الإسلاميون والعفاريت
خالد غريب
اكذب.. اكذب.. اكذب... حتى يُصدِّقوك.
لقد كذبوا... ولازالوا يكذبوا... وسيظلوا يكذبون...
ولكن الإشكالية ليست في من يكذب؛ الإشكالية فيمن يُصدِّق.
- التصنيفات: أحداث عالمية وقضايا سياسية -
اكذب.. اكذب.. اكذب... حتى يُصدِّقوك.
لقد كذبوا... ولازالوا يكذبوا... وسيظلوا يكذبون...
ولكن الإشكالية ليست في من يكذب؛ الإشكالية فيمن يُصدِّق.
أحياناً أتأمَّل تلك الحالة الغريبة التي نعيشها، والفوضى الكلامية الموجودة، ومعاني المصطلحات التي تصنع الانطباعات في الأذهان التي أمرضوها بل لا أُبالِغ بأن أقول حطموها تحطيماً، وبالتالي تأتي ردود الأفعال.
فركيزة كراهية وشيطنة التيارات الإسلامية... تعتمد على جملة واحدة هي الخلافة الإسلامية) يا الله. هذه الجملة المتهمة.. بل المحكوم عليها سلفاً.. يكفي أن تذكر الكلمة وحروفها فقط ليشمئز سامعها ويضعك فوراً في القالب المُعدّ سلفاً... دون حتى التأمُّل في معناها.
دون حتى نقاشها فالأمر محسوم.... كيف حُسِم؟
لا أعلم مجرد الأحرف (خ لا ف ة ا س لا م ي ة) فقط لكل كلمة معنى... إلا هذه الكلمة فقط حروف لا داعي للخوض في معناها. أحياناً أُحمِّل الأمة الإسلامية هذا الخطأ... فما يمنع أن نزيد على الجملة (على منهاج النبوة) لعلها تشفع للجملة، أو حتى تنقذها من مخاوف بعض مراحل التاريخ الإسلامي... منها ما هو حقيقي ومنها ما هو صناعة المستشرقين والحاقدين.
ولكن أعود وأتذكر أن سامعها لن يصل إلى الشفاعة حتى...
(على منهاج النبوة) بل ستحضر عفاريت الحروف خ لا ف ة...
ألهذا الحد دُمِّرَت ثقافاتنا وحُطِّّمِت عقولنا وشُوِّهَت أفكارنا... ننفر من نظاماً سياسياً وضعه الحبيب المصطفى... بل نُعلِن العِداء لمن يطالب حتى به.
نعم؛ أسمعهم يقولون وأين لك بمن هو مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم لتضمن لنا تطبيق نظامه السياسي... أسمعهم... من يقرأون هذا الآن أسمعهم يقولون هذا ولطالما سمعتهم يقولون هذا... (تفريغ المضمون).
يا لها من خدعة... فوضى الكلام... من يضمن؟
إذاً من يضمن تطبيق أي نظام سياسي كما وضع في نماذجه الأصلية؟
من يضمن تطبيق ما يُسمِّى بقيم الليبرالية؟
أو قوانين العلمانية؟
أو ما يُسمِّى بالأنظمة الديمقراطية من يضمن؟
ومن يضمن عدالة الاشتراكية؟
ومن يضمن كذا ومن يضمن كذا؟
من يضمن الحياة ومن يضمن الموت؟
من يضمن الصحة والمرض؟
تفريغ المضامين يا لها من سياسة شيطانية... الممارسات... هم يخلطون عمداً بين النظريات والتطبيق...
وكأن أي نظام سياسي وضعه فلاسفة غابرين نجد له من يضمن تطبيقه... وممارساته إلا نظام رسول الله صلى الله عليه وسلم... فهو يتيم... يتيم؟
أقصى أنواع تفريغ المضامين الخبيثة.
وكأن الله أنزل قوانين وشرائع (غير قابلة للتطبيق بين بني البشر) وذلك لأنه سبحانه لم يخلق أدوات تطبيقها ولم يخلق بين عباده من هو أهل لتطبيقها ولذا نردها إليه! {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ} [الأنعام من الآية:100].
طبعاً هم لا يصرحون بذلك ولكنهم يمارسون ذلك.
لا حول ولا قوة إلا بالله، ويسترسلون... لن نضمن تطبيقه وستتحكمون فينا وستشهرون الآيات والأحاديث في وجوهنا نعم... أسمعهم يتجشأون هذا... يا لها من فوضى... ويا له من تدليس.
من يتحكم في من؟
من يبطش بمن؟
من يحارب من؟
من يضطهد من؟
ليس هنا فقط بل في أرجاء المعمورة...
يا لكم من كذبة مخادعين... ويا لكم من أفّاقين...
ويا لكم يا من تسمعون لهم من مساكين...
من رفع الكلمات الفارغة في وجه الآخر؟
من قتل رافعاً راية الديمقراطية؟
من ذبح تحت مظلة العدالة الاجتماعية؟
من اعتقل وسجن تحت سماء الحرية؟
من رفع في وجهنا القيم الإنسانية السفلى... وليس العليا؟
من فتح أبواب جهنم على شعبه وأمطرهم بزخات الرصاص باسم مكافحة الإرهاب؟
من أحضر عفريت العلبة؟ (عفريت العلبة)... يا لكم من شياطين... الحرب ضد الإرهاب؟
أبداً هم أفرغوا كل شيء من معناه... أصبحت الكلمات علب كارتون فارغة... لا يهم شكل العلبة فنحن من سيضع داخلها محتوياتها...
أتتذكرون الجهاد؟ الجهاد؟ نعم الجهاد... لماذا ترتعدون؟
نعم نسيت أنهم أفرغوا تلك العلبة ووضعوا داخلها معنى آخر أبعد ما يكون منها (كلمة التكفير).
جهادي تكفيري... جماعات جهادية تكفيرية...
إذاً المحتوى الجديد: هو ....... ذروة سنام الإسلام = تكفير... لا تنسوا المحتوى الجديد للكلمة... وذروة السنام هي أعلى ما في الأمر إذاً أعلى ما في الإسلام = تكفير وإرهاب...
رحمتك يا كريم أين عقولكم يا بشر..
يا إلهي... أرأيتم عبث أكثر من ذلك؟
إن كان لابد أن تستخدم معنى الجهاد... فلا بأس أن تقول كفاح مسلح، نضال مسلح، مقاومة مسلحة، ثورة... إلخ.
ولكن انسى الجهاد لأن المصطلح خلاص حكم عليه... لن يفكر أحد في معناه... فقط الحروف ( ج ه ا د )...
سيحضر العفريت وتتحول الحروف اتوماتيكياً إلى ( إ ر ه ا ب )...
ستوضع في القالب ستصنف ستذهب للجحيم... ولكن جحيمهم هم...
ألم أقل لكم ضاعت المعاني... كلها أصبحت علب فارغة يضع فيها الأبالسة ما يريدون.
ولكن الأزمة هي ليست في الأبالسة... بل في عقول الناس... أين ذهبت عقولكم... كيف بكل تلك البساطة يعبثوا بهويتنا وحضارتنا وعقيدتنا... وقس على ذلك مصطلحات كثيرة... أصبحت حروف لا يقابلها معاني بل يقابلها عفريت العلبة الذي يحضر مسرعاً كلما نطقت حروف الكلمة.
بمناسبة الكلمات والمعاني...
أصبح الانقلاب ثورة.
أصبحت الرذيلة شرف.
وأصبح الشيطان يعظ.
وأصبحت العاهرة قديسة.
وأصبح الديوث محافظاً.
وأصبح أساتذة الجامعات في السجون.
وأصبح الرعاع مسطحين الفكر سادة المجتمع.
وأصبح مدمني المخدرات شباب الثورة.
وأصبح البلطجية أهالي... شرفاء.
وأصبح الأهالي بلطجية.
وأصبح الحكم العسكري منتهى الديمقراطية.
وأصبحت الانتخابات مغالبة وتكويش.
وأصبح الأحرار عبيد.
وأصبح العبيد نخبة.
وأصبح الأمن القومي هو الفوضى.
وأصبحت الفوضى... خلاقة.
وأصبح وجهاء المجتمع في السجون.
وأصبح المجرمين طلقاء.
وأصبح السفهاء قادة.
وأصبح الحكماء سفهاء.
وأصبح الفنانين علماء دين.
وأصبح علماء الدين مطاريد.
وأصبح (...........) عضو لجنة الخمسين لوضع الدستور المصري.
يا لها من فوضى.