يــا واقـفـاً
عبد الرحمن بن صالح العشماوي
مالي أراكَ مُذبذباً قـلِقا *** حيرانَ يشكو طرفُك السهَرا؟
هذا قطارُ العمرِ، ما وقفتْ *** عرباتُه يوماً ولا انتظَرا
فإلى مَتى تبقى بلا هدفٍ *** اسماً كأنكَ تجهلُ السفرا؟
هبّت رياحُ المرجفين على *** إسلامنا، فلتُحسِن النظرا
- التصنيفات: الشعر والأدب -
ما لي أراكَ تُقلبُ النظرا *** وكأن عينُكَ لا تَرى أثرا؟
وكأن قلبُكَ لا يُحسُ بما *** يجري ولا يَستشعرُ الخطرا
وكأن مَا في الكونِ من عِبرٍ *** ومن المواعظِ وَاجهَت حَجرا
مَا لي أراكَ عقدتَ ألويةً *** للوهمِ سَاقت نحوكَ الكَدرا؟
أوَ مَا ترى شمسَ الضُحى وإذا *** جن الظلامُ، أما تَرى القَمرا؟
أوَ مَا تَرى الأرضَ التي ابتهَجت *** أوَ مَا تَرى النبعَ الذي انحدَرا؟
يا هارباً مِن ثَوبِ فِطرَته *** أوَ مَا ترى الأشواكَ والحُفرا؟
أوَ مَا ترى نارَ الظـلالِ رَمت *** لهباً إليكَ وأرسَلت شررا؟
ما لي أراكَ كرِيشة علقت *** ببنانِ مرتعشٍ رأى الخَطرا؟
تُصغِي لقولِ المُصلحين وإن *** فُتِحَ المجال، تبعتَ من فجرا
إن أحسنَ الناسُ اقـتديت بهم *** وإذا أسـاؤا تتبعَ الأثرا
أتظلُ بينَ الناسِ إمعةً يَسري *** بكَ الطُوفانُ حيثُ سَرى؟
عجباً أما لك منهجٌ وسطٌ *** كمحجةٍ نِبراسُها ظَهرا؟
يا ساكنا في دارِ غَـفلتهِ *** مُتوارياً وتُعاتِبُ القَدَرا
أنسيتَ أن الأرضَ حينَ ترى *** وجهَ الجفافِ تُراقِب المطرا؟
أنسيتَ أن الغصنَ يسلُبُه *** فصلُ الخريف جمالَه النضِرا
مالي أراكَ مُذبذباً قـلِقا *** حيرانَ يشكو طرفُك السهَرا؟
هذا قطارُ العمرِ، ما وقفتْ *** عرباتُه يوماً ولا انتظَرا
فإلى مَتى تبقى بلا هدفٍ *** اسماً كأنكَ تجهلُ السفرا؟
هبّت رياحُ المرجفين على *** إسلامنا، فلتُحسِن النظرا
أو ليس للقرآنِ جَلجلة *** في قلبِكَ الشاكي الذي انْفطرا؟
أجزعتَ؟ كيفَ ودِيننا أفق *** رحبٌ وأدنى مَا لديكَ ذرا؟!
خَسِر الجَزُوع وإن سعى سعياً *** نحو المرادِ، وفازَ من صَبرا
الأرضُ كلُ الأرضِ تَرقُبُنا *** وتقول: هذا بَابي انكسرا
لم تسلكْ الدربَ الصحيحَ فهل *** ترجو النجاةَ وتطلبُ الظَّفرا؟
إن الكريم إذا أساءَ بلا قصدٍ *** وأخطأ تابَ واعتذرا
هَذي بلادُك، ذكرُها عَطِرٌ *** فبها تسامَى المجدُ وازدهرا
رفعت لواءَ الحقِ مُنذُ هَوت *** أصنامُها وضلالُها اندَحرا
هي واحةُ الدنيا فكم نشرت *** ظلاً على من حَج واعتمرا
فافخر بها إن المحبَّ إذا *** صدقَ الهوى، بحبيبِهِ افتخرا
دعْ عنْك مَن مَاتت مَشاعِرُه *** وفؤادُه في حقدهِ انصَهرا
أرأيتَ ذا عقلٍ يمد يداً *** نحو الترابِ ويتركُ الثمَرا؟
فإلى متى أبقى تُدنسُني *** مدنيةٌ، وجدانُها كُفرا؟
ولديكُم الإسلام يُنقذني *** مما أُعانِي يدفعُ الخطرا
الأرضُ تدعُونا أنترُكها *** ونكون أول عاشقٍ هجرا؟
يا واقفاً والركبُ منطلقٌ *** أو ما ترى الأحداثَ والعبرا؟
أو ما ترى في العصر عولمةٌ *** جلبتَ إليكَ بنفعِها الضررا
ولديكَ مِفتاحُ الصعودِ بها *** إنْ لم تكن ممن بها انبهرا
عُد يا أخي فالبحرُ ذو صَلَفٍ *** كم مركبٍ في مَوجهِ انغمرا
كُن واضحاً كالشمسِ صافية *** بيضاء يجلو نورها البصرا