دور الرافضة في إندونيسيا

ولما توطدت علاقة (حسين الحبشي) بالسفارة الإيرانية (وهو صاحب المعهد الإسلامي في نانجيل) بدأ يرسل خريجي المعهد إلى (قم) بـ(إيران) عن طريق (ماليزيا) و(باكستان) وبعد أربع سنوات أو أكثر رجع هؤلاء الشباب وأصبحوا دعاة للرفض: بعضهم بالمواربة وبعضهم بالمصارحة، وبجهودهم المتواصلة قامت أكثر من أربعين مؤسسة شيعية تنتشر الآن في أنحاء البلاد

  • التصنيفات: مذاهب باطلة - قضايا إسلامية معاصرة -

 

مدخل:
إندونيسيا دولة مسلمة يبلغ عدد سكانها 147 مليون نسمة، و60% منهم في جزيرتي (جاوه ومادوره) ويؤلف المسلمون 89% من مجموع السكان وهم من أهـل السنة ولغتهم الرسمية الأندونيسية ويدرس إلى جانبها الإنجليزية لغة ثانية.

عاش مسلمو إندونيسيا تحت الاستعمار الأوروبي لمدة ثلاثة قرون، وبعد مقاومة طويلة استقلت عام 1364هـ الموافق 1945م، وقام رئيسها الأول (أحمد سوكارنو) بحرب ضد الإسلام بالاستعانة بالشيوعيين والنصارى، حيث فتح لهم مجالات العمل على مصراعيها. وقد أسس المسلمون حزب (ماشومي) وهو المجلس الاستشاري لمسلمي (إندونيسيا) برئاسة الدكتور محمد ناصر رحمه الله الذي تولى رئاسة الوزراء لعدة مرات، ولكن (سوكارنو) حل الحزب عام 1960م، واعتقل زعماءه وقادته ونفذ في غيابهم سياسته المعادية للإسلام، وأسس نهج (باتشا سيلا) وهو خليط من البوذية والنصرانية والإسلام وما زالت الحكومة تسير على نهجه في حزب الحكومة (جولكار) الذي نال كالمألوف في الانتخابات الأخيرة أكثرية ساحقة بينما نال (حزب التنمية الموحدة) ذو الاتجاه الإسلامي المرتبة الثانية [1].

وكاتب هذه السطور ممن عايش انتشار الرافضة في (إندونيسيا) منذ البداية وذلك بعد ثورتهم البائسة [2] في عام 1979م، وشاهد كيف كان موظفو السفارة الإيرانية دعاةً ميدانيين للرفض حتى إن السفير (عبد العظيم) آنذاك كان يتجول في المدن البعيدة، وكانت النواة المستجيبة لهذه الجهود فئة الصوفية هناك. وقد بدأت الجهود الرافضية بتبادل الزيارات وإهداء الكتب وعرض الأفلام ونشر مجلة (القدس)؛ مما أثار ألباب الشباب المتحمسين بلهيب الثورة، ومما زاد الطين بلة وجود فئة من المساندين لدعوة التقريب من العلماء المعاصرين.

والسفارة الإيرانية تمتلك برامج قريبة المدى وبعيدة المدى وهي تعمل ليل نهار في نشر مذهبها وكان موظفوها يستدرجون الناس في تعاملهم بالظهور بالأخلاق الطيبة، ولما توطدت علاقة (حسين الحبشي) بالسفارة الإيرانية (وهو صاحب المعهد الإسلامي في نانجيل) بدأ يرسل خريجي المعهد إلى (قم) بـ(إيران) عن طريق (ماليزيا) و(باكستان) وبعد أربع سنوات أو أكثر رجع هؤلاء الشباب وأصبحوا دعاة للرفض: بعضهم بالمواربة وبعضهم بالمصارحة، ولما كثر أفرادهم وأصبح عددهم بالمئات قاموا بتنظيم أنفسهم وتوزيع المهام حسب المدن والحاجة، وذلك بربط المدعوين من عامة الناس بعلماء الشيعة، وبجهودهم المتواصلة قامت أكثر من أربعين مؤسسة شيعية تنتشر الآن في أنحاء البلاد.

دور الرافضة في التربية والتعليم:
كانت الضجة نتيجة انتشار توجه الرافضة قد وصلت قمتها في التسعينات بخروج الفتاوى وإصدار الكتب وإقامة المحاضرات والمناظرات، ولكنها هدأت بعد ذلك؛ ويبدو أنهم رأوا تغيير تخطيطهم وبدؤوا ينسحبون من الميدان الدعوي بشكل ظاهر، ويعملون عن طريق الحلقات وإقامة المحاضرات العلمية بزعمهم وبالتعليم المنظم؛ فظهرت جامعة في (بونجيت جاكرتا) باسم (الزهراء) يمولها أحد رجال الأعمال واسمه فاضل محمد، وحلقات كثيرة؛ منها حلقة في (جيبنانج تشمبيداك) كل ليلة سبت، وظهر معهد (مطهري) في (باندونج) يرأسه جلال الدين رحمت وهو دكتور في السياسة من أستراليا، وظهر معهد خاص في (بكالونجان) يرأسه أحمد بارقبة زعيم الرافضة حالياً بلا منازع، ولكن الناس ممن يقيمون حول المعهد قاموا بتخريبه، فأغلق ثم فتح مرة أخرى، وهو يشرف على الدعاة الروافض، ويقوم كذلك بالجولات التشييعية أيضاً، كما ظهر معهد الحجة في (جمبر) أشرف عليه (عشماوي)، وتنتشر أيضاً عشرات المعاهد الأخرى التي تقوم الآن بمهمة تعليم التشيع أمثال المعهد الإسلامي (بانجيل). وظهرت مؤسسات تربوية أخرى شبه رسمية تدرس فيها مواد شيعية؛ كما قاموا بإدخال الأساتذة الشيعيين إلى الجامعات والمعاهد والمدارس؛ لينشروا عقائد الشيعة بطريقة المقارنة أو ما يسمى التقريب بين السنة والشيعة؛ ومعلوم أن هذه الأساليب تجري لتمرير عقائد القوم ومنطلقاتهم المخالفة لأهل السنة [3].

دور الرافضة في الإعلام:
إن من أنجح السبل التي اتخذها الرافضة في نشر عقائدهم: طباعة الكتب عن طريق دور نشر متعددة، منها: (الميزان) في باندونج، و(فردوس) و(الهداية) في جاكرتا، وغيرها كثير جداً، وأخطر الكتب إطلاقاً:
1- المراجعات وهي عبارة عن حوار مختلَق بين عالم الشيعة (عبد الحسين شرف الدين) وعالم السنة شيخ الأزهر (سليم البشري) [4].
2- السقيفة أول افتراق الأمة لـ(عمر هاشم) (طبيب في لمبونج) من الحضارمة العلويين.
3- ثم اهتديت لمؤلفه د. (محمد التونسي) وهو عبارة عن تصورات صوفي مغفل يظهر تأثره ببدعيات الشيعة فيتحول لمذهبهم والقصة فيما يبدو ملفقة مصطنعة [5].

وهناك مجلات تصرح بوضوح أنها تدعو إلى التشيع أمثال مجلة القدس التي تصدرها السفارة الإيرانية، ومجلة الحكمة التي يصدرها جلال الدين وبطانته من (باندونج) ومجلة الحجة التي يصدرها عشماوي من (جمير)، ومجلات أخرى لا تصرح بتشيعها لكنها تدعو إلى ذلك بطريقة غير مباشرة. وهناك مجلاتٌ الأمر جلي في خطوط سياستها أمثال مجلة (الأمة) من جاكرتا.

دور الرافضة في الحكومة:
ولما رأى الرافضة محاولات أهل السنة لمنع عقائدهم عن طريق الحكومة ببيان رسمي، استدركوا الأمر وحاولوا الاتصال برجال الحكومة الأقوياء وجعلوهم يزورون (إيران) ليروها عن كثب، ثم يقوموا بحملة دعائية لرئيس الجمهورية، وأقنعو الرئيس حتى وافق على زيارة (إيران) لتوثيق العلاقة الثنائية بين البلدين، وكان الهدف أول الأمر اقتصادياً، ولكن فيما بعد طلبت الحكومة الإيرانية من الرئيس (سوهارتو) القيام بالتعاون التربوي، ولكن الرئيس علق الموضوع حتى يستشير مجلس العلماء، وفي الآونة الأخيرة جاء طلب آخر وبشكل رسمي لإرسال الطلاب الأندونيسيين إلى إيران بالمنح الدراسية ولا ندري هل وافقت الحكومة الأندونيسية على ذلك أم لا؟

دورهم في أوساط المثقفين والعلماء:
من المعلوم أن المثقفين الأندونيسيين يحبون الفلسفة؛ فقام بعضهم بتسويق أفكار أساطين الشيعة المتفلسفين لنفث روح الحماسة في الشباب المتحمسين؛ حيث يقيمون الندوات واللقاءات العلمية بزعمهم والدورات ومنها دورة لمجموعة من العلماء الشباب الناهضين في (جاكرتا) قبل شهر تقريباً، فدعاتهم نشطون جداً؛ لأنهم متفرغون للتشييع يناقشون المثقفين والعلماء وغيرهم.

سبل مواجهتهم في إندونيسيا:
1- متابعة أعمال الرافضة بشكل عام ومستمر، ومتابعة الكتب المطبوعة والمجلات بشكل خاص ودراستها، وبعد ذلك تنشر الخلاصة من خلال نشرة شهرية بعنوان: معلومات عن الشيعة في (إندونيسيا)، ثم توزع على الجهات المختصة بالمهمة أو الجهات التي تتأثر بالشيعة.
2- نشر الدراسات الموجزة بالكتيبات عن أضرار عقائد الشيعة وطباعة الكتب التي ترد عليهم.
3- إقامة الندوات والمحاضرات عن الشيعة التي تكشف حقيقة مذهبهم.
4- إقامة الدورات الطويلة لإعداد الكوادر التي تهتم بنقد الشيعة.
5- توفير الكتب والمراجع الشيعية حتى نتمكن من الرجوع إلى أصولها.
6- نشر الأشرطة المسجلة عن الشيعة.
7- استضافة العلماء والمفكرين العرب المهتمين بموضوع الشيعة لإلقاء المحاضرات في الدورات الخاصة أو في المدن الكبيرة التي فيها أثر للشيعة.

أما البرامج قريبة المدى فهي:
1- متابعة الكتب والمطبوعات الأخرى التي أصدرها الرافضة؛ ويبدأ بحصر المطبوعات المتداولة في الأسواق، ثم تطبع الخلاصة من هذه الدراسة.
2- نسخ الأشرطة وتوزيعها مثل: (حقيقة القوم) للأستاذين محمد با عبد الله ونبهان حسين.
3- عقد خمس حلقات علمية لمجموعة الدعاة في كل منطقة لتوجيههم وزيادة وعيهم والإجابة عمّا لديهم من شُبه.

ومما يسعد كل مسلم قيام معهد الدراسات والبحوث الإسلامية بإندونيسيا وهو مؤسسة خيرية تقوم بمهمة متابعة ومواجهة الفرق المنحرفة وخاصة تيار الرافضة ولهم جهود طيبة في مكافحة التيارات الفكرية المنحرفة. والله نسأل أن يكفي مسلمي إندونيسيا مخططات الرافضة الفاسدة، وأن يعيننا على فضح الحلف المشبوه بين الرافضة والصوفية.

الرافضة يواصلون جهودهم في (شرق إفريقيا)؛ ومن ضمن المخططات التي رسمها الرافضة لهذه المنطقة إنشاء جامعة في (كينيا) لتغطي شرق إفريقيا من أجل ترسيخ اتجاهاتهم العقدية، وقد صرح بهذا السفير الإيراني (محمد طبطباني)، وقال: "إن هذه الخطة تم الاتفاق عليها منذ 1990م بمناسبة التبادل الثقافي"، ونشرت صحيفة (استندر) الكينية هذا الخبر في يوم 14/5/1997م رقم 25811 ص4، وبناء على مصادر أخرى تدل على أن الحكومة الإيرانية تسعى لتشييع منطقة شرق إفريقيا خلال 20 سنة، وقد مهدت لهذه الخطة بتقديم المنح الدراسية الكثيرة لأبناء المسلمين ليذهبوا إلى (إيران)، و(لبنان) إضافة إلى فتح مراكز ثقافية في المدن الكبرى مثل (نيروبي)، و (ممباسا) وغيرها إضافة إلى المدارس العصرية في الدول الثلاث، وهم يمارسون أنشطتهم متسترين بشعارات الوحدة، ومحاربة (أمريكا).

وقد تعاطف مع الرافضة معظم الفنانين والعقلانيين والخرافيين، وشكلوا ما يسمى بـ(المجلس الأعلى للعلماء)، ويعقدون مؤتمرات على مستوى شرق إفريقيا، ويضعون استراتيجيات لمحاربة السلفية! التي يسمونها الأصولية ويطلقون على السلفيين عملاء اليهود على حد زعمهم. (عاملهم الله بما يستحقون).

وإن تلك الجهود والممارسات لتستحق الوقفات الواعية، التي تتبعها خطوات جادة من كل مسلم غيور في نطاق ما يستطيع للوقوف أمامها والتعاون مع كل ذي شأن على التصدي لها: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ} [الأنفال: 30].

:: البيان تنشر مـلـف خـاص (الـخـطـر الإيـرانـي يـتـمـدد).
[1] بتصرف من (قضايا هامة في حاضر العالم الإسلامي) للأستاذ / القضماني (البيان).
[2] كما وصفها د موسى الموسوي في كتابه عن ثورة الخميني بعنوان: (الثورة البائسة).
[3] انظر (مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة) د. عبد الله القفاري، مجلدان.
[4] انظر (البينات في المراد على أباطيل المراجعات) للأستاذ محمود الزعبي وهو رد على مراجعات المدعو (عبد الحسين)! الموسوي.
[5] انظر مناقشة الأستاذ سعيد الجنيد في كتابه (الشيعة والسنة)، حيث فضح المذكورَ وبين ضحالة علمه ومن خلال كتاباته التي يعتقد أنه مجرد واجهة فيها ليس إلا لأنها تتبنى شبه الرافضة وتدافع عنها.
 

 

فريد أحمد
 

 

المصدر: مجلة البيان