خذوا الراية يا أبطال الصومال

حامد بن عبد الله العلي

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -


لن نقولهــا لهم، فهم أعرف بواجبهم.. ولن نستنهضهم، فهــم الأسْدُ شارعة القنا تحمي الإسلام.. ولن نصف لهم شـدّة ما يقع في أهل الإسلام من المصاب الجائر، وما يحيط بهم من الكيد الفاجـر، فإنّهم يرونه كلّ يوم، فلم يبلغ أعداء الإسلام في تاريخه أشـدّ ما كانوا ائتماراً، وأعدى ما كانوا عدواناً، وأخبث ما كانوا رغبةً في الكيد له، والنكاية فيه، ما بلغت هذه الحملة الصهيوصليبية التي نرى شررها يتطاير على أمّتنا كلّ حين، وضررها ينتشر في كلّ بلاد المسلمين.

فهاهم إخواننا المجاهدون في فلسطين، والشعب الفلسطيني بأسره، تهراق دماؤُهم كلّ ساعـة، أطفالاً ونساءً وشيوخاً.. وأحياؤهــم يُحاصرون ويجوّعون، ليخضعوا للصهاينة ويُقرّوا بأشنع جريمة ارتكبت في حق الإسلام والمسلمين في العصر الحديث.. اغتصاب فلسطين!

وأما العراق، فمشروع تقسيمه جـارٍ بغيـةَ تحطيمه، وبتره من جسـد الأمّـة، وأهلُ السنة في العراق يُسامون سوء العذاب من العلاقمة أبناء المجوس، تحت راية الصليبية الحاقـدة وبإشرافها، وعلماء السنة في بغداد الخلافـة يستغيثون فلا يجدون إلا آذاناً صمّـاً، وأعيناً عميـاً، وقلوباً غلفا ، حتّى دعوْا على من خذلهـم، من علماء السوء أذناب الطواغيت، الشياطين الخُرس، الذين سلّموا لحاهم للصهيوصليبية فاستعملتها مكانس لمشروعها!

وأفغانستان تحوّلت إلى مرتع لأعظم المفسدين في الأرض، من الصليبين وأولياءهم، يقتّلون أبناء المسلمين، ويفسدون نساءهم، وينصرون أبناءهم!!

وما رُميت الأمـّة بسهم أوهى لجـَلَدِها، وأوهن لعضدها، وأدمى لكبدها، من سهم هذه الحملة الصيهوصليبية التي تزعم الحرب على الإرهاب، وإنما جاءت لترهب الإسلام وأهله، لتردّهم عن دينهم، وتعبث بثقافتهم، وتفرض هيمنتها، تبتغي أن ترفع راية الصليب، ونجمة الصهاينة في ديار المسلمين..

ولكن هيهـات..

وعلماء الصومال وقادتها المباركون، ومن وراءهم شعبها المسلم الممتلئ صدره بنور الإيمان، وحماسة أحرار الرجال، يعلمون ذلك كلّه.. وأنعـِـم بهم رجالاً، وأكرِم بهــم أبطالاً.

لكننا نذكّرهم، والذكرى إنما تنفع المؤمنين، بأنّ الله تعالى إنْ ساق لهم الجهاد وفتح لهم بابـه العظيم، فإنما يفتح لهم أعظم النعـم، ويعرضهم لأعلى الدرجات ليبلغوا أرقى القمم..

غير أنـّه أيضا يبتلهم بـه، فهذه الراية المحمديّة، منسوبة إلى مقام سيد البشر أجمعين، هو عقد لواءها بيده، ورفعها إلى ذروة سنام الإسلام، ونصبها قلعة تحميه، وركزها حصنا يحويه. قاتل تحتها الصحابة، وجبرائيل، وميكائيل، وخير وأكرم ملائكة السماء، فمن حملها فليحملها بأمانتها، ومن رفعها فليرفعها بحقّها، وحقّها في كتاب الله: النصر أو الشهادة، {
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }.

كما نذكرّهم بأن هذه الغارة الصليبة على العالم الإسلامي ليست تستهدف في الصومال شيئـاً سوى الإســلام، وإنما تستهدف الصومال لأنـّه رفع رأسه شامخاً يأبى الذلّ للطاغوت العالمي، كما كان دائما أبيّا عاصياً على المستبدّين.

وهـي تستهدف الصومال أيضاً، لأنّهم يخشون أن يكون منطلق بؤرة ثورة جديدة تحطّم صنمهم الذين غدوْا ينصبونه في كلّ عاصمة من عواصم الإسلام، صنم التبعيّة للإمبريالية الغربية المستكبرة، تلك التبعية التي وصلت إلى حدّ التدخل في مناهجنا الدينيّة، وصياغة ثقافتنا من جديد، وتبديل أخلاقنــا، وتوجيهنا حتى في لباس نساءنا!

فالمعركة أكبر بكثير من حدود بلد واحد، وأشـدّ خطــراً من تهديد شعب؛ إنها حرب على الإسلام ترمـي إلى غروب شمسه، وإطفاء نوره.

ويكفينا هنا على عجالة، أن نتذكـّر ما نصت عليه وثيقة (ريتشارد بيرل) و(دوجلاس فيث)، ومعهما مجموعة من المحافظين الجدد المتصهينين، تلك المشهورة والمنشورة في مصادرعديدة عـام 1996م، على أن استراتيجية تقسيم المنطقة وتغيير هويتها العربية عن طريق إقامة كيانات سياسية ضعيفة التسليح، لكي يصبح الكيان الصهيوني هو القوة الإقليمية الكبرى المسيطرة فيها، وذلك بعد احتلال العراق وإعادة تشكيلـه على أساس طائفي، هـو أولى الواجبات على أمريكا.

ثـم ليس غريبا أن تكون أفكار هذه الوثيقة مستقاة من وثيقة أوديد يانون التي نشرت في مجلة الحركة الصهيونية عام 1982م، تحت عنوان: (
AStrategy for Israel in the 1980s ) .

ولسنا نحن، بل مجلة نيوزويك 11/3/2003 التي نقلت عن بوش: (إن الولايات المتحدة مدعوة إلى إيصال هدية الحريّة -الحرب الصليبية- التي منحها الرب لكلّ إنسان على وجه المعمورة).

ولسنا نحن، بل كاتب خطاباته الشهير ديفيد فرام الذي كتـــب خطاب 11/9، وخطاب (محور الشر)، وصفه: (يحكم بعقيدته الدينية )، ووصف إدارته بـ (نظام عسكري وثقافة التبشير).

إنها باختصار الحرب ذاتها التي تخوضها الصهيوصليبية في العراق وأفغانستان وفلسطين، إنها الحرب ذاتها على التوحيد وشريعة الإسلام، فهؤلاء المجرمون لم يبالوا بالصومال عندما كان جائعاً، لكنهم جاءوا يولولون بكلّ حقدهم وحنقهم، عندما رفرفت راية الإسلام على ربوعه، وسكن الناس إلى ظلهّا، واطمأنّوا إلى عدلها، ورحمتها..

فاستأجرت الصهيوصليبة أولاً حثالةً من المجرمين لكسـر راية الحقّ في الصومال، فلما سُقط في أيديهم، وفرّقت شملَهم كتائب التوحيد الزاحفة براية الجهاد، حرّضوا أذنابهم من الخونة لإستدعاء القوات الدولية التي هي قناع الهيمنة الأمريكية الصهيوصليبية، ثـم هرعُوا يحرضون الحبشة لقيطتهم الصليبية الخبيثة، يحرضونها على صومال الإسلام والشموخ.

وسيمضي أبالسة الطغيان الأمريكي وأذنابهم، في مكرهم بكلّ سبيل، لحصار أهل الجهاد في الصومال، ثم الضغـط عليهـم ليضعوا سلاحهم، وليرتدّوا عن جهادهم، وليقبلوا بألاعيب المكر السياسي التي تنتهي في آخر المطاف إلـى إخضاع الشعب الصومالي، لصنم البيت الأسود!

غير أنّهم يعرفون القوم الصوماليين، وأنّهم إن دخلوا الصومال غازين، فستكون ذكرى فيتنام كالنزهـة، ولهذا سيحرّشون عليهم الخونة والعملاء والأذناب من الداخل والخارج.

والله تعالى العليّ العزيز نسأل أن يمـدّ أهل الجهاد في الصومال بسكينة القلوب، وعزيمة النفوس، وسداد الرأي، وثبات الجأش، والنصر المظفـر.

ويا أهل الإسلام، وأسود الجهـاد، وأصحاب النجدة... إلى الصومال


أتتكم راية الأبطـال تهفــــو        إلى الصومال أعطــوُها اليمينا
فإمّا أن تكــونوا خير جنــد        كما كنـتــم أســــوداً فـــاتحينــا
بواسل تملأ الميدان رعبــا        وترسل في تقدّمها المنـــونــا
وإلاّ فالجهــاد لـه رجـــــالٌ        تـــدكّ به المعاقـل والحصونــا