عن المصطلحات المَكْوِية
كل المسلمين تقريباً يعلمون قصة مصطلح الإرهاب، ولكن هل فكرنا جدياً في المجاهدة في وصف أعمال غيرنا بأنها إرهاب؟
- التصنيفات: الواقع المعاصر -
ماذا تفعل حين تسير في الشارع وأنت تشعر أن ما تلبسه حقاً غير مناسب لك؟
بماذا تشعر وأنت في المصعد تنظر في المرآة وترى ملابسك ثم تتأفف منها؟
ماهو شعورك إذا كان هذا هو حالك كل يوم؟
هل تنزل من منزلك كل يوم وقد ارتديت ملابس مكوية جاهزة وتتأفف منها طوال اليوم لأنها لا تناسبك؟
اسمح لي إذا كنت تفعل ذلك بدون أن تفكر في تغيير الملابس التي يريد غيرك أن يلبسك إياها فلا تتأفف لأنك رضيت بها في واقع الأمر.
هذا هو حالنا كشعوب مغلوبة على أمرها لبسنا الكثير من الملابس المكوية لدرجة أننا أصبح لدينا استعداد لارتداء أي ملبس من أي مخلوق أو جهة كانت باستسلام كامل وبدون أدنى مقاومة.
كل المسلمين تقريباً يعلمون قصة مصطلح الإرهاب، ولكن هل فكرنا جدياً في المجاهدة في وصف أعمال غيرنا بأنها إرهاب؟
هل قمنا بحملةٍ تليق بما فعله الأمريكي المسيحي جوزيف أندرو منذ ثلاث سنوات والذي قاد فيها طائرة ودخل بها في أحد مباني الضرائب في تكساس احتجاجاً على قانون للضرائب؟
هل نقوم بحملات مماثلة لوصف ما تقوم به الطائرات الأمريكية بغير طيار التي تقصف بشكلٍ شبه يومي المدنيين في باكستان واليمن والصومال والعراق وغيرها؟
هل تعلم أن عدد الأبرياء المساكين -حسب الإحصائيات الأمريكية- في باكستان وحدها اقترب من 4 آلاف معظمهم من النساء والأطفال؟
من الذي أطلق مصطلح (نُخبة) على مجموعة من العلمانيين (ليبراليين أو يساريين أو قوميين...) واحتكرها لهم فقط؟ لماذا لا ينخب أصحاب المشروع الإسلامي أنفسهم بأنفسهم؟ لماذا الرضى بهذا الدنو بأيدينا؟
مصطلح تيار (الإسلام السياسي) مصطلح بغيض وكأنه يريد أن يوصل لك رسالة بأن هناك شرذمة ما تؤمن بشيءٍ غريب وجديد علينا، بينما يجب ألا نتعامل مع هذا المصطلح ونترك استخدامه، ونستخدم بدلا منه (الإسلام الحضاري) لأننا دعاة مشروع حضاري متكامل فيه السياسة والاقتصاد والاجتماع... إلخ.
مصطلح (التيارات المدنية) تسمعه للوهلة الأولى تظن أننا نقسِّم المجتمع إلى تيارات مدنية وأخرى ريفية قروية!
والمعروف لدى القاصي والداني أنه لا وجود في علم السياسة لما يُسمّى بـ (الدولة المدنية) Civil State، وإنما هي (افتكاسة) قام بها بعض حملة المشاريع التغريبية كبديل للعلمانية لأنها سيئة السمعة لدى المجتمع المصري -باعتراف عمرو حمزاي كمثال-، والواجب هو أن نطلق عليها (تيارات علمانية) على اختلاف توجهاتها سواءً كانت ليبرالية أو يسارية أو غيرها، المهم أن الوصف الصحيح لها أنها تيارات علمانية.
مصطلح (متأسِّلم) لا يمكن القبول به لا عقلاً ولا شرعاً، فهو مصطلح تكفيري محض، فكم رُمي أصحاب المشروع الإسلامي بأنهم تكفيريون؟ فكيف يرضون ويُسلِّمون بتكفيرهم وبأنهم يدعون الإسلام؟
مصطلح (مستنير) إذا كان هذا يتسق مع الواقع والحضارة الأوروبية على اعتبار أنهم استناروا لما تخلصوا من حكم الكنيسة؛ فهو لا يليق معنا على الإطلاق، فلا الذين تخلصوا وانسلخوا من مبادئ إسلامهم استناروا ولا كان هذا موافقاً لدينهم!
والواقع لدينا أن ديننا لا تعارض بينه وبين العلم عكس الأديان الأخرى، والواقع كذلك أن المسلم كلما اقترب من ربه وازداد تديناً أصبح مستنيراً، وكلما بعد عن دينه ازداد ظلاماً.
(الرجعية والتخلُّف والعودة 1400 سنة) وأكثر ما يلفت حقاً هو الـ 1400 سنة تحديداً، فمن يقول هذه العبارة كأنه يقول بالعامية "من الآخر كدا الإسلام دا هو أصل التخلُّف" لأنه يشير تحديداً للحقبة الزمنية الذي بدأت فيها دعوة الإسلام.
والواقع هو أننا إذا أردنا أن نَصِمْ أحدا بالتخلُّف والرجعية فعلينا أن نقول له: هل تريد أن تُعيدنا 2000 سنة للوراء؟ هل تريد أن تُعيدنا لما قبل الإسلام للجهل والتخلف؟
هذه ليست كل المصطلحات التي يتناقلها (الشرذمة) عادةً؛ ولكن هذا ما مرّ منها على خاطري وقت كتابة المقال، فقد سئمتُ هذه الملابس وقرّرتُ ألا أعيش في جلبابهم وأن ألبس ملابسي التي اخترتها لنفسي.
عبد الرحمن فرج