عربية أم إسلامية

أبو الهيثم محمد درويش

  • التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -

بسم الله نبدأ وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم نسير وعلى الدرب نحمل اللواء.

 

لم يتحرك العرب تجاه القضية , العرب يكتفون بالاستنكار , الأمة العربية تشجب وتندد وتعترض , الزعماء العرب يجتمعون لإدانة أعمال العدوان في الأرض الفلانية ....

 

كلمات كم طرقت آذاننا , حتى صمّت عنها الآذان , وكم لفظت بها ألسنتنا حتى خرست عنها الألسنة , وكم تحايلنا بها على حل مشكلاتنا حتى أعيتنا الحيل .

 

وذلك أنّا سلكنا الطريق الخطأ ورمنا فيه الحق فلم نجد إلا السراب , فطريق إعادة الأمة لن يكون بمسمى العربية الذي أبلى قوانا وما زادنا إلا فرقة , وإنما والله فقط بمسمى الإسلام الذي كلما رجعنا إليه ما زادنا إلا عزاً وعلواً .

 

الله عز وجل أنزل على رسوله كتاباً أكرم به أجلاف العرب بعد أن كانوا جفاة غلاظاً , يتضاغون بينهم كما تتضاغى الوحوش , يثب بعضهم على بعض وينتهك بعضهم أعراض بعض بالسبي والقتال , يعصف الخمر بعقولهم , ويذهب الميسر وأكل الحرام بأموالهم , وتأتي الأوثان على البقية الباقية من قلوبهم , فلما أكرمهم الله برسول منهم يعرفون أمانته وشرفه , وأنزل عليه كتاباً فيه عزهم صاروا خير بشر يمشون على الأرض , وسادوا به العالم في سنين قلائل , وما تحقق لهم ذاك إلا باتباع هذا الكتاب , ولو تركوه لعادوا كما كانوا أجلافاً تعلوهم العصبية القبلية والتنافس على الدنيا .

 

لذا لو أراد العرب حقاً استعادة مجدهم التليد وعزهم السليب فعليهم بالعودة إلى دينهم الذي هجروه وكتابهم الذي تنازلوا عن تحكيمه فيما بينهم , وتعاليمه التي أنزلها الله صيانة لهم , صيانة لعقولهم وأعراضهم وأبدانهم وكرامتهم , فلم يترك الله شيئاً فيه صيانة الخلق إلا بينه في كتابه قال تعالى {مَا فَرَّطنَا في الكِتَابِ مِنْ شَيءٍ} فما بال العرب تركوا كتابهم وهجروا التحاكم إليه {أفَحُكْمَ الجَاهليَّة يَبْغُونَ} .

 

قبل الإسلام جاء عمرو بن لحي ببدعة الأوثان إلى جزيرة العرب وقد كانوا قبل على الحنيفية الخالصة , وحديثاً أتي لحي العصر عبد الناصر بمفهوم القومية العربية الذي مزق الأمة بدلاً من توحيدها وتآلف قلوبها , وما ذاك إلا ليعلموا أن تآلفهم لن يتأتى إلا بمنهج ربهم , الذي لا منهج غيره ولا حق سواه , الذي والله فيه الخير كل الخير لمسلمي العرب وأهل الكتاب منهم .

 

لما كان الإسلام هو الحكم كان العربي المسلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتنازل لأخيه المسلم العربي عن إحدى زوجتيه , ويخيره أفضلهما , أما بعدما تنازل العرب عن شريعة ربهم وتحاكموا لطاغوت الأرض وعادوا لنعراتهم القومية صار المسلم يستعبد المسلم تحت مسمى الكفالة أو غيره من المسميات , بل أصبح المسلم العربي يتسمى باسم الأجنبي في بلاد المسلمين , فأي خير جنته القومية العربية ؟؟؟؟

 

يا قوم إن الغرب لا يتحركون إلا في ظل فلسفة يستظلون بها أو أيديلوجيا يعتقدون أنها تحقق لهم ما يرومون , فما بالكم في ذيل الأمم ومعكم خير عقيدة ولديكم أيديلوجيا الحق المبين , أين أنت يا أمة , أمغتصبة أنت , أم مغيبة العقل , أم وضعوا على عينيك الضماد وكمموا فاك وأصموا آذانَكِ , لا تحليل لوضعك إلا أنك مخطوفة , فإلى متى يظل خطفك واغتصابك ليل نهار , أما ملوا من استعبادك , أما شبعت بطون مغتصبيك من سرقتك , أما رويت بطونهم من مص دماك ، إنا لله وإنا إليه راجعون .

 

يا مفكري العرب .... يا مثقفي العرب ..... يا عقلاء العرب ..... سلكتم الطريق الخطأ ..... فهلا وجهتم الأمة إلى هويتها الحقيقية ... أليس منكم رجل رشيد.

محمد أبو الهيثم
المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام