبسة وأقنعنا بان مبلغ الخمسة آلاف جنيه التي دفعها رئيس تحرير الاهرام كفالة لاخلاء سبيله،
اما انها كانت تمثليلة،
او أنها كانت شدَّة إذن له، لانه نشر الخبر قبل الموعد المقرر،
وكانت الخلاصة اننا ظللنا نسأل دون ان يسمح لنا ان نفهم.
2- يوم 8 يوليو حالي وقعت مذبحة الحرس الجمهوري التي قتل فيها اكثر من خمسين شخصا من انصار الدكتور مرسي،
وتضاربت الروايات بعد ذلك بخصوص ملابسات الحادث بين رسمية وجهت اصابع الاتهام الى المتظاهرين،
ورواية اخرى مناقضة نشرتها الصحافة الغربية ومنظمة هيومان رايتس ووتش اتهمت السلطة بالمسؤولية عن القتل.
ويومذاك اعلن ان رئيس الجمهورية قرر تشكيل لجنة خاصة فيما جرى،
ثم لاحظنا ان القصة أسدل عليها الستار، فلا سمعنا خبرا عن اللجنة اوتحقيقاتها،
الامر الذي أثار شكوكنا في جدية الخبر وفي كونه إعلانا لمجرد ذر الرماد في العيون وليس لاستجلاء الحقيقة.
عمَّق من تلك الشكوك وأكدها ان الرئاسة لم تعتن بتكرار الفكرة بعد مذبحة رابعة العدوية التي راح ضحيتها 120 شخصا، وفي رواية اخرى 200، اضافة الى 4500 جريح، طبقا لبيانات المستشفى الميداني.
3- من نصدق:
كلام رئاسة الدولة عن الوطن الواحد والمصالحة الوطنية،
ام حملات الشيطنة والاقصاء والكراهية التي تبثها ليل نهار وسائل الاعلام الرسمي وغير الرسمي؟
وهل صحيح ان المصالحة الحقيقية الجارية الآن هي مع فلول نظام مبارك ورجال أمنه السابقين، الذين كان قد تم استبعادهم أثناء حكم الرئيس مرسي؟
4-من مفارقات الاقدار وسخريتها ان الرئيس الاسبق حسني مبارك لم يحاسب في سجله الذي جعل منه كنزا استراتيجيا لاسرائيل، في حين يتهم الدكتور محمد مرسي بالتخابر مع حماس(وهي تهمة غير معروفة الا في اسرائيل)،
ورغم اننا لا نعترض على محاسبة اي مسؤول، الا اننا نتساءل عما اذا كان الحساب سيظل مقصورا على الدكتور مرسي وحده،
ام انه سيشمل ايضا ما نسب الى المجلس العسكري من اتهامات خاصة بقتل المتظاهرين،
وهل سيتم غض الطرف عن تواطؤ مبارك ونظامه مع الاخرين،
وعن مسؤوليته هو ونظامه عن عمليات التزوير والتعذيب
وقتل المتظاهرين ضمن قائمة طويلة من الكوارث التي حلت بمصر في عهده.
5-بماذا نفسر الهجوم الاعلامي واجراءات التشدد الرسمي في مواجهة الفلسطنيين عامة واهل غزة بوجه اخص،
وضد السوريين الذين الغيت التسهيلات المقدمة للوافدين منهم،
وضد اليمنيين الذين فرضت عليهم تأشيرات الدخول المسبقة،
في حين يتصاعد منسوب خصامنا مع الاشقاء العرب فاننا نلحظ سكونا اشبه بالثبات مع اسرائيل عدو مصر والعرب التاريخي.
6- قد افهم المدائح التي يكيلها الاعلاميون للفريق اول عبد الفتاح السيسي،
لكن الذي لم أستطع ان أستوعبه هو لماذا يلجأ البعض الى الحديث عن تأثر شخصيته بالرئيسين عبد الناصر والسادات، لأن مبلغ علمي ان الاثنين لا يجتمعان في شخص واحد، باعتبار ان مشروع السادات يمثل انقلابا على مشروع عبد الناصر.
لا أظن أنهم أرادوا ان يذموا الفريق السيسي وليس لدي اعتراض على مديحه.
وفي الأجواء الراهنة فانني ما عدت استنكر انتشار النفاق في أوساط السياسيين والاعلاميين، لكني فقط أدعوهم إلى إتقان العملية!
فهمي هويدي