عشر ذي الحجة

إبراهيم بن محمد الحقيل

وما اختار الله تعالى فضيلة العمل الصالح في عشر ذي الحجة على غيرها إلا لعظيم منزلتها عنده عز وجل، وهو سبحانه يخلق ما يشاء ويختار، ويفضل من الأيام والأعمال ما يشاء

  • التصنيفات: العشر من ذي الحجة -


الخطبة الأولى:
الحمد لله العلي الأعلى؛ خلق فسوى، وقدر فهدى، وإليه الرجعى، نحمده كما هو أهل أن يحمد، ونشكره كما ينبغي له أن يشكر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ عمَّ فضله على العالمين فخلقهم ورزقهم وهداهم إلى ما ينفعهم، ودفع عنهم ما يضرهم، ووسعت رحمته كل شيء فرحم بها خلقه، ونال المؤمنون الحظ الأوفر منها {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 156]، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛ لا خير إلا دلنا عليه، ولا شر إلا حذرنا منه، تركنا على بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه؛ أتقى هذه الأمة قلوبا، وأزكاهم عملا، وأكثرهم علما، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

فأوصي نفسي وإياكم بتقوى الله عز وجل؛ فإن الأيام قد أسرعت بنا إلى قبورنا، وأنقصت شهورنا وأعوامنا، وما ذاك إلا من أعمارنا، ولن نجد أمامنا إلا أعمالنا، فتزودوا من العمل الصالح في حياتكم ما يكون سببا لنجاتكم وفوزكم في آخرتكم {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ} [الأنبياء: 94].

أيها الناس: من المتقرر في عقيدة المسلم أن الخلق والاصطفاء والأمر بيد الله عز وجل، وأن ذلك من خصائص ربوبيته سبحانه وتعالى؛ فالرب تبارك وتعالى يخلق ما يشاء، ويصطفي من خلقه ما شاء، ويأمر عباده بما يريد، وعلى عبيده القبول والامتثال والتسليم والإذعان: {أَلَا لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ} [الأعراف: 54] وفي آية أخرى: {اللهُ يَصْطَفِي مِنَ المَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [الحج: 75]. إن الله سبحانه وتعالى خلق الملائكة وفضل بعضهم على بعض؛ كما فضل جبريل على سائر الملائكة عليهم السلام، وفضل من شهدوا بدرا من الملائكة على من لم يشهدوها. وخلق البشر ففضل بعضهم على بعض؛ فاختص المؤمنين منهم بالإيمان، واختص الأنبياء من المؤمنين بنبواتهم، واختص الرسل من الأنبياء برسالاتهم، واختص أولى العزم منهم بما وهبهم من العزم، واختص الخليلين إبراهيم ومحمد عليهما السلام بالخلة، واختص الكليمين موسى ومحمد عليهما السلام بكلامه. والاصطفاء ثابت في القرآن فإن الله تعالى قال: {قُلِ الحَمْدُ لله وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النمل: 59] وعباده الذين اصطفى هم المؤمنون به عز وجل، الموحدون له، من الملائكة والنبيين والإنس والجن؛ فإن الله تعالى اصطفاهم من سائر خلقه بالإيمان، وخرج عن هذا الاصطفاء إبليس اللعين ومن تبعه من الكافرين والمنافقين.

ولما استعظم المشركون أن يُختار محمد عليه الصلاة والسلام من سائرهم نبيا ورسولا {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا القُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ القَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ} [الزُّخرف: 31] كانت حجة الله تعالى عليهم: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ} [الزُّخرف: 32] ولما اعترض المشركون على الاصطفاء واشترطوا ليؤمنوا فقالوا: {لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ الله} كانت حجة الله تعالى عليهم: {اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} [الأنعام: 124].

واصطفى الله تبارك وتعالى لعباده من الدين أحسنه وأقومه وأنفعه، فارتضاه لهم دينا، وأبى غيره {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ الله الإِسْلَامُ} [آل عمران: 19] وفي الآية الأخرى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ} [آل عمران: 85] وبالإسلام وصى النبيون عليهم السلام أتباعهم وذرياتهم: {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132]. وخلق الله عز وجل الأرض ففضل بعضها على بعض؛ كما فضل أرض الحجاز بمكة والمدينة، وفضل مكة بحرمها ومسجدها ومشاعرها المقدسة عرفات ومزدلفة ومنى، التي هي مواضع الحج والنسك وتعظيم شعائر الله تعالى، وفضل المدينة بحرمها ومسجدها وبمسجد قباء وجبل أحد، ووادي العقيق المبارك، وفضل أرض الشام فباركها، وجعلها موطنا لأنبياء بني إسرائيل، وبارك مسجدها وما حوله، وجعله مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

وخلق الله تعالى الزمان ففضل بعضه على بعض؛ كما فضل رمضان على سائر الشهور، وفضل أيام الجمعة وعرفة والنحر على سائر الأيام، وفضل ليلة القدر على سائر الليالي، وفضل ثلث الليل الآخر على سائر أجزاء الليل، وفضل ساعة الجمعة على سائر الساعات، وفضل العمل في الليالي العشر الأخيرة من رمضان فاختصها بالاعتكاف والاجتهاد دون سائر الليالي، وفضل العمل في أيام عشر ذي الحجة على العمل في غيرها، واختصها بأمهات الأعمال والعبادات.

وليس لأحد من الخلق أن يعترض على ذلك، أو يناقش فيه، أو يزعم تفضيل إنسان أو مكان أو زمان أو عمل لم يفضله الله تعالى، وإلا كان منازعا لله تعالى في ربوبيته، مشاقٍّ له عز وجل في أمره وحكمه {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الخِيَرَةُ سُبْحَانَ الله وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [القصص: 68]، وفي الآية الأخرى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} [الأحزاب: 36].

وعشر ذي الحجة عشر عظيمة مباركة، فضلها الله تعالى على غيرها من الأيام، فأقسم سبحانه بها في كتابه العزيز: {وَالفَجْرِ . وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 2]. جاء في حديث جابر عند أحمد: أنها عشر ذي الحجة، واختصها الله تعالى بذكره سبحانه: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ} [الحج: 27] فالأيام المعلومات هي عشر ذي الحجة، وقد اختار الله تعالى أن يكون العمل الصالح فيها أفضل منه في غيرها؛ كما جاء في حديث ابن عَبَّاسٍ رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قال: «ما الْعَمَلُ في أَيَّامِ العشرِ أَفْضَلُ من العمل في هذه، قالوا: ولا الْجِهَادُ؟ قال: ولا الْجِهَادُ إلا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فلم يَرْجِعْ بِشَيْءٍ» (رواه البخاري). وفي لفظ لأبي داوود: «ما من أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فيها أَحَبُّ إلى الله من هذه الْأَيَّامِ يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْر، قالوا: يا رَسُولَ الله، ولا الْجِهَادُ في سَبِيلِ الله؟ قال: ولا الْجِهَادُ في سَبِيلِ الله إلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فلم يَرْجِعْ من ذلك بِشَيْءٍ». وفي رواية للدارمي: "ما من عمل أزكى عند الله عز وجل ولا أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى...وكان سعيد بن جبير رحمه الله تعالى: إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يقدر عليه".

وما اختار الله تعالى فضيلة العمل الصالح في عشر ذي الحجة على غيرها إلا لعظيم منزلتها عنده عز وجل، وهو سبحانه يخلق ما يشاء ويختار، ويفضل من الأيام والأعمال ما يشاء. وقد دل على فضلها حديث جابرٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذي الحجة، قال: فقال رجل: يا رسول الله، هنَّ أفضل أم عِدَّتُهن جهادا في سبيل الله؟ قال: هنَّ أفضل من عِدَّتِهِن جهاداً في سبيل الله» (صححه ابن حبان). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: "والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهي الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره" اهـ.

ومما يدل على فضل عشر ذي الحجة وقوعُ يومين عظيمين فيها هما يوم عرفة ويوم النحر:
أما يوم عرفة فقد قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من يَوْمٍ أَكْثَرَ من أَنْ يُعْتِقَ الله فيه عَبْدًا من النَّارِ من يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فيقول ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ» (رواه مسلم).
وأما يوم النحر فجاء فيه حديث عبدِ الله بن قُرْطٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ أَعْظَمَ الْأَيَّامِ عِنْدَ الله تبارك وتعالى يَوْمُ النَّحْرِ ثُمَّ يَوْمُ الْقَرّ» (رواه أبو داوود).

وقد ذكر ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى أن أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام عشر رمضان باعتبار أيام التروية وعرفة والنحر، وأن ليالي عشر رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة باعتبار ليلة القدر فيها. وذكر ابن رجبٍ رحمه الله تعالى: "أن مجموع عشر ذي الحجة أفضل من مجموع عشر رمضان وإن كان في عشر رمضان ليلة لا يفضل عليها غيرها" اهـ.

أسال الله تعالى أن يرزقنا الفقه في الدين، وأن يوفقنا للعمل الصالح الذي به يرضى عنا، وأن يقبل منا ومن المسلمين صالح الأقوال والأعمال، إنه سميع قريب.
أقول ما تسمعون وأستغفر الله.

الخطبة الثانية:
الحمد لله حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين. أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله وجِدُّوا واجتهدوا في هذه العشر المباركات، واقدروها حق قدرها كما فضلها الله تعالى على سائر أيام العام، وعظموا فيها حرمات الله عز وجل: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ الله فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30]، وفي الآية الأخرى: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ الله فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القُلُوبِ} [الحج: 32].

أيها المسلمون:
مما يلاحظ على الناس في هذه الأزمان المتأخرة عناية كثير منهم بعشر رمضان الأخيرة حتى إن كثيرا منهم يعتكفون في المساجد، أو يشدون رحالهم فيجاورون في الحرمين أو المسجد الأقصى، وهذا عمل طيب، وسعي مشكور، ولكن كثيرا منهم يَغْفُلُون عن عشر ذي الحجة رغم أن العمل فيها أفضل من العمل في عشر رمضان؛ كما هو ظاهر الأحاديث.

ومع انفتاح الدنيا على كثير من الناس باتوا يستغلون كل إجازة قصيرة أو طويلة، بما في ذلك إجازة عيد الأضحى في الترفيه واللعب والغفلة، بالنزهة في البراري والمنتجعات والاستراحات، وكثير منهم يشدون رحالهم فيسافرون للترويح واللهو، فيقضون الأيام المباركة التي فُضِّل العمل فيها على سائر الأيام فيما لا ينفعهم، ولربما ألحقوه بما يضرهم من تضييع الجمع والجماعات، والتهاون بالصلوات، وترك نوافل العبادات، والغفلة عن ذكر الله تعالى وشكره، وقد يشاهدون في أسفارهم ومنتزهاتهم منكرات لا يستطيعون إنكارها، ولا يفارقونها فيتحملون آثام سكوتهم عنها، ولا سيما من يسافرون خارج البلاد، وقد يوقعون أنفسهم أو أولادهم فيما حرم الله تعالى عليهم وهم في غنى عن ذلك.

فالحجاج يقدمون من كل فج، ويتحملون كثرة النفقات، ومشقة السفر، وشدة الزحام والانتظار في المطارات؛ لأداء مناسكهم، وتعظيم شعائر الله تعالى، وذكره في الأيام المعلومات، وهؤلاء على العكس من ذلك، يتحملون مشقة الرحلة، وعَنَتَ السفر ونفقاته فيما يشغلهم عن عمارة هذه الأيام بذكر الله تعالى وعبادته، وحري بكثير منهم -ولو احتاطوا- أن يقعوا في الوزر، ولا يسلموا من الإثم هم ورفقتهم من أهلٍ وولد في أيام عظمها الله تعالى، وفضل العمل الصالح فيها، فأي حرمان ينتظر هؤلاء! وأي خسارة يخسرونها في هذا الموسم المعظم؟!

ألا فاتقوا الله ربكم، واستعدوا لما تستقبلونه من عشركم، بالعمل الصالح الذي تجدونه ذخرا لكم؛ فإن مشقة العمل الصالح تزول ويبقى الأجر، وإن لذة المعاصي تزول ويبقى الوزر. وإن من الخسران أن تكون هذه العشر المباركة عند الناس كغيرها من الأيام، فلا يعظمونها كما عظمها الله تعالى، ولا يخصونها بمزيد عمل واجتهاد، فكيف إذا قضوها في الرحلات والأسفار والترويح والغفلة عن ذكر الله تعالى؟!

عباد الله: أكثروا في هذه العشر المباركة من ذكر الله تعالى فقد وصاكم نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم بذلك؛ كما في حديث ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ الله وَلاَ أَحَبُّ إليه الْعَمَلُ فِيهِنَّ من هذه الأَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنَ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ والتحميد» (رواه أحمد). وكان ابنُ عُمَرَ وأبو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إلى السُّوقِ في أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ وَيُكَبِّرُ الناس بِتَكْبِيرِهِمَا (رواه البخاري معلقاً).

والأضحية عمل مبرور، وسعي مشكور، ونفقة لله تعالى مخلوفة، مع ما يستفيده المضحي من الانتفاع بلحمها، وشكر الله تعالى عليها، فهو المنعم بها، وهو المكافئ عليها، ولا يأخذ سبحانه منها شيئا: {لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ} [الحج: 37].

ومن كان في نيته أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره من أول ليالي العشر؛ لما جاء في حديث أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا دَخَلَتْ الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُم أَنْ يُضَحِّيَ فلا يَمَسَّ من شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شيئا»، وفي رواية: «فلا يَأْخُذَنَّ شَعْرًا ولا يَقْلِمَنَّ ظُفُرًا» (رواه مسلم).
وصلوا وسلموا على نبيكم.