بيان في وجوب نصرة أهل فلسطين وكفايتهم بالمال عن الحاجة إلى غير المسلمين
حامد بن عبد الله العلي
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
الحمد لله الذي أوجب الجهاد وجعله ذروة سنام الإسلام وعزّ المسلمين، وأمر بنصرة المسلمين على الكافرين، وجعل من أعظم الحرمات خذلان المسلم لأخيه، لاسيما إذا كان عدوه يبتغيه، فكيف إذا كان عدوه اليهود؟ فكيف إذا كانوا مغتصبين لمسرى النبي صلى الله عليه وسلم، ظالمين معتدين على أهل الإسلام من عقود؟
والصلاة والسلام على النبي القائل -كما في الصحاح والسنن-: « المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا -وشبك بين أصابعه » ،والقائل: «مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر » والقائل: «لا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا »، والقائل: « المسلم أخو المسلم لايخذله».
وبعد، فقد أمر الله تعالى بالجهاد بالمال، وقدّمه بالإنفاق في كثير من المواضع، كما قال الحق: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ} [الحجرات:15]، وقال: {انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} [التوبة:41].
وفي الحديث «جَاهِدُوا المُشْرِكِينَ بأمْوَالِكُم وَأنْفُسِكُمْ وَألْسِنَتِكُم». أخرجه أبو داوود.
وقال شيخ الإسلام: (فيجب على الموسرين النفقة في سبيل الله، وعلى هذا فيجب على النساء الجهاد في أموالهن إن كان فيها فضل -زيادة عن الحاجة-، وكذلك في أموال الصغار، ولا خلاف في هذا إذا هجم العدو، فإن دفع ضررهم عن الدين والنفس والحرمة واجب إجماعا). أ. هـ (الفتاوى الكبرى 4/184).
وقال الإمام المفسر القرطبي : (اتفق العلماء على أنه إذا نزلت بالمسلمين حاجة بعد أداء الزكاة فإنه يجب صرف المال إليها، وقال مالك: يجب على الناس فداء أسراهم وإن استغرق ذلك جميع أموالهم ، وهذا إجماع أيضا). (التفسير 2/242)
وقال العلماء -منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله-: (فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا، لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه) أ.هـ
وهذا العدو اليهودي المحتل لفلسطين أعظم الأعداء شرا على المسلمين، وهو يبتغي بحصار الفلسطينيين إرغامهم على ترك الجهاد والاستسلام لما يريده اليهود من إغتصاب حقوق المسلمين وانتهاك حرماتهم؛ فدفعه بالمال واجبٌ، كما يجب بالنفس.
فالواجب أن يسارع المسلمون لدعم الجهاد الفلسطيني بالمال ، فيقدم الجهاد أولا على ما سواه ، لأن الضرر بتركه أعظم ،
ثم الإنفاق على أهل فلسطين، إنفاقا يغنيهم عما بأيدي الكفار، ويكسر الحصار عنهم، فهذا فرض عظيم، والتخاذل عنه إثم جسيم، وتركهم يجوعون من أعظم المحرمات، وأشد الموبقات، فكيف إذا كان يؤدي أيضا إلى ضعفهم عن دفع ضرر اليهود عنهم وعن سائر المسلمين؟!
وقد تقرر في نصوص الكتاب والسنة، أن من مقتضيات الموالاة بين المؤمنين أن يتناصروا، وأن يتظاهروا على عدوهم الكافر؛ فهم يد واحدة على من سواهم، فإن وجد المسلم أخاه مع ذلك مخطئاً قد ضل الحق في بعض ماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، تعيّنت نصرته على الكافر أيضاً، ومن ذلك إغاثته بالنفقة التــي تغنيه عن الحاجة لعدوه، مع القيام بواجب نصحه، كما يجمع المسلم بين الواجبات.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.