اليهود قادمون، والمسلمون نائمون
اليهود هم أعدى أعداء الأمة، وعداوتهم للإسلام والمسلمين كانت ولا زالت وستظل ما بقي مسلمون ويهود على هذه الأرض، القضية مبرمة قضى فيها من أحاط علمًا بما كان، وبما هو كائن، وبما سيكون لو كان كيف كان يكون، يقول سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ} [المائدة من الآية:82].
- التصنيفات: الواقع المعاصر - قضايا إسلامية معاصرة -
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن الأمة المسلمة تمرّ هذه الأيام بأحوال عصيبة وأحداث مؤلمة ومن أكبرها تسلّط اليهود على المسلمين في أرض فلسطين يقتّلون رجالهم وأبناءهم ويُروِّعون نساءهم وأطفالهم ويحرقون مساجدهم ويهدمون بيوتهم ويحاصرونهم ويجوّعونهم، فاليهود هم أعدى أعداء الأمة، وعداوتهم للإسلام والمسلمين كانت ولا زالت وستظل ما بقي مسلمون ويهود على هذه الأرض، القضية مبرمة قضى فيها من أحاط علمًا بما كان، وبما هو كائن، وبما سيكون لو كان كيف كان يكون، يقول سبحانه وتعالى في محكم التنزيل: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ} [المائدة من الآية:82].
فعداوة اليهود المستمرة الدائمة للمسلمين أصبحت بشهادة القرآن الكريم، ومن البديهيات المستقرة في عقل ووجدان وضمير كل مسلم يؤمن بهذا الكتاب العظيم المعجز، وإيمانه بهذه البديهة لا يستطيع أن يغلغله أو يهزه أي شيء في العالم عنها.
الديانة اليهودية:
تعريفها: هي الملة التي يَدين بها اليهود وهم أمة موسى عليه السلام.
أصلها: كانت في أصلها قبل أن يُحرِّفها اليهود هي الديانة المنزلة من الله تعالى على موسى عليه السلام.
كتابها: التوراة، وهي الآن ديانة باطلة؛ لأن اليهود حرَّفوها، ولأنها نُسخت بالإسلام ذاك الدين الحنيف المحفوظ من التحريف أو التبديل أو التغيير.
سبب تسميتها:
سُمِّيت اليهودية بذلك نسبة إلى اليهود، وهم أتباعها، وسموا يهودًا: نسبة إلى "يهوذا" ابن يعقوب الذي ينتمي إليه بنو إسرائيل الذين بعث فيهم موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، فقلبت العرب الذال دالاً.
وقيل: نسبة إلى الهودّ -بشدّ الدال-، وهو التوبة والرجوع، وذلك نسبة إلى قول موسى لربه: {إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ} أي تبنا ورجعنا إليك يا ربنا، وذلك أن بني إسرائيل حين غاب عنهم موسى عليه السلام وذهب لميقات ربه، صنعوا عجلاً من ذهب وعبدوه، فلما رجع موسى وجدهم قد ارتدوا فغضب عليهم وأنبهم فرجع أكثرهم وتابوا، فقال موسى هذه الكلمة، والقصة بتمامها في سور عدة من القرآن مثل سورة الأعراف وسورة طه.
فسُمُّوا هوداً ثم حُوِّلت إلى "يهود" والله أعلم.
عقيدة اليهود:
كانت عقيدة اليهود قبل أن يُحرِّفوها، عقيدة التوحيد والإيمان الصحيح المنزلة من عند الله تعالى على نبينا موسى عليه السلام، لكنهم حرّفوها وبدّلوها وابتدعوا فيها ما لم ينزله الله جل في علاه.
بداية الانحراف:
بدأ انحراف بني إسرائيل "اليهود" في عهد موسى عليه السلام، وهو حي بين أظهرهم، حيث طلبوا منه أن يريهم الله تعالى، فقالوا له: {لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة من الآية:55].
ثم لما مات موسى عليه السلام، أخذوا يُحرِّفون دين الله ويُبدِّلون في التوراة، فقالوا: {عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ} [التوبة من الآية:30].
وقالوا: {نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة من الآية:18].
إضافة إلى تبديلهم في أحكام الشريعة المنزلة على موسى عليه السلام، وحرّفوا نصوص التوراة، وقدسوا آراء أحبارهم المتمثلة بما يُسمّى عندهم "بالتلمود" وهو شروح واجتهادات علمائهم الذين أحلوا لهم لحم الحرام وحرّموا عليهم الحلال بأهوائهم؛ لذلك قال الله جل جلاله فيهم: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ} [التوبة من الآية:31].
وقد فسّر حبيبي رسول الله صلى الله عليه هذا في الحديث بأن معنى اتخاذهم أربابًا أي: طاعتهم في تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرّم الله.
ادعاءات اليهود الباطلة:
قال الله تعالى عنهم: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ} [التوبة من الآية:30].
- فزعموا أن عزيرًا -وهو أحد أنبيائهم- ابن الله تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا-.
- ومن ادعاءاتهم الضالة والباطلة: أنّهم أبناء الله وأحباؤه.
- أنّ الله فقير وهم أغنياء.
- أنّ يد الله مغلولة.
- وكذلك قولهم لموسى: {لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة من الآية:55].
- وزعمهم أن الله تعالى تعب من خلق السماوات والأرض، فرد الله جل شأنه عليهم: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ} [ق:38].
- إنكار اليهود وجحودهم لنبوة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه رغم أنهم يعرفون أنه رسول الله حقًا، ولديهم الأدلة على ذلك كما ذكر الله ذلك عنهم، حيث ذكر أنهم يعرفونه ويعرفون نبوته كما يعرفون أبناءهم، قال تعالى: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [البقرة:146].
صفات اليهود في القرآن:
من خلال ما سبق ذكره نجد أنهم شعب فاسد خبيث ماكر، وهذا حكم الله فيهم، يقول الدكتور عبد الرحيم الشريف "دكتوراه في التفسير وعلوم القرآن الكريم": "لليهود صفات ندر أن تجتمع في غيرهم، ولشدة خطرهم أفرد لهم القرآن الكريم مساحة واسعة لم تخصص لغيرهم، ولا حجة لأي مسلم أن ينخدع بيهود رغم كل ما جاء في القرآن الكريم من تحذير منهم، صدَّقه التاريخ والواقع والحس والمشاهدة، ولا تجد صفة من صفات اليهود في القرآن الكريم إلا وتستحضر ذهنك عشرات الأدلة من التاريخ القديم والوسيط والحديث... وسبحان الله العلي العظيم". ا. هـ.
وقد جاء القرآن مفصلاً صفاتهم وأخلاقهم فمنها -على سبيل المثال-:
1- معرفة الحق وكتمانه والتواصي فيما بينهم على ذلك، قال تعالى: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُون} [َالبقرة:76].
2- البخل الشديد، ويشكو من ذلك كل من خالطهم مباشرة، بل وحتى من دخل معهم فيما يُسمّى مفاوضات السلام! قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا} [النساء:53].
والنقير: هو نقطة سوداء في أعلى نواة التمرة.
3- الإكثار من أكل أموال الناس بغير حق من ربا واحتيال وخداع بشتى صوره، واليهود هم سادة العالم في ذلك، قال تعالى: {وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُون} [َالمائدة:62].
ومن ذلك أيضًا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة:34].
ومنه: {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء:161].
4- جبنهم الشديد، فقد تحمَّلوا الحياة أذلاء في أحياء فقيرة معزولة (الجيتو) {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} [البقرة:96].
ولاحظوا معي جاء لفظ حياة نكرة؛ فالمهم عند اليهودي أن يحيى حياة، ولا يهمّه أي حياة، وكثيرًا ما نقل المجاهدون العرب كيف كان جنود اليهود يربطهم قادتهم بالجنازير داخل دباباتهم كي لا يهربون في حروبهم مع العرب! لذا: {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُون} [المائدة:24].
حتى أنهم اخترعوا المستوطنات والقرى العسكرية المحصنة والجدار الفاصل: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُر ٍبَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} [الحشر:14].
5- خيانتهم للعهود، فهم أصحاب عبارة: "لا يوجد وعود مقدَّسة"، وكثيراً ما اشتكى الوفد الفلسطيني المفاوض معهم من إعادة مناقشة قضايا سبق الاتفاق عليها، ثم إعادة مناقشة ما نوقش ونوقش وهكذا، قال تعالى: {أَو َكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة:100].
6- تحريفهم للكلام سواء كان مكتوباً أو مسموعاً أو مقروءاً، فنقالة سيارة الإسعاف أقسموا جهد أيمانهم أنها صاروخ "القسام"، وصواريخ حزب الله أقسموا أنها أغرقت سفينة مصرية مقابل طرابلس، وهكذا، قال تعالى: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء:46].
7- الإفساد في الأرض، ولهذا فهم في جميع استطلاعات الرأي أكثر الشعوب في العالم إثارة للمشاكل، قال تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا} [الإسراء:4].
8- قتلهم خِيرة الناس من علماء ودعاة، قال الله تبارك وتعالى: {ويَقْتُلُونَ الَذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ} [آل عمران من الآية:21].
لكن الحق جل جلاله، الذي صدق في كل ما قال عنهم، نؤمن أنه سيصدق في وعده: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة:32].
ما أشبه الليلة بالبارحة:
تحكي لنا كتب التاريخ وبالأخص تاريخ سقوط دولة الأندلس الإسلامية أنه قبل سقوط الأندلس أرسل أعداء المسلمين هناك جاسوسًا، فذهب الجاسوس إلى شاطئ البحر فوجد شابًا يبكى، فسأله: ما يبكيك أيها الشاب؟! قال: غلبني شابٌ مثلي في الرماية، ولم آخذ المركز الأول، فرجع الجاسوس إلى قومه، وقال لهم لن تقدروا على المسلمين الآن؛ لأنهم لا يزالون أقوياء.
وبعد عدة سنوات ذهب الجاسوس إلى نفس الشاطئ فوجد شابًا يبكى، فسأله: ما يبكيك؟ قال: هجرتني حبيبتي، فأسرع إلى قومه، وقال لهم إذن الآن نقدر عليهم، وسقطت الأندلس سريعًا بالشهوات. وأتذكر أني قرأت في سقوط دولة الأندلس تلك الحكاية.
عندما أراد الأوروبيون النصارى إسقاط حكم الإسلام في الأندلس قرَّروا غزو الأندلس، ولكنهم قالوا ننتظر الوقت المناسب، فأرسلوا جواسسيهم إلى الأندلس فأرسل الجاسوس تلك الرسالة: "إني لأعتبر الغزو على الأندلس الآن نتيجته الهزيمة الساحقة على أبوابها أي الأندلس- فإنني عندما كنت أمشي بأحد مدن الأندلس وجدت فتيان مختلفان مع بعضهما البعض، وعندما سألت عن السبب قام الأول فحدثني في نظرية علمية، وكان يحاول إثبات صحة نظريته، أما الثاني فحدثني أيضًا عن نظرية علمية لنفس الظاهرة، وكان يحاول أن يثبت نظريته، فكيف تغزو رجال يتصارعون بالعلم؟!".
وبعد عدة سنوات أرسل لهم أنكم الآن من الممكن أن تغزو الأندلس وتنتصروا، فسألوا عن السبب؛ فقال إني رأيت شابًا يجلس تحت شجرة يبكي، وعندما سألته قال: فراقتني محبوبتي، فتأكدتُ حينئذٍ أنها ضاعت نخوة الرجال ورجولتهم، وبالفعل تم غزو الأندلس، وسقطت في أيدي النصارى بأسرع ما يكون.
فالمتأمِّل لحال أمتنا الإسلامية الآن يجده تمامًا كحال الأندلس في آخر عهدها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
إذن فإن سبب هذا الذلّ والهوان الذي نعيشه هو حالنا نحن، وأنّ كلّ ما أصابنا من سيئات فمن أنفسنا، وإذا أردنا أن يرفع الله عنا الذلّ فلا بدّ من العودة إليه سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد من الآية:11].
وأنّ الأمة يجب أن تتوب مما وقعت فيه من الشّرك والبدع والمعاصي والموبقات، واتخاذ الكفار والمشركين أولياء من دون المسلمين.
وعداوتنا لليهود عداوة عقدية وليست سياسية كما يزعم البعض، إننا لا نبغضهم فقط لأنهم محتلين بل لأمرٍ قبل ذلك هو أكبر بكثير كما تقدّم.
أعمال اليهود داخل فلسطين وخارجها:
داخل فلسطين:
- اغتصاب فلسطين وتحويل أهلها إلى لاجئين بعد الاستيلاء على أرضهم وديارهم.
- إقامة حزب العمل أربعين ألف مسكن أو يزيد في مستوطنات جديدة وسرية تامة قبل أن يفعلها حزب الليكود علانية وتحدياً.
- فرض الحصار على مناطق الحكم الذاتي لتجويع الفلسطينيين وإذلالهم.
- تهويد القدس وإزالة آثارها ومبانيها ووجهها الإسلامي وأعظمها الأقصى.
- عزل المدن الكبيرة بطرق لمصادرة الأرض الزراعية وتهجير أهلها ومحاصرتهم.
- الاستئثار بمصادر المياه والكهرباء والتدخل في مناهج التعليم وغلق الجامعات.
- قتل الرجال وتكسير أيدي الأطفال وقد بلغ عدد الشهداء أكثر من أن يحصوا.
- الاستيلاء على قاعة يعقوب وتحويلها إلى مكان للمصلين اليهود.
- الأمر ببناء سقف للباحة الواقعة بين قاعة يعقوب وقاعة إبراهيم وإعداد المكان للمصلين اليهود.
- حظر دخول الزوار أثناء تأدية اليهود لشعائرهم الدينية.
- سرقة البُسط من المسجد، وسرقة أحذية المصلين المسلمين أثناء تأدية الصلاة.
- رفع أصواتهم أثناء الصلاة في المسجد دون مراعاة لمشاعر المسلمين.
- قيام المستوطنين بشتم وإهانة رئيس موظفي الحرم الإبراهيمي.
- محاولتهم المتكررة لقلب نعش جنازة موتى المسلمين أثناء تأدية فريضة صلاة الجنازة في الحرم.
- قيامهم بسرقة خمس نسخ وأكثر من القرآن الكريم وتمزيقها، ووضعها داخل مراحيض الحرم.
أما خارج فلسطين:
- ففي لبنان دمروا بنيتها في الجنوب والشمال وقتلوا في قانا وحدها أكثر من مائة في غارة واحدة.
- وفي سوريا لا يزالون يحاربونها بامتصاص الماء وبناء المستوطنات في الجولان وتهجير السكان.
- وفي تركيا أثاروا قضية الماء بينها وبين سوريا وتوطين الأكراد.
- وفي الحبشة أثاروا قضية الماء وإنشاء سدود لها على مجرى النيل لتهديد مصر.
- وفي أريتريا تآمروا بتشجيعها على الاستيلاء على جزيرة حنيش وتسليحها وتدريب جيشها لضرب السودان الذي يحكم بالقرآن.
- وفي رواندا وزائير أمروا بتقديم الأسلحة للطرفين مجانًا ليكون لها قدمٌ في منطقة البحيرات.
- تدمير مفاعل العراق وتهديد إيران وأذربيجان.
- معاونة الصرب من أول يوم في سطوهم على البوسنة، وتقديم السلاح والخبراء لهم مجانًا.
- تهريب المخدرات والهيروين لمصر والبلاد العربية والإسلامية.
- تسريب الآفات الزراعية والحيوانية لمصر لتدمير ثروتها خاصة القطن.
- تسريب الإيدز لمصر عن طريق السياحة وتبادل التجارة، وقد ثبتت حالات خطيرة وجنايات رهيبة.
- محاولات إشاعة الفاحشة والجنس في مصر بترويج لبان يثير الشهوة الجنسية بين المراهقين خاصة بنات المدارس.
- إشاعة العري والتهتك والتبرُّج والميني والميكروجيب والخلاعة والفسق في العالم بقصد الموضات.
- إشاعة الأفلام الخبيثة وأنواع الميسر والخمر وأدوات اللهو والفجور والترف في العالم بغرض التحضُّر والتقدُّم والرقيّ.
- تخريب الإيمان الديني بالله ولقائه والغيب كله وإشاعة العلمنة والإلحاد.
- تبنى النظريات التي تخدم الإلحاد وتشيع الفساد لأمثال فرويد وداروين.
- إثارة القوميات وتهييج العصبيات وإشعال العداوات والحروب بين أهل الأرض.
- بث العيون والجواسيس والبحث عن نواحي القوة والضعف.
غاية الكتب المقدسة اليهودية:
قبل كل شيء لنأخذ المعطيات التالية، والتي تفرضها علينا الوقائع، والمعلومات عن التوراة والتاريخ اليهودي:
1- إن تاريخ اليهود القديم والمذكور في (الهكزاتوك) أي الأسفار الستة الأولى من التوراة، لا يمكن التحقق من صحته من أي مصدر آخر سوى التوراة.
2- وأن علماء اليهود يعلنون صراحةً أن تاريخهم القديم أسطوري وقد أُعيد وضعه من وجهة نظر فريسية.
3- وأن اليهودية الأرثوذكسية المستندة إلى شريعتهم نشأت في بابل حوالي 400 سنة قبل الميلاد فقط. (نقلاً عن الدكتور آرثر روين).
4- وأن علماء الكتاب المقدس كلهم مجمعون على أن العهد القديم جرى وضعه خلال وبعد النفي إلى بابل.
5- وإن غاية الشريعة اليهودية هي أن تربط ببعضها فئة قتالية غير قابلة للامتزاج مع الغير ولا تقبل المصالحة أو المخادنة معهم، ولا تعرف الرحمة أو الشفقة ومنظمة تنظيماً شبه عسكري.
6- وإن الصور الخيالية في (الهكزاتوك) تصف فئة من المتآمرين المثاليين.
7- وأن إله اليهود القبلي يأمرهم بخدمة الشريعة تحت طائلة المحي من الوجود.
8- وإن أسفار العهد القديم التالية للهكزاتوك إنما هي وصف لعقوبات والمكافآت التي سيستحقها اليهود حسبما يكونوا قد عصوا أو أطاعوا الشريعة.
9- وإن رسالة الأنبياء لليهود هي فقط اتباع الشريعة لكي يأتيهم (الوعد) أي أن يتملكوا الأرض ومن عليها وإلا عوقبوا بالمحو من الوجود.
وبناءًا على ذلك كله لا مناص أمامنا من الجزم بأن تاريخ اليهود مختلف على نطاق واسع، وقد اختلقه المتآمرون البابليون، وهدفهم خلق تقاليد قومية لها غاية قائمة بذاتها لدى المنفيين وذريتهم، تفرض عليهم تنظيمًا باطشًا تحت إمرة الشريعة، ومن ثم إضفاء ثوب الدين عليهم، لإخفاء وتبرير غاياتهم الإجرامية ضد العالم.
موقف المسلمين اتجاه الأزمة:
إننا نؤمن أنّه ليس في أفعاله سبحانه وتعالى شرّ محض، بل لا بدّ أن يكون في خير بوجه من الوجوه -كما هو معتقد أهل السنة والجماعة-، فها نحن رأينا خلال الأحداث الدامية على أرض فلسطين مظاهر إيجابية صدرت من المسلمين تبشّر بمستقبل مشرق ونصر قادم بإذن الله فمن ذلك:
- وجود القناعة العظيمة عند جماهير المسلمين بأنّ الطريق الوحيد لهزيمة اليهود هو الجهاد في سبيل الله، فعظمت المطالبة بإقامة هذه الفريضة وذروة سنام الإسلام.
- سقوط الرايات القومية والثورية والوطنية والديموقراطية وكلّ الطّرق الجاهلية وارتفاع رايات لا إله إلا الله بأيدي المسلمين.
- وجود الجرأة العجيبة والشجاعة الكبيرة لدى الجموع المسلمة الغفيرة في فلسطين للتصدي لليهود بدباباتهم ومركباتهم وأسلحتهم وعدتهم وعتادهم.
- عودة قاعدة الجسد الواحد إلى جموع هذه الأمة وبوادر التطبيق العملي للصورة التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: « » (رواه البخاري ومسلم).
- وقد تجلّى ذلك في هذه الصدقات العظيمة المبذولة من المسلمين لإخوانهم، والبوادر الطيبة في نقل بعض الجرحى لعلاجهم وعيادة المسلمين لهم، وأدعية القنوت المرفوعة في طول البلاد الإسلامية وعرضها، وتعبير جموع المسلمين بشتى مستوياتهم عن وقوفهم بجانب إخوانهم، بل محاولة بعض أطفال المسلمين الذّهاب إلى أرض فلسطين لإلقاء الحجارة على اليهود!.
- وضوح المنطلق الإسلامي للقضية عند الكثيرين من المسلمين، وتجلّى ذلك في شعاراتهم المبيّنة لإسلامية القضيّة ومكانة المسجد الأقصى عند المسلمين، وكان أشدّ ما آذى اليهود -كما اعترف بعض منظّريهم- شعار: "خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود"، وقال أحد اليهود: "علينا أن نعي حراجة الوضع الذي نحن فيه، فهؤلاء لا يقصدون أنّ جيش محمد سيأتي فقط من مدن الضفّة الغربية وقطاع غزّة، إنهم يقصدون أنّ هذا الجيش سيأتي من كل مكان فيه من يحترم محمداً ويصدّق أنه نبي، فلا تتحدّثوا بعد ذلك عن السلام".
- توقّف عملية التطبيع مع اليهود أو تباطئها وهي من أشدّ الأخطار على الأمّة، وخفتت أصوات دعاة السلام مع اليهود وهم يرونهم ينقضون مواثيقهم واتفاقياتهم وعهودهم عهدا بعد عهد، مصداقا لقول الله تعالى فيهم: {أَو َكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ} [البقرة:100].
وإننا بالرغم ممّا رأينا من المظاهر العظيمة التي تدعو إلى التفاؤل، فإننا يجب أن لا ننسى ما يلي:
- أنّ هناك غبشًا لا يزال عند البعض في طلب النّصرة من المشركين، والاعتماد على الكفّار، والوقوع في الخلط بين الرايات الإسلامية ورايات أهل الشّرك، ومن شروط النصر أن يزول هذا الخلط: {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ} [الأنفال من الآية:42].
- أنّ طريقنا يبدأ بكلمة التوحيد، حتى يصل إلى توحيد الكلمة بناءًا على منهج الرسل صلوات الله وسلامه عليهم.
- أنّ بيننا وبين إعداد العدّة التي أمر الله بها بونًا شاسعًا، فأين العمل بقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَءَاخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ} [الأنفال:60].
وأخيرًا:
فإننا نسأل الله جل وعلا أن يُنجِّي المستضعفين من المؤمنين، وأن يُذِلّ اليهود والمشركين وأن ينصر الموحدّين، وأن يُخرِج اليهود من بيت المقدس ومن ديار المسلمين أذلةً صاغرين، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محمد بن شعبان أبو قرن