الحرب على الإسلام في بنغلاديش

يعتبر الإسلام هو دين غالبية السكان في بنغلاديش حيث يبلغ عددهم تقريبا 145 مليون وثلاثمئة ألف، وهو رابع أكبر عدد سكان مسلم في العالم مما يشكل 89.6% من مجموع السكان في عام 2009م.

  • التصنيفات: قضايا إسلامية -

 
يعتبر الإسلام هو دين غالبية السكان في بنغلاديش حيث يبلغ عددهم تقريبا 145 مليون وثلاثمئة ألف، وهو رابع أكبر عدد سكان مسلم في العالم مما يشكل 89.6% من مجموع السكان في عام 2009م.

وبعد الاستقلال عن باكستان عام 1971م؛ أصبحت الجماعة الإسلامية أكبر التجمعات المنظمة التي تُمثِّل أهل السنة حيث أسسها الشيخ "أبو الأعلى المودودي"، واعتبر الشيخ "غلام أعظم" أول أمير للجماعة في بنغلاديش بعد استقلال البلاد، وتعاقبه الشيخ "مطيع الرحمن نظامي" وهو أمير الجماعة الحالي.

ورفض قادة الجماعة الإسلامية الانفصال عن باكستان للحفاظ على كيانها الإسلامي وتوسيع رقعة الوجود الإسلامي في المنطقة في مواجهة العِداء الهندوسي والطوائف الدينية الأخرى وعلى رأسها الحكومة الهندوسية في الهند.

وتسعى الهند من خلال منافذها في بنغلاديش إلى القضاء على الوجود الإسلامي المنظَّم الذي يُعبِّر عن طموحات هذا الشعب المسلم من خلال تعزيز قوة الحكومة العلمانية وحثها على محاربة الإسلاميين في بلادها. ونتيجة لثمرة الضغوط الهندوسية وسعى أركان الحكومة بقيادة رئيسة الوزراء الشيخة حسينة إلى تثبيت الوجود العلماني حيث بدأت تلك الحكومة حرب على الإسلاميين حينما اتهمت رئيسة الحكومة قادة الجماعة الإسلامية بارتكاب جرائم حرب عام 1971م خلال انفصال بنغلاديش عن باكستان، شملت القتل والنهب والسلب التي يُزعَم أنها وقعت في عام الانفصال (قبل 41 عاماً).

ويوجد أيضاً عدد من الوزراء الشيوعيون الذين يضغطون باتجاه القضاء على الجماعة الإسلامية مع العلم أن الحكومة قامت بحذف البند الأساسي من دستور البلاد وهو الإيمان بالله وتكوين العلاقة مع الدول المسلمة.

وفي بيان صادر عن الجماعة الإسلامية مؤخراً؛ قالت: "إن من بين الذين شملهم قرار المحكمة الوهمية التي شكلتها الحكومة تحت مُسمّى المحكمة الدولية للجنايات، الشيخ مطيع الرحمن نظامي، أمير الجماعة الإسلامية، وزير الزراعة ثم الصناعة سابقاً، والأستاذ غلام أعظم (90 عاماً)، أمير الجماعة سابقاً وأُكْرِه الأخير على الإقامة بخارج البلاد حوالي (8) سنوات وسُلِبَت جنسيته. بالإضافة إلى الشيخ دلوار حسين سعيدي، الداعية المشهور، ونائب أمير الجماعة، وعضو البرلمان سابقاً، والشيخ محمد عبد السبحان، نائب أمير الجماعة الإسلامية وعضو البرلمان سابقاً".

"وتضم القائمة أيضاً علي أحسن محمد مجاهد،الأمين العام للجماعة، ووزير الشؤون الاجتماعية سابقاً، ومحمد قمر الزمان، الأمين العام المساعد الأول للجماعة، ورئيس تحرير مجلة "سونار بنغلا"، وعبدالقادر ملا، الأمين العام المساعد الثاني، وأظهر الإسلام، الأمين العام المساعد الثالث، ومير قاسم علي، عضو المجلس التنفيذي للجماعة ومدير مكتب رابطة العالم الإسلامي في بنغلاديش سابقاً".

وجاء في البيان: "إن القضاة في المحكمة المذكورة يميلون إلى تجريم المتهمين تنفيذاً لتوجيهات الهند بتصفية الوجود الإسلامي في بنغلادجيش من خلال شنق كل المتهمين التسعة المذكورين بجانب مضايقة الشهود وكل من يدافع عنهم".

وعينت الحكومة قضاة اختارتهم بعناية حتى يقوموا بإصدار ما تُملي عليهم الحكومة من الحكم تجاه هؤلاء القادة وهو إعدامهم شنقاً؛ حيث بدأ عدد من وزراء الحكومة الحاليين بإطلاق التهديدات والتصريحات بشأن ضرورة إعدام قادة العمل الإسلامي قبل إصدار الحكم من المحكمة، وقد فضحت تلك القضية جريدة إكونوميست (Economist) اللندنية في تقارير نشرتها حول هذه القضية.

وفي شهر أغسطس الماضي أصدرت المحكمة العليا في بنغلاديش حُكماً قضائياً بمنع الجماعة الإسلامية من المشاركة في الانتخابات ويعتبرها مخالِفةٍ لدستور البلاد. وقال رئيس المحكمة القاضي معظم حسين وسط حماية مشددة وكمية كبيرة من الحرس في المحكمة: "ها نحن نعلنها بالتالي غير قانونية"!

ويأتي هذا الإعلان بحسب ما نشرته "بي بي سي" لمنع الحركة من خوض الانتخابات البرلمانية كحزب سياسي، ولا يمكنها ترشيح مرشحيها كحزب، وقال المحامي شاهدين مالك لوكالة الأنباء الفرنسية أنه لن يكون بإمكان الحزب المنافسة الانتخابات ولكن بوسعه مواصلة نشاطه السياسي خارج الحلبة التشريعية، وبالإمكان إعادة تسجيل الحزب في حال غيّر طابعه ولائم نفسه للدستور القائم.

وكانت فصائل علمانية قد طالبت بحل الحزب إلا أن المحكمة استجابة لمطلب مجموعة صوفية رفعت شكوى تُطالب فيها بحل الحزب عام 2009م، وتم قبول الطلب والنظر فيه، ليصدر القرار بإقصاء الجماعة الإسلامية من الحلبة السياسية الشهر الماضي.

وأصدرت الحكومة قرارًا بأنها ستُحيل للمحكمة الخاصة كل من يؤيد قادة الجماعة الإسلامية، ويطالب بإطلاق سراحهم، أو عدم محاكمتهم أو حتى مجرد الدعاء الصريح في المساجد لهم.

وفي آخر أحكامٍ صدرت ضد الجماعة؛ أعلنت المحكمة العليا في بنغلادش الثلاثاء 17 سبتمبر، حكماً بالإعدام على عبد القادر ملا، القيادي في الجماعة الإسلامية، أكبر الأحزاب الإسلامية في البلاد، وذلك بعد قرار سابق بالحكم عليه بالسجن المؤبد. وفي تعليقه على الحكم قال محامي القيادي الإسلامي "تاج الإسلام": "ذهلنا بهذا الحكم. هذه أول مرة في تاريخ القضاء في جنوب آسيا تقوم محكمة عليا بزيادة العقوبة الصادرة عن محكمة ابتدائية".

ويعد الحكم الصادر من المحكمة ثالث حكم إعدام تُصدِره، وعقب الحكم ذكرت تقارير إعلامية أن ستة محتجين على الأقل قتلوا وأُصيب العشرات إثر اشتباكات بين متظاهرين رافضين للحكم والشرطة. وكانت المحكمة قد أصدرت سابقاً حكماً بإعدام ديلاور حسين سيدي (73 عاماً) نائب رئيس حزب الجماعة الإسلامية.

ويعتبر حزب عوامي العلماني الذي يتولّى الحكم في البلاد من أشد الأحزاب عِداءً للإسلاميين؛ حيث قام خلال فترات حكمه منذ عام 1975م وحتى العام الجاري بعمليات قمع مستمرة استهدفت الإسلاميين من خلال: قتل العلماء والدعاة وإغلاق المدارس الإسلامية، وعمل من خلال منظومة إعلامية فاسدة على هدم القيم الإسلامية وإفساد عقائد المسلمين من بينها نشر رسوم مسيئة للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

وعلى النقيض من ذلك فقد قام بتسهيلات كبيرة للمنصرين حيث بلغت عدد الكنائس في بنغلاديش 500 كنيسة بعد أن كانت 13 كنيسة عام 1961م، وبحسب مقالة نشرها الكاتب رضا عبد الودود فإن:" جيش المنصّرين الذي يزيد على 30 ألف منظمة وعلى رأسهم منظمة "الرؤية العالمية"، و"كاريتاس"، و"جمعية الشبان المسيحية" الذين تركزت جهودهم في بناء الكنائس في كل مكان، حتى في المناطق التي لا يوجد بها أي فرد مسيحي تمكن من رفع عدد النصارى في البلاد إلى مليوني نصراني بعد أن كانوا قلة لا تزيد عن 50 ألف خلال الانفصال.

ولا يستبعد أن تكون سياسة علمنة البلاد المتبعة من الشيخة حسينة وحكومتها هدفها تسهيل مهام المنصّرين الذين يسيطرون على الكثير من أراضي البلاد ويقومون باستغلالها استثمارياً لتوفير عائداتٍ مالية تدعم أنشطتهم، وتوفر الدعم المالي لمرشحيهم في الانتخابات البرلمانية.



أحمد أبو دقة
 

المصدر: مجلة البيان- 9/18/2013م