التهويل

خالد الشافعي

ماذا لو؟ أو: كيف بدون؟ ماذا لو فقدت الدخل الكبير إذا تركت عملك بالبنك؟ ماذا سيفعل أولادك؟ لقد تعودوا على مستوى معين فماذا ستفعل؟ أو: كيف ستعيش بدون موسيقى؟ مطربك المفضل؟ إحساسك الرائع بأغانيك المفضلة؟ كيف ستكون الحياة بدون السيجارة؟ ماذا لو طردوك من العمل بسبب لحيتك؟ ماذا لو تأخر زواجك بسبب ارتدائك للنقاب؟

  • التصنيفات: تزكية النفس -

 

ومن تكتيكات النفس أيضًا التي تستخدمها في معركتها من أجل غواية صاحبها، تكتيك: (التهويل).

حين تمر بك حادثة مؤثرة، أو يموت فجأة عزيز، أو تمر بابتلاء شديد، أو تستمع لموعظة مؤثرة، حين يحدث هذا وتشعر النفس اللئيمة التي لا هم لها سوى أن تستمر أنت عبدًا لشهواتها لا تعصي لها أمرًا، حين تشعر هذه النفس أنك تفكر في التوبة والإنابة، أنك تضيع من يدها، أنك تتخلص من أسرها، أنك في طريقك أن تتحول من تابع إلى سيد لها تكبح جماحها وتخالف هواها.


 

حينها تنتفض هذه النفس محاولة إجهاض محاولتك لانتزاع حريتك، وللنفس في ذلك تكتيكات، ذكرنا منها المرة السابقة: (التبريد) أي أنها تعرف أن حرارة القلب المرتفعة نتيجة تأثره اللحظي توفر أجواءً مثالية لاندلاع ثورة تنتهي بهذه النفس مقيدة في أغلال توبتك، لذا تسرع بدفعك إلى الخروج سريعًا من حرارة اللحظة إلى ثلاجة الغفلة من جديد..


 

فإن استمرت الحرارة وفشل تكتيك التبريد..

انتقلت إلى تكتيك أسميه: التهويل، حين تشعر هذه اللئيمة أنك على وشك الخروج عن السيطرة، وأنها لم تعد قادرة على التحكم فيك وأنك تستميت في الانعتاق من أسرها، تلجأ إلى خطة التهويل!

ماذا لو؟ أو: كيف بدون؟ ماذا لو فقدت الدخل الكبير إذا تركت عملك بالبنك؟ ماذا سيفعل أولادك؟ لقد تعودوا على مستوى معين فماذا ستفعل؟ أو: كيف ستعيش بدون موسيقى؟ مطربك المفضل؟ إحساسك الرائع بأغانيك المفضلة؟ كيف ستكون الحياة بدون السيجارة؟ ماذا لو طردوك من العمل بسبب لحيتك؟ ماذا لو تأخر زواجك بسبب ارتدائك للنقاب؟


 

تهويل، وتخذيل، وإرجاف تجلب عليك بخيلها ورجلها، تذكرك بحلاوة المعصية ولذتها، وتقبح لك مصيرك لو تبت واخترت الطريق الجديد، تشعرك أنك لا يمكن أن تعيش بلا موسيقى وسي?ما وفتيات ودخان واختلاط، تشعرك أن ترك العمل في البنك أو في الخمور أو ترك الرشوة معناه أن تجوع ويجوع أولادك، تشعرك أن التدين تعاسة وكآبة وملل، تهويل لكي تحجم وتتراجع وتظل عبدًا لشهواتها أسيرًا لملذاتها.


 

وللأسف فإن الكثيرين تنطلي عليهم هذه الحيلة فيتقهقرون وينكصون على أعقابهم، بينما تثبت فئة قليلة بإذن الله يلقي الله في قلوبهم محبة التوبة وصدق الإنابة، فيقتحمون هذا الباب الذي في ظاهره عذاب لكن الرحمة في باطنه، فإذا اقتحموه وخالفوا هوى أنفسهم وعصوها وجدوا خلف هذا الباب سعادة وراحة وأنسًا وسكينًة، فكان ذلك مكافأة لهم على صدق الرغبة ومضاء العزيمة.

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام