مِنْ سارة الخنيزان.. إلى كلِّ مَنْ يسمع ..!
ملفات متنوعة
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
الحمد
لله
حمداً كما ينبغي لجلال وجهه، وعظيم سلطانه والصلاة والسلام على
إمامالمتقين،
ودليل الذاكرين، وقدوة الشاكرين محمد بن عبدالله، وعلى آله
وصحبهأجمعين
.
وبعد؛
إن
الله سبحانه وتعالى خلق الخلق بعلمه،
وقدّرلهم
أقدارًا، وضرب لهم آجالاً، لا يستأخرون عنها ساعة ولا يستقدمون،علم
ماكان
وما سيكون، وكل شيء يجري بتقديره ومشيئته، ومشيئته تنفذ لا
مشيئةالعباد،
إلا ما شاء لهم، فما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن وإن من نعمة
اللهوفضله
علينا أنه خلقنا، وأتمّ نعمه علينا ظاهرة وباطنة وأمرنا
بشكرها.. ومن
سنته سبحانه أنْ كتب علينا الابتلاء بكل درجاته كثر، أو قل طال أو
قصرليجدّد
إيماننا، ويختبر صبرنا، ويسمع دعاءنا وإلحاحنا ويجعل ابتلاء
بعضناابتلاءً
للآخرين لينظر كيف يصنعون.
في
خضم الأحداث واشتدادالابتلاء
تبادرت إلى ذهني أحداث مماثلة لما أصابنا، ولكن في عصر النبوة
معخير
البشرعليه أفضل الصلاة والسلام، وزوجه أم المؤمنين عائشة -رضي
اللهعنها-حينما
رُميت في عرضها في حادثة الإفك الشهيرة التي ذُكرت في
سورةالنور
ففيها من الدروس العظيمة للمجتمع الإسلامي في كل فتنة تخترق
جدرانهفلقد
وضّح الله سبحانه وتعالى موقف المؤمن الصادق من مثل هذه الفتن
فقال: {
لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَاتُ
بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ . لَوْلَا
جَاءُوا
عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا
بِالشُّهَدَاءِ
فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ
}
[النور:11-12]
قال
أبو
أيوب لزوجته حينما نقلت له الخبر: والله ذلك الكذب، أكنتِ فاعلة
ذلكيا
أم أيوب؟ قالت: ما كنت -والله- لأفعله!! قال: فعائشة والله خير
منكِ.
وكما
قال أُبيّ بن كعب: هلاّ ظنّوا الخير بأم
المؤمنين؟!!
ليس
هذا
فحسب، بل عاد الله سبحانه لعتاب الخائضين في هذا الشأن، فقال: {إِذْ
تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا
لَيْسَ
لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ
اللَّهِ
عَظِيمٌ . وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا
أَنْ
نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ*
يَعِظُكُمُ
اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ
مُؤْمِنِينَ}
[النور:15-16]
وأعود
وأذكر إخوتنا المسلمين الذين يجعلون من
مثلالفتنة
فاكهة لمجالسهم خبراً تلوكه ألسنتهم بقوله تعالى بعد ذلك: {
إِنَّالَّذِينَ
يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ
آمَنُوالَهُمْ
عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ
يَعْلَمُوَأَنْتُمْ
لَا تَعْلَمُونَ } [النور:19].
إخوتي
في الله، مع هذاالابتلاء
الذي يُمتحنُ به صبرنا وتُمحّصُ به قلوبنا. ومع مرارة
الشعوروسيطرة
الحزن، ومع كل ما يجدُ من سوء ومضايقات إلا أن بعض الآيات
ساندتنيأنا
وزوجي وأطفالي في الصبر والثبات وتخفيف المعاناة في هذه
المحنة.
ومنها
قول
الله عزوجل: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ
حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ
مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ
أَخْبَارَكُمْ}
[محمد:31]، وقولهسبحانه:
{وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ
الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:47]
وإن
لنا
أعظم السلوى في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: «يود أهل
العافية
يوم القيامة حين يُعطى أهل الثواب لو أن جلودهم كانت قُرضت في
الدنيا
بالمقاريض».
صحيح الجامع.
وقوله
صلى الله عليه وسلم: «مايزال
البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى
وما
عليه خطيئة».
صحيح الجامع.
فها
هو ذا الابتلاء يُخيم علىأجوائنا،
ويعم الحزن على مشاعرنا ليس ذلك فحسب بل بهذه الاتهامات
الملفقةالتي
تقف في وجوهنا، و التي تمثل كيداً و حقداً دفيناً للإسلام
وأهله،وليس
لأُسرتنا فقط.
تثور
في نفسي مشاعر الفخر والاعتزاز بذلك الرجل المصلح المبتلى في نفسه
وأهله وسط هذه الترّهات، والتهم التي لا نهاية
لها.
فأقول
: كل
هذا من الابتلاء، فلقد كنت يا أبا تركي -وأنا أعلم الناس بك- نعم
الرجلالصالح
أنت.. المصلح الدؤوب (ولا أزكي على الله أحداً)، فقد حملت
همّالإسلام
والمسلمين، فكم أنفقت من المال والوقت والجهد في سبيل
خدمةالجميع،
وليس هذا بالغريب منك، فلقد تتبعت خُطا والدك -رحمه الله-
ذلكالرجل
العظيم في البذل والعطاء لكل مضطر ومحتاج. فكان لك في كل نشاط
سهم. وإنك
لتُغبطُ على رحابة صدرك وسعة بالك وحسن الظن بالناس الذي يميز
شخصيتك.
فلقد كنت وستبقى بإذن الله رمزاً شامخاً ونوراً ساطعاً.
وسندي وسندك في هذه المحنة آية عظيمة ترفع من همتنا وتعطينا بارقة أمل بالخير: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران:173]
ونحن على علم يقين أن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً.
أسأل أن الله يرضينا بقضائه ويردنا إلى أهلنا وبلدنا كما رد يوسف إلى يعقوب ردّ عزّ وتمكين ونصرة.
إخوتي في الله، من هنا اُرسل نداءاتي في هذه الغربة أن نقوم جميعاً قومة رجل واحد، ونقف أمام هذا الظلم الجامح، ويكون الجميع على ثقة ببراءتنا وطهر جانبنا. وكلي أمل في كل من قرأ هذه الكلمات أو سمع بهذه القضية أن يرفع يدي الضراعة لله الناصر القوي القاهر، أن يفرّج الكرب ويحق الحق فنعم سلاح المضطر الدعاء، ونعم الهدية دعوة الأخ لأخية في ظهر الغيب.
في نهاية هذه الكلمة أقف عاجزة عن الشكر لكل مَن ساندنا ووقف معنا.. وساهم بقلمه ..وتأييده.. وجهده قريباً كان أو بعيداً..
أيها المظلومُ صبراً لا تهُـن إنّ عينَ الله يقظى لا تنــامْ
نمْ قريرَ العينِ واهنأْ خاطراً فعدلُ اللهِ دائمٌ بين الأنــــامْ
وإنْ أمهل اللهُ يوماً ظالــماً فإنّ أخذه شديدٌ ذي انتقامْ
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
_____________________
*موقع حميدان التركي