ما شغلك عن عبادتي؟!

مصطفى دياب

ما أحوجنا إلى التربية الإيمانية، تربية القلوب لا تربية الأبدان، فإن الطريق إلى الله يُقطع بسير القلوب إلى علاَّم الغيوب لا بسير الأبدان إلى الأهداف فقط.

  • التصنيفات: الزهد والرقائق -


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعد؛
«يا عبادي.. كلكم ضالٌ إلا من هديتُهُ فاستهدوني أهدِكُم، يا عبادي كلكم جائعٌ إلا من أطعمتُه فاستطعموني أُطعِمكم، يا عبادي كُلكم عارٍ إلا من كسوتُه فاستكسوني أَكسِكُم، يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا اغفر الذنوب جميعاً.. فاستغفروني أغفِرْ لكم»

إخواني الأحباب

ما أحوجنا إلى التربية الإيمانية، تربية القلوب لا تربية الأبدان، فإن الطريق إلى الله يُقطع بسير القلوب إلى علاَّم الغيوب لا بسير الأبدان إلى الأهداف فقط.

فقلوبنا تحرك أبداننا إلى أهدافنا فلو صَلُحت القلوب تحققت الأهداف فتربية الرسول صلى الله عليه وسلم لم تنته بالهجرة فدار الأرقم لن تُغلق فلم يتخل صلى الله عليه وسلم عن التربية الفردية مع وجود التربية الجماعية لمجموع الأمة فيقول لحذيفة تعلم كتاب الله واعمل به فهو النجاة ويقول لمعاذ: «والله إني لأحبك فلا تدعنَّ أن تقول دبر كل صلاة اللهم أعنى على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك».

وقال موسى عليه السلام: "أي ربِّ، أين أجدُك؟!" فقال تعالى: "أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي" فيجب علينا أن نهتم بتربية قلوب الرجال فربما تأتي الأيام بأمورٍ تنوء بحملها الجبال ولكن الله دائماً يجعل لها رجالاً أشد من الجبال تحمل تلك المهام، ومَن يتربى أحوج ما تكون إليه أيام المحن والصعاب؛ ولذا يجب أن لا نربى على ظواهر الأعمال ونغفل عن تربية القلوب وسلامتها فإن الفتن تُخرج ضغائن القلوب تُظهر معادنها وبتربية القلوب تُهدى القلوب إلى علاّم الغيوب.

وهذه هند بنت عتبة يوم فتح مكة جاءت زوجها أبو سفيان بن حرب صبيحة فتح مكة فقالت له: "أريد أن أبايع محمداً صلى الله عليه سلم، قال لها ـ وهو في أعلى درجات الليبرالية ولا يعنيه إسلامها من عدمه ولكن يستغرب فقط لها الحرية تؤمن أو تكفر سواءـ فقال: "قد رأيتُك تكفرين!!" قالت: "أي والله!! ووالله ما رأيتُ الله تعالى عُبِدَ حق عبادته في هذا المسجد قبل الليلة وواللهِ إن باتوا إلا مصلين قياماً وركوعاً وسجوداً".

وهذا بقيّ بن مخلد اجتهد في الأندلس في تربية جيل سلفي رباني متميز فقال له الناس عندما أراد المغادرة: "أتخشى عليهم؟" فقال: "لقد غرست لهم غرساً لا يخلعه إلا الدجال".

هكذا إذن فليكن العمل ولتكن التربية ومَن توجه لله بالانكسار رزقه الله عزة الانتصار واعملوا فكلٌ ميسرٌ لِما خُلِقَ له.
وصلِّ اللهم على محمدِ وعلى آله وصحبه وسلم.